عمال الشيوخ: خروج مصر من قائمة ملاحظات العمل الدولية للعام الرابع "مؤشر ممتاز"    معدلات تشغيل "قياسية" بميناء الإسكندرية خلال عيد الأضحى    محافظ الجيزة يشهد توزيع 9 أطنان من لحوم الأضاحي على 5268 أسرة    مصدر بالكهرباء: تشغيل خط الربط مع السعودية بقدرة 1500 ميجا وات في 30 يونيو    تنطلق غدا من تونس بمشاركة 2000 شخص.. قافلة "الصمود" لمحاولة فك حصار غزة    البحرية الأوكرانية: رصدنا 3 حاملات صواريخ بإجمالي 24 صاروخا في البحر الأسود    ترامب يصدر أوامر بنشر ألفين من قوات الحرس الوطنى بعد يومين من الاحتجاجات.. صدام بين الشرطة ومحتجين ضد مداهمات لأماكن العمل بحثاً عن المهاجرين غير الشرعيين.. ,نيويورك تايمز: تصعيد غير عادى فى الحملة ضد المهاجرين    منصب جديد لتوني بوليس في الزمالك    ريال مدريد يخطط لمكافأة كورتوا.. عقد جديد    ضبط مخابز بلدية مخالفة في حملات تموينيه بالإسكندرية    إطلاق اسم سائق السيارة شهيد الشهامة على أحد شوارع العاشر من رمضان    عقرهما كلب شرس.. تفاصيل إصابة طالبين داخل "سايبر" بالعجوزة    لماذا تتجدد الشكاوى من أسئلة امتحانات الثانوية العامة كل عام؟.. خبير يُجيب    وفاة شاب غرقا داخل مياه ترعة الإبراهيمية ببنى سويف    ثقافة المنوفية تحتفل بعيد الأضحى المبارك بأنشطة فنية وثقافية متنوعة    إيرادات السينما السبت 7 يونيو: "المشروع X" يكتسح شباك التذاكر و"ريستارت" يلاحقه    كتائب القسام: أجهزنا على جنديين إسرائيليين من المسافة صفر فى حى الشجاعية    المتحف المصري بالقاهرة يحتفي بزوار عيد الأضحى المبارك |صور    5 أيام يحرم صومها تعرف عليها من دار الإفتاء    مساعد وزير الصحة يتفقد 3 مستشفيات في محافظة كفر الشيخ    استقبال 1500 مريض وإجراء 60 عملية جراحية خلال أيام عيد الأضحى بمستشفى جامعة بنى سويف    محافظ الدقهلية: عمل عيادات التأمين الصحي خلال العيد يهدف لمنع الازدحام    استئصال طحال وإصلاح الأمعاء والبنكرياس.. جراحة تنقذ حياة شاب بمستشفى العجمي    أسما شريف منير تكشف كواليس تعرفها على زوجها :«كان بيرقص رقص معاصر»    خلال احتفالات العيد.. 3 جرائم قتل في مغاغة وملوي بالمنيا    تجهيز 100 وحدة رعاية أساسية في الدقهلية للاعتماد ضمن مؤشرات البنك الدولي    196 ناديًا ومركز شباب تستقبل 454 ألف متردد خلال احتفالات عيد الأضحى بالمنيا    نادي سانتوس البرازيلي يعلن إصابة نيمار بفيروس كورونا    الداخلية تواصل تطوير شرطة النجدة لتحقيق الإنتقال الفورى وسرعة الإستجابة لبلاغات المواطنين وفحصها    إقبال جماهيري على عروض البيت الفني للمسرح في عيد الأضحى (صور)    زيزو: "تمنيت اللعب مع أبو تريكة وأتذكر هدفه في كلوب أمريكا"    وزير الخارجية يبحث مع نظيره التركى تطورات الأوضاع فى غزة وليبيا    لا يُعاني من إصابة عضلية.. أحمد حسن يكشف سبب غياب ياسر إبراهيم عن مران الأهلي    هل تشتهي تناول لحمة الرأس؟.. إليك الفوائد والأضرار    هل يجوز الاشتراك في الأضحية بعد ذبحها؟.. واقعة نادرة يكشف حكمها عالم أزهري    لم تحسم.. حقيقة تعاقد الزمالك مع المدافع الجزائري زين الدين بلعيد (خاص)    وزارة العمل تعلن عن فرص عمل بمرتبات تصل إلى 15 ألف جنيه .. اعرف التفاصيل    بين الحياة والموت.. الوضع الصحي لسيناتور كولومبي بعد تعرضه لإطلاق نار    ضبط شخصين لاتهامهما بغسل 50 مليون جنيه من تجارة المخدرات    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 996 ألفا