"نجيب محفوظ والنقد المغربي" هو عنوان الكتاب الذي قدمته د. زهور كرام رئيسة مختبر اللغة والإبداع والوسائط الجديدة، ود. محمد بركات المستشار الثقافي المصري بالرباط، والذي تم مناقشته أمس في مكتبة "الإسكندرية"، ضمن فعاليات معرض الكتاب الدولي بالإسكندرية، والذي يستضيف دولة "المغرب" كضيف شرف للمعرض الذي انطلق بعنوان "إسكندرية الدارالبيضاء رايح جاي". ويستمر المعرض في الفترة من 24مارس حتى 7 أبريل 2013، بمشاركة عدد من الأدباء والمفكرين وأصحاب الرأى المغاربة، والمهتمين بثقافة الكتاب، والذي شارك فيه المركز الثقافي المصري بالرباط بأحدث اصدارته "نجيب محفوظ والنقد المغرب"، والذي قامت د. زهور كرام بمناقشته في مصر، كما سيقدم د. محمد بركات الكتاب في معرض "الدارالبيضاء" يوم السبت الموافق 6أبريل. تحدث في المناقشة الناقد د. محمود الضبع، ود. زهور التي قالت أن هذا الكتاب يعد محاولة لسرد الفكر العربي من خلال أدب نجيب محفوظ، كما أنه يتضمن دراسات تعد محاولة لطرح أسئلة جديدة على دارسي أدب نجيب محفوظ. وأشادت د. زهور بدراسة د. سعيد يقطين والتي أتت في الكتاب بعنوان "هل من نجيب عربي في القرن الواحد والعشرين؟" والتي لم تكن عن أدب نجيب محفوظ بل عن منطقه في تنفيذ أعماله الأدبية، وكيف يمكن لنا أن نصور هذا الروائي؟، كما تسائل عن مواصفات أدب محفوظ في القرن الواحد والعشرين، والذي صنع الجنس الروائي في أرض مخصصة للشعر. ولفت د. يقطين في دراسته إلى قدرة محفوظ على الإصغاء في الواقع، وأن كل كتاباته كانت وفقا للتحولات التي يعيشها الواقع المصري بالإضافة إلى اختزال الواقع العربي؛ حيث شخصت كتاباته الواقع الاجتماعي المصري في تحولاته. فمحفوظ بوصفه أذكى من السياسي؛ لأنه يأخذ بذرة الحكايات ويكتب روايته؛ لنستشعر أنه يقرأ نفسه حين قراءه نصوصه، ثم يتغير في نهاية الرواية وفقا لتغيرات الواقع المعاش. موضحا أن محفوظ يقرأ كثيرا ويجيد تنظيم الوقت. نجح بتجديد ذاته بما فيها علاقته بالثقافة مما جعله يتميز بالاستمرارية في الكتابة، واعتماده على مقومات عصره والتي خلقت منه موضوعا سرديا، لم يتوقف بموته بل يستمر ببلاغته. اشادت أيضا د. زهور في كلمتها من دراسة د. رشيد بنحدو وعنوانها "كيف قرأت نجيب محفوظ من غير أن اقرأه؟"، والذي حاول في دراسته محاورة أشكال تلقي أدب نجيب محفوظ، والتي كانت سببا في الوصول إلى جمالياته. أما عن باقي الدراسات في الكتاب فقالت د. زهور أنها تفكير جديد لمحفوظ من أجل تطوير السرد العربي. وعن دراسة د. عبد العلي أبو طيب قالت د. زهور أنها كانت بعنوان "نجيب محفوظ في البحث الجامعي" وطرح خلالها سؤالا "كيف يحضر نجيب محفوظ في البحث الجامعي؟" وخرج بنتيجة من جامعة "محمد الخامس" بالرباط، وهي أن القصة القصيرة وكتابة المسرح لمحفوظ لم تتلق اهتمام في البحث العلمي الجامعي، كما أن أطاريح الجنس الروائي لمحفوظ ضعيفة جدا، لكن الاهتمام الكبير كان للخطاب الروائي على المستوى النقدي والمنهاج الذي تناوله الباحثين في اطروحتهم الجامعية. وكيف استفاد محفوظ من المحكى الذاتي، بالإضافة لوجود تيمة العائلة في كتابات محفوظ. وأوضح د. الضبع أن فعل الثقافة في الوطن العربي لم يكن يحتل الصدارة كما كان في الثلاثينيات وحتى الستينيات من القرن العشرين؛ حيث كنا نعيش أزهى عصور حضارتنا في العالم في القرن الرابع والخامس الهجري، وكانت تعيش الثقافة العربية في مرحلة لم تفرق خلالها بين الشعوب العربية، فمحفوظ كان ومازال من الشخصيات المصرية المولد، إلا أنه ملك للإنسانية جمعاء، مثله كأم كلثوم، وعبد الحليم حافظ، ومحمود العقاد، وطه حسين، رموز التنوير العربي. ومحفوظ كما قال محي الدين بن عربي "أمة بأكمله"، لم يوجد روائي عربي انتج ما أنتجه محفوظ. وأضاف