حبس شخصين عثر بحوزتهما على أسلحة نارية بدون ترخيص في البدرشين    وزير التعليم العالي: إنشاء قاعدة بيانات متكاملة للعلماء المصريين بالخارج    القومي لذوي الإعاقة و"شباب القادة" يبحثان إطلاق برنامج قومي لتدريب ذوي الهمم على البرمجة    توقيع عقد تمويل مجمع إنتاج السيليكون المعدني ب 140 مليون دولار    الذهب يتراجع مع اتجاه المستثمرين لجني الأرباح عقب موجة ارتفاعات قياسية    حالة طوارئ بالسكة الحديد وتأخيرات ملحوظة لقطارات الصعيد وبورسعيد    742.6 مليار جنيه للدعم والمنح الاجتماعية.. ماذا قدّمت التضامن خلال 2025؟    الأردن يصدر بيانًا رسميًا بشأن أحداث اليمن    مواعيد مباريات دور ال 16 في كأس أمم أفريقيا    «عزومة» صلاح تبهج بعثة منتخب مصر في المغرب    بورتو يخطط لضم نجم برشلونة في انتقالات يناير، وهذا موقف فليك    مترو القاهرة يعلن عن مواعيد تشغيل خاصة خلال احتفالات ليلة رأس السنة    ضبط 9 أشخاص لاستغلال 16 طفلا فى أعمال التسول بالقاهرة    بدء جلسة محاكمة المتهم بقتل أسرة اللبيني    إحالة 4 عاطلين للجنايات في واقعة التنقيب عن الآثار بالقاهرة    القومي للمسرح والموسيقى يطلق مبادرة "2026 عام للاحتفاء بالفنانين المعاصرين"    أم كلثوم.. محطات الرحلة بين سيرة الحب وسيرة الست    "القومي للمسرح" يطلق مبادرة"2026.. عامًا للاحتفاء بالفنانين المعاصرين"    موسكو تعلن تقدما ميدانيا شمال شرق أوكرانيا.. وبوتين يأمر بتوسيع المنطقة العازلة    أمم أفريقيا 2025| التشكيل المتوقع للجزائر وغينيا الاستوائية في لقاء اليوم    فتح التقديم بالمدارس المصرية اليابانية للعام الدراسى 2026/ 2027 غدا    القبض على المتهمين بسرقة محل بلايستيشن فى مدينة 6 أكتوبر    اليوم| زد يلتقي حرس الحدود في كأس عاصمة مصر    عاجل- تخفيضات على الأسماك والجمبري بمنافذ وزارة التموين خلال أعياد الكريسماس 2025    محافظ قنا يهنئ الرئيس السيسي بمناسبة العام الميلادي    اليوم.. نور النبوي ضيف برنامج فضفضت أوي مع معتز التوني    108 دقة جرس كيف يحتفى العالم برأس السنة كل عام؟    الأمل فى 2026 التحليل النفسى لأبراج العام الجديد    الليلة... نجوم الطرب في الوطن العربي يشعلون حفلات رأس السنة    "هتعمل إيه في رأس السنة"؟.. هادعي ربنا يجيب العواقب سليمة ويرضي كل انسان بمعيشته    طبيبة تحسم الجدل| هل تناول الكبدة والقوانص مضر ويعرضك للسموم؟    «ماء الموز» موضة غذائية جديدة بين الترطيب الحقيقي والتسويق الذكي    لماذا ترتفع معدلات الأزمات القلبية في فصل الشتاء؟ 9 إرشادات طبية للوقاية    الصحة تؤكد أهمية تطعيم الحمى الشوكية لطلاب المدارس للوقاية من الالتهاب السحائي    الإمارات تستجيب لطلب السعودية وتنهي وجودها العسكري باليمن    الحكومة تصدر قرارًا جديدًا بشأن الإجازات الدينية للأخوة المسيحيين| تفاصيل    «اتصال» وImpact Management توقعان مذكرة تفاهم لدعم التوسع الإقليمي لشركات تكنولوجيا المعلومات المصرية    اليوم محاكمة المتهمات في قضية الاعتداء على الطالبة كارما    محمد جمال وكيلاً لوزارة الصحة ومحمد زين مستشارا للمحافظ للشؤون الصحية    دميترييف يسخر من تمويل أوروبا المتحضرة للمنظمات غير الحكومية لغسل أدمغة الناس    أسعار البيض اليوم الأربعاء 31 ديسمبر    نتنياهو: عواقب إعادة إيران بناء قدراتها وخيمة    نخبة الإعلام والعلاقات العامة يجتمعون لمستقبل ذكي للمهنة    طقس رأس السنة.. «الأرصاد» تحذر من هذه الظواهر    النادي كبير عليهم، جمال حمزة يهاجم مجلس إدارة الزمالك وجون إدوارد    "25يناير."