أقامت دار الشروق حفل توقيع رواية «يعقوب»، أولى روايات الدكتور محمد عفيفى، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بكلية الآداب جامعة القاهرة، الفائز مؤخراً بجائزة الدولة التقديرية فى مجال العلوم الاجتماعية 2021، والأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للثقافة فى مصر. شهد الحفل، الذى أقيم بمبنى القنصلية الفرنسية، حضورا كثيفا لنخبة من رجال الثقافة والأدب والصحافة والإعلام والتاريخ والسياسة، من بينهم إبراهيم المعلم رئيس مجلس إدارة مؤسسة الشروق، أميرة أبو المجد، مدير النشر والعضو المنتدب لدار الشروق، الناشط الحقوقى جورج إسحاق، الدكتورة إيمان عامر أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة القاهرة، الروائى أشرف العشماوى، الكاتب الصحفى إبراهيم منصور. أدار اللقاء الكاتب الصحفى سيد محمود، الذى أوضح أن الرواية تقع فى المنطقة الغامضة بين السيرة الذاتية والتخييل الروائى، خاصة فيما يتعلق بمحاولة تأمل شخصية يعقوب، وتحويله من شخصية تاريخية إلى أخرى روائية، وهى نقلة مهمة، حيث يتحرر المؤلف فى الشخصية الروائية من كل التزامات الكتابة التاريخية. وأشار إلى أن شخصية المعلم يعقوب، تطرح الكثير من علامات الاستفهام والتعجب ولا زالت تثير الجدل، وأن هناك العديد من المؤلفات التى حاولت أن تفك ألغاز هذه الشخصية، لكن ظلت ملامحها بين الأبيض والأسود مثلما تقول الرواية. وأشاد سيد محمود باختيار الدكتور محمد عفيفى، أن تكون روايته صغيرة الحجم، حتى يتجنب أى زيادة تتسبب فى أخطاء أو فجوات لا حاجة لها، وأنه عمل بذكاء لضبط وتحديد ما يحتاج قوله وكتابته فى قالب فنى بالغ الذكاء والمرونة، وأن الكاتب استفاد من معلوماته كمؤرخ عن شخصية المعلم يعقوب، والجدل حوله، وحول تعدد الآراء هذا إلى مادة خام روائية يعيد تشكيلها، وحول خلالها أسئلة المؤرخ بداخله إلى هواجس وأحلام بطل روايته، مضيفًا: «الأحلام تجعل الإنسان أكثر تحررًا». أما الناقد الأدبى الدكتور خيرى دومة، فقال إن من أهم نقاط الرواية أنها لا تقدم معلومات تاريخية جامدة، بل يتخذ الحكى فيها مشاهد أو مقاطع بارزة مستقلة، يجمعها رحلة البحث عن هذه الشخصية الغامضة، مؤكدا أن الرواية فن ينجح دائمًا فى عرض وجهات النظر المختلفة، حيث إن أدواتها الأساسية هى الحوار والدراما وتترك للقارئ فرصة أن يحكم بنفسه، ويصل إلى ما يريد أن يصل إليه. وقال الكاتب والروائى أشرف العشماوى، إن اختيار الروائى والمؤرخ الدكتور محمد عفيفى لشخصية المعلم يعقوب، ذلك المغامر القبطى إبان الحملة الفرنسية، والذى رافقه وقت رحيله من مصر لكى يكتب عنه رواية، لم يأت من فراغ، فالرجل أستاذ للتاريخ وفى جعبته منجم من الوثائق، وحكايات وقصص التاريخ كنز لكل روائى إلا أن الدهشة لم تكن من الاختيار بقدر ما كانت من البناء والأسلوب والتشويق والأسئلة المطروحة عن هاجس ظل يلاحق بطل الرواية حتى النهاية وربما إلى الآن. وأضاف: «التلميذ الذى صار أستاذًا وجعله عفيفى بطلا لروايته هو نفسه المؤلف والراوى الذى استطاع ببراعة التماهى بين الواقع والخيال والتنقل بينهما وكأنه يقفز سياجا غير مرئى بسهولة وسلاسة فى كل فصل من فصول روايته البديعة». من جانبه، قال صاحب الرواية الدكتور محمد عفيفى: «بعد 25 سنة حققت حلما أردته، ولدت فى شبرا، التى كان لها فترة زهوها، عندما كانت تضم السينما والحكايات عن الماضى، تلك التى نقرؤها فى مذكرات من عاشوا فى شبرا، فى ذلك الجو كان لدى حلمان، الأول كتابة رواية، بسبب زياراتى لمكتبة شبرا العامة، والحلم الثانى عمل فيلم وثائقى تاريخى». وتابع: «من أهم من تأثرت بهم فى مجال الرواية التاريخية أمين معلوف وهو أكثر من أبدع فى مجال الرواية التاريخية، وبخصوص صغر حجم الرواية فذلك مرتبط بحبى للغة وتكثيف الأفكار، مثالا لذلك روايات الطيب صالح، من هنا قررت ألا تكون الرواية الأولى مترهلة». وأضاف: «من أروع من كتب التاريخ من خارج حقل التاريخ الراحل صلاح عيسى، لذلك نظر المؤرخون له باعتباره غير مؤرخ لأنه تحرر من قيود الأكاديمية، لذلك بعد التاريخ عن الأدب أفقده الكثير جدا، واخترت يعقوب لأنه شخصية خلافية جدا وتستحق فيلما سينمائيا، مع وضع مخطط الرواية فكرت فى اختيار الكتابة فى زمن يعقوب فقط.. لكن فضلت اختيارا آخر قائما على اللعب بالأزمنة.. بهدف اللعب مع القارئ».
