النائب محمد رزق: عودة ميرسك لقناة السويس مؤشر على استعادة مصر الثقة العالمية في أصعب ظروف الملاحة    مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري: فرصة قوية لتعزيز التبادل التجاري مع مصر    رئيس شركة الصرف الصحي بالإسكندرية يتفقد محطة التنقية الغربية ويتابع أعمال التطوير وورش التريلات    لبنان وقبرص توقعان اتفاقية لترسيم الحدود البحرية بين الدولتين    القوة الخفية: ما الذي كشفه يوسي كوهين عن عمليات الموساد؟    بعثة منتخب الرجال للكرة الطائرة تسافر إلى الأردن للمشاركة في بطولة التحدي العربية    نائب رئيس نادي الجيش الملكي يستقبل بعثة الأهلي بمطار الرباط    تشكيل منتخب مصر للكرة النسائية تحت 20 عاماً أمام تونس في بطولة شمال أفريقيا    محافظ الإسكندرية يتابع تداعيات انهيار عقار كرموز    طقس الخميس.. انخفاض درجات الحرارة والصغرى في القاهرة 15 درجة    المشدد 6 سنوات والغرامة 200 ألف لفكهاني لحيازته المخدرات بالمنيا    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 26 نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا....اعرف مواعيد صلاتك    كيف يستوعب الطفل حوادث الاعتداءات المتكررة على وسائل التواصل الاجتماعي؟    جامعة قناة السويس تقدّم حملة توعوية بمدرسة القصاصين التجريبية    بدء تلقي الطعون على نتائج 73 دائرة بالمرحلة الثانية لانتخابات النواب    مصر تستضيف المؤتمر السنوي لمنظم الرحلات الألماني Anex Tour    الحصر العددى لقائمة دائرة أول الزقازيق بمجلس النواب 2025    إلهام شاهين: عشت أجمل لحظات حياتي في عرض كاليجولا مع نور الشريف    رمضان 2026.. نيللي كريم وشريف سلامة ينهيان تحضيرات مسلسل أنا    وزارة «الاستثمار» تناقش موازنة برنامج رد أعباء الصادرات بقيمة 45 مليار جنيه    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة بمنتصف تعاملات اليوم    الاتحاد الأوروبي يستعد لتقديم نص قانوني لإصدار قرض لأوكرانيا ب140 مليار يورو    الناقد الذي كان يشبه الكلمة... وداعًا محمد عبد المطلب    رئيس الوزراء ونظيره الجزائرى يشهدان توقيع عدد من وثائق التعاون بين البلدين    وعي المصريين يكسر حملات التشكيك.. الانتخابات تمضي بثقة والجماعة الإرهابية تُعيد رواياتها البالية    عاجل| رئيس الوزراء ونظيره الجزائري يشهدان توقيع عدد من وثائق التعاون بين البلدين    نائب وزير الصحة: إنشاء 54 مركزا لعلاج الحروق فى مصر    نصائح هامة لوقاية طلاب المدارس من عدوى أمراض الجهاز التنفسي    البرهان: السلام في السودان مرهون بتفكيك الدعم السريع    بركان كيلاويا في هاواي يطلق حمما بركانية للمرة ال37 منذ بدء ثورانه العام الماضي    قرارات عاجلة من النيابة فى واقعة ضبط طن حشيش فى الرمل بالإسكندرية    تعليم أسيوط يطلق مبادرة "منتج وأفتخر" لعرض أعمال طلاب المدارس (صور)    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للتدريب المشترك "ميدوزا -14".. شاهد    حزب النور في المقدمة.. نتائج الحصر العددي الأولي عن الدائرة الأولى فردي بكفر الشيخ    رضا البحراوي يكشف حقيقة وفاة والدته    دوري أبطال إفريقيا.. قائمة بيراميدز في رحلة زامبيا لمواجهة باور ديناموز    محمود فتح الله: تصريحات حسام حسن الأصعب تاريخيًا.. وكان يمكنه تجنبها    «خطوات التعامل مع العنف الأسري».. جهات رسمية تستقبل البلاغات على مدار الساعة    انطلاق أعمال اجتماع مجلس وزراء