المصريون بالرياض يدلون بأصواتهم في جولة الإعادة لانتخابات مجلس النواب 2025    جامعة القاهرة الأهلية تواصل تنفيذ برامجها التدريبية والعملية بمعامل الكيمياء والفيزياء ب"هندسة الشيخ زايد"    مجمع إعلام دمياط يطلق حملة "حمايتهم واجبنا" لتوفير بيئة آمنة للأطفال    اسعار الخضروات اليوم الإثنين 15ديسمبر 2025 فى اسواق المنيا    بدء أعمال تكريك وتعميق مدخل ميناء البرلس البحري والمجرى الملاحي    إنجاز عالمي للموانئ المصرية.. كامل الوزير يتسلم شهادة «جينيس» لميناء السخنة كأعمق حوض ميناء مُنشأ على اليابسة بعمق 19 مترًا    محافظ كفر الشيخ يعلن بدء أعمال تكريك ميناء البرلس    البورصة تواصل ارتفاعها بمنتصف التعاملات مدفوعة بمشتريات محلية وأجنبية    الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات على 9 جهات تدعم أسطول الظل الروسي    سفارة البحرين بالقاهرة تقيم حفل استقبال بمناسبة الاحتفال بالعيد الوطني    تنظيم داعش يعلن مسئوليته عن هجوم استهدف دورية تابعة لقوات الأمن السورية في إدلب    خبر في الجول - الأهلي يبدأ المفاوضات مع حامد حمدان وبتروجت    على رأسها المغرب.. تعرف على منتخبات المجموعة الأولى بأمم أفريقيا 2025    تطورات أزمة أرض أكتوبر، هل يستقيل مجلس الزمالك؟    إحالة تشكيل عصابي بتهمة استغلال الأطفال في أعمال التسول والنشل بالقاهرة للمحاكمة    الأرصاد تحذر هذه المحافظات من أمطار خلال ساعات وتتوقع وصولها إلى القاهرة    ضبط مزارع يضع كلابا صغيرة فى أجولة ويضربها بعصا ويلقيها بمصرف فى الغربية    رئيس الأوبرا ينعى الدكتور محمد صابر عرب وزير الثقافة الأسبق    رئيس جامعة القاهرة يصدر قرارات بتعيين وتجديد تعيين 14 رئيسًا لمجالس الأقسام العلمية بطب قصر العيني    وزارة الصحة تعلن الانتهاء من إجراءات تسجيل لقاح الانفلونزا للتصنيع المحلى    فيتش تشيد بجهود الحكومة المصرية في دعم الرعاية الصحية وتعزيز الحماية للفئات الأكثر احتياجًا    بالفيديو.. الأوقاف: كل نشاط للوزارة يهدف إلى مكافحة كل أشكال التطرف    وزير الخارجية: مصر تدعم الدور المضطلع به البرلمان العربى    ضبط سائق نقل اصطدم بسيارة وفر هاربًا    ضبط محطة وقود غير مرخصة داخل مصنع بمدينة السادات    تعليم القليوبية يحسم توزيع رؤساء لجان امتحانات الشهادة الإعدادية والتغطية الصحية    القبض على المتهمين بقتل تاجر ماشية في البحيرة    وزير قطاع الأعمال: التوافق مع آلية حدود الكربون الأوروبية يسهم في تعزيز الصادرات المصرية للأسواق الخارجية    الرقابة المالية تنضم إلى فريق دولي تابع للمنظمة الدولية لمراقبي التأمين    غياب عادل إمام عن حضور جنازة شقيقته بمسجد الشرطة وحضور أحمد السعدنى    وزير الزراعة يسلم جوائز مركز "البحوث الزراعية" الثلاثة للفائزين    "الوزراء" يستعرض تفاصيل الخطة الحكومية لتطوير المنطقة المحيطة بالقلعة وأهم التحديات    المنوفية تنهى استعداداتها لانطلاق جولة الإعادة للمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    تمكين ذوي الهمم يبدأ بالتواصل... تدريب موظفي الحكومة على لغة الإشارة    مخالفة للقانون الدولي الإنساني ..