السيسي يشيد بتطور العلاقات المصرية التنزانية والحرص على تعزيز التشاور السياسي    إيهاب هيكل: خريجو كليات أطباء الأسنان مش لاقيين شغل (فيديو)    رئيس جهاز مستقبل مصر يوجه الشركات المنفذة للدلتا الجديدة بسرعة تنفيذ الأعمال    البورصة تختتم تعاملاتها اليوم الإثنين بتباين كافة المؤشرات    مصلحة الضرائب تكشف تفاصيل الحزمة الجديدة من التسهيلات الضريبية    نيجيريا تعلن حل الخلاف الدبلوماسي مع الولايات المتحدة الأمريكية    صحة حلب: مقتل مدنيين وإصابة 8 آخرين في قصف ل قسد    مجموعة مصر.. شيكو بانزا خارج تشكيل أنجولا ضد جنوب أفريقيا في كأس الأمم    أمم إفريقيا، منتخب مصر يصل إلى ملعب أدرار استعدادا لمواجهة زيمبابوي    مصدر من الأهلي ل في الجول: لا نعرقل انتقال حمزة عبد الكريم ل برشلونة.. وهذا موقفنا    السيسي يهنىء رئيسة تنزانيا بمناسبة فوزها لولاية ثانية    حزن كبير على أحمد الفيشاوي خلال عزاء والدته سمية الألفي.. فيديو    طلاب الأزهر يحتفلون ب«العربية» وسط الآثار المصرية    أعراض بسيطة ل6 أمراض شتوية تتفاقم سريعا فما هي؟    آيتن عامر تعتذر عن استكمال "حق ضايع" قبل بدء التصوير    "يتمتع بخصوصية مميزة".. أزهري يكشف فضل شهر رجب(فيديو)    الحكومة الإسرائيلية تصادق على مقترح إغلاق إذاعة الجيش    لأول مرة بجامعة عين شمس.. نجاح جراحة زرع جهاز تحفيز العصب العجزي    محافظ بني سويف يوجه بتيسير عمل البعثة المصرية الروسية لترميم معبد بطليموس الثاني    بعد مرور 25 عاما.. نيويورك تايمز تكشف عن أفضل 100 فيلم فى القرن ال 21    طبيب الأهلي: عبد القادر ينفذ المرحلة الأخيرة من برنامجه التأهيلي    جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا ضمن أفضل الجامعات العربية في تصنيف 2025    خلال 24 ساعة.. رصد 153 مخالفة على الطرق في الغربية    "هعيش حزين".. أول تعليق من أحمد الفيشاوي بعد وفاة والدته    رمضان عبدالمعز: احذر دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب    يضم 950 قطعة أثرية.... محافظ المنيا يتفقد متحف آثار ملوي    جنايات الإرهاب تقضى بالمؤبد والسجن المشدد ل5 متهمين بخلية التجمع    في مشهد مهيب.. الأزهر ينجح في إخماد فتنة ثأرية بالصعيد    قائد أوغندا قبل مواجهة تونس: لن نكون لقمة سائغة لمنافسينا في أمم إفريقيا    فرحة وحيدة لمنتخب مصر في الاستضافة العربية لأمم أفريقيا    قصة قصيرة ..بدران والهلباوى ..بقلم ..القاص : على صلاح    مدير تعليم الجيزة يواصل سياسة العمل الميداني بزيارة مفاجئة لإدارتي «العياط والصف»    إطلاق حملة "ستر ودفا وإطعام" بالشرقية    تشكيل مجلس إدارة غرفة الرعاية الصحية فى اتحاد الصناعات    «لأول مرة ببني سويف الأهلية» إجراء أول امتحان إلكتروني تطبيقي لطلاب جيولوجيا البترول    بن زايد وإيلون ماسك يرسمان ملامح مستقبل الذكاء الاصطناعي من أبوظبي    الانتقام المجنون.. حكاية جريمة حضرها الشيطان في شقة «أبو يوسف»    السيطرة على حريق بسوق عرفان فى محرم بك بالإسكندرية دون إصابات.. صور    وزارة شئون القدس تطالب بتدخل دولي عاجل لوقف هدم منازل المقدسيين    مصدر من الأهلي يكشف ل في الجول تطورات ملف المحترفين والراحلين.. وموقف توروب    هل طلب بيراميدز ضم ناصر ماهر من الزمالك ..