الإعلام العرب بالجامعة العربية    وكيل صحة قنا يتفقد وحدة الترامسة ويحيل طبيبا للتحقيق    رئيس الرعاية الصحية: تطوير 300 منشأة بمنظومة التأمين الشامل    السيسى يحقق حلم عبدالناصر    .. اديهم فرصة واصبر    مقتل 8 أشخاص في إندونيسيا بفيضانات وانزلاقات تربة    موعد امتحان نصف العام لصفوف النقل وضوابط وضع الأسئلة    اتحاد السلة يعتمد فوز الأهلي بدوري المرتبط بعد انسحاب الاتحاد ويعاقب الناديين    الأقصر: انقطاع المياه عن عدد من مناطق نجع علوان بالطود صباح اليوم    بعد نجاح "دولة التلاوة".. دعوة لإطلاق جمهورية المؤذنين    دار الإفتاء تؤكد حرمة ضرب الزوجة وتحث على الرحمة والمودة    دار الإفتاء تكشف.. ما يجوز وما يحرم في ملابس المتوفى    إلهام شاهين: تكريمي في مهرجان شرم الشيخ تتويج لمشواري الفني    ريهام عبد الحكيم تتألق في «صدى الأهرامات» بأغنية «بتسأل يا حبيبي» لعمار الشريعي    دعاء جوف الليل| اللهم يا شافي القلوب والأبدان أنزل شفاءك على كل مريض    حريق بمزرعة الصرف الصحي بالكولا سوهاج دون إصابات.. صور    بروسيا دورتمنود يمطر شباك فياريال برباعية نظيفة    الأمن يفحص منشور بتحرش سائق بطفلة بمدرسة خاصة في التجمع    بوروسيا دورتموند يفترس فياريال برباعية في دوري أبطال أوروبا    محمد صبحي عن مرضه: التشخيص كشف عن وجود فيروس في المخ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سنغافورة
نشر في الشروق الجديد يوم 29 - 03 - 2009

حذرنى أصدقائى قبل سفرى إلى سنغافورة تحذيرا شديد اللهجة: احترس.. إذا ألقيت ورقة فى الشارع فسوف يقبض عليك فى حينه، وسوف تقوم بدفع مبلغ خمسمائة دولار بصورة فورية، أما اللبان فممنوع بيعه قانونا يا صديقى فهو خطر على نظافة المدينة. كن مستعدا للقاء أنظف دولة فى العالم. أدركت عند وصولى إلى سنغافورة أن الصيت ولا الغنى، وأن السمعة التى تتبختر بين آذان البشر عن دولة ما، هى صناعة لا تقل أهمية عن صناعة الحديد والصلب. فهناك صنع فى اليابان، والنظام الحديدى الألمانى والرفاهية الفرنسية أما فى سنغافورة فالسمعة التى تم صناعتها هى النظافة السنغافورية، دليلا على الرقى الحضارى الذى وصلته البلاد. ولكننى عند وصولى إلى الفندق ويا للهول وجدت ورقة مطوية صغيرة ملقاة فى الشارع أمام المدخل، فرسمت الصدمة على وجهى وأنا أشير إلى الورقة لمضيفى السنغافورى، فألقى من توه الاتهام على أحد السائحين. بالطبع لا أنكر نظافة المدينة خاصة من قاهرى مثلى يعيش فى سلة مهملات داخل الجحيم، ولكنها بالتأكيد ليست أنظف من مدن كثيرة فى العالم.
قبل ذهابى، لم أكن أدرك كم هى صغيرة تلك الدولة المدينة الجزيرة، فالمسافة من أقصى شمالها إلى أقصى جنوبها حوالى خمسة وعشرين كيلومترا، ومساحتها الإجمالية، بما فيها الأربع والستون جزيرة التابعة لها، تقل عن ربع مساحة مدينة القاهرة. وبتعداد سكانها الذى يبلغ الأربعة ملايين والنصف مليون نسمة احتلت سنغافورة ثانى أكبر كثافة سكانية فى العالم بعد موناكو. ولكن رغم ذلك فالسيولة المرورية هناك ظاهرة حسدتهم عليها بلا رحمة. وجدت أن السيارات أقل عددا من الحافلات وسيارات الأجرة، وبالسؤال علمت أن ثمن السيارات هناك أعلى من قيمتها فى دول العالم بحوالى الثلاثة أضعاف. فهم، انقاذا للحالة المرورية، قد رفعوا من قيمة الضرائب على السيارات بصورة مبالغ فيها متبعين سياسة وزارة المالية المصرية، ولكننا فى مصر لم نستطع مثلهم تحقيق أىة سيولة مرورية.