و150 فردا    التأمينات الاجتماعية تواصل صرف معاشات شهر يونيو 2025    وزارة العمل تعلن عن فرص عمل بمرتبات تصل إلى 15 ألف جنيه    الكنيسة القبطية تحتفل ب"صلاة السجدة" في ختام الخماسين    منافذ أمان بالداخلية توفر لحوم عيد الأضحى بأسعار مخفضة.. صور    أمين «الأعلى للآثار» يتفقد أعمال الحفائر الأثرية بعدد من المواقع الأثرية بالأقصر    مجلة الأبحاث التطبيقية لجامعة القاهرة تتقدم إلى المركز السادس عالميا    محافظة الشرقية: إزالة سور ومباني بالطوب الأبيض في مركز الحسينية    مجلة جامعة القاهرة لعلوم الأبحاث التطبيقية «JAR» تحتل المركز السادس عالميًا (تفاصيل)    إقبال كبير على شواطئ ومعالم الإسكندرية احتفالا بثالث أيام عيد الأضحى    حكم وجود الممرضة مع الطبيب فى عيادة واحدة دون محْرم فى المدينة والقرى    استشهاد 11 شخصا وإصابة العشرات في قصف إسرائيلي قرب مركز توزيع مساعدات بغزة    أسعار الدولار اليوم الأحد 8 يونيو 2025    المواجهة الأولي بين رونالدو ويامال .. تعرف علي موعد مباراة البرتغال وإسبانيا بنهائي الأمم الأوروبية    من قلب الحرم.. الحجاج يعايدون أحبتهم برسائل من أطهر بقاع الأرض    النسوية الإسلامية «خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى» السيدة هاجر.. ومناسك الحج "128"    مسؤولون أمريكيون: واشنطن ترى أن رد موسكو على استهداف المطارات لم يأت بعدا    البابا تواضروس يناقش أزمة دير سانت كاترين مع بابا الڤاتيكان    الوقت غير مناسب للاستعجال.. حظ برج الدلو اليوم 8 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد عفيفي: التاريخ لم يعد يكتبه المنتصرون فقط.. والعالم العربى يعيش لحظات تحول كبرى
نشر في الشروق الجديد يوم 22 - 10 - 2021

- الخيال والإبداع يحددان مستوى عمل السياسيين.. وحرب أكتوبر مثال ممتاز على خيال السياسى
- اعتمدت على حيلة سردية فى رواية «يعقوب» لجذب القارئ.. ونحتاج إلى ثورة فى التعليم
«لابد أن يكون هناك اهتمام كبير بتشجيع الأطفال على القراءة، ومشاهدة الأفلام، لمساعدتهم على نمو خيالهم فى مراحل مبكرة، مشيرا إلى أن تنمية الخيال يساعد على حب التاريخ سواء من خلال الأفلام أو الأدب»، هكذا استهل أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بكلية الآداب، الدكتور محمد عفيفى النقاش المستفيض الذى جرى على هامش عرض ومناقشة رواية «يعقوب»، الصادرة حديثا عن دار الشروق، وذلك خلال ندوة نظمتها المكتبة المركزية الجديدة بجامعة القاهرة.
وقال الدكتور محمد عفيفى، فى الندوة التى أدارتها الدكتورة سرفيناز حافظ مدير المكتبة المركزية، إن هناك وجهات نظر متعددة، حول التاريخ والرواية والواقع المعاصر لمصر والمنطقة العربية، موضحا «بعد أن أصبحت أستاذا للتاريخ ظل عندى حلم كتابة رواية أدبية، وعمل أفلام وثائقية»، وتابع عفيفى: «علمونا فى مناهج بحث التاريخ فى الجامعة، أن التاريخ هو علم الحقيقة»، مشيرا إلى أنه فى الوقت نفسه أن نشأة التاريخ كانت فى حضن الأدب.
وقال الدكتور محمد عفيفى: كنت أستهدف فى روايتى «يعقوب» أن أقوم بصنع لعبة تعتمد على تداخل السرد، من حيث إيهام القارئ فى البداية، أنه بصدد عمل عن السرة الذاتية، فيجد نفسه دون أن يشعر فى عالم آخر خيالى موازٍ، ثم أصطحبه إلى إحساس بأنه أمام عمل تاريخى، كحيل من أساليب السرد ما بعد حداثية، وأن تداخل أنواع السرد يجذب القارئ فى الرواية، تماما كما يفعل الفلاش باك فى الأفلام من حيث تداخل الأزمنة.
