س: هل تم تهريب سلاح ومفرقعات ومواد متفجرة إلى مصر عبر الأنفاق أم لا؟ ج: هذا ادعاء أمنى لم يثبت، ولم يثر فى أى وقت خلال اللقاءات التى تمت فى القاهرة بين ممثلى حماس وبين مسئولى المخابرات العامة المصرية التى تدير الملف. الشىء الوحيد الذى ثبت أن الأنفاق استخدمت فى تلبية احتياجات قطاع غزة المعيشية، وقوات الأمن المصرية التى تلاحق المهربين عبر الأنفاق لم تضبط سلاحا فى أى مرة. وأحدث خبر فى هذا السياق نشرته صحيفة «الشروق» على صفحتها الأولى يوم 13/1، وتحدث عن ضبط مواد غذائية وأقمشة فى مدينة «الشيخ زويد» كانت معدة للتهريب عبر رفح، كما تحدث عن ضبط مائة طن من الأسمنت بإحدى المزارع فى رفح قبل تهريبها عبر الأنفاق للاستعانة بها فى ترميم البنايات المدمرة. س: هل تم بناء شبكات من المتعاونين المصريين الذين لا يحترمون القوانين المصرية للتعامل مع هذه الأنفاق أم لا؟ ج: هذا أيضا ادعاء أمنى لم يثبت. لكن الثابت أن هناك فئات استفادت من عمليات تهريب البضائع، التى قدرت قيمتها بمليار دولار سنويا. وفى الخبر الذى نشرته «الشروق»، وسبقت الإشارة إليه أن عشرات من الأهالى فى الشيخ زويد ثاروا وأحرقوا إطارات السيارات، حين صادرت الشرطة المواد الغذائية والأقمشة التى كان مزمعا تهريبها. س: هل تم عبور مصريين عبر هذه الأنفاق وجرى تدريبهم من خلال منظمات إسلامية فلسطينية داخل قطاع غزة وهؤلاء قاموا بهجمات إرهابية فى سيناء أم لا؟ ج: صحيح أن مصريين استخدموا الأنفاق للدخول إلى غزة لكن ما لهذا حفرت الأنفاق، لأن الوصول إلى القطاع وإلى إسرائيل ذاتها كان ولا يزال ممكنا عبر الصحراء فوق الأرض وليس بالضرورة عبر الأنفاق. بدليل أن إسرائيل تبنى الآن سورا مكهربا لوقف تدفق المهاجرين عبر سيناء. أما حكاية تدريبهم فى غزة للقيام بهجمات إرهابية فى سيناء، فهو ادعاء أمنى لم يثبت بدوره، لكنه يساق الآن لتسويغ إغلاق الأنفاق، ورغم أن ذلك لم يثر فى اجتماعات ممثلى حماس مع ممثلى المخابرات العامة، إلا أنه يظل تبريرا ساذجا للإغلاق، لا يختلف كثيرا عن وقف حركة الطيران وإغلاق المطارات لأن بعض الإرهابيين دخلوا إلى البلاد عبر الجو! س: هل اعترف (السيد) حسن نصر الله «رئيس» حزب الله اللبنانى بأنه بنى شبكة عسكرية فى مصر تقوم بتهريب السلاح عبر مصر والأنفاق أم لا؟ ج: أرجو أن تصحح معلومات التقرير الأمنى. لأن حكاية الشبكة العسكرية أو الخلية من تأليف الأجهزة الأمنية المصرية، التى استند إليها الادعاء فى القضية المنظورة الآن أمام القضاء، التى لم يقل كلمته فيها بعد. والشىء الوحيد الثابت فى القضية أن أحد أعضاء حزب الله جاء إلى مصر لدراسة كيفية تقديم العون للمقاومة فى غزة. و«الاعتراف» المنسوب إلى السيد نصر الله لا يتجاوز إقراره بأن هذا الشخص من أعضاء حزب الله. وليس هناك شك فى أن التصرف كان خطأ من الناحية القانونية وقد انتقدناه فى حينه. لكن ربما كانت له مسوغاته السياسية، ولمصر التى يذكرها العرب سجل حافل بالممارسات المماثلة فى دعم حركات التحرير. لكن المشكلة أن بعض العرب لم ينتبهوا إلى أن السياسة فى مصر «الجديدة» تغيرت، وأصبحت تلاحق المقاومين وتحاكمهم ولا تساعدهم. س: هل تم اجتياح الأراضى المصرية من قبل المواطنين فى غزة وهدم السور الموجود على الحدود بين مصر والقطاع أم لا؟ ج: لم يكن اجتياحا لكنه كان انفجارا موجها ضد الحصار الظالم وليس ضد مصر. والجماعة الوطنية المصرية لم تؤيده، لكنها تفهمت أسبابه، خصوصا أن الذين دخلوا فى أول النهار عادوا أدراجهم فى نهايته. ثم ما دخل ذلك بموضوع الأنفاق؟ هذه الأسئلة لم تكن موجهة من أحد ضباط أمن الدولة، لكن ألقاها علىّ أحد القيادات الصحفية الجديدة يوم السبت الماضى، لا لكى أجيب عنها لأنه انطلق من الرد الإيجابى عليها جميعا وإنما لكى يعتبرها حيثيات تؤيد «ضرورة» إقامة الجدار الفولاذى، الذى يتكفل بسد الأنفاق جميعا وإحكام الحصار حول القطاع، بدعوى التصدى لخطر تهديد الأمن القومى المصرى. لا مفاجأة فى الأسئلة التى رددت معانيها الأبواق الإعلامية المصرية طوال الأسابيع الأخيرة. لكن المفاجأة الحقيقية بالنسبة لى تمثلت فى ثلاثة أمور، أولها أن يتقمص الأكاديمى فى نهاية المطاف شخصية رجل الأمن فينشغل بالمحاكمة وليس بالفهم أو البحث، حتى إنه لم يخطر على باله أن يسأل مرة واحدة لماذا حفر أهل غزة الأنفاق؟ أو ما الذى تمثله بالنسبة للمحاصرين فى القطاع؟ الأمر الثانى أن صاحبنا قدم مرافعته، التى ابتذل فيها عنوان الأمن القومى المصرى لكى يدافع عن قرار أمريكى إسرائيلى بإقامة الجدار، كانت مصر قد احتجت عليه فى بداية العام الماضى. أما الأمر الثالث فإن هذه العنترية والغيرة على السيادة المصرية التزمت الصمت تماما إزاء الاعتداءات، التى تمارسها إسرائيل على تلك السيادة أسبوعيا على الحدود مع غزة بدعوى تدمير الأنفاق. أيها الأمن القومى كم من الجرائم ترتكب باسمك!