«الفساد سيستمر بمعدلات أعلى عام 2010 لأن الحكومة مصممة على مواصلة تزوير انتخابات مجلس الشعب المقبلة» ستظل 90% من جرائم الفساد والرشوة والاستيلاء على أموال البنوك وإهدار المال العام مجهولة» فى الماضى كان رؤساؤنا يشجعوننا على محاربة الفساد.. والآن الحكومة أصبحت توبخنا على اكتشافه، وكأننا ارتكبنا سلوكا معيبا. ثلاث عبارات صدرت من 3 شخصيات رفيعة فى أجهزة رقابية متنوعة عن توقعاتها عن الفساد عام 2010. اللواء محمد عبدالحليم مدير مباحث الأموال العامة بدمياط سابقا يقول إن معدلات قضايا الفساد ستواصل ارتفاعها، لأن الحكومة نفسها تشجع على الفساد من خلال تزوير الانتخابات البرلمانية والمحلية، ولا يمكن القضاء على الفساد إلا من خلال انتخابات حرة ونزيهة تأتى بأناس منتخبين يعبرون عن الشعب وقادرين على محاسبة الحكومة. ويضيف «عندما كنت مسئولا عن مباحث الأموال العامة تمكنت من ضبط قضايا كثيرة خاصة بالاستيلاء على المال العام، ولكن بعضها تم حفظه، نظرا لأن المتهمين سددوا ما نهبوه، وأبرز المتهمين زوجة رئيس تحرير صحيفة قومية كبرى». وطبقا لدفاتر نيابتى أمن الدولة والأموال العامة العليا فإنهما حققتا فى أكثر 1000قضية عام 2009 وانتهتا إلى أن 300 منها جنايات خطيرة مضرة بالصالح العام، فمن بين 700 قضية حققت فيها نيابة الأموال العامة العليا التحقيق فيها أو أبدت فيها رأيها عام 2009 مقارنة ب800 قضية عام 2008، قررت اعتبار 200 منها جرائم خطيرة، وقيدتها كجنايات، بينما تم حفظ باقى القضايا أو لا تزال التحقيقات مستمرة فى البعض الآخر. أما فى نيابة أمن الدولة، فانخفض عدد القضايا التى حققتها أكثر من 1400 قضية عام 2008 إلى 300 قضية عام 2009 شاملة قضايا الرشوة وغسل الأموال والنشاط المتطرف، وتم اعتبار 100 منها جنايات مضرة بأمن الدولة وهو ما يكشف عن انخفاض حاد فى الإبلاغ عن قضايا الفساد بالنسبة لهاتين النيابتين اللتين تضطلعان بدور مهم فى تحقيق قضايا الفساد الكبرى. أحد وكلاء الرقابة الإدارية سابقا، طلب عدم ذكر اسمه، أكد أن الجهات الرقابية مجتمعة لا تعرف عن جرائم الفساد سوى 10% فقط، بينما تظل 90% من مجهولة ولا تعلم السلطات عنها شيئا. ويستطرد قائلا «نحن فى الجهات الرقابية لا نسحر أو نضرب الودع حتى نعرف وقائع الفساد، وما نكتشفه هو قليل، وليس ذلك بسبب إهمال أو تراخ من الأجهزة الرقابية، بل بسبب سياسة الحكومة وتعتيمها على المعلومات وغياب الرقابة البرلمانية والشعبية. ويضيف أن فى مصر العديد من الجهات الرقابة أبرزها الرقابة الإدارية ومباحث الأموال العامة والجهاز المركزى للمحاسبات والمباحث الجنائية، إلا أن كل هