الرئيس التنفيذي ل"مصر الخير": 770 مدرسة مجتمعية تخدم آلاف الطلاب    مدير تعليم دمياط يتفقد «المنتزة» و«عمر بن الخطاب».. ويشدد على الانضباط    وزير الري: تعاون مائي متجدد بين مصر والمغرب    الهيئة العربية للتصنيع توقّع مذكرة تفاهم مع الصافي جروب    مصر وإندونيسيا تبحثان سبل تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري    محافظ الغربية يعقد اجتماعًا مع شركة "تراست" لمتابعة تشغيل النقل الداخلي بمدينتي طنطا والمحلة    مجدى طلبة ورئيس دايس أبرز المعينين في مجلس غرفة الملابس    عاجل- رئيس الوزراء زراء يتابع تطور الأعمال في التجمع العمراني الجديد بجزيرة الوراق ويؤكد أهمية استكمال المشروع وتحقيق النقلة الحضارية بالمنطقة    وزير الخارجية يلتقي مستشار الأمن القومي بالمستشارية الألمانية    المبعوثة الأمريكية تجري محادثات في إسرائيل حول لبنان    موعد مباريات الجولة الأولى من بطولة كأس عاصمة مصر 2025-2026    قميص رفعت.. عرض لمدافع الزمالك.. فيريرا يقاضي ميدو.. موعد انضمام صلاح.. وإشادة سلوت| نشرة الرياضة ½ اليوم    رسميًا| ريال مدريد يعلن إصابة ميندي    إبراهيم حسن: منتخب مصر يخوض تدريبه الأول غدًا بمشروع الهدف    الداخلية تضبط مروج أعمال منافية للآداب في الإسكندرية باستخدام تطبيقات الهاتف    خنق على سبيل المزاح.. الداخلية ترد على فيديو الغربية وشرح ملابساته    التفاصيل الكاملة لألبوم رامي جمال الجديد "مطر ودموع"    3 عروض مصرية.. 16 عملا تأهلت للدورة 16 من مهرجان المسرح العربي بالقاهرة    مدير معرض القاهرة للكتاب يكشف تفاصيل الدورة ال57: قرعة علنية وشعار جديد لنجيب محفوظ    ماجد الكدواني يواصل التحضير لمسلسل «سنة أولى طلاق»    متحدث الأوقاف يوضح ل«الشروق» الفارق بين «دولة التلاوة» والمسابقة العالمية ال32 للقرآن الكريم    الصحة تعلن انطلاق استراتيجية توطين صناعة اللقاحات وتحقيق الاكتفاء الذاتي قبل 2030    رسميًا.. بدء عملية اختيار وتعيين الأمين العام المقبل للأمم المتحدة    كأس العرب - شكوك حول مشاركة براهيمي أمام السودان    محافظ المنيا: إزالة 2171 حالة تعدٍ على الأراضي الزراعية ضمن الموجة 27    الأهلي يترقب موقف ييس تورب لدراسة عرض برشلونة لضم حمزة عبد الكريم    مادورو يرقص من جديد فى شوارع كاراكاس متحديا ترامب.. فيديو    فتح باب التسجيل فى دورة الدراسات السينمائية الحرة بقصر السينما    مصر ضد الكويت.. الأزرق يعلن تشكيل ضربة البداية في كأس العرب 2025    أستاذة جامعية إسرائيلية تُضرب عن الطعام بعد اعتقالها لوصف نتنياهو بالخائن    فى زيارته الأولى لمصر.. الأوبرا تستضيف العالمي ستيف بركات على المسرح الكبير    رئيس جامعة الأزهر: العلاقات العلمية بين مصر وإندونيسيا وثيقة ولها جذور تاريخية    المحكمة الإدارية العليا تتلقى 8 طعون على نتيجة انتخابات مجلس النواب    حبس عامل مدرسة بالإسكندرية 15 يومًا بتهمة الاعتداء على 4 أطفال في رياض الأطفال    لأول مرة في الدراما التلفزيونية محمد سراج يشارك في مسلسل لا ترد ولا تستبدل بطولة أحمد السعدني ودينا الشربيني    تركيا: خطوات لتفعيل وتوسيع اتفاقية التجارة التفضيلية لمجموعة الثماني    الطقس غدا.. انخفاضات درجات الحرارة مستمرة وظاهرة خطيرة بالطرق    ضبط قضايا