- بوتين يشعر بضعف أوروبا والولاياتالمتحدة.. وكان على يقين من عدم تدخل أمريكا عسكريا بعد حرب أفغانستان - روسيا بالغت في تخوفها من الناتو.. والمشكلة أن كل طرف منح نفسه الحق في تأمين المساحة حوله - بوتين أخبر الرئيس السيسي في 2014 أن الغرب «أهان» روسيا ويجب استعادة هيبتها - النظام الدولي المعاصر لا يزال قائمًا على نظريات الحرب العالمية الثانية - العلاقات المصرية مع أمريكا تطورت عن فترة «مبارك».. الآن ينظروا لنا كدولة «تقف على قدميها» - أمريكاوروسيا كلاهما كانتا ضد ثورتا 25 يناير و30 يونيو - مصر التزمت بالدفاع عن القضية الفلسطينية حتى بعد السلام مع إسرائيل - الحفاظ على وزن الدولة يكون بدعم استقلالها بعيدًا عن أي طرف - العالم العربي يخطئ دائما بالاعتماد على الأخر بشكل أكبر من المطلوب - السعودية رفعت شعار «المساس بمصر مساس بالمملكة» عقب ثورة 30 يونيو بينما تشتد الأزمات في العالم، وتتأجج الصراعات، وتلقي بظلالها على دول العالم كافة في مختلف المجالات؛ تزيد الحاجة للصوت الدبلوماسي الذي طالما شاهد الكواليس وقرأ المشهد واستشعر إلى أين تسير الأمور.. وفي هذا الصدد كان لحديث السفير نبيل فهمي في كتابه الصادر عن دار الشروق «في قلب الأحداث» من ترجمة وتحرير الكاتب الصحفي أشرف البربري مدير تحرير جريدة الشروق، أهمية كبرى.
حَلّ السفير نبيل فهمي وزير الخارجية السابق، ضيفًا على الإعلامي شريف عامر في برنامج «يحدث في مصر» المذاع عبر شاشة «إم بي سي مصر»، مساء الخميس، في حوار استهلّه بالحديث عن الأزمة الروسية-الأوكرانية، وتطرق إلى الدور المصري في المنطقة، والعلاقات المصرية بدول العالم الغربي في ظل الصراع القائم حاليا، ولم يخل حديثه من روايات عاصرها في رحلته الدبلوماسية كسفير لمصر بواشنطن من 1999 حتى 2008، ثم وزيرًا للخارجية من يوليو 2013 حتى يونيو 2014. بدأ «فهمي» حديثه بالتعليق على الأزمة الروسية-الأمريكية، قائلا إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يشعر بضعف أوروبا والولاياتالمتحدة؛ بالتزامن مع إطلاق العملية العسكرية على أوكرانيا، معتبرًا أن موسكو كانت لديها قناعة بأن أمريكا لن تتدخل عسكريا بعد تجربتها في أفغانستان. وذكر أن هناك مبالغة في رد الفعل الغربي والروسي كلاهما على حد سواء، بشأن خطوات توسع حلف شمال الأطلسي (الناتو) شرقًا، مضيفا: «الطرفان بالغا في رد فعلهما، فهذا الأمر هو لُب الخلاف مع روسيا، التي بالغت أيضًا في تخوفها ووصلت إلى غزو أوكرانيا». وأضاف «فهمي»، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يُجبر على الحرب لكنّه تغير، بعدما كان قد صرّح مسبقًا بأنه لن يدخل في صدام عنيف مع الغرب، متابعًا: «المشكلة أن كل طرف أعطى نفسه حق تحديد المساحة التي يتحرك فيها.. بوتين قرر أن يستعيد مكانته خاصة وأن الاقتصاد الروسي يوازي اقتصاد دولة أوروبية متوسطة ومن ثم فهو يعي ذلك». واستشهد بلقاء عام 2014 جمع بين الرئيس الروسي ووزير الدفاع المصري -آنذاك- المشير عبدالفتاح السيسي، والذي كان في كواليسه انتقاد روسي لسياسات الغرب مع موسكو والتي وصلت إلى مرحلة الإهانة، موضحًا: «بوتين قال للرئيس السيسي إن الغرب تعمد إهانة روسيا، وأكد أنه سيستعيد هيبة دولته ولكن دون الدخول في حرب». وأشار إلى أن انهيار الاتحاد السوفيتي كان اقتصاديًّا قبل أن يكون عسكريًّا، متابعًا: «ما حدث هو غرور القوة.. الغرب كان لديه غرور أن الاتحاد السوفيتي ينهار فبدأ يتجه شرقًا بمعدلات مبالغ فيها وبوتين نفسه بدأ يشعر أن الغرب ضعيف». وفي سياق متصل، قال الدبلوماسي المصري، إن النظام الدولي المعاصر لا يزال قائمًا على نظريات الحرب العالمية الثانية أو ما بعدها، وذلك عبر