بعد تراجع 5 جنيهات في عيار 21.. سعر الذهب اليوم الجمعة 27-6-2025 محليًا وعالميًا    هبوط جديد في سعر الفراخ البيضاء.. أسعار الدواجن اليوم الجمعة 27-6-2025 للمستهلك    وزير الكهرباء يبحث مع رئيس "الطاقة" الصينية دعم التعاون وزيادة الاستثمارات    النواب يوافق على اعتماد إضافي للموازنة ب 85 مليار جنيه (تفاصيل)    الصين تؤكد التوصل لاتفاق تجاري مع الولايات المتحدة    ماكرون يحذر من اتخاذ إجراءات مضادة حال فرض أمريكا رسوما على فرنسا    موعد مباراة مانشستر سيتي ضد الهلال في ثمن نهائي مونديال الأندية    مستوطنون يعتدون على منازل جنوب الخليل.. وإصابة فلسطينية في مسافر يطا    ألونسو يتحدث عن مواجهة يوفنتوس بثمن نهائي المونديال    مصرع شاب متأثرا بإصابته بطلق ناري في مشاجرة غرب الأقصر    بعد تداول فيديو «قطع الطريق» في العمرانية.. الداخلية تتحرك.. والتحريات تكشف الحقيقة    تحذيرات للأهالي ورواد شواطئ مطروح والسواحل الشمالية الجمعة 27 يونيو 2025    الطب البيطري بالغربية يفحص ضحايا عقر كلب بشوارع أبيار    11 عاما من إنجازات القطاع الثقافى.. الحفاظ على الهوية وتعزيز تمثيل مصر بالخارج الأبرز    ذكرٌ يُبارك يومك.. أذكار الجمعة حصنك اليومي    تحت شعار «تبرعك بالدم حياة».. «الصحة» تطلق حملة قومية للتبرع بالدم في جميع المحافظات    توقيع الكشف على 872 مواطناً في قافلة طبية بشمال سيناء    جلسة فى مؤتمر التخدير تناقش استراتيجيات الرعاية في حالات الصدمة الإنتانية    الأجهزة الأمنية بقنا تعثر على جثة عامل بها كدمات وكسور بالرأس بجوار كوبري الملاحة بقرية الخطارة    البرلمان يبحث تعديل الاتفاق الإطاري للتحالف الدولي للطاقة الشمسية    نقابة المهندسين: تطوير شامل لمصيف المعمورة يشمل الوحدات والمرافق والأنشطة    المراجعات النهائية للغة الإنجليزية الثانوية العامة 2025    جامعة عين شمس تنشئ وحدة داخلية لمتابعة ودعم جائزة مصر للتميز الحكومي    حتى 77 قرشا.. سعر الدولار يتراجع مقابل الجنيه في 10 بنوك خلال أسبوع    مستشفى الناس تُبهر مؤتمر القلب العالمي في فرانكفورت بتقنيات إنقاذ نادرة للأطفال    وزير السياحة يعتمد الضوابط المنظمة لتنفيذ رحلات العمرة لموسم 1447 هجرية    كاظم الساهر ل"اليوم السابع":مصر جزء من مشوارى الفنى وأنا دائم السؤال عليها    وسام أبو علي يقترب من الرحيل عن الأهلي مقابل عرض ضخم    محمد شريف ينتظر 48 ساعة لحسم مصيره مع الأهلى.. والزمالك يترقب موقفه    الدورى الجديد يتوقف 5 ديسمبر استعدادا لأمم أفريقيا بالمغرب    قانون الإيجار القديم أمام مجلس النواب الاثنين لمناقشته وإقراره    تحقيقات موسعة حول مصرع 3 وإصابة 10 آخرين في حادث تصادم بالجيزة    عادل إمام يتصدر تريند "جوجل".. تفاصيل    الموساد بلسان إيراني: كان فعلا "أقرب إلينا من آذاننا"    "ياحراق اللجان".. شقيق رامي ربيعة يثير الجدل بهذا المنشور بعد خروج العين من المونديال    سطو مسلح على منزل براد بيت بلوس أنجلوس أثناء تواجده بالخارج    "لازم واحد يمشي".. رضا عبدالعال يوجّه طلب خاص لإدارة الأهلى بشأن زيزو وتريزيجيه    حريق ضخم في منطقة استوديو أذربيجان فيلم السينمائي في باكو    يكسر رقم أبو تريكة.. سالم الدوسري هداف العرب في تاريخ كأس العالم للأندية (فيديو)    قمة الاتحاد الأوروبي تفشل في