كابوس السيسي الذي لا ينتهي .. طروحات عن معادلة للتغيير و إعلان مبادئ "الثوري المصري" يستبق ذكرى الثورة    توتر متصاعد في البحر الأسود بعد هجوم مسيّرات على ميناء توابسه    «مسار سلام» يجمع شباب المحافظات لنشر ثقافة السلام المجتمعي    الأمم المتحدة تحذر من أن أفغانستان ستظل من أكبر الأزمات الإنسانية خلال 2026    "البوابة نيوز" ينضم لمبادرة الشركة المتحدة لوقف تغطية مناسبات من يطلق عليهم مشاهير السوشيال ميديا والتيك توكرز    تموين القاهرة: نتبنى مبادرات لتوفير منتجات عالية الجودة بأسعار مخفضة    استشهاد فلسطيني إثر إطلاق الاحتلال الإسرائيلي الرصاص على مركبة جنوب نابلس    المحامى محمد رشوان: هناك بصيص أمل فى قضية رمضان صبحى    رضوى الشربيني عن قرار المتحدة بمقاطعة مشاهير اللايفات: انتصار للمجتهدين ضد صناع الضجيج    هل يجب خلع الساعة والخاتم أثناء الوضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    هل تبطل الصلاة بسبب خطأ فى تشكيل القرآن؟ الشيخ عويضة عثمان يجيب    خالد الجندى: القبر محطة من محطات ما بعد الحياة الدنيا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-12-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خواطر حول البرادعى.. ومشكلة الحكم فى مصر
نشر في الشروق الجديد يوم 26 - 02 - 2010

تابعت بالطبع، كما تابع ملايين المصريين، أخبار الدكتور محمد البرادعى، منذ ذكر اسمه كمرشح ممثل لمنصب رئاسة الجمهورية، ثم اشتد اهتمامى بأخباره، مثل غيرى، منذ سمعنا بقرب عودته النهائية إلى مصر، ثم بوصوله بالفعل والاستقبال الحافل الذى استقبل به فى مطار القاهرة.
كان لابد إذن من أن أجلس لأستمع إليه بإنصات تام فى حديثه مع أحمد المسلمانى فى فيينا قبل مجيئه إلى القاهرة، ثم مع منى الشاذلى بعد وصوله.
الموضوع مهم جدا لأنه يتعلق بنظام الحكم فى مصر. فالدكتور البرادعى وجه جديد تماما على السياسة المصرية، ومن نوع لم نر مثله فى منصب رئاسة الجمهورية منذ قيام ثورة يوليو فى 1952، أى منذ أكثر من نصف قرن. ليس فقط لأنه مدنى والباقون عسكريون، ولكن لأن احتمال وصوله إلى هذا المنصب يرجع إلى اختيار شعبى ولا يفرض على الناس من أعلى.
أضف إلى ذلك أن فكرة اعتلائه للمنصب، تطرح فى وجه ترتيبات تجرى على قدم وساق، منذ عدة سنوات لتوريث رئاسة الجمهورية من الأب إلى الابن، وهو ترتيب ممجوج وسيئ جدا لأسباب كثيرة ليس الآن مجال الخوض فيها من جديد.
أثار هذا فى نفسى بعض الأفكار والمشاعر المتضاربة، رأيت أن أشرك القارئ معى فيها. فالدكتور البرادعى رجل محترم جدا، وله تاريخ ناصع، سواء فى خدمة بلده أو فى أدائه الوظيفى، أو فى النزاهة الشخصية والوقوف بشجاعة ضد إدارة أقوى دولة فى العالم، مرتين، مرة وهى بصدد البحث عن أعذار للهجوم على العراق، ومرة لتهديدها بالهجوم على إيران. فلما رأيت د. البرادعى واستمعت لحديثه مع أحمد المسلمانى ومنى الشاذلى، لم أجد منه ما يقلل من احترامى وتقديرى له.
فها هو رجل متزن وعاقل، لا شك فى حبه لبلده واهتمامه بأمره، مطلع إطلاعا كافيا على ما يجرى فى العالم، ويعرف أهم مشكلات مصر الحقيقية. صحيح أنى لم أشعر بالارتياح الكامل لإجابته عن سؤال من أسئلة المسلمانى يتعلق بإسرائيل، وإلى أى مدى يعتبر إسرائيل مسئولة عما تعانيه مصر من مشكلات، إذ لاحظت أنه استخدم تعبير «المشكلة الفلسطينية» بدلا من إسرائيل، وإفاضته فى الكلام عن أخطاء العرب فى معالجتهم لهذه القضية بدلا من أن يفيض فى ذكر ما ارتكبته إسرائيل من جرائم ضد العرب. ولكنى لم أحاول أن استنتج شيئا من هذه الملاحظة، وقلت لنفسى إن الأمر يحتاج إلى ملاحظات أخرى.
