لم تعبر 2009 بالأمن الغذائى إلى مرحلة آمنة، ولو بقدر قليل عما سبقها من الأعوام. الأرقام الرسمية الصادرة عن وزارة الزراعة لدرجة اكتفاء مصر الذاتى من المحاصيل الإستراتيجية الأساسية لم تختلف كثيرا عن السنوات الماضية، وهو ما تأمل القطاعات الرسمية والبحثية داخل وزارة الزراعة فى رفع درجة الاكتفاء لتعزيز الأمن الغذائى من خلال استراتيجية التنمية الزراعية المزمع البدء فى تنفيذها بداية 2010. الأرقام، بحسب الدكتور سعد نصار، مستشار وزير الزراعة، تشير إلى أن حجم الاكتفاء الذاتى خلال 2009 من القمح، وهو أهم سلعة استراتيجية كانت 56%، وبذلك تصنف مصر من أكبر الدول المستوردة للقمح على مستوى العالم، وتأتى الزيوت فى المرحلة الثانية من العجز الغذائى، فالإنتاج المحلى يغطى 10% فقط من حجم الاستهلاك، وتستورد مصر 80% من الاحتياجات المحلية، ومن المنتظر أن تشهد 2010 توسع زراعات الزيتون فى شمال سيناء لزيادة المساحة إلى 340 ألف فدان، وإعادة زراعة نبات الكانولا، وهو المحصول الشتوى الوحيد القادر على توفير الزيوت والأعلاف. فاتورة باهظة للاستيراد 1.7مليون طن هو حجم إنتاج مصر من السكر خلال 2009، وهو ما يمثل تحد أمام السياسات الحكومة فى ظل ارتفاع متوسط الاستهلاك السنوى للمواطن الذى يصل إلى 30 كيلو، حيث تستهلك مصر 2.7 مليون طن سنويا، لذلك تسعى وزراة الزراعة إلى خلال 2010 بالتوسع فى زراعات البنجر لسد الاحتياجات المحلية لصعوبة التوسع فى زراعات قصب السكر لاحتياجه كميات كبيرة من المياه. وتعد نسبة ال70% هى قدر الاكتفاء الذاتى لمصر من اللحوم، فتم خلال 2009 استيراد 36 ألف طن سنويا من اللحوم، ويصل حجم الاستهلاك إلى مليون طن سنويا، ولتحقيق الأمن الغذائى من اللحوم قال د.نصار إن الوزارة تحرص على تنمية الثروة الحيوانية والداجنة من خلال تطوير قطيع الماشية المصرية والتحسين الورائى لسلالاته لرفع القدرة الإنتاجية من اللحوم والألبان، ودعم الرعاية البيطرية من خلال هيئة الخدمات البيطرية، لافتا إلى عدد من البرامج جارٍ العمل فيها مع بعض الدول الأوربية من خلال المعونة الفنية، التى يتيحها اتفاق المشاركة المصرية الأوروبية. التوسع الأفقى شبه المستحيل وحسب د.نصار فإن الدولة تعقد أملها على رفع درجة الاكتفاء الذاتى من الأسماك، حيث زيادة الإنتاج إلى 3 ملايين طن سنويا، وهو ما تتجه وزارة الزراعة على تدعيمه من خلال تعديل قانون الأسماك والصيد العميق وحدود المياه الإقليمية. استراتيجة التنمية الزراعية لتحيقيق الأمن الغذائى المصرى، تركز على الاستخدام الأمثل للموارد الزراعية المتاحة من أراضٍ ومياه وموارد بشرية ورأسمال وتكنولوجيا، فى ظل الاحتفاظ بهذه الموارد وصيانتها وتحسينها لرفع معدل النمو الزراعى من 3.5% إلى 5%، وتبدأ الزراعة خلال 2010 بتنفيذ هذه الإستراتيجية من خلال الاستمرار فى دعم برامج التوسع الأفقى من خلال استصلاح أراضٍ جديدة تبلغ 170 ألف فدان سنويا، والاستغلال الأمثل للأراضى الجديدة والتغلب على المشكلات، التى واجهت مشروع تملك الأراضى لشباب الخريجين وتنفيذ برامج استصلاح الأراضى الجديدة فى ضوء محدودية الموارد المائية. يضيف د.نصار أن الوزارة ستستمر خلال 2010 فى دعم التوسع الرأسى، حيث زيادة إنتاجية الوحدة من الأرض والمياه، وقيام مركز البحوث الزراعية باستنباط الأصناف الجديدة عالية الإنتاجية والجودة والمقاومة، وذات الاحتياجات المائية الأقل والمقاومة للأمراض والحشرات. زيادة الصناعة من المواد الخام القطاع الخاص المصرى والعربى والأجنبى هو الخيار الأكثر رواجا لدى وزارة الزراعة لدعم الأمن الغذائى حيث التشجيع على استثمار القطاع الخاص والترويج لفرص الاستثمار المتاحة فى المجالات المختلفة فى قطاع الزراعة، فى ضوء ضمانات وحوافز الاستثمار رقم 8 لسنة 1997. إضافة إلى تشجيع الاستثمار فى برامج التصنيع الغذائى والزراعى وإقامة المجمعات الزراعية والصناعية خاصة فى الأراضى الجديدة، والعمل على التنسيق بين سياسات الاستزراع والتصنيع، حيث زيادة نسبة المصنع من المواد الخام الزراعية من نحو 8% إلى 40%، وهو ما يعمل على زيادة القمية المضافة وتوفير فرص العمل وتقليل الفاقد وتحسين جودة المنتجات واستقرار الأسعار مما يؤدى إلى زيادة الصادرات وتقليل نسبة الورادات من المنتجات الغذائية.