كم انسان منا فهم معنى الحياة.. ومعنى وجوده فى هذه الدنيا الدنيئة الغادرة.. كم فرد يعيش على هذه الأرض استطاع أن يجعل لحياته معنى حقيقيا.. وأن يحقق ما أراده الله والانسانية من وجوده بين الناس ليس ليعيث فى الدنيا فسادا ولكن ليحقق القيمة الحقيقية لوجوده فى هذه الحياة التى منحها الله لنا لنكون خلفاءه على هذه الأرض.. والحياة حلوة وحلوة قوى وكل ما فيها يدعونا ان نعيشها ونعيشها بجد وبصدق وان نستمتع بكل ما أعطانا الله فيها من جمال وحرية وطبيعة خلابة أفسدها الإنسان بجهله وغبائه.. منحنا الله كل شىء جميل وللأسف لم نفهم جوهر هذه الحياة، معظمنا جهال بحقيقة وجودنا. أننا امتداد الله على أرضه لنعمرها ونطورها ونتراحم فيما بيننا ونتعاون على البناء وليس على التخريب.. ونحن من حملنا الأمانة ورفضتها الملائكة وكان الانسان ظلوما جهولا، وكل انسان لو سأل نفسه لماذا جئت لهذه الدنيا يمكن ان يعرف حقيقة الدور المنوط به فى هذه الحياة وقد يلحق بما فاته، بعض الناس وجودهم فى هذه الدنيا خير له وللبشرية كلها كالعلماء والمخترعين والحالمين والذين أعطاهم الله الموهبة والقدرة على التفكير والعمل والبصيرة لقيادة البشر لكل ما هو مفيد ومثمر ويسهل للانسان حياته.. والبعض قاد الحروب والحملات العسكرية ودمر وخرب وأمات الملايين لغرض أن يكون القائد العظيم وله جولات وصولات ومعارك بعضها أدى لخير البشر وخلصنا من غزاة وسفاحين وقتلة من امثال صلاح الدين الأيوبى الذى قضى على التتار.. وبعضها كان للشهرة والعنجهية مثل الإسكندر وهتلر ونابليون وحروب صدام وغيرهم الكثيرون.. بعض الناس لم يعرف فى دنياه غير المأكل والمشرب وحياته بسيطة غاية فى البساطة وكنت أعرف عن بعض الشخصيات التى وصلت بأعمالها الفنية من رسومات الى المتاحف العالمية.. وجابت العالم ولكنها فى النهاية فضلت أن تعيش حياة بدائية بسيطة على حياة المدن وأضاءت منزلها بالكيروسين بدلا من الكهرباء ونامت على مصطبة من الحجر بدلا من ريش النعام وأكلت من صنع يديها خبزا بدلامن شراء الخبز من المخابز وارتأت أن هذه الحياة أفضل من حياة المدن بسحابها الملوث وليس هذا فقط بل تلوث البشر وفسادهم.. وهو الفنان أحمد زغلول يرحمه الله.. وقد كان سعيدا بذلك ولم يتذمروهذا اختياره.. وفهم الحياة وكانت هذه الحياة الحلوة بالنسبة له والحياة حلوة وجميلة ولكن أفسدها الجشع الزائد والأنانية المفرطة التى توحشت بين البشر ولو عرف الانسان ان له رزقه وأنه آتيه لا محالة مهما كان، فهو رازق الدودة فى الحجر لارتاح كل فرد من عناء التفكير وانشغل فقط بعمله.. والانسان جهول وظلوم.. وهو لا يعى ذلك مطلقا ولهذا تعذب وعذب نفسه والآخرين, ولو فهم جيدا وهذا الكلام لله عز وجل أننى خلقتك يا عبدى لنفسى لتعبدنى وتطيعنى لاطمأن قلبه وعاش بلا قلق وحيرة وأدى ما عليه وأخذ ما له.. وفىكثير من الأحيان أتساءل لماذا جئت الى هذه الدنيا ؟.. لأعرف ما حقيقة وجودى إذا كنت جئت الى هذة الدنيا بمفردى وسأغادرها أيضا بمفردى ولن أترك لى أثرا على هذه الأرض ألا امتداداً لا أولاد ولا احفاد.. وعشت هذه الحياة بلا اهتمام من أحد بل اهتممت بكل من حوالى.. وكأنى جئت الدنيا من اجل رسالة محددة هؤلاء الأشخاص الذين انتمى اليهم وينتمون الى بحكم الأخوة والقرابة لابد ان أكون بجانبهم دائما فى الفرح والطرح ولم يفكر فى احد ولم يتذكرنى احد الا إذا كان له طلب أو له مصلحة فى ذلك.. ولكنى قدمت لنفسى شوية شهادات بلا فائدة كما قالت لى إحدى الزميلات ماذا فعلت بالعلم الذى تعبت وسهرت فى تحصيله لاشىء.. «شالله يا دكتوراه».. هل هذا هو فهمى للحياة ربما لم أفهم غير أننى طالبة علم وعمل وثقافة وفن.. لم أفهم غير ذلك ولم يعلمنى أحد ماذا أفعل بحياتى غير ذلك.. فسرت فى طريقى وأنا لا أدرى أن الحياة حلوة .حلوة إلا عندما شاهدت الموت.. وعرفت قيمة الحياة وكيف نضيعها ونضيع أعمارنا التى سيسألنا الله عنها فى أشياء تافهة وبلا قيمة فى كثير من الأحيان.. وفى يوم قال لى انسان حكيم حكمة ولم أفهمها..سألنى كم تساوى الساعة فى عمرك الآن وانت فى الأربعين.. فقلت ما أهمية هذا السؤال.. فقال ونحن صغار السن الساعة فى عمرنا يمكن ان تقدريها بجنيه مثلا.. لكن الآن الساعة تقدر بعشرة بعشرين.. فهى غالية لأننا لن نعيش مرة أخرى السن الذى وصلنا اليه ولهذا يجب ان تعيشى وتستمتعى بحياتك.. ونسيت مع الأيام ما قال ونسيت نفسى ونسيت قيمة عمرنا.. فيما أبليناه سؤال مهم.. يجب ان نقف عنده . كل منا له دوره مرسوم بعناية والذى يعرف دوره الحقيقى ويفطن له سيوفر على نفسه الكثير من عناء التخبط وعدم الفهم وأحيانا ناس تضيع فى هذه الدنيا لأنها لم تعرف حقيقة دورها وحقيقة ما تريد وحقيقة ماذا تفعل وحقيقة ما حولها ولذلك تضيع وتضيع عمرها وتفقد الاحساس بالحياة الحلوة التى وهبها الله لنا ولم نعرف أن نفهمها، ويجب علينا أن نفهمها..