المكتبة تكلَّف بناؤها 10 ملايين جنيه إسترلينى.. وستتخصص فى أدب أمريكا اللاتينية.. وستضم مجموعة من ألف وثيقة ذات صلة بذلك العالم الثرى من الأدب المدينة كانت محط عشق لأدباء كثيرين من بينهم جابرييل ماركيز وفرجاس يوسا وآخرين وصفها «ماركيز» ب «المدينة التى استطاع التنفس بها» وتحدث فراجاس يوسا عن روعة المشى فى شوارعها ليلا صوب الميناء القديم الوكيلة الأدبية كارمن بالثيس أقنعت «جابو» (ماركيز) بالانتقال للمدينة بسبب إدراكها المبكر للطفرة التى يمكن أن يحدثها فى إثراء الواقع الثقافى فى أمريكا اللاتينية المدينة كانت بمثابة متنفس للأدباء الفارين من فاشية فرانشيسكو فرانكو.. والواقعية السحرية ساعدت «ماركيز» على عدم الإيقاع به فى يد السلطات الإسبانية كتبت منى غنيم: قرر مجلس مدينة برشلونة افتتاح مكتبة جديدة الشهر المقبل فى منطقة الطبقة العاملة فى سانت مارتى دى بروفنسال تحمل اسم عملاق الأدب الكولومبى الراحل، جابرييل جارسيا ماركيز، تكريما للأديب الحائز على جائزة نوبل فى الأدب، وقد تكلف بناء المكتبة نحو 12 مليون يورو، أى ما يعادل 10 ملايين جنيه إسترلينى. وقال كبير أمناء المكتبات فى برشلونة، نيوس كاستيلانو: «كانت خطة المكتبة الجديدة قيد التنفيذ عندما توفى جارسيا ماركيز عام 2014، لذلك تقرر تسميتها تكريما له لأنه والعديد من المؤلفين الآخرين من أمريكا اللاتينية كانت تربطهم علاقة وثيقة بالمدينة»، وأضاف: «لقد سلطوا الضوء فى أعمالهم الأدبية على الدور الذى لعبته برشلونة فى أدب أمريكا اللاتينية». وقد عاش «ماركيز» فى برشلونة من عام 1967 إلى عام 1975، وذلك بعد وقت قصير من نشر روايته الرائدة فى أدب الواقعية السحرية فى العالم «مائة عام من العزلة». وقد ذكر «ماركيز» أنه عرف الكثير عن المدينة من خلال صديقه رامون فينييس، وهو كاتب كاتالونى وبائع كتب يعيش فى كولومبيا، والذى كان بمثابة نموذج ل «الكاتالونى الحكيم» فى «مائة عام من العزلة»، ولكن من استطاع إقناع «ماركيز» أو «جابو» كما كان ينعته أصدقاؤه حقا بالانتقال للمدينة كانت الوكيلة الأدبية فى برشلونة كارمن بالثيس، وذلك بسبب إدراكها المبكر للطفرة التى يمكن أن يحدثها أدباء من طراز «ماركيز» فى إثراء الواقع الثقافى فى أمريكا اللاتينية. وقد استمرت «بالثيس» فى العمل كوكيلة أدبية لماركيز حتى وفاته، بالإضافة إلى تمثيل شخصيات بارزة أخرى فى الوسط الثقافى الإسبانى على غرار: خوليو كورتازار، وماريو فارجاس يوسا، وكارلوس فوينتيس، وبابلو نيرودا. وقال «كاستيلانو»: «لقد أطلقوا على كارمن بالثيس اسم ماما »؛ لأنها لم تساعدهم فقط فى كتابتهم ولكن فى إيجاد مكان للعيش فيه أو مدارس لأطفالهم، وكانت حقا بمثابة الأم بالنسبة لهم، نقلا عن صحيفة «الجارديان» البريطانية. كما ذكر الصحفى اللاتينى، خافى آيين، فى كتابه الذى وثق فيه تلك الفترة من حياة «ماركيز» فى برشلونة بعنوان Aquellos Años del Boom (سنوات الازدهار تلك)، موقفا لطيفا عن «بالثيس»؛ فروى أنه حين سُئل «جابو» ذات مرة عما يريده فى عيد ميلاده، أجاب مازحا «ثلاثة آلاف دولار»، وبالفعل أرسلت له «بالثيس» بعد ذلك 3000 دولار فى عيد ميلاده لبقية حياته. وعن عشقه للمدينة، تحدث كاتب برشلونى آخر يُدعى فارجاس يوسا، وهو على غرار «ماركيز» حائز على جائزة نوبل فى الأدب، فوصف روعة النزول فى الميناء القديم، عند سفح شارع لا رامبلا الشهير فى المدينة، برفقة زوجته جوليا، والتى هى فى نفس الوقت عمته، والتى أثار زواجه منها عاصفة من السخط والجدل حينذاك حتى إن الكاتب وثقها فى روايته التى حملت اسم «العمة جوليا والسيناريو». وقال «فرجاس» إنه اعتاد على المشى فى شوارع المدينة ليلا، ممسكا بكتاب «الحنين إلى كتالونيا» للكاتب العملاق جورج أورويل الأثير إلى قلبه. ومن الطريف أن كلا من جارسيا ماركيز وفارجاس يوسا كانا جارين وصديقين لفترة وجيزة، حتى نشب بينهما خلاف ما فلكم يوسا جارسيا ماركيز فى وجهه وكان الأخير فخورا جدا بعينه السوداء لدرجة أنه حرص على تصويرها. وقد تحدث «ماركيز» فى أكثر من مناسبة عن عشقة لمدينة برشلونة؛ فقال ذات مرة بأنها «مدينة أستطيع أن أتنفس فيها»، لا سيما مع كون إسبانيا آنذاك دكتاتورية مثلها مثل العديد من البلدان التى تركها هو وزملاؤه من الكُتاب. وقد أشار «آيين» إلى أنهم وصلوا إلى عالم برشلونة الأدبى الذى كان معارضا تماما لنظام فرانسيسكو فرانكو الدكتاتور الإسبانى الذى قاد بلاده إلى حرب أهلية، وبسبب نشاطه السياسى، واجه فارجاس يوسا مشاكل لا تنتهى مع الرقابة واضطر إلى إجراء تغييرات على روايته La Ciudad y los Perros (زمن البطل) بسبب الطريقة التى صور بها شخصيات السلطة. وأردف: «كانت هناك العديد من الأسباب لفرض الرقابة على جارسيا ماركيز، ولكن بسبب الواقعية السحرية التى كان يستعملها فى كتاباته، لم تتمكن السلطات من الإيقاع به أو بتوجيه تهمة حقيقية له». وقد تقرر وضع المكتبة الجديدة التى تحمل اسمه فى مبنى مؤطر بالخشب تبلغ مساحته 4000 متر مربع تم تشييده لهذا الغرض وقد تم منحه شهادة LEED الذهبية، كما ذكر المسئولون أنها ستتخصص فى أدب أمريكا اللاتينية، وستضم مجموعة من 40 ألف وثيقة ذات صلة بذلك العالم الثرى من الأدب.