مجلس جامعة بنها يعتمد مقررات جديدة ويحتفي بتميز البحث العلمي والتصنيفات الدولية    جامعة بنها تطلق مسابقة "فنون ضد العنف"    وكيل تعليم القاهرة تتابع سير الاستعدادات لامتحانات شهر نوفمبر    رئيس البنك الزراعي يلتقي محافظ البحيرة لبحث تعزيز التعاون ودعم التنمية الزراعية والريفية    أبرز التصريحات: تعميق العلاقات بين الجزائر ومصر استجابة استراتيجية للتحديات الإقليمية    حماس: الاحتلال يحاول فرض أمر واقع لتهويد وضم الضفة    يلا كورة لايف.. مشاهدة مباراة بايرن ميونخ ضد آرسنال مباشر دون تقطيع | دوري أبطال أوروبا 2025    مصرع شاب وإصابة 13 عاملا في انقلاب ميكروباص شرق بورسعيد    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : استرح فى واحة الانس !?    المشدد 6 سنوات والغرامة 200 ألف لفكهاني لحيازته المخدرات بالمنيا    تشكيل المنتخب الوطني للكرة النسائية تحت 20 عاما أمام نظيره التونسي في بطولة شمال أفريقيا    صوتك هو سلاحك.. نداء من نواب جولة الإعادة: لا مكان لشراء الأصوات    مصر تستضيف المؤتمر السنوي لمنظم الرحلات الألماني Anex Tour    جوارديولا يوضح سبب البدء ب مرموش أمام ليفركوزن وإبقاء هالاند على مقاعد البدلاء    وزارة «الاستثمار» تناقش موازنة برنامج رد أعباء الصادرات بقيمة 45 مليار جنيه    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة بمنتصف تعاملات اليوم    الحصر العددى لقائمة دائرة أول الزقازيق بمجلس النواب 2025    إلهام شاهين: عشت أجمل لحظات حياتي في عرض كاليجولا مع نور الشريف    رمضان 2026.. نيللي كريم وشريف سلامة ينهيان تحضيرات مسلسل أنا    بدء تلقي الطعون على نتائج 73 دائرة بالمرحلة الثانية لانتخابات النواب    إثيوبيا تعلن وفاة 6 أشخاص بسبب فيروس ماربورج الخطير    الناقد الذي كان يشبه الكلمة... وداعًا محمد عبد المطلب    أرسنال يواجه بايرن ميونخ في قمة أوروبية نارية على ملعب الإمارات    الاتحاد الأوروبي يستعد لتقديم نص قانوني لإصدار قرض لأوكرانيا ب140 مليار يورو    رئيس الوزراء ونظيره الجزائرى يشهدان توقيع عدد من وثائق التعاون بين البلدين    عاجل| رئيس الوزراء ونظيره الجزائري يشهدان توقيع عدد من وثائق التعاون بين البلدين    نائب وزير الصحة: إنشاء 54 مركزا لعلاج الحروق فى مصر    تحذير من بركان روسي.. والرماد يهدد الطيران    انهيار جزئي لعقار من 4 طوابق في الإسكندرية والحماية المدنية تنقذ السكان    نصائح هامة لوقاية طلاب المدارس من عدوى أمراض الجهاز التنفسي    طقس الإسكندرية اليوم.. انخفاض في درجات الحرارة والعظمى 23 درجة مئوية    البرهان: السلام في السودان مرهون بتفكيك الدعم السريع    دوري أبطال إفريقيا.. قائمة بيراميدز في رحلة زامبيا لمواجهة باور ديناموز    قوات الاحتلال تفرض حظرًا للتجوال وحصارًا شاملًا على محافظة طوباس    رضا البحراوي يكشف حقيقة وفاة والدته    حزب النور في