مصدر يوضح    مدبولي: توجيهات من الرئيس بإسراع الخطى في تنفيذ منظومة التأمين الصحي الشامل    محافظ المنوفية يتفقد مركز خدمة عملاء مركز معلومات شبكات المرافق بقويسنا.. صور    محافظ سوهاج يعلن إتاحة التصديق القنصلي على المستندات بمكاتب البريد    غرف دردشة الألعاب الإلكترونية.. بين التفاعل الرقمي وحماية الأطفال    عاجل- مدبولي: توجيهات رئاسية بالإسراع في تطبيق المرحلة الثانية من التأمين الصحي الشامل وضم أكبر عدد من المحافظات    ننشر مواعيد امتحانات الفصل الدراسى الأول بمحافظة القاهرة    وكيل الأزهر يحذِّر من الفراغ التربوي: إذا لم يُملأ بالقيم ملأته الأفكار المنحرفة    وزير قطاع الأعمال: نحرص على تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص المحلي والأجنبي    وزير الثقافة ورئيس صندوق التنمية الحضرية يوقّعان بروتوكول تعاون لتنظيم فعاليات ثقافية وفنية بحديقة «تلال الفسطاط»    روائح رمضان تقترب    كامل الوزير يلتقى وزير التجارة والصناعة فى عمان    أسعار السمك اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    حصاد 2025 جامعة العاصمة.. 7 آلاف طالب وافد و60 منحة دراسية جديدة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    مواعيد مباريات الإثنين 22 ديسمبر والقنوات الناقلة.. مصر تبدأ مشوارها في أمم أفريقيا    أكسيوس: لا توجد مؤشرات حتى الآن على هجوم إيرانى وشيك ضد إسرائيل    محادثات ميامي تعزز آمال إنهاء الحرب في أوكرانيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عالم يتحول بتكلفة عالية
نشر في الشروق الجديد يوم 21 - 12 - 2022

وقعت تطورات خلال الأسابيع القليلة الماضية تنذر بآثار لم تكن لتخطر أبعادها على بال صناع السياسة قبل عقدين أو ثلاثة، أذكر هنا من هذه التطورات:
أولا، الطلب الذى تقدمت به المملكة السعودية للانضمام إلى مجموعة بريكس، التكتل الأغنى فى موارد الطاقة والمال والبشر.
ثانيا، إعلان اليابان وبأعلى صوت أنها تخلت عن سلميتها لتعود إلى عسكريتها.
ثالثا، الإعلان الألمانى عن زيادة هائلة فى ميزانية التسلح لتصير ألمانيا الثالثة فى هذا المضمار بعد أمريكا والصين.
رابعا، المقال الذى نشرته مجلة فورين أفيرز الصادرة عن المجلس الأمريكى للشئون الخارجية بقلم لارى دايموند أشهر من تخصص فى موضوع الديمقراطية. يقرر المقال أن الديمقراطية فى أمريكا تعيش مرحلة كساد عميق ومتشعب وممتد.
خامسا، موجتان عالميتان إحداهما سلسلة من اجتماعات القمة حول كافة الموضوعات فى كافة الأرجاء منها مثلا القمة التى جمعت بين الرئيس الصينى والزعماء العرب فى الرياض. والموجة الأخرى احتجاجات شعبية عارمة ضد قضايا عديدة وفى كافة الأنحاء.
سادسا، نجحت دولة عربية فى استضافة مسابقة كأس العالم وصعود دولة عربية أخرى للمركز الرابع، وتهب مشجعة للاثنتين كافة الشعوب العربية.
كنا نعرف قبل وقوع هذه التطورات وغيرها أن المستقبل بالنسبة للولايات المتحدة كان يعنى لها استمرار الأحادية القطبية فى شكل هيمنة أمريكية مطلقة، تصورت أمريكا وغيرها من الدول الكبرى أن روسيا بعد انفراط الاتحاد السوفيتى لن تقوى مرة أخرى إلى حد يهدد جاراتها فى فنائها الخلفى أو فى غيره من الفناءات الآسيوية والأوروبية أو فى الشرق الأوسط وأفريقيا. خاب هذا التوقع حين قامت روسيا بغزو أوكرانيا، أقرب الجارات إلى قلب موسكو، هذا الغزو بالإضافة إلى تطورات أخرى سابقة عليه ولاحقة له، راح يشارك فى رسم معالم خريطة جديدة للسياسة الدولية.
فى هذا الغزو عادت روسيا تجرب هيمنتها على إقليم، تتصور أنه يخصها، وبخاصة بعد أن لاحظت أن أمريكا تحث دول حلف الأطلسى على توسيع نشاط الحلف بحيث يعود فيشكل حزاما يحيط بروسيا.
من ناحية أخرى وقبل أن تعلن اليابان تخليها عن سلميتها راحت بولندا تزاحم وتضغط وتتمرد داخل الاتحاد الأوروبى، هدفها أن تقود دول شرق ووسط أوروبا فى جبهة مناوئة لتدخلات روسيا ولا تنتظر حماية أمريكا أو ألمانيا.
بمعنى آخر، صار واضحا للقريب والبعيد على حد سواء أن مرحلة جديدة على وشك البزوغ. دول تتقدم الصفوف لتشارك فى صنع توازن قوى جديدة فى العالم، وكلها غير واثقة من أنها تستطيع تحمل تكاليف هذه الرحلة.