اتجار غير مشروع بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة قيمتها 6 ملايين جنيه    مكتب نتنياهو: إسرائيل تستعد لاستلام عيّنات من الصليب الأحمر تم نقلها من غزة    زيلينسكي: وثيقة جنيف للسلام في أوكرانيا تم تطويرها بشكل جيد    مدير الهيئة الوطنية للانتخابات: الاستحقاق الدستورى أمانة عظيمة وبالغة الحساسية    طارق العوضي يكشف تفاصيل جديدة في جريمة التحرش بأطفال المدرسة الدولية بالإسكندرية    6 نصائح تمنع زيادة دهون البطن بعد انقطاع الطمث    تحرير 141 مخالفة لمحال لم تلتزم بقرار مجلس الوزراء بالغلق لترشيد الكهرباء    سلوت: محمد صلاح سيظل لاعبًا محترفًا من الطراز الرفيع    سامح حسين: لم يتم تعيينى عضوًا بهيئة تدريس جامعة حلوان    وزير العمل يسلّم 25 عقد توظيف في مجال النجارة والحدادة والبناء بالإمارات    فوائد تمارين المقاومة، تقوي العظام والعضلات وتعزز صحة القلب    فيتامينات طبيعية تقوى مناعة طفلك بدون أدوية ومكملات    أمين عمر حكما لمباراة الجزائر والسودان في كأس العرب    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 2ديسمبر 2025 فى المنيا    اليوم .. إعلان نتائج المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    طقس اليوم: معتدل نهارا مائل للبرودة ليلا.. والعظمى بالقاهرة 23    ما حكم الصلاة في البيوت حال المطر؟ .. الإفتاء تجيب    أدعية الفجر.. اللهم اكتب لنا رزقًا يغنينا عن سؤال غيرك    المخرج أحمد فؤاد: افتتاحية مسرحية أم كلثوم بالذكاء الاصطناعي.. والغناء كله كان لايف    سر جوف الليل... لماذا يكون الدعاء فيه مستجاب؟    استشهاد فرد شرطة ومصرع 4 عناصر جنائية في مداهمة بؤر لتجارة المخدرات بالجيزة وقنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غاضبون فى بيئة غاضبة
نشر في الشروق الجديد يوم 24 - 03 - 2010

كلهم غاضبون. أطفال ومعلمون فى مدارسهم غاضبون. وشبان من الجنسين غاضبون. ونساء ورجال تقدم بهم العمر ومستخدمون ورؤساء عمل وعمال ومهنيون أكثرهم غاضب. وفى الشوارع كما فى المنازل الناس غاضبون. أصار الغضب وباء مزمنا وانضم إلى أوبئة أخرى استوطنت أرضنا وشعبنا؟ أم إنه حالة طارئة عما قليل تختفى؟
الغضب فى الوقت المناسب بالدرجة المناسبة ضرورة حياتية. لولا الغضب ما تحققت للشعوب عدالة تطالب بها أو استقلال من سيطرة أجنبية، وما حصلت النساء والعمال على حقوقهم فى المشاركة السياسية والتمثيل النيابى، وما أطاع أطفال أهاليهم وما شيدت الحكومة للناس مدارس ومشافى ولا مدت جسورا تحميهم من غضب الطبيعة. كذلك فإن الغضب فى الوقت غير المناسب وبالدرجة غير المناسبة خطأ يجب الحرص على تفاديه أو منع وقوعه.
رأيت جراحا غاضبا كاد يهلك مريضه الراقد بين يديه، وسائقا غاضبا انقلبت به حافلة يقودها وأصاب سيارات أخرى فمات العشرات، وتخيلت عشرات المرات مصيرى وأنا مستسلم فى طائرة يتولى قيادتها طيار تعرض لنوبة غضب تسبب فيها واحد من عشرات الركاب أو من المضيفين والمضيفات والمساعدين والمساعدات، وأكثرهم مصاب بقليل أو كثير من التوتر المصاحب لشخص معلق بين السماء والأرض. الغضب، كما نعرف، سلوك ينتقل بالعدوى، فما بالك بطائرة التحم ركابها الثلاثمائة أو ما يزيد، لا يفصل بين راكب والآخر سوى مسافة تقطعها أنفاس فى ثوان أو أقل.