قرار عسكري إسرائيلي بهدم 25 مبنى في مخيم نور شمس شرق طولكرم    دار الكتب والوثائق القومية تنعى وزير الثقافة الأسبق محمد صابر عرب    وزيرة التضامن: إطلاق جائزتي الدكتور أحمد خليفة و"باحث المستقبل" باسم الدكتورة حكمت أبو زيد    "حقوق المرأة في التشريعات المصرية" ندوة توعوية بجامعة بنها    "فورين أفيرز": واشنطن تعيش وهم الطائرات بدون طيار مما يفقدها تفوقها الضئيل على الصين    التحقيقات الأولية . ابن روب وميشيل راينر المشتبه به الرئيسى فى حادث مقتلهما بلوس أنجلوس    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 15-12-2025 في محافظة قنا    غدًا انطلاق اختبارات اختيار كوادر مدرسة الإمام الطيب لحفظ القرآن الكريم وتجويده    شيكابالا ينشر فيديو تكريمه من رابطة جماهير الزمالك في قطر    انطلاق اجتماعات الاتحاد الأفريقي لكرة السلة في مصر    استشاري ينصح بتناول الشاي المغلي وليس الكشري أو الفتلة حفاظا على الصحة    الاثنين 15 سبتمبر 2025.. أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية اليوم    كيف أرشد الإسلام لأهمية اختيار الصديق؟.. الأزهر للفتوى يوضح    الأزهر يدين الهجوم الإرهابي الذي استهدف تجمعًا لأستراليين يهود ويؤكد رفضه الكامل لاستهداف المدنيين    ذكرى رحيل نبيل الحلفاوي.. رحلة فنان مثقف من خشبة المسرح إلى ذاكرة الدراما المصرية    جائزة ساويرس الثقافية تعلن عن القوائم القصيرة لشباب الأدباء وكتاب السيناريو    إصابة نجم ريال مدريد تعكر صفو العودة للانتصارات    فيتامين سي ودعم المناعة.. ما دوره الحقيقي في الوقاية وكيف نحصل على أقصى فائدة منه؟‬    الحماية تسيطر على حريق نشب بعقار في الهرم    حُسن الخاتمة.. مفتش تموين يلقى ربه ساجدًا في صلاة العشاء بالإسماعيلية    وفد من لجنة الصحة بمقاطعة هوبي الصينية في زيارة رسمية لمستشفى القصر العيني    مرشح اليمين المتطرف يفوز بالانتخابات الرئاسية في تشيلي    محمد صلاح يوجه رسالة للمصريين من خلال ابنته "كيان" قبل أمم إفريقيا    كابال ينهي سلسلة 5 تعادلات.. يوفتنوس ينتصر على بولونيا في ريناتو دالارا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دروس عبدالمنعم تليمة
نشر في الشروق الجديد يوم 03 - 03 - 2017

برحيل الناقد والمفكر والأستاذ الجليل الدكتور عبدالمنعم تليمة (توفى الأسبوع الماضى عن ثمانين عاما) يسدل الستار فعليا على جيل كامل من الأكاديميين والمثقفين الذين تتلمذوا بشكل مباشر على يد طه حسين. ربما كان تليمة آخر تلميذ نابغة استمع إلى محاضرات طه حسين وتخرج فى مدرسته الفكرية والمنهجية واستقى منه بشكل مباشر قيم التقدم والاستنارة واللوازم المعرفية والفكرية الضرورية للخروج من أنفاق العصور الوسطى إلى آفاق العصور الحديثة.
عبدالمنعم تليمة لم يكن مجرد أستاذ جامعى من طراز فريد، ولا إنسانا رفيع الخلق يحكى ويتحاكى عن مواقفه الإنسانية العالية تلاميذه فى كل مكان، فى مصر وخارجها، إنما كان فى الأساس ممثلا لحزمة من القيم والمواقف الإنسانية والفكرية والتنويرية «الحقيقية» التى ظل طوال عمره متمسكا بها محافظا عليها فى غير ادعاء ولا تكلف ولا اصطناع.
لحظّى وحظ أبناء جيلى ممن تخرجوا فى كلية الآداب (قسم اللغة العربية آدابها) جامعة القاهرة، فى العقدين الأخيرين، فإننا شرفنا بالتتلمذ على يد عبدالمنعم تليمة، كان اسمه كناقد وأستاذ جليل ملء السمع والبصر، يدرس علم جتماع الأدب والأدب المقارن والنقد الأدبى. قبل التحاقى بالكلية كنت أعرف الاسم وأعرف إسهاماته الفكرية والثقافية العامة، خصوصا أنه كان عائدا لتوه من رحلة طويلة لليابان، قرابة السنوات العشر أمضاها هناك وتركت أثرا كبيرا فى مجمل آرائه عن التعليم وقضاياه ورؤى إصلاحه.
عاد تليمة مأخوذًا بالتجربة اليابانية فى العلم والتقدم والتكنولوجيا والعمل، وأدرك أن كلمة السر وراء ذلك كله هو «التعليم»، التعليم هو المبدأ والمعاد، ويعكف تليمة بعدها إعداد كتاب كبير حول هذه التجربة، أعلن فى غير مناسبة أنه بعنوان «تخليص البيان فى تلخيص اليابان»، استهداء بكتاب الشيخ التنويرى الجليل رفاعة الطهطاوى «تخليص الإبريز فى تلخيص باريز». لكنى حتى اللحظة لا أعلم إن كان نَشَر هذا الكتاب أم لا.