د. الضبع أن محفوظ عندما كان يترجم كان يضيف رؤيته، واستشهد بكتاب "مصر القديمة" لجيمس بيكي والذي ترجمه محفوظ، ولكنه جعله تقنية سردية بدلا من حكاية زائر إلى مصر وحسب؛ لأن محفوظ وقف المركب على كل مدينة مصرية، ووصل لأحشاءها العميقة رصدا في الدين والسياسة والاقتصاد، و الاجتماع.... فمحفوظ دارس للفلسفة، ومفكك للعمل الأدبي، يغرس مرتكزاته الفلسفية في أعماله الإبداعية ويلخصها في مقدمته للرواية، فهو يقصد ما يكتب، ومثال على ذلك العملين "رحلة ابن بطوطة"، و"قلب الليل". وطالب د. الضبع بإنشاء معهد لدراسات نجيب محفوظ؛ ليدخل في سياق اقتصاديات المعرفة. وكيف يمكن لنا أن ندخل هذا التراث من الأدب ليكون منتج يستطيع أن يتواصل مع الغرب، وأن يحقق لنا ما نفتقده؛ فالثقافة والتراث قادران على ذلك. أشادت د. زهور في نهاية المناقشة لدور د. محمد بركات في سعيه لنشر هذا الكتاب وخروجه للنور. مصرحه بأنهم حاليا يعملون على كيفية قراءة عميد الأدب العربي طه حسين، فكما قالت أننا اليوم في حاجة إلى التنوير، ولكن بأسئلة الزمن الراهن وما نشهده. داعية لنقاد الأدب المصريين لقراءة الأدب المغربي. أما عن الكتاب – نجيب محفوظ والنقد المغربي – فهو لقاء ثقافي نظمه مختبر اللغة والإبداع والوسائط الجديدة جماعة "ابن طفيل" كلية "الآداب والعلوم الإنسانية" القنيطرة بالمغرب، بمشاركة المركز الثقافي المصري بالرباط الذي قام بالنشر. ألف الكتاب جماعة من الباحثين – نقاد مغاربة، وقام بتوزيعه "منشورات دار الأمان". كتب د. محمد بركات في مقدمته للكتاب أنه في إطار طرح أوجه التعاون والتكامل بين جامعة "ابن طفيل" مع الجامعات المصرية، وكيفية تحقيق الطموح الأدبي، والتبادل الثقافي والبحث العلمي، ومد جسور التعاون والتكامل الثقافي بين البلدين الشقيقين، كان الاحتفاء بمئوية أديب نوبل نجيب محفوظ، وتم تحديد برنامج الاحتفال وعناصره تحت عنوان "كيف يقرأ النقد المغربي.. نجيب محفوظ"، وكان يوم 29 ديسمبر عام 2011 موعدا مع ثلة من الأدباء والمفكرين المغاربة، الذين قاموا بطرح سيل من الأسئلة المعرفية والاستفسارات النقدية التي اضاءت إبداع نجيب محفوظ برؤى وأسئلة جديدة. واتضح من اللقاء أن الاحتفال بمحفوظ تظاهرة نقدية ترسل دلالات واضحة على تطور النقد المغربي، والذي اصبح يتمتع باقبال شديد من المتلقي العربي عامة، أو المثقف العربي والعالمي خاصة. وواصل أن محفوظ للعرب كافة، يجب أن يتخذ منه نموذجا يحتذى به لبلوغ العالمية بعد اتقانه للمحلية، وكيف سطر بأعماله ما يفخر به كل عربي، وما حققه من تفعيل للخيال والإبداع حتى يتغلب اللامرئي على المرئي، وكيف كان يمتلك قدرة رائعة على تكبير الأشياء المجهرية، واستخدام السخرية لتعرية الأوهام. وشمل الكتاب على عشر دراسات نقدية عن محفوظ وهي: "في الذكرى المئوية لنجيب محفوظ: هل من نجيب عربي في القرن الحادي والعشرين؟" والتي قام بها د. سعيد يقطين. "كيف قرأت نجيب محفوظ من غير أن أقرأه؟" لد. رشيد بنحدور. "التاريخي والواقعي وبناء المعنى في الرواية (رويات محفوظ نموزجا" لد. عبد اللطيف محفوظ. "نجيب محفوظ من المحلية للعالمية" لد. عبد المالك أشهبون. "العجيب أفقا للخلاص في رواية (ليالي ألف ليلة) لنجيب محفوظ" لد. مصطفى يعلى. "نجيب محفوظ: فن السخرية وتعرية الأوهام" لد. عبد الحميد عقار. "شعرية التناص في (ليالي ألف ليلة) من المحكي التراثي إلى المحكي الروائي" لد. نور الدين محقق. "الرواية العائلية في روايات نجيب محفوظ رواية (أفراح القبة) نموذجا" لد. حسن المودن. "محفوظ في النقد الجامعي المغربيب" لد. عبد العالي بوطيب. وأخيرا "جمالية الضياع وسلطة المأساة قراءة في المجموعة القصصية (رأيت فيما يرى النائم) لنجيب محفوظ" لد. عبد الرحمن التمارة.