***
والغضب أنواع، بعضها يحقق تقدم البشر ويحررهم من الاستعمار والظلم والقمع ويساعدهم على استرداد حقوقهم وإعادة ما اختل من أمور إلى نصابه. بفضل هذا البعض من الغضب نشأنا منضبطين خوفا من غضب الكبار إن تهورنا وعساكر الدورية إن أقلقنا أو أزعجنا وغضب المعلم والناظر إن تمردنا أو تسيبنا. كم من الزوجات يترددن قبل اتخاذ قرار أو التصرف فى أمر خوفا من غضب الأزواج؟ وكم من الأزواج يختارون الصمت حينا والمسايرة حينا آخر تجنبا لغضب الزوجات؟ كم من أتباع الحكام من السياسيين والبيروقراطيين والإعلاميين ينافقون ويكذبون خوفا من الحاكم؟ انظر إليهم وهم يطرحون القضايا أو يشرحونها فى وجود السيد الرئيس، ثم انظر إليهم بعد مغادرته، ستجد من يقول إنه احترام، وستجد من يسر بهمسة لا يسمعها غيرك.. إنه الخوف يا صديقى. وكم من حاكم لم يتخذ قرارا واجب الاتخاذ أو تهور فاتخذ قرارا فى غير وقته خوفا من شعب يغضب فينتفض أو يثور.
***
وقد لا يعرف كثيرون من مزمنى الغضب أنه يضعف من مناعة الجسم ضد الأوبئة والأمراض، فالمتشددون فى غضبهم من هؤلاء يعانون من نزلات البرد والأمعاء أكثر من المعتدلين فى غضبهم أو منعدمى الغضب. وتشهد دراسات طبية بأن الغضب المزمن يتسبب فى الإصابة بمرض السكر وعلل الجهاز الهضمى والتنفسى والاكتئاب. جاء فى مجلة Circulation أن الاكتئاب يأتى أحيانا نتيجة غضب شديد تجاه الآخر تغيرت وجهته فصار غضبا تجاه الذات. كثيرة هى الأعراض التى تكشف عن قرب انفجار الغضب مثل احمرار الوجه ووقوف الشعر وسخونة الوجه وجفاف الحلق وتصلب العضلات وزيادة إفراز العرق وتسارع ضربات القلب وارتعاش اليدين. هذه وغيرها من الأعراض كافية لتحذير الشخص والمحيطين به ليتخذوا إجراءات تبرد الغضب قبل وقوعه أو تغير اتجاهه.
المعروف طبيا أن جزءا من المخ يطلق عليه Amigdalae يعتبره الأطباء مركز المشاعر فهو الذى يفرز هرمونات تنشط الجهاز العصبى، ومنه تصدر إشارات أسرع من الإشارات التى تصدر عن مركز آخر فى المخ وظيفته صنع القرار Prefrontal Cortex. بمعنى آخر، نحن نغضب قبل أن نفكر ونحكم على الأمور.
يقول علماء النفس إن المزاج السيئ يسبق الغضب. لذلك ينصحون صاحب المزاج السيئ بالتعبير عما يشعر به بوسائل متعددة، كالحديث عما يقلقه أو يزعجه بكلمات متزنة ويلتزم احترام المحيطين به ولا يتعالى عليهم. يمكن أن يختلى بنفسه ويطلق طاقة غضبه على مخدة من مخدات فراشه ويظل يضربها حتى يتعب أو يطلقها على أطباق يكسرها واحدا بعد الآخر حتى يتغلب الشعور بالذنب والخسارة على أسباب الغضب. آخرون ينصحون الغاضب بالاسترخاء واختيار البيئة المناسبة كالضوء المناسب والألوان المناسبة المريحة والطبيعة الهادئة. وينصح أحد الخبراء الإنسان المعروف عنه سرعة الغضب بأن يدرب نفسه على الاستماع طويلا للآخرين قبل أن يصدر عنه رد فعل، وأن يتعلم كيف يسخر أمام الآخرين من نوبات غضبه.
***
تغضب الناس لأسباب عديدة، تغضب لأنها مريضة بالاكتئاب والقلق، أو لأنها تبغى الكمال والإتقان. وتزداد فرص الغضب بزيادة تدهور مفردات البيئة المحيطة كالضوضاء والازدحام والإثارة والقذارة والكذب والنفاق والفساد والظلم. نغضب مع البيئة إذا غضبت، وبيئتنا المصرية للأسف بيئة غاضبة معظم الوقت، بأتربتها وقمامتها ونهرها وترعها ومصارفها الملوثة وشوارعها الصاخبة وقطاراتها القذرة وسحابتها السوداء وسلوكيات بعض أهلنا، غاضبة بأفلامها ومدوناتها ومقالات صحفها وبرامجها الحوارية.
مصرنا غاضبة ونحن غاضبون...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.