يتسابق حلوانية رمضان 2023 بعمل ابتكارات الحلوى لتملأ أسماء "المدلعة والمكشكشة والمدحرجة"، مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى غرار ذلك كان لحلوانية مصر بعهد المماليك ابتكارًا شاع في رمضان 742 هجريًا، ولكنه كان ابتكارًا دمويًا إذ ملأت الأسواق تماثيل للأمير قوصون من الحلوى، وكانت مصلوبة على الأبواب بينما كان قوصون يقبع بسجن الإسكندرية منتظرًا حكم الإعدام وليست تلك كل الحكاية. وتسرد "الشروق"، ما رواه المؤرخ ابن تغري بردي عن حلوى "العلاليق المشنوقة"، شماتة من المصريين بالأمير قوصون الذي كان ينتظر حكم الإعدام. ويقول الشاعر جمال الدين المعمار بتلك المناسبة: "شخص قوصون رأينا في العلاليق مسمر فعجبنا منه لما جاء في التسمير سكر". وشمت العوام المصريين بالأمير قوصون لما فعله بابن الناصر قلاوون، حين قتله رغم إنه ابن أستاذه وما فعله بعديله بشتاك الناصري حين قتله أيضا، وكان من خشداشيته أي دفعته بمفهوم المماليك ولم يكن قوصون يؤذي المصريين إلا إن ذلك كان من باب تعاطفهم مع المنصور ابن قلاوون. النهيبة الكبرى نهب المصريون حين القبض على قوصون نحو نصف مليون دينار ذهب ما تسبب في هبوط سعر الذهب للنصف، وكذلك سرق العوام كل ما كان في قصر قوصون حتي الأسقف والجدران ثم ذهبوا للتكية الخاصة به فضربوا الصوفيين وسرقوا ملابسهم وحتى المصاحف والسجاجيد. وذهب العوام بعد ذلك لبيوت مماليك قوصون 700 بيت، ونهبوها بالأسلحة والخيل والملابس. وصار المصريون إذا أراد أحدهم نهب مال الآخر، قال هذا قوصوني أي تابع لقوصون فيتركه الناس ينهب منه كما يشاء. وخرج والي الجيزة حين تولي القاهرة لمنع الناس عن نهب مال مماليك قوصون فقالوا هذا قوصوني ورجموه بالحجارة وقاتلوا مماليكه حتى هرب منهم. من هو قوصون قوصون ابن يزبك خان هو نسيب السلطان الناصر قلاوون من جهتين فالسلطان متزوج من أخته وهو متزوج من ابنة السلطان. ويمتاز قوصون بأنه ابن ناس له أصل فأبوه يزبك خان وكان قوصون في زيارة للقاهرة فأعجب السلطان فاستأذن لشرائه من أبوه فوافق على 8 آلاف درهم. وأحب السلطان قوصون وكان إذا خرج قوصون للصيد أرسل معه ثلث جيش مصر وحين مات بكتمر الساقي منافس قوصون أوكل السلطان لقوصون بورثه 600 ألف دينار ذهب. وكان قوصون يعاير منافسه بكتمر بأن يقول إنه أي قوصون تربي في بيت أبيه بعكس بكتمر الذي تربي في الإسطبل شأن بقية المماليك. ما أودي بقوصون للهلاك كان قوصون قد خلع وريث الناصر قلاوون وأكبر أبنائه ولم يكتفي فقتله، وكذلك قتل عديله بشتاك الناصري ثم ولي الأشرف كجك ابن السلطان الناصر العرش وهو ابن 7 سنين لتكون القيادة والتحكم لقوصون. وفكر 8 أمراء مماليك بقيادة سيف الدين إيدغمش الهروب للكرك، ومبايعة السلطان أحمد وتصادف ذلك مع خروج قوصون للقتال بالشام فظن الأمراء أنه يريد القبض عليهم. فعاجلوه. وجمعوا مماليكهم ليلا وأحاطوا بالقلعة. وحشد قوصون 12 أميرًا، وكان له جيش من 700 مملوك خاصين به، ولكنه لم ينزل واكتفت مماليكه بضرب العوام المحاولين اقتحام القصر بالسهام فارتقي مماليك الأمير يلبغا اليحياوي بيته مكان مدرسة السلطان حسن. وكان أعليمن قصر قوصون فتغلبوا علي مماليك قوصون ليتم القبض عليه مطلع شعبان 642 ولينقل لسجن الإسكندرية الذي لم ينجوا منه أحد وليتم إعدامه خنقا بعد 3 أشهر من الحبس ومعه والي دمشق ووالي طرابلس وعدة أمراء آخرين. أقرأ ايضا: نوادر مملوكية (15).. قصة قنصوه الغوري وبناء مسجد أسماه المصريون بالحرام