حصلت «الشروق» على التفاصيل الكاملة فى قضية الرشوة المتهم فيها وكيل وزارة البترول عبدالرحمن عبدالعزيز رئيس مجلس إدارة جمعية إسكان العاملين بالهيئة العامة للبترول وعدد من مسئولى وزارة البترول ورجال الأعمال، وتبين أن المتهمين تلقوا رشاوى تجاوزت 40 مليون جنيه طيلة 4 سنوات دون أن تعلم عنهم الجهات الرقابية شيئا، وتلاعبوا فى مبالغ قيمتها 400 مليون جنيه. وأوضحت تحقيقات نيابة أمن الدولة أن رئيس الجمعية وبعض أعضاء مجلس إدارتها عرضوا على رجال الأعمال الذين يعتزمون بناء مشروعات سكنية فى الساحل الشمالى والإسماعيلية، تمويل عمليات بناء شقق سكنية وشاليهات وفيلات من أموال الجمعية بأسماء شركات المتهمين رجال الأعمال مقابل الحصول على رشوة 10 % من قيمة المشروع، بالإضافة إلى 5 % لسمسار توسط فى الصفقة. باشر التحقيقات شادى البرقوقى ومهدى شعيب وأحمد الطاهر رؤساء النيابة تحت إشراف طاهر الخولى المحامى العام وهشام بدوى المحامى العام الأول، وأحالهم المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام لمحكمة الجنايات وأجلت القضية إلى 14 مارس المقبل، وتجاوز مبلغ الرشوة عن الشقة الواحدة 50 ألف جنيه فى أكثر من 3 آلاف شقة وفيلا. وتضم قائمة المتهمين عادل سعيد عبدالسلام، ومرسى مصطفى مرسى، وعبدالحميد صلاح الدين، أعضاء مجلس إدارة جمعية إسكان العاملين بهيئة البترول، ورجل الأعمال محمد كامل علبة صاحب قرية ديمورا بالساحل الشمالى، وشريكيه محمد حسام أحمد ومراجع فايز، وإبراهيم محمود سليم صاحب مشروع «الروضة الخضراء»، وطلعت طاهر وعفت فوزى حنين وناجى عادل غالى ووليد نبيل بدروس بشارة وإبراهيم محمود على «أصحاب قرية بلاجيو السياحية». أضافت التحقيقات أن المتهمين رئيس الجمعية وأعضاء مجلس إدارتها توجهوا إلى المتهمين رجال الأعمال كامل علبة وشريكيه، وعرفوهم بأنفسهم، وأبلغوه أنهم يعملون بوزارة البترول، ويتحكمون فى جمعية الإسكان، ودورهم توفير الشقق والشاليهات والفيلات لقيادات ومهندسى وزارة البترول، وأنهم علموا بامتلاكه قطعة أرض بالكيلو 75 طريق الإسكندرية مطروح، وأنهم مستعدون لتمويل بناء شقق فاخرة بالقرية التى سيبنيها بسعر 2 مليون جنيه للشقة الواحدة، فأوضح لهم أنه لم يسجل الأرض محل البناء، فأكدوا له أنهم سيذللون كل العقبات أمامه، ووقعوا عقدا معه على شراء كامل الشقق بالقرية بمبلغ 280 مليون جنيه، على أن يحصلوا على رشاوى 10 % كعمولة يتقاضونها على دفعات مع دفع الجمعية لكل قسط. وقال المتهم رجل الأعمال مصطفى علبة فى اعترافاته: لدى بدئنا فى تنفيذ المشروع، اعترض الاتحاد التعاونى بوزارة البترول بصفته المشرف على نشاط جمعية الإسكان التى يترأسها المتهمون، وأبلغهم بضرورة إلغاء التعاقد لأنه لم يتم من خلال مناقصة. وأضاف: اجتمعت مع المتهمين من قيادات الجمعية لحل المشكلة، وهدانا تفكيرنا إلى إجراء مناقصة محدودة يتم فيها دعوة 3 شركات إحداها شركتى، على أن أختار الشركتين اللتين ستقومان بمنافسة شركتى فى العرض بشكل صورى، وبالفعل وقع اختيارى على شركتى مينا وكليوبترا، واتفقت مع مسئولى الشركتين على أن أضع بنفسى العروض المالية والفنية للشركتين، ثم اتفقت مع المتهمين بقيادات الجمعية على تفويضى فى وضع كراسة شروط المناقصة ثم أسلمها لهم حتى يوقعوا عليها ويضعوا عليها ختم الجمعية وكأنها صادرة عن الجمعية. وأوضح: تعمدت وضع كراسة الشروط بشكل يجعل المناقصة ترسو على شركتى وتنطبق عليها، وهو ما حدث فعلا، حيث أعد المتهمون بالجمعية تقرير البت الفنى وأثبتوا فيه على خلاف الحقيقة معاينتهم لمواقع وحدات الشركة المتقدمة واختيارها كأفضل العروض، ولكننا فوجئنا بالاتحاد التعاونى لوزارة البترول يعترض من جديد على السير قدما فى بناء وحدات المشروع، لأن الأرض غير مسجلة، ولم نستطع تسجيلها نظرا لأننى حصلت عليها بموجب حكم تحكيم صدر من محكمة عرفية طبقا لقانون التحكيم. وواصل: اجتمعت من جديد بالمتهمين من جمعية الإسكان، وقررنا حلا جديدا للالتفاف حول اعتراض الاتحاد التعاونى، وأبلغونى بأن لهم صديقا هو المتهم ياسر عباس مدير الأملاك بمدينة العلمين، ويستطيع حل المشكلة من خلال تأسيس اتحاد ملاك يخضع