المقدمة.. نتائج الحصر العددي الأولي عن الدائرة الأولى فردي بكفر الشيخ    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للتدريب المشترك "ميدوزا - 14"    انطلاق أعمال اجتماع مجلس وزراء الإعلام العرب بالجامعة العربية    قرارات عاجلة من النيابة فى واقعة ضبط طن حشيش فى الرمل بالإسكندرية    وكيل صحة قنا يتفقد وحدة الترامسة ويحيل طبيبا للتحقيق    رئيس الرعاية الصحية: تطوير 300 منشأة بمنظومة التأمين الشامل    موعد امتحان نصف العام لصفوف النقل وضوابط وضع الأسئلة    الري: نجاح حاجز التوجيه في حماية قريه عرب صالح من أخطار السيول    .. اديهم فرصة واصبر    حماية الثروة الحيوانية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 26-10-2025 في محافظة الأقصر    اتحاد السلة يعتمد فوز الأهلي بدوري المرتبط بعد انسحاب الاتحاد ويعاقب الناديين    الأقصر: انقطاع المياه عن عدد من مناطق نجع علوان بالطود صباح اليوم    دار الإفتاء تؤكد حرمة ضرب الزوجة وتحث على الرحمة والمودة    دار الإفتاء تكشف.. ما يجوز وما يحرم في ملابس المتوفى    إلهام شاهين: تكريمي في مهرجان شرم الشيخ تتويج لمشواري الفني    مادورو: سندافع عن فنزويلا ضد أي تهديد والنصر سيكون حليفنا    ريهام عبد الحكيم تتألق في «صدى الأهرامات» بأغنية «بتسأل يا حبيبي» لعمار الشريعي    دعاء جوف الليل| اللهم يا شافي القلوب والأبدان أنزل شفاءك على كل مريض    الأمن يفحص منشور بتحرش سائق بطفلة بمدرسة خاصة في التجمع    بروسيا دورتمنود يمطر شباك فياريال برباعية نظيفة    بوروسيا دورتموند يفترس فياريال برباعية في دوري أبطال أوروبا    محمد صبحي عن مرضه: التشخيص كشف عن وجود فيروس في المخ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنت مخلوق فريد
نشر في الشروق الجديد يوم 12 - 10 - 2021

هل تعرف أنك «فريد»؟ فريد بمعنى أنه عبر التاريخ منذ الخليقة لم يمش على الأرض مثيل لك؟ فكل خلية فى جسمنا تحمل كودا جينيا خاصا بكل واحد فينا، تحدد صفاتنا: لون شعرنا وأعيننا، طولنا وحجم قدمنا، ميولنا العلمية والفنية، طبيعتنا الإنسانية.. بالتأكيد تتأثر كل هذه الصفات بظروف طفولتنا وأسلوب تربية أبوينا لنا والتحديات التى نواجهها فى حياتنا، وبالطبع نتطور إنسانيا ونسمو (أو العكس) خلال رحلة الحياة وتتحسن قدرتنا على فهم أنفسنا خصوصا إذا وعينا أن هذه هى إحدى مسئولياتنا فى الحياة، واجتهدنا فيها. كلٌ منا لم ولن توجد مثله نسخة أخرى، وهذه معجزة حقيقية، فهناك ترتيب لا نهائى لمجموعة محدودة من الأحماض الأمينية داخل جيناتنا تجعل فردية كل مخلوق (ليس فقط بنى الإنسان) مؤكدة. ومن هنا تظهر الحكمة فى أهمية الدور الذى يلعبه كل منا ويؤثر به، ليس فقط على أسرته أو عمله، وإنما على «البشرية» كلها، حتى إذا كان بشكل غير مباشر أو تراكمى، وهنا أيضا تكمن الفرصة بل الضرورة فى أن تكون حياة كل إنسان لها معنى ووزن وثمن غال.