إقرار الحزمة ال18 من العقوبات ضد روسيا    حنان مطاوع تروي كواليس «Happy Birthday»: صورنا 8 ساعات في النيل وتناولنا أقراص بلهارسيا    فضل شهر محرم وحكم الصيام به.. الأزهر يوضح    30 مليار دولار مقابل نووي بلا تخصيب.. تفاصيل خطة «ترامب» السرية لإعادة إيران لطاولة المفاوضات    بالصور.. نقيب المحامين يفتتح قاعة أفراح نادي المحامين بالفيوم    ملف يلا كورة.. جلسة الخطيب وريبييرو.. فوز مرموش وربيعة.. وتجديد عقد رونالدو    لجان السيسي تدعي إهداء "الرياض" ل"القاهرة" جزيرة "فرسان" مدى الحياة وحق استغلالها عسكريًا!    الإيجار القديم والتصرف في أملاك الدولة، جدول أعمال مجلس النواب الأسبوع المقبل    أيمن أبو عمر: الهجرة النبوية بداية جديدة وبشارة بالأمل مهما اشتدت الأزمات    هل التهنئة بالعام الهجري الجديد بدعة؟.. الإفتاء توضح    الأوقاف تفتتح اليوم الجمعة 9 مساجد في 8 محافظات    "القومي للمرأة" يهنئ الدكتورة سلافة جويلى بتعيينها مديرًا تنفيذيًا للأكاديمية الوطنية للتدريب    حبس عنصر إجرامي لقيامه بجلب وتصنيع المخدرات بالقليوبية    بحضور مي فاروق وزوجها.. مصطفى قمر يتألق في حفلة الهرم بأجمل أغنياته    طريقة عمل كفتة الأرز في المنزل بمكونات بسيطة    المفتي: التطرف ليس دينيا فقط.. من يُبدد ويُدلس في الدين باسم التنوير متطرف أيضا    حسام الغمري: الإخوان خططوا للتضحية ب50 ألف في رابعة للبقاء في السلطة    حجاج عبد العظيم وضياء عبد الخالق في عزاء والد تامر عبد المنعم.. صور    وزير السياحة والآثار الفلسطينى: نُعدّ لليوم التالي في غزة رغم استمرار القصف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمود محيي الدين يكتب: لن ينصلح شأن المناخ إلا بالقضاء على الفقر
نشر في الشروق الجديد يوم 24 - 08 - 2022

منذ عام 2015 وتزامنا مع إعلان الأمم المتحدة أهداف التنمية المستدامة، وأولها وأهمها القضاء على الفقر المدقع، استخدم البنك الدولى رقما يعادل 1.90 دولار أمريكى لليوم الواحد للفرد لتحديد خط الفقر المدقع عالميا. ومع تغيرات الأسعار العالمية تم تعديل هذا الرقم هذا العام ليصبح 2.15 دولار، بمعنى أن أى إنسان يعيش بأقل من هذا القدر سيُعد ممن يعانون رسميا من الفقر المدقع بالمعيار العالمى. وبالإضافة إلى خط الفقر المدقع، يستخدم البنك الدولى كمؤسسة دولية معتمدة فى تحديد منهجية قياس الفقر مؤشرين آخرين للعون فى تحديد مستوى الفقر عامة فى البلدان النامية، وقد تم تعديل المؤشرين أيضا ليعكسا تغيرات الأسعار فارتفع رقم خط الفقر للدول متوسطة الدخل بشريحتيها الدنيا والعليا من 3.20 دولار و5.50 دولار إلى 3.65 و6.85 دولار على الترتيب.
ومن الضرورى التأكيد أن هذه التغيرات تعكس فقط تغيرات الأسعار للحصول على ذات المكون الحقيقى الذى يستخدمه الفرد من السلع والخدمات، وأن لكل دولة خطا للفقر العام وخطا للفقر المدقع ينبغى تحديثه ليعكس تغيرات الأسعار للتعرف على الأولى فى المجتمع بالرعاية من خلال السياسات العامة. وأنه بالإضافة إلى أرقام خطوط الفقر على أساس الدخل والاستهلاك، فهناك أهمية لاستكمالها بمؤشر لقياس الفقر المجتمعى الذى يدرج تطور تعريف الفقر ومحدداته مع تطور دخل الدولة وزيادة ثرائها، فضلا عن مؤشر الفقر متعدد الأبعاد الذى يقيس أوجه الفقر والحرمان فيما يتجاوز العناصر النقدية للفقر.