واستطرد عفيفى، أن العلوم الاجتماعية توصلت إلى أن الحقيقة نسبية، وأنه لو ساد مبدأ الإيمان بكون الحقيقة نسبية ففكرة الإرهاب والتطرف والحروب ستتلاشى وسنعود بعدها للإنسانية، مشددا على أنه لا يتوجب على المؤرخ أن يكون قاضيا، يصدر الأحكام ويترك نفسه للانحيازات، مؤكدا: أكثر ما أقوم بتكراره لطلابى، هو ألا يسألنى أحد عما إذا كانت فترة الرئيس عبدالناصر جيدة أم سيئة.
وبسؤاله عما إذا كان التاريخ يكتبه المنتصرون حقا، أجاب بأن ذلك كان حقيقيا حتى وقت قريب، وأننا نلمس ذلك فى التاريخ العالمى والإسلامى فى أزمان فائتة، ولكن فى التاريخ الحديث، تغيرت الأمور، فى وجود وسائل للتدقيق والتحقق، وفى وجود أدوات البث والرقمنة ومواقع التواصل الاجتماعى، لم يعد بمقدور أحد أن يغير التاريخ.
وأضاف: أمام المؤرخين فى الفترة من 2011 وحتى الآن، مهمة شديدة الصعوبة، نظرا للكم الهائل من الأحداث والتحولات التى وقعت ليست على مصر فقط ولا المنطقة العربية وحدها، وإنما العالم كله، وأرى أن دولة عظمى بحجم الولايات المتحدة، قد تأثرت سلبا بسبب تغير إيقاع الأحداث والتطورات والمستجدات التى باتت متلاحقة بشكل لم نشهده من قبل.
ورأى عفيفى فى تدريس التاريخ لأصحاب الكليات العلمية والعملية، مسألة شديدة الأهمية، مشيرا إلى أن أفكارا مغلقة ومتطرفة كالتى تتبناها الجماعات المتطرفة عن عودة الخلافة وما إلى ذلك، يمكن تصحيحها عبر السرديات التاريخية، وإيضاح أن الخلافة كانت مرتبطة بأوقات معينة، وبتسليط الضوء عليها ومناقشتها يمكن الوصول إلى درجة من الوعى الثقافى الخالى من التشكيك والتطرف فى الوقت ذاته.
بعدها قال عفيفى إن الحقائق فى التاريخ نسبية، فلو أننا طلبنا الكتابة عن فلسطين، من جانب مؤرخين، فلسطينى وأمريكى وهندى وجنوب أفريقى، فإن الحقائق التاريخية ستكون مغايرة بين كل منهم ونسبية إلى درجة واضحة، وكلهم لن يكتبوا عن فلسطين بالشكل ذاته.
وعن الأهمية التى يتمتع بها الأدب، فقال عفيفى إن الأدب والروايات تسمح للمؤرخ أن يلقى أضواء على المسكوت عنه فى التاريخ أو ما تم تهميشه، لذا فعلى مدار العشر سنوات السابقة، كنت متابعا جيدا لكل الروايات التاريخية فى العالم العربى وخارجه، لم أكن أفضل الروائى الذى يصنع رواية تاريخية ويضع فى نهايتها «قائمة مراجع» هذا ليس كتاب تاريخ وإنما رواية، فعليك قراءة التاريخ ثم سرده عبر إطار من الخيال، لا أن تحتشد روايتك بالتفصيلات التاريخية الواقعية.
ثم أردف: مهمة الرواية التاريخية أن تخلق لديك شغفا بالتاريخ، والفيلم التاريخى الناجح أو الرواية التاريخية الناجحة هى التى تدفع القارئ بعد انتهاء الرواية إلى أن يقرأ بعدها كتبا إضافية فى ذات الموضوع، موضحا أنه حاليا فى العالم العربى هناك موجة كبيرة من الروايات التاريخية، سببها أن الأمم تحتاج ذلك على الدوام فى لحظات التحول، مؤكدا أن العالم العربى كله يعيش حاليا لحظة تحول كبرى، وأن كم التحولات التى حدثت السنة الأخيرة لم يشهدها العالم العربى خلال ال 100 عام الأخيرة.
وواصل: دائما الأمم فى لحظات التغيير تقوم بمراجعة التاريخ، وأنه نظرا لكون المراجعة التاريخية فى المناهج الجامعية محدودة، فإننا نجد أن تلك المراجعة تحدث عن طريق الروايات.