فهل يُسمَح لنا أن نكتشف دورنا هذا؟ وهل كانت خياراتنا ستكون مختلفة بعيدا عن القوالب الاجتماعية والمفهوم العصرى عن النجاح والسعادة؟ هل كانت أقدارنا تغيرت إذا لم تحظ مهن بعينها بتقدير معنوى ومادى أكبر من المجتمع وبالتالى جذبتنا إلى مهنة دون أخرى؟ لو تربينا بعيدا عن تأثير المجتمع على مفهومنا لأدوارنا الاجتماعية والمهنية كنساء ورجال فهل كان هذا يغير من طبيعة علاقتنا بأبنائنا وعلى اختيارنا للطريق الذى نسلكه فى عملنا؟ وهل كان أبناؤنا سيحظون بطفولة أكثر ثراء لو كنا تركنا لممارسة هذا الدور الغريزى بدون برمجة مجتمعية؟
سؤال آخر مُلِّح هو الثقل الذى يضعه العالم على القدرة المالية، ففى الحقيقة هناك حد أقصى لما يستطيع حتى أغنى الأغنياء أن يستمتع به فى حياته ومع ذلك فمن أهم مقاييس النجاح فى زمننا هو الدخل والمدخرات والممتلكات، فهل كنا أخترنا نفس المهنة إذا ما كانت حياتنا مؤمنة مادية فى كل الأحوال؟ هل كانت ستعمر القرى والغابات والصحراء ويختار كثير من الناس أن يهجروا المدن؟ من يدرى فقد تتغير الأولويات فلا نعطى نفس القدر من الوقت والجهد لعملنا على حساب اهتماماتنا الفكرية والروحية والاجتماعية؟ وهل سعينا للمادة جعلنا أكثر ثراء أم أنه أفقرنا إنسانيا وأبعدنا عن فرص التوسع فى اكتشاف أنفسنا وقدراتنا المختلفة على العطاء للعالم الذى نسكنه والأجيال التى تلينا؟
•••
فهمنا لأهمية فردية كل بنى البشر واختلافاتهم المرهق أحيانا يضع علينا مسئولية أن نتقبل ونتفهم ونثمن الآخرين حتى لو كان ضاغطا على أعصابنا أو فيه خلاف أخلاقى أو عقائدى. فالقبول لا يعنى أن نصادقهم أو نغير قناعتنا أو نمتنع عن معارضتهم، كل ما يعنيه هو أن نفعل كل ذلك بقدر كبير من التراحم والاحترام النابع من معرفتنا بأنهم بالتأكيد وبالرغم من كل ما يحملون من صفات لا تعجبنا فهم هنا فى الدنيا لغرض مهم حتى لو كان الغرض هو أن نرى الخطر فنتكاتف لمقاومته مثلا. أو أن يعلمونا الصبر أو يجبرونا على المواجهة والحفاظ على حقوقنا ومساحاتنا الخاصة، ومن يدرى قد نرى مع الوقت فى صفاتهم المزعجة نقاط ضوء إيجابية نتعلم منها فى حياتنا الشخصية أو العملية، ولن نرى هذا إلا إذا فتحنا عين البصيرة ولم نغلقها بالرفض. هناك عشرات من الأمثلة فى حياتنا اليومية والعامة لكيانات سواء كانت دولا أو شركات أو عائلات ناجحة فقط لأن على رأسها شخصيات متعددة شديدة الاختلاف فى صفاتها وقدراتها، إلا أن المناخ المتاح لهم فيه قدر عالٍ من القبول يسمح بالتوازن والإفادة حتى فى ظل اختلافاتهم، والعكس صحيح فى المؤسسات والمجتمعات التى لا تستفيد من ثرائها البشرى.
•••
السؤال يبقى: هل كان العالم من الممكن أن يكون مكانا أفضل إذا زالت عنا الخيوط المستترة التى تحركنا؟ بمعنى آخر هل فقدت الإنسانية فنانين وفنانات، مدرسين/ مدرسات، نجارين/ نجارات، ممرضين وممرضات مربيين ومربيات، صيادى سمك وصيادات، سياسيين وسياسيات، مزارعين ومزارعات، نحاتين ونحاتات، موسيقيين وموسيقيات... إلى آخر المساهمات الإنسانية سواء كانت مهنا أو مهارات أو مواهب أو أدوارا تثرى العالم وبدونها يكون جافا؟ هل فقد كل منا تأثير إنسان فى محيطه لم يتمكن من تحقيق دوره الذى يستطيع هو فقط أن يلعبه فى حياتنا أو حياة غيرنا سواء على مستوى شخصى أو مجتمعى؟
هل العالم فى إمكانه أن يكون مكان أفضل إذا ما ترك الإنسان حرا؟ قد تكون البداية من أنفسنا، أن نستمع إلى صوتنا الداخلى ونصدقه ثم نتبعه إلى حيث يأخذنا حتى لو كان ذلك خارج السرب.
يقول جلال الدين الرومى «إن تكن تبحث عن مسكن الروح فأنت روح، وإن تكن تفتش عن قطعة خبز فأنت الخبز، وأن تستطع إدراك هذه الفكرة الدقيقة فسوف تفهم أن كل ما تبحث عنه هو أنت».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.