رغم أن النشيد الوطنى السنغافورى باللغة المالاوية إلا أن كل ما يحيط بك هناك هو صينى. فالصينيون يشكلون 77% من إجمالى السكان والمالاوىون 14% والهنود 8%، وبالتالى فالديانة البوذية هى الديانة الأكثر انتشارا. وقد تم دعوتى فى ليلتى الأولى هناك على مسرحية صينية، وكانت تلك المسرحية بمثابة لقائى الأول بالفن المسرحى الصينى وجها لوجه. كانت المسرحية تنتمى إلى مسرح «باينج» وهو مسرح العاصمة الذى ولد فى نهاية القرن الثامن عشر، والذى يشتمل على الموسيقى والرقص والأكروبات، مسرح الملابس زاهية الألوان المرتبطة بالتاريخ القديم للصين، مسرح الحركة المجردة والمحملة بالإيحاءات الرمزية، الممثلون: مغنون أو راقصون أو مهرجون أو لاعبو أكروبات يجسدون عادة شخصيات من العالم الأسطورى أو الإلهى أو الحيوانى لتقديم الانتصارات العسكرية الصينية، ويعتمد مسرح «بيانج» على الماكياج الفولكلورى الصينى والأقنعة الضخمة التى يرتديها أحيانا أكثر من ممثل. قاموا بتعريفى بعد المسرحية على الممثل الرئيسى الذى شاهدته على خشبة المسرح عملاقا مهيبا ولكننى فوجئت به يصل إلى كتفى بالكاد، وكان لقاؤنا بدء تعرفى على حضارة تلك الدولة الصغيرة.
خضنا سويا فى الحى الصينى والحى الهندى والشارع العربى، ذهبنا إلى السفارى الليلية أحد أهم أماكن الجذب السياحى هناك مثلها مثل ديزنى لاند فى الولايات المتحدة، اكتشفت معه المفارقة الغريبة بين انفتاح تلك الدولة اقتصاديا وانغلاقها سياسيا، حكى لى أن الصحف الماليزية ممنوعة من الدخول، بعض المطبوعات الصحفية العالمية يتم مصادرتها، حق التظاهر والإضراب ليس حقا فى سنغافورة، وإنما نشاط ضد القانون، إلا إذا حصل المتظاهرون على الموافقة الأمنية، رئيس الجمهورية لم يتم انتخابه، حيث كان المرشح الوحيد للرئاسة. الرقابة قوية وحاضرة. رأس حكومة سنغافورة منذ استقلالها عام 1965 وحتى الآن ثلاثة رؤساء وزارة فقط لا غير، فيما يطلق عليه بالديمقراطية الشمولية.
ولكن رغم ذلك فإن الجميع يعمل بكل جدية على استمرار التقدم الاقتصادى، وقَّع الشعب السنغافورى على العقد الاجتماعى الذى تحدث عنه «جان جاك روسو» وأصبح تحت مظلة مشروع اقتصادى ناجح يدر على الجميع ربحية عالية. الجميع هناك سعداء بالديكتاتور العادل، أما الوحيد الذى يشكو من الشمولية السياسية هى الدول الغربية. وبدأ يقوم بتعريفى على بعض أصدقائه. كل من قابلت أكد لى أنهم سعداء بالمنظومة التى وضع أسسها «لى كوان يو» أول رئيس وزراء للبلاد الذى استمرت حكومته خمسة وعشرين عاما. ونتيجة لانضواء الشعب تحت مظلة مشروع واضح فتجد أن نسبة الجريمة فى سنغافورة هى واحدة من أقل النسب فى العالم. وقد كرر أكثر من شخص على مسامعى شعار المرحلة وهو «لسنا الأغنى، ولسنا الأقوى، ولسنا الأكثر عددا، فعلينا إذا لكى نحصل على مكان تحت الشمس بأن نكون من ضمن الأكثر قدرة وتعليما». وقد وقفت معهم هناك لأيام قليلة تحت شمس خط الاستواء، فقد وصل نصيب الفرد من الدخل القومى فى سنغافورة إلى اثنين وخمسين ألف دولار أمريكى، فى حين أنه فى مصر حوالى خمسة آلاف وخمسمائة دولار أمريكى، ووصلت صادراتهم إلى 236 مليار دولار فى العام، فى حين بلغت صادراتنا 33 مليار دولار. حاجة تكسف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.