وعما يميز بعض السياسيين عن البعض الآخر، هو الخيال، فالخيال يؤدى إلى الإبداع، فالمسئول التقليدى نجده يتعامل بطريقة تقليدية، فى جميع الأمور، ونتساءل هنا عن الأفكار المغايرة والخيال فلا نجدهما، وبمناسبة أننا فى رحاب شهر أكتوبر، فأحد أكبر الأمثلة على امتلاك الخيال لإيجاد الحلول، هو تدمير خط بارليف، فالفكر التقليدى كان سيرضخ إلى أنه يحتاج إلى قنبلة ذرية لاختراقه، ولكن توظيف الخيال فى استخدام المياه لهدم الخط المنيع أدى للنجاح المبهر.
وواصل: الخيال مهم حتى فى السياسة الدولية، لذا أكرر المطالبة بأن نعلم أبناءنا أن يشاهدوا الأفلام السينمائية المختلفة، حتى إن الخيال يقضى على التطرف، فالإرهابى يعتمد على رؤية واحدة ورأى ومبدأ وحيد، ولكن عبر الخيال الواسع تأتى الرؤى المتعددة المختلفة.
وأكد دكتور عفيفى أن الوقوع فى فخ تقييم شخص إنه سيئ أو جيد، يؤدى إلى الكثير من الخلافات وبالتالى أنا اخترت «يعقوب» لأنه شخصية خلافية بامتياز فى الرواية، وبها كل تناقضات البشر، ومن خلالها نستطيع أن نتحدث عن الشخصية التاريخية والسياسية، فيعقوب فى نهاية الرواية يحاكم المؤرخين، ويسألهم عن سبب كل هذا الجدل حول الشخصيات، والانشغال بأن «فلانا» وطنيا، أو غير وطنى، فيعقوب يأتى من عالم الغيب وينظر إلى المؤرخين ويقول لهم إنهم لا يستطيعون فهم عقلية السياسى، فالسياسى يرى فى نفسه الوطن وأنه الأكثر دراية بمصلحته، وهناك عبارة مشهورة فى التاريخ للويس الرابع عشر ملك فرنسا يقول فيها: أنا فرنسا، ونحن هنا لسنا بصدد محاكمة ذلك، لذا فالرواية تسمح لنا بإيضاح العديد من النقاط والجوانب الإنسانية مع التاريخية والسياسية.
وذهب عفيفى فى حديثه، إلى أننا على سبيل المثال حينما نتحدث عن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، فنقول بأنه الزعيم الكاريزما والقائد، ولكننا لم نحاول أن نفهم عبدالناصر الإنسان، فلا يتصور أحد حرص عبدالناصر على أن تكون هناك غرفة أسفل منزله، كقاعة سينما لأن عبدالناصر كان عاشقا للسينما وكان عاشقا للتصوير السينمائى، ويقضى أوقات فراغه فى تلك الغرفة، لمشاهدة الأفلام العربية أو الأمريكية، هنا عبدالناصر الإنسان الذى لا يراه أحد من هذا المنظور، وهى مادة خصبة جدا للسينما، حال أردت أن تصنع أفلاما تاريخيا، الجميع تحدث عن عبدالناصر السياسى، لكن أحدا لم يهتم بجوانب ناصر الإنسانية، كشخص توفى فى عمر ال 52 سنة فنحن نحتاج تسليط الضوء على القصص الإنسانية وسط ما نراه سياسيا وتاريخيا بحتا.
وحول ما إذا كانت مهمة المؤرخ أن يقدم الإجابات الحاسمة فى عمله الروائى، أجاب بأن الإجابات القاطعة فى الحياة مسألة ليست صحيحة ولن تسفر عن شىء دقيق، وهو أمر يشبه مشكلة الكتب المدرسية، التى تعتمد على مبدأ التلقين لأكبر قدر من المعلومات الجامدة، وألزم الطالب بحفظها، لأجد أننى فى النهاية قد قمت بإلغاء عقله، ولا يفوتنا أنه قديما كانت وزارة التعليم تسمى ب«وزارة المعارف»، لذا فإننا الآن نحتاج إلى طفرة وثورة فى مناهج التعليم كى أجعل الطلاب يناقشوا ويتسع أفقهم، لا أن يصبحوا فريسة للتلقين والحفظ، وأؤكد أن التطرف والإرهاب يأتى نتيجة عدم المناقشة ومن ترسيخ التلقين والحفظ والقراءات المحدودة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.