مكرم رباح: بايدن لم يحترم تعهداته بالدفاع عن أوكرانيا نبيل عبد الفتاح: الرئيس الأوكراني يجني نتائج "مقامراته" وخطواته غير المدروسة صادق إسماعيل: أوكرانيا ليست عضوا بالناتو لتتحرك قوات لحمايتها شقت أصوات طلقات المدافع والطائرات الروسية سكون الليل في أوكرانيا لتبدأ عملية عسكرية داخل الأراضي الأوكرانية، في الساعات الأولى من صباح أمس، بعد أسابيع من التحذيرات بوقوع هذا غزو روسي. قرار غزو أوكرانيا دعمه قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالاعتراف بإقليمين انفصاليين من الشرق الأوكراني، واستخدمهما كقاعدة لبداية الهجوم، بحسب حرس الحدود الأوكراني. وتمددت العملية العسكرية من الأطراف الحدودية للعاصمة كييف؛ مستهدفة مراكز عسكرية حساسة من بينها مبنى المخابرات، بحسب ما نشرت شبكة "رويترز" وعلى مدى أسابيع مضت، كان التحذير الأمريكي والأوربي لروسيا من القيام بأي عمل عسكري، وتوعدت برد فعل غاية القسوة. ومع بداية الهجمات الروسية، ألقى الرئيس الأمريكي بايدن خطابا، جاء في مضمونه أن الولاياتالمتحدة وحلفاءها وشركاءها سيردون بطريقة موحدة وحاسمة.. العالم سيحاسب روسيا. وشدد بايدن على مبدأ العقوبات التي ستفرض على روسيا بأنها ستكون سقف المحاسبة، مؤكدا أن بلاده لن ترسل قوات عسكرية لمحاربة روسيا. جاءت كلمات القادة الأوروبيين في فرنسا وبريطانيا وألمانيا متماشية مع النهج الأمريكي"، ومن المنتظر أن تعقد قمة لقادة الناتو؛ لتحديد استراتيجة لإدارة الأزمة الجارية. ولم تكن تلك التحركات الغربية مرضية للرئيس الأوكراني، والذي قال في خطاب، اليوم الجمعة: "هذا الصباح ندافع عن بلدنا بمفردنا، كما فعلنا بالأمس.. وتراقب أقوى قوى العالم من بعيد، هل أقنعت عقوبات الأمس روسيا؟.. نسمع في سمائنا ونرى على أرضنا أن هذا لا يكفي، بحسب وكالة أنباء "يوكرين فورم" الأوكرانية. ومع شرارة الحرب، باتت الأعين تتابع التطورات المتوالية، وانشغلت العقول والأذهان في تحليل ما يجري واستشراف ما هو آت في المستقبل. قال الدكتور مكرم رباح، المحلل السياسي والأستاذ بالجامعة الأمريكية ببيروت: أعتقد أن الرئيس الأوكراني كان يعي تماما، بأن الغرب لن يعى إلا نجدته، وأن الغرب كان يريد أن يورط بوتين بتلك الحرب، وأن يجره لحرب استنزافه عسكريا واقتصاديا؛ لذا لم يكن الرهان الأوكراني على الغرب بمحله، واتضحت الأمور بأنها فقط كانت "حرب كلمات سياسية". وعن سؤاله بأن" العملية العسكرية الروسية" كانت مباغتة، وأن لقناعة الغربية كانت تعتبر أن بوتين يهدد دون أن يفعل، أوضح ل"الشروق" بأن عادة الأنظمة الديكاتورية مثل النظام الروسي، لا تتردد في استخدام القوة العسكرية، وأن التوقعات الغربية كانت تقدر ذلك، وكانت من جهتها تزيد من شحنه واستفزازه عبر إرسال الأسلحة لأوكرانيا، لكن بايدن لم يحترم تعهداته بالدفاع عن أوكرانيا. وقال الدكتور نبيل عبد الفتاح، مستشار مركز الأهرام للدراسات الساسية ل"الشروق"، أن تلويح الرئيس الأوكراني بالانضمام للناتو، كانت مناورة غير مدروسة ومقامرة خاسرة؛ترتب عليها آثار بالغة السلبية على حكمه واستقراره، ومن أهم تلك النتائج العملية خسارته إقليمي (دونستيك ولوجانستك) بما لهما من أهمية جيوسياسة. وعن رد الفعل الأمريكي، قال عبد الفتاح، بأن الرئيس بايدن يعلم تماما خطورة المقامرة بدخول حرب غير مضمونة النتائج وخسارتها ستكون كبيرة؛ ما يصعبّ من موقفه الداخلي من ضغوط داخل الكونجرس وبالأخص من الحزب الجمهوري؛ لذا قراره بإكمال "السياسية العقابية" ضد روسيا مناسب وسيكون له بعض التأثير. ويتابع، أن العقوبات كان هدفها هي إثناء الرئيس بوتين عن قرار الحرب؛ لكنه خطط جيدا ورسم حساباته الدقيقة، لخوض العملية العسكرية، وستظهر مداها مع الأيام المقبلة؛ فمن الممكن أن نعتبر الهدف منها فقط هدفها اللجوء للتفاوض وتحييد أوكرانيا، لأحداث توزانات جديدة بالمنطقة، أو تتوسع لمستوى الحرب الشاملة، وحينها ستتكون النتائج كبيرة، وستصل لتغيير النظام العالمي الأحادي القطبية (سيطرة أمريكية) وسنكون بصدد توازنات جديدة تضم روسيا والصين. وذكر الدكتور محمد صادق إسماعيل، رئيس المركز العربي للدراسات السياسية، أن اعتبار رد الفعل الأمريكي والغربي (عدم تدخل الناتو عسكريا) تخل أو خذلان غير دقيق، فالحالة الأوكرانية بالغة التعقيد، وبها الكثير من التفاصيل؛ فهي ليست عضوا بالناتو، وبعض الدول ترفض قبولها عضوا بالحلف، فالحرب بالمعنى الكامل ضد روسيا دفاع عن الأراضي الأوكرانية، وكان الرئيس الأوكراني يعول على دور أكبر. ويضيف بخصوص السيناريوهات المقبلة، ل"الشروق" بأن الفترة المقبلة ستشهد حشدا للتهدئة من أطراف عديدة من الأممالمتحدة والقوى الأوربية وعلى رأسها فرنسا. ويعتقد إسماعيل، أن المسار التفاوضي سيكون بصالح الرئيس الروسي بوتين، فبذلك تكون خطته التي رسمها تسير بشكل جيد، ويحصل على مكاسب من أهمها فصل الإقليمين وإنهاء حالة التهديد الغربي لحدوده. بينما يعتبر الدكتور مكرم ربّاح، أن الحديث عن التفاوض في الوقت الراهن مستبعد بالنسبة للرئيس بوتين، فلابد أن ننتظر أولا وقف الاشتباكات العسكرية والتي من الممكن أن يطول وقتها.