واضح أيضا فى الصورة أن روسيا والصين عاقدتا العزم على استمرار الصعود وأن أمريكا نادمة على أنها لم تقف ضد هذا الصعود عندما كان ممكنا. هى الآن غير قادرة على استعادة تفوقها المطلق والعودة إلى وضعها السابق فى النظام الدولى قطبا أوحد بكامل صلاحيات القوة الأعظم المهيمنة. يبدو الآن لأمريكا وللكثيرين أن عودة الحال صارت من المحال.
لم نعرف بالدقة متى وتحت أى ظرف دخل النظام الدولى هذه المرحلة الانتقالية، كما أننا لم نعرف بالدقة متى وتحت أى ظرف دخل النظام الإقليمى العربى حال التحول فى بعض، أو لعله أكثر، هياكله الأساسية وأهمها التحول فى علاقات التناسب والتفاوت فى الأوزان النسبية لأطرافه الرئيسية. من هذه الهياكل أيضا حالات الانفراط الداخلى التى أصابت عددا كبيرا من أعضاء النظام. ومن التحولات أيضا تعدد حالات اختراق حدود النظام العربى الخارجية من جانب بعض أو كل دول الجوار، فضلا عن تزايد اتساع فجوات القوة بين هذه الدول من ناحية والدول العربية من ناحية أخرى، وبخاصة الدول العربية المتاخمة، واحدة من هذه الدول راحت تلمح إلى أنها سوف تسعى للحصول على أسرار التسلح النووى.
• • •
لا مبالغة كبيرة فى القول إن العلاقات الدولية تعيش هذه الأيام فى حال فوضى. أحد بوادر هذه الفوضى كثرة انعقاد مؤتمرات القمة وإفراط كبار المسئولين فى تبادل الزيارات والتنقل بين الدول. هذه البوادر تشير عادة إلى حال انضباط ورقى فى العلاقات الدولية إن سادت فى أوقات رخاء وسلام. أما أن تسود فى أوقات التوتر والأزمات وفى أقاليم الوفرة كما فى أقاليم الفقر والعجز فمعناه أن مختلف الدول صار يجمعها هم واحد هو عدم الثقة فيما تخبئه لها الأيام القادمة.
فى ظل هذه الأجواء لا يسع الكثيرون وأنا واحد منهم إلا أن يتوقعوا أن دولا ومؤسسات وعقائد سياسية ومبادئ لن تصمد طويلا تحت ضغوط الحالة الانتقالية التى يمر فيها النظام الدولى. نرى أقاليم تتفسخ إلى تجمعات تحت الإقليمية. بعض هذه الأقاليم أسست فى مرحلة من المراحل نظما إقليمية فرعية اعتمدت فى تأسيسها على وشائج ثقافية أو حضارية أو أيديولوجية. ضعفت هذه الوشائج مع مرور الزمن وتحت ضغط عولمة متزايدة لجوانب بعينها من النظام الدولى ثم بتأثير الصعوبات المترتبة عن انتشار وباء أو كساد وتضخم مالى. لاحظنا أن العمل الجماعى فى معظم أشكاله لم يعد يفى بمتطلبات الدول. صار صعبا، على سبيل المثال، الحصول على إجماع أو حتى توافق الأعضاء على قرار أو سياسة واحدة، وإن حصل فلمدة وجيزة. رأينا المشكلات تتجمع وتحيط بأداء الاتحاد الأوروبى وحلف الأطلسى والاتحاد الأفريقى والجامعة العربية ومجموعة الآسيان. تأكدنا ونحن نتابع هذا الأداء من أن وراء قصوره تقف ظروف المرحلة الانتقالية فى النظام الدولى. تقف أيضا الثقة المفقودة غالبا بتأثير مباشر من طبيعة الانتقال من حال إلى حال تحت ظروف بالفعل قاسية.
• • •
أصل إلى تخوف واجب. الآن وأكثر من أى وقت مضى ومع تصاعد إجراءات وعمليات التحول الجارية فى النظام الدولى وداخل دول النظام العربى صرت أخشى على جامعة الدول العربية كمنظمة إقليمية من تداعيات وقسوة ما ينتظرها من تحديات لا قبل لها بمثلها. من يعرف الجامعة يدرك حقيقة أنها كيان رخو وليست مؤسسة مرنة كما يخطر أحيانا على بال بعض الأكاديميين. إن من اقترب بالدرس أو المشاهدة من المراحل الانتقالية فى تطور العلاقات الدولية لا شك يدرك مدى تعقدها وتعدد احتمالات تحركها بمعدلات تتفوق كثيرا على معدلات الحركة فى مؤسسات النظامين الدولى والإقليمى العربى فى وضعهما الراهن. أقصد تحديدا منظمة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومؤسساتهما المتخصصة. كلها مهددة بالغرق فى طوفان المرحلة الانتقالية خاصة إذا هى قصرت أو أهملت فى استشراف مستقبلها وتطوير إمكاناتها على ضوء ما استجد من متغيرات وتوازنات أفرزتها أو ألقت عليها الضوء التطورات الأخيرة فى الحالة الانتقالية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.