وفى السنوات الأولى من الكلية، تعرفت بشكل أكثر توسعا وإلماما على جوانب من إسهامات تليمة النقدية والفكرية، خاصة أن كان من المقلّين فى النشر العام، كل ما استطعنا الحصول عليه من كتبه المنشورة كتابيه التأسيسيين: «مقدمة فى نظرية الأدب»، و«مداخل إلى علم الجمال الأدبى»، ولأنهما كتابان فريدان فى بابهما وتنظيراتهما ورؤاهما الجمالية والمعرفية فقد كانت قراءتهما كذلك تستدعى احتشادا وتفرغا وتركيزا كبيرا.
لكن الطموحين منا استطاعوا بدأب أن يتتبعوا نتاجاته المنشورة فى صورة مقالات أو دراسات أو مراجعات مهمة فى كتب مشتركة، هكذا قرأت بانبهار ما كتبه عن «نجيب محفوظ تراثا»، و«الموقف الفكرى وجمالياته عند نجيب محفوظ»، وهما من أهم وأدق ما كتب عن مجمل المشروع المحفوظى روائيا وجماليا، قدرة رهيبة على التجريد واستخلاص الأفكار الكبرى والمعالم الجوهرية فى مشروع رواية نجيب محفوظ.
وقرأت له أيضًا التحليل الفذ لمسرحية «السلطان الحائر» لتوفيق الحكيم، وحينها أدركت أننى أمام ناقد عملاق، نافذ البصيرة، واسع الثقافة، غزيز المعرفة، يمتلك ذهنا تحليليا ليس له مثيل. ثم، ومع تنامى الاهتمام بالدوائر الأوسع التى ساهم فيها عبدالمنعم تليمة على الصعيدين الفكرى والثقافى، بدأت أتعرف على تليمة «المفكر» المهموم بإشكاليات النهضة والتحديث ضمن مشروع محدد المعالم واضح القسمات لقراءة رحلة الفكر العربى منذ بواكيره حتى اللحظة الراهنة، وهو ما قدمه فى أكثر من مساهمة منشورة أو فى محاضراته التى لا تحصى أو مشاركاته البحثية والندوات وأثناء مناقشاته الثرية لرسائل الماجستير والدكتوراه.
ثم كان الاكتشاف الكبير الذى أهدانا إليه أستاذنا الجليل عبدالحكيم راضى (مد الله فى عمره ومتعه بالصحة والعافية) حينما درس لنا نصوصا من رسالة عبدالمنعم تليمة للدكتوراه عن «نظرية الشعر فى النقد العربى الحديث.. ماهية الشعر ومهمته: درس فى النقد المقارن». هنا كانت لحظة فارقة فى التعرف على منهجية تليمة ودروسه الكبرى، فى الاعتداد بفكرة المنهج (بمعنى طريقة التفكير والبحث) وانشغاله بهم «التأصيل» فى درسه للظواهر الفكرية والأدبية، والبحث عن ما وراء الظواهر والنصوص، لاستخلاص القوانين العامة وجذورها المعرفية والفلسفية، وفى سبيل ذلك يحلل عبدالمنعم تليمة النصوص (أدبية كانت أو نقدية) برهافة وعمق وذكاء منقطع النظير.
انفتحت الأبواب على مصراعيها، فكان حضور تليمة القوى، تلميذ العميد النجيب، ليحرر كتاب «طه حسين مائة عام من النهوض الفكرى»، واحد من أهم الكتب التى حللت ودرست إسهامات طه حسين الفكرية والتربوية والنقدية، وللأسف فإن هذا الكتاب لم يعد طبعه ولا نشره منذ 1989 حتى وقتنا هذا رغم حاجتنا الملحة له. ويشرف تليمة كذلك على المجلد الضخم الرائع بعنوان «الأدب العربى الوحدة والتنوع» الذى ضم دراسات بأقلام كبار النقاد والأساتذة وكتب له المقدمة.
أما أهم درس وأبقاه تركه لنا تليمة، فهو سيرته ذاتها؛ سيرته كأستاذ وناقد ومعلم وإنسان، يعرف مسئولية الكلمة ويحترم قيم الحرية والعدالة والتقدم ويبذل عمره راضيا فى سبيل الدعوة إليها ونشرها مهما تكاثفت الغيوم وانسدت الآفاق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.