الزيادة المتوقعة الكبيرة تستهدف ضبط مستويات التضخم المستقبيلية والحفاظ على تنافسية سوق الدين المحلي توقعت شركة الأهلي-فاروس، أن يرفع البنك المركزي في اجتماع لجنة السياسات النقدية، الخميس المقبل، سعر الفائدة بما لا يقل عن 150 نقطة أساس، في ضوء زيادة وتيرة الضغوط على الصعيد العالمي على مستويات التضخم، وفق تقرير البنك الذي تلقت "الشروق" نسخة منه اليوم. ويضع البنك عدة أسباب للارتفاع المتوقع لسعر الفائدة من قبله وهي كالتالي: أولا – معدل التضخم قريب من الحد الأعلى لمستويات التضخم المستهدفة: ارتفع معدل التضخم السنوي في الحضر إلى 8.8% في شهر فبراير 2022 مقارنة مع 7.2% في يناير الماضي، ليقترب بذلك إلى الحد العلوي المستهدف من البنك المركزي المصري في الربع الرابع 2022. أما معدل التضخم على مستوى الجهورية، فقد كسر الحدود المستهدفة بعدما وصل إلى 10% على أساس سنوي. والأهم من ذلك في هذا السياق أن معدل التضخم الأساسي مؤشر على الضغوط المستمرة التي نواجهها اقتصاديًا، حيث ارتفع للشهر السادس على التوالي إلى 7.3% في فبراير، وهو المعدل الأعلى في 33 شهرًا. وعلى أساس شهري، تسارعت وتيرة التضخم الأساسي إلى 1.2%، وهو أيضًا الأعلى طوال هذه الفترة إذا استبعدنا أرقام شهر أكتوبر من كل عام والمتأثرة بالزيادة الموسمية في بند أسعار خدمات التعليم. ثانيًا – الأمر ليس متعلقًا فقط بقراءات التضخم المسجلة، ولكن بالنظرة المستقبلية أيضًا: ما يهمنا أكثر في هذا المشهد النظرة المستقبلية لأرقام التضخم. عادة لا تتأثر قرارات المركزي المصري بالارتفاعات العارضة في أرقام التضخم التي قد تحدث في شهر ما، بشرط أن تكون النظرة المستقبلية لقراءات التضخم مستقرة. حاليًا، المعطيات العالمية المعاكسة بدأت تلقي بظلال سلبية غير مواتية، وهو ما يتضح من خلال آثار ارتفاع أسعار السلع الأساسية عالميًا على الأسواق المحلية. في ظل اقتراب شهر رمضان، وما سيتبعه من بعض الإجراءات المتعلقة بالسياسة المالية وبدء العمل بالموازنة الجديدة بداية من منتصف العام الحالي، ليس من المتوقع أن تهدأ وتيرة التضخم عما قريب. ثالثًا – سواء أطلقنا عليه تضخم ناشئ عن ارتفاع التكاليف أو صدمات العرض، يجب ألا يغيب عن أذهاننا تأثير الجولة الثانية: نُقر بأن موجة التضخم الحالية ناشئة في الغالب عن صدمة ارتفاع أسعار السلع الأساسية، التي من المحتمل أن تهدأ مع مرور الوقت بتلاشي المخاوف، وأنها لم تنتج عن زيادة الطلب أو ارتفاع مستويات السيولة. إلا اننا نشير كذلك إلى أن موجات التضخم الناشئة عن مثل هذه الصدمات قد ترفع توقعات التضخم في الأسواق. فعندما تسجل الشركات/الأفراد ارتفاع معدلات التضخم مع توقع تسارع وتيرته، تحين لحظة إعادة مراجعة أسعار البضائع والأجور وفقًا لذلك. وهنا، قد يفضل المركزي المصري أن يستعين بأدواته لفرض سيطرته على مشهد التضخم، وليمنع احتمالية ارتفاعه عن الحدود المستهدفة. رابعًا – وفقًا لتصريحات البنك المركزي نفسه، لا تحبذ لجنة السياسة النقدية أسعار فائدة سالبة: "يؤكد البنك المركزى على أن أسعار الفائدة الحقيقية السالبة لا تتسق والجهود المبذولة لخفض معدلات التضخم". هذا هو تصريح المركزي نصاً فيما يخص أهداف وهيكل السياسة النقدية الخاصة به. فخلال الأشهر القادمة وإذا حافظنا على أسعار الفائدة الحالية دون تغيير، نتوقع أن تنخفض معدلات الفائدة الحقيقية إلى المنطقة السالبة. من ثم، نتوفع أن ترفع لجنة السياسة النقدية أسعار الفائدة الأساسية بواقع 150 نقطة أساس لانتشال معدل الفائدة الحقيقي إلى المعدلات الموجبة مجدداً. خامسًا – معدلات النمو تدعم قرار رفع أسعار الفائدة: الأرقام الأولية تشير إلى ارتفاع كبير في معدلات النمو خلال النصف الأول من السنة المالية 2021 – 2022 (+9%)، مما يعني إمكانية رفع الفائدة دون قلق كبير، على الأقل على معدلات النمو. سادسا – من الصعب أن تقف مكتوف الأيدي وحولك أوضاع مضطربة: في أثناء تحريرنا لهذا التقرير، قرر الفيدرالي الأمريكي رفع أسعار الفائدة بواقع 0.25% كما كان متوقعًا. ومن المتوقع أن لا يكون هذا الرفع الأخير خلال العام الراهن. إضافة إلى ذلك، أقدمت ثلاثون دولة تقريباً على رفع أسعار الفائدة منذ بداية 2022، بما في ذلك العديد من الأسواق الناشئة. وهو الأمر الذي يرفع من تكلفة البقاء على أسعار الفائدة في مصر دون تغير، ونخص بالذكر أثر ذلك على تنافسية سوق الدين المحلي. سابعًا – السياق في مصر من الأفضل له "خفض متدرج" و"زيادة كبيرة دفعة واحدة": بالحديث عن تنافسية أسواق الدين، من الأفضل لمصر أن ترفع أسعار الفائدة بوتيرة أسرع بكثير من خفضها، حيث إن الخفض التدريجي يشجع المستثمرين الأجانب على ضخ مزيد من الاستثمارات في أدوات الخزانة لأن مزيد من الخفض متوقع مع مرور الوقت. أما الزيادة التدريجية، تأتي بمردود عكسي، نظرًا لحالة التردد التي تصيب قرار المستثمر إما بالدخول في هذا السوق الآن أو انتظار أعلى عائد ممكن تحقيقه. وإذا فكرنا بهذا الأسلوب سنجد أن رفع الفائدة بوتيرة متدرجة ليس فعالاً عند محاولة جذب رؤوس الأموال الساخنة. في ضوء ما تقدم، قد يميل البنك المركزي المصري إلى رفع أسعار الفائدة في اجتماعه المقبل. ولن يأتي قرار صانع السياسة النقدية مدفوعًا بمعطيات التضخم ونظرته المستقبلية فقط، بل سيدخل في الاعتبار أيضًا التأثيرات السلبية العالمية، فضلا عن سرعة وتيرة التشديد النقدي العالمي حاليًا، والتي قد تتطلب من المركزي المصري أن يتحرك سريعًا. من ثم، نتوقع أن يرفع المركزي المصري أسعار الفائدة ارتفاعًا كبيرة بواقع 150 نقطة أساس في اجتماع الخميس المقبل، في محاولة لضبط مستويات التضخم المستقبيلية والحفاظ على تنافسية سوق الدين المحلي.