صدر كتاب "بصيرة حاضرة.. طه حسين من ست زوايا"، للدكتور عمار علي حسن، الأديب والمفكر، عن مركز أبوظبي للغة العربية، وذلك ضمن سلسلة البصائر للبحوث والدراسات. جاء الكتاب في 504 صفحة، حيث تنظر نصوصه إلى طه حسين من مختلف الجوانب، إذ لا يكتفي المؤلف باستحضار مشروعه الفكري والأدبي ووضعه تحت مشرط الفحص والدرس والتحليل، بل يقترب من عميد الأدب العربي بوصفه إنساناً وفاعلاً اجتماعياً، مارس أدواراً عديدة في الحياة، وأدى حاصل جمع نصه وشخصه إلى إنتاج ظاهرة، علا شأنها، ووصل خبرها إلى الشرق والغرب، ولا يزال الاهتمام بها جارياً وسارياً. اعتمد عمار علي حسن على قراءة مختلف أعمال طه حسين، وأغلب ما كتب عنه، ليراه بشموله وتمامه من زوايا ست هي المنهج، والنص، والذات والصورة، والموقف، والأفق ثم يأتي على ذكر ما نقص مشروع هذا المفكر، ومنه عدم إعطائه التصوف موضعه في الثقافة الإسلامية، وإغفاله دور الموروث أو المأثور الشعبي في بناء مشروع ثقافي، وعدم وضع المنتج الثقافي الحديث والمعاصر موضع مقارنة مع الغرب، على غرار ما حدث مع تراث العرب الأقدمين. وذكر مؤلف الكتاب، أنه قد تتبع مسار علم اجتماع المعرفة ومسالك النقد الأدبي والتأريخ لعميد الأدب العربي، ويشتمل الكتب على ستة فصول، وسينطوي كل فصل على النقاط الواردة، وستضاف إليها أخرى من الطبيعي أن تظهر، كلما أوغل الكاتب راحلاً في البحث، الذي يقوم بالأساس على إعادة قراءة منتج أو منجز طه حسين كاملاً، وكثير مما كتب عنه، والبحث في ثناياه عما يبرهن على تفاعله سلفاً. وقد جاءت الزاوية الأولى التي ركز عليها الكاتب، حول "المنهج"، واندرج تحتها عناوين منها: الفقه الإسلامي، الأدب والفلسفة اليونانية، المسرح الفرنسي، والزاوية الثانية عن النص، وجاء ضمنها: نص شفاهي، نص بكر، نص إيقاعي، نص حافل بالتناص، نص وظيفي، أما الزاوية الثالثة، فجاءت بعنوان "الذات"، وضمنها الكاتب الحر، نسيج وحده، المعتد بنفسه، رابط الجأش، المجادل العنيف، المعترف بأخطائه. والزاوية الرابعة، المتعلقة ب"الصورة"، حيث قاهر الظلام، التلميذ النجيب، المجدد، المتحايل، المواطن العالمي، والزاوية الخامسة بعنوان "الموقف"، وضمنها إصلاح التعليم، المسار السياسي، علاقة الشرق بالغرب، مناصر حقوق المرأة، والزاوية الأخيرة، "الأفق"، ومن خلال هذه الزوايا الست، يكون قد اقترح عمار علي حسن إطاراً نظرياً وحفر مساراً منهجياً متماسكاً، يمكن الإفادة منه في أي دراسة عن مفكر أو أديب بارز. وقد اختتم عمار علي حسن كتابه أو دراسته، بخاتمة غير تقليدية تقوم على تقديم اقتراحات وتوصيات صاغها في شكل حواري، وضع فيه مشروع طه حسين في تفاعل خلاق مع رؤى أخرى، لم يلتفت إليها بالشكل الكافي، أو لم يتعامل معها بالقدر الذي يجب أن تحتله من أي مشروع نهضوي عربي عليه أن يأخذ في الاعتبار طبيعة المجتمع الذي ينطلق فيه، من حيث جذوره وثقافته وظروفه الحياتية وقضاياه الكبرى، حتى يصبح أكثر فاعلية. وقد أوضح من جانبه دكتور علي بن تميم رئيس مركز أبو ظبي للغة العربية، إن الكتاب يأتي ضمن برنامج المنح البحثية الذي أطلقه المركز أبو ظبي للغة العربية، كحافز مهم للباحثين في مجال العربية، ويعكس حرص شديد على الارتقاء بالبحث العلمي في العربية وحقولها المعرفية. أضاف: حرصنا أن يجمع برنامج المنح بين الأصالة والمعاصرة، فخصصنا جزءاً من المنح لمشاريع تحقيق ذخائر التراث العربي، إيماناً منا بقيمة هذا التراث وأحقيته في أن يكون جزءاً من المعرفة المعاصرة. وجعلنا الجزء الآخر منفتحاً على الدراسات اللغوية والأدبية والدراسات البينية والمقارنة، وقد أطلقنا على مجموعة الكتب والدراسات الصادرة ضمن برنامج المنح اسم سلسلة البصائر للبحوث والدراسات، آملين أن تشكل هذه السلسلة، بما فيها من غنى وتنوع، إثراء للمكتبة العربية، وأن تكون حافزاً مهماً للباحثين والأكاديميين العرب على البحث والتأليف.