ووفقا لمؤشر الفقر المدقع المعدل، فإن عددا من يقع تحت هذا الخط قد بلغ 700 مليون إنسان فى عام 2017، وفى دراسة لمؤسسة «أوكسفام» المعنية بشئون الفقر، فقد ارتفع هذا الرقم فى الربع الأول من هذا العام إلى 860 مليونا، ويعكس هذا الرقم ارتفاع أعداد البشر الذين يعانون من الجوع إلى 827 مليونا فى هذا العام، وهذه الأرقام لا تعكس أثر ارتفاعات أسعار الغذاء والطاقة بعد اندلاع الحرب الأوكرانية التى يرجح أن تضيف 65 مليون إنسان إلى أعداد من يعانون الفقر المدقع.
هذا هو الوضع الحالى للهدف الأول لأهداف التنمية المستدامة، وهو القضاء على الفقر المدقع الذى كان يرجى فى عام 2015 عند الإعلان عنه فى قمة خاصة فى الأمم المتحدة الوصول إليه مع حلول عام 2030، والعالم اليوم فى وضع أسوأ عليه مما كان عليه الحال منذ 7 سنوات. ومرة أخرى لن يكفى لوم مشاجب الأزمات والصدمات الخارجية لتعلق عليها خيبة السياسات العامة وضعف مؤسسات العمل التنموى وإهدار الموارد مع تشتتها. فالعالم لم يكن على مسار تحقيق أهداف التنمية وفقا لتقارير التنمية المستدامة عن عام 2019، قبل تفشى جائحة كورونا فى عام 2020. ولم يحسن العمل الدولى فى التصدى للجائحة بشكل متوازن سواء بمعيار توفير اللقاحات أو إتاحة المساندة المالية للبلدان النامية التى ستدفع غاليا ثمن السخاء فى ضخ السيولة فى البلدان المتقدمة ثم تكاليف سحبها بإلغاء برامج التيسير النقدى ورفع أسعار الفائدة ومن ثم تكاليف الاقتراض. ثم أتت الحرب الأوكرانية بتداعياتها فزادت حدة أزمات قائمة وكشفت عن عورات فى الأداء الاقتصادى لم يعد من الممكن سترها بأوراق البنكنوت من الإصدار النقدى، أو بخصف الأموال المقترضة قصيرة الأجل على أجساد اقتصادات منهكة.
إن الوضع الاقتصادى العالمى الراهن الذى يعانى من تراجع معدلات النمو وتهديدات الركود التضخمى وأزمات فى قطاعات حيوية مثل الغذاء والطاقة وارتفاع مخاطر وتكاليف الديون الدولية لا يستقيم معه الاستمراء فى اتباع نهج مختزل فى سياسات الاستدامة لتعنى فقط بجانب من جوانب العمل المناخى، وهو تخفيض الكربون رغم أهميته الكبيرة. فبقيادة العمل المناخى من مجموعة دول بعينها قطعت أشواطا فى التقدم والنمو ورفع مستويات معيشة أبنائها تعليما ورعاية صحية ومساندة بخدمات عامة وانخفضت فيها معدلات الفقر واختفت فيها حالات الفقر المدقع أو كادت، تفرغت للنصح وإملاء الشروط نحو الاستدامة بما يوافق أوضاعها ويتعارض فى الوقت ذاته مع تحديات وأولويات البلدان النامية. فنحت أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر جانبا باستثناء الهدف الثالث عشر المعنى بالعمل المناخى. وليتها تناولت هذا الهدف على استقامته وشموله فركزت فقط علة تخفيض الانبعاثات الضارة بالمناخ التى لا خلاف علميا وبديهيا على أهميتها ولكنها أهملت عمدا أو سهوا ضرورة توفير البديل للبلدان النامية الأقل إسهاما فى الانبعاثات الضارة بالمناخ من مصادر الطاقة المتجددة والجديدة من الشمس والرياح والهيدروجين الأخضر وما يحتاج إليه ذلك من استثمارات وتقنية متقدمة. كما أن هذه البلدان التى كادت أن تنفرد بصياغة أولويات العمل المناخى غضت الطرف عما سببته من أذى متراكم باستخدامها لتكنولوجيا ملوثة للبيئة ومهددة للمناخ وسلامة الأرض منذ الثورة الصناعية الأولى، فتجدها لا تعر الاهتمام المستحق فى مساندة ملف التكيف مع آثار ارتفاع سخونة درجة حرارة الأرض وما سببته الانبعاثات الضارة بالمناطق الساحلية وطبيعتها وبنيتها الأساسية وتكبدته قطاعات الزراعة والغذاء والمياه من تكاليف لحمايتها. ولا تلتفت كثيرا اللهم إلا بوعود وتعهدات لا تنجز للجزر الصغيرة المهددة وجوديا وما تتطلبه من موارد لحماية مقوماتها تنوء بها موازناتها العامة المتواضعة التى لو أنفقت مواردها بالكامل لما أوفت ببعض المطلوب من نفقات للعمل المناخى. وإذا استجابت البلدان النامية للنصح بمزيد من الاستدانة المكلفة من الأسواق الدولية للإنفاق على العمل المناخى فهى بذلك تستجيب لما يقوض قواعدها المالية ويحملها وأجيالها القادمة بما لا تحتمل وبما لا ينبغى إثقال كواهلها بها أصلا.