لمدينة العاملين، ونظرا لأن الأرض لا تقع فى نطاق مدينة العلمين، فقد قمنا بتزوير المستندات بحيث يكون نطاق نشاط الاتحاد من الكيلو 75 حتى الكيلو 115 مصر إسكندرية مطروح بنطاق مدينة العلمين، فى حين أن الأرض تقع فى الكيلو 75. وأضاف المتهم أنه لدى إتمام التعاقد، دفعت الجمعية مبلغ 42 مليون جنيه كدفعة قسط أول، وحصل المتهمون منه على رشوة قيمتها 6 ملايين جنيه. واوضح أنه اصطحب المتهمين عادل سعيد سكرتير الجمعية إلى مقر شركة لتسليمه مبلغ الرشوة ومعه المتهم السادس عشر هشام أحمد والمتهم السابع عشر مبروك عمر بموجب شيكين مسحوبين على بنك بى إن باريبا، وقال إنه استمر فى الحصول على أقساط من جمعية الإسكان ودفع جزء منها كمبالغ للرشوة، واستمر هذا الوضع لمدة 3 سنوات. وقال المقدم محمود حنفى ضابط الرقابة الإدارية إنه علم بأن المتهمين سيلقتون فى مقر شركة المتهم رجل الأعمال مصطفى كامل علبة بشارع محيى الدين أبو العز بالدقى، فاصطحب عددا من زملائه الضباط والسيارات المجهزة فنيا ومعهم كاميرات تصوير، وأعدوا كمينا أمام مقر الشركة، حتى وصل المتهمون من قيادت جمعية الإسكان، فتم تصويرهم أثناء دخول الشركة، ومكثوا بالداخل لمدة ساعة، ثم خرجوا منها، فتم تصويرهم، وبالقبض عليهم وتفتيشهم أمام الكاميرات عثر فى ملابسهم على شيكات بنكية من المتهمين رجال الأعمال، فتم تفتيش مقر الشركة والقبض على أصحابها واعترفوا بجريمتهم. كما اعترف المتهم رجل الأعمال محمد حسام بواقعة رشوة جديدة خلال عملية إجراء المناقصة الصورية بشأن قرية ديمورا، حيث قال: كانت الأمور تسير بشكل طبيعى، إلا أننا فوجئنا برفض المتهم إبراهيم عباس مهندس مشروعات بمدينة النجيلة حضور المناقصة إلا بعد الحصول على نصيبه من مبالغ الرشوة، وطلب منه 7 آلاف جنيه مقابل حضوره جلسات الممارسة والتوقيع على محاضرها، فسلمته ألفى جنيه مقدم مبلغ الرشوة، وبعد المناقصة سلمته مبلغ 5 آلاف جنيه أخرى. كما اعترف أيضا المتهم مراجع فايز، وهو شريك فى قرية ديمورا، بأنه بعد الانتهاء من إجراءات التصديق على عقد تأسيس اتحاد ملاك العاملين بقطاع البترول بمكتب توثيق برج العرب ولصعوبة قيده العقد بالوحدة المحلية بمدينة الحمام فقد حصل المتهم الخامس ياسر عباس مدير إدارة الأملاك على مبلغ 10 آلاف جنيه مقابل اتخاذ إجراءات القيد بالوحدة المحلية تحت رقم 163. وأضاف بأن المتهم نفسه زور عقد تأسيس الاتحاد حيث قام بتغير مقر الاتحاد المذكور إلى الكيلو 115.5 طريق الساحل الشمالى حتى يتثنى له قيده بالوحدة المحلية. كما اعترف فى التحقيقات المتهم إبراهيم الزقلة صاحب مشروع «الروضة الخضراء» بطريق القاهرةالإسماعيلية الصحراوى. بانه أبرم عام 2006 اتفاقا مع المتهمين هشام أحمد فهمى، ومبروك عمر «سمسارين» على تسويق وحدات مشروع الروضة الخضراء مقابل حصولهما على عمولة 2 % من قيمة الإجمالية للبيع، فتوجها إلى المتهمين بجمعية الإسكان، فوافقوا على شراء 970 قطعة أرض بمبلغ 80 مليون جنيه، على أن يحصلا على رشوة 3 % كعمولة من إجمالى الثمن يتم سدادها على 3 سنوات. وأضاف: أبرمت عقود الشراء مع المتهمين قيادات الجمعية وحررت لهم عدة شيكات مسحوبة على البنك الأهلى بقيمة 4 ملايين حنيه كمقدم تعاقد، ثم انتظمت فى دفع الأقساط، وكان المتهمون قيادات الجمعية يحصلون بانتظام على نسبتهم فى المبالغ باعتبارها رشوة. كما اعترف المتهمون طلعت محمد طاهر، وعفت فوزى حنين وناجى عادل، ووليد نبيل بدروس، وإبراهيم محمود مالكى قرية بلاجيو السياحية قيمتها «180 مليون جنيه» بالعين السخنة، بأنهما تعرفا على المتهمين بجمعية الإسكان من خلال سماسرة الأراضى، وتقابلوا معهم، وطلبوا منهم شراء كل فيلات بقرية مقابل الحصول على عمولة 8 % من قيمة الوحدات المبيعة. وأضاف المتهمون أن الجمعية التعاونية للبناء والإسكان بالهيئة العامة للبترول اشترت 913 وحدة سكنية بمشروع قرية «بلاجيو السياحية» بلغ قيمتها مبلغ 180 مليون جنيه سدد منها مبلغ 103 ملايين جنيه. وأضاف أن إجمالى مبلغ الرشوة بلغ 14 مليون جنيه، فضلا عن حصول السماسرة على عمولة قدرها 8 ملايين جنيه بموجب شيك وأذونات صرف ووقعا عليها بما يفيد تسلمها تلك المبالغ.