الصراع بين دول كبرى، وتمسٌّك كل طرف بمساحة حوله تكون مؤمَّنة لا يمسها أحد، موضحًا أن الولاياتالمتحدة أول من سارع لهذا الأمر عام 1823 عندما منعت ظهور أي صوت اشتراكي أو تمركز عسكري، في الأمريكيتين. وفيما يتعلق بالدور المصري في المنطقة بعد الأزمة الروسية-الأوكرانية، أوضح أن القاهرة هي العمود الفقري لمنطقة الشرق الأوسط؛ لذلك ستواصل الدفاع عن الحق في القضايا المختلفة حتى تحافظ على دورها الريادي في المنطقة؛ خاصة وأن العلاقات المصرية-الأمريكية مهمة لكنها لا تصل إلى درجة الشراكة. وأشار «فهمي»، إلى تطور العلاقات مع الولاياتالمتحدةالأمريكية مؤخرا، على خلاف فترة الرئيس الراحل محمد حسني مبارك، مستكملا: «الجانب الأمريكي يرى مصر دولة لها رأي سواء اتفق أو اختلف معها، وبالتالي يجب أن يعطيها حقها من الاهتمام حتى يستطيع التعامل معها؛ الآن باتت النظرة الأمريكية لمصر كدولة تقف على أقدامها». وذكر وزير الخارجية السابق، أن الأحداث الكبرى التي وقعت في المنطقة لم تكن على هوى الولاياتالمتحدة أو روسيا، مثل: «حرب أكتوبر - غزو الكويت - ثورتي 25 يناير و30 يونيو». وعن ملف القضية الفلسطينية، أكد أن مصر التزمت بالدفاع عن القضية حتى بعد السلام مع الجانب الإسرائيلي، وذلك رغم التهديدات والضغوط الأمريكية، متابعًا: «الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات قال لي إنه دائما يتمنى التمثيل المصري في المفاوضات لأننا لا نمتلك أجندة». وتطرق للحديث عن تحرير الكويت، قائلًا: «الاحتلال كان من دولة عربية (العراق).. كان من الممكن لمصر أن تعلن أنها تتخذ موقفًا محايدًا لكن ذلك كان مستحيلًا لأن مصر هي العمود الفقري للمنطقة ومن ثم تعمل على الدفاع عن إمكانيات المنطقة». وشدد أنّ أساس حماية المنطقة هو العدل في ظل القانون، منوهًا بأنه حال تجاهل ذلك فإن المنطقة تتعرض للتفتت ومن ثم تضعف قوة الدولة؛ لذلك تتميز مصر عالميًا أن ما يحدث بها يؤثر على المنطقة ككل، ويؤكد قدرتها على تغيير وجه المنطقة. واستكمل أن الحفاظ على وزن الدولة يكون بدعم استقلالها بعيدًا عن أي طرف، منوهًا بأن العالم العربي يخطئ دائما بالاعتماد على الأخر بشكل أكبر من المطلوب، مستكملا: «الاستناد على أحد (دولة) أمر خاطئ.. يمكن الاستفادة من الشرق والغرب لكن حتمًا يجب الاستفادة منها مرحليًّا لعدم الحاجة إلى الآخرين لتكون هناك خيارات عديدة متاحة». وبرهن على حديثه، بتسليط الضوء على الموقف السعودي الداعم لمصر بعد ثورة 30 يونيو، ذاكرًا أنهم رفعوا شعار: «المساس بمصر مساس بالمملكة» دون أي طلب مصري، بل وزاد عن ذلك جولات وزير الخارجية السعودي الراحل الأمري سعود الفيصل للخارج، مضيفًا: «حدث بيننا اتصال هاتفي وعرض عليّ مرافقته في جولته الخارجية، ولكني قلت له أنا مطمئن لما ستفعل وتقول، ولكني أريد أن تكون البداية من الخرطوم ثم فلسطين». وذلك لم يكن اتفاقا مصريا-سعوديا كاملا، هذا ما كشف عنه وزير الخارجية السابق، قائلا: «اختلفنا معهم بسبب التدخل الأمريكي في سوريا.. ولكن الأمير سعود الفيصل أولى اهتماما بصورة مصر في الخارج، وقال للرئيس عدلي منصور (إحنا مش في ضهركم.. إحنا أمامكم)، ثم اتفقنا على صيغة مشتركة نتحدث بها أمام الجامعة العربية في ملف سوريا». وقال إن أحداث الجزائر في الثمانينات خلّفت قناعة لدى الولاياتالمتحدة بأن التيار السياسي الإسلامي قوي وينمو، وتأكدت أن القضاء على هذا الفكر بات مستحيلا بعد أحداث 11 سبتمبر، مضيفًا: «السفيرة الأمريكية في القاهرة آن باترسون، كانت على قناعة بأن الإسلام السياسي سيغلب على النظم السياسية في العالم العربي، ولا أعلم من وراء هذا التيار لكن من المؤكد أن أمريكا بالغت في تأييدهم».