ثم إن البلدان المتقدمة إذا ذكرت بتعهداتها التى ألزمت بها نفسها ومنها المائة مليار دولار الشهيرة التى أعلن عنها فى قمة كوبنهاجن فى عام 2009 كحد أدنى سنوى تمنحه للبلدان النامية تجد الرد متهافتا عن أسباب عدم الوفاء بها. ففى أفضل التقديرات هو ما أعلن عنه قبل قمة جلاسجو من أن الرقم قد اقترب من 79 فى المائة من المبالغ المطلوبة فى العام الماضى وهو ما تختلف مع طرق تقديره مؤسسة «أوكسفام» التى ترى أن ما تم الوفاء به لا يتجاوز 20 فى المائة وأنه أكثر انحيازا للإنفاق على مجالات تخفيف الانبعاثات الضارة وأن جهود التكيف لا تحظى بالاهتمام المطلوب. كما تشير التقارير منها الصادر عن مؤسسة «أو دى أى» إلى أن 7 دول متقدمة فقط من إجمالى 23 هى التى أوفت بتعهداتها وهى السويد، وفرنسا، والنرويج، واليابان، وهولندا، والدنمارك وألمانيا، وأن الأربع الأولى منها فقط قد أعلنت التزاماتها حتى عام 2025. هذا علما بأن رقم المائة مليار دولار لا يمثل أكثر من 5 فى المائة من إجمالى الإنفاق المطلوب للعمل المناخى فى البلدان النامية.
هناك ضرورة لإعادة إدراج العمل المناخى فى إطار أهداف التنمية المستدامة المتفق عليها عالميا. ويحتاج العالم إلى إنهاء نهج الجزر المنعزلة فى التعاون الدولى الذى أضر بالتنمية المستدامة وأوضاع الفقر ولم يصلح من شأن العمل المناخى. واتباع نهج متكامل للتمويل بكل مصادره سيذكرنا بأن كل دولار ينفق على التكيف مع آثار تغير المناخ يولد ما بين دولارين وعشرة دولارات من المنافع الاقتصادية على النحو الذى يشير إليه تقرير حديث مشترك لمعهد «جرانثام» للبحوث. فللمناخ تأثيرات شديدة الإضرار بمستويات الفقر بتداعيات تدهوره على قطاعات الزراعة وأعمال الفلاحة والغذاء وقلة المياه والصحة ونزوح البشر اضطراريا. وفى المقابل، فالاستثمار فى التنمية فى مجالات تطوير رأس المال البشرى تعليما ورعاية صحية وفى البنية الأساسية والتكنولوجيا والتحول الرقمى وفى مجالات الاستدامة بتمتين المجتمع والاقتصاد والبيئة لها آثار متبادلة إيجابية تعضد بعضها. ويعزز هذا التوجه التوطين العملى للتنمية المستدامة لتشمل عموم الناس أينما كان سكناهم ومجالات تدبير معايشهم بداية، وليس انتهاء بالاستثمار فى تنمية القرى والمناطق الأكثر فقرا. فكما أن السماء لا تسقط ذهبا ولا فضة فإن النمو ليس له ثمار تتساقط عفوا على الأكثر فقرا. فليس هناك بديل للنمو الشامل للكافة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بما فيها هدفا القضاء على الفقر المدقع وحماية المناخ معا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.