المشكلة فى موضوع د. البرادعى ليست فى هذا فالرجل صالح تماما لتولى الرئاسة. وسأفرح بشدة كما سيفرح ملايين غيرى لو رأيناه يعتلى هذا المنصب، لكل الصفات الطيبة التى ذكرتها من قبل، وبصرف النظر عن حصوله على جائزة نوبل «إذ هل يشترط حقا فى رئيس الجمهورية حصوله على جائزة نوبل؟ ألا يكفى أن يكون الرئيس على درجة كافية من الذكاء والنشاط، وقدر عال من النزاهة، وأن يثبت من تصرفاته وكلامه حبا حقيقيا لبلاده؟، وقد أثبت الدكتور البرادعى تمتعه بكل هذه الصفات».
المشكلة هى أن تصرفات الكثيرين من الناس ومن المعلقين فى وسائل الإعلام، تبرز الدكتور البرادعى وكأنه البديل الوحيد الممكن عما يجرى من ترتيبات لتمرير التوريث، ويظهر فرحهم وابتهاجهم باحتمال ترشحه للرئاسة، وكأنه الوسيلة الوحيدة الممكنة لإسقاط مخطط التوريث. ويترتب على هذا أنه، لو حدث لا قدر الله وأصاب د. البرادعى أى مكروه، أو انسحب لأى سبب من الترشح للرئاسة، كان علينا أن نقبل البديل الآخر صاغرين، وهو التوريث.
بعبارة أخرى، إن مظاهر الفرح الشديد بظهور د. البرادعى، وقبوله الترشح للرئاسة تبدو «أو هكذا على الأقل أفسرها أنا» وكأن الناس تريد أن تقول لرجال السلطة فى مصر، وأن يقول بعضهم لبعض: «ها قد وجدنا رجلا ممتازا يصلح للرئاسة أكثر من نجل الرئيس، وقد قبل لحسن الحظ أن يخوض هذه المنافسة». إن الأمر يجب ألا يكون كذلك على الإطلاق. فرفضنا للتوريث لم يكن قط مبنيا على صعوبة العثور على شخص ممتاز ينافس ابن الرئيس. فالمصريون الممتازون، والصالحون لتولى الرئاسة، والمستعدون فوق هذا للترشح للرئاسة لو سألوا عن ذلك، كثيرون جدا، بل لا أتردد فى أن أقول إن عددهم يقدر بمئات الألوف.
لماذا إذن نحول القضية إلى تهليل للعثور على شخص واحد صالح لهذا المنصب، وكأننا نقول للممسكين بالسلطة» ها قد وجدنا شخصا آخر أفضل! بينما الذى يجب أن نقوله فى الحقيقة هو إن طريقتكم فى إدارة الحكم سيئة جدا، وليس من حقكم أن تقولوا لنا من هو رئيس الجمهورية القادم، بل سنختاره نحن بأنفسنا من بين الصالحين لهذا المنصب، وهم كثيرون جدا، وأكثر بكثير مما تتصورون.
ثم عدت وقلت لنفسى: «ولكن، أليس هناك نفعة مؤكدة فى تقديم شخص من لحم ودم، وصالح تماما للرئاسة، وتقديم الدعم له لكى يفهم الشخص الآخر، إننا نفضل غيره عليه؟ أليس هذا أفضل من المناداة بمبدأ مجرد، هو فتح أبواب الترشح للجميع، دون تحديد شخص معين بالذات؟ بل ها هو البرادعى يقدم مطالبه «وهى أيضا مطالبنا» بتعديل الدستور لإلغاء المواد الموضوعة خصيصا لصالح نجل الرئيس، وها هو يطالب باتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق نزاهة الانتخابات، والمراقبة المحايدة لما يحدث فيها. أليس فى هذا أيضا فرصة جيدة للفوز بما نريد؟!
نعم، نعم. ولهذا أشعر بالفرح بما يأتينى من أخبار عن الدكتور البرادعى. ولكنى لا أخفى أنى أضع يدى على قلبى خوفا من أن يستغل أصحاب السلطة هذه الخطوة من جانب د.البرادعى ومن جانبنا، للزعم بأن نجل الرئيس سوف يدخل مباراة نظيفة، فإذا نجح بسبب ما يقومون به من أعمال شيطانية، يقولون بانتصار «ما الذى تريدونه الآن أكثر مما فعلناه لكم؟ ألم نسمح لمرشحكم بدخول المبارزة؟ فماذا نفعل لكم إذا كان الناس قد فضلوا عليه نجل الرئيس؟».
أعود فأقول لنفسى: «إن المطلب الحقيقى يجب أن يكون، ليس مجرد السماح لشخص معين بدخول الانتخابات، أى مجرد إطلاق شخص واحد من السجن ليمارس حريته، بل المطلب الحقيقى هو أن يطلق سراحنا جميعا، فنخرج إلى الهواء الطلق، ونمارس التنفس الطبيعى لعدة سنوات، مما يسمح بظهور المئات أو الآلاف من أصحاب المواهب المحرومين من التعبير عن أنفسهم. وحينئذ، وحينئذ فقط، يصبح الكلام عن انتخابات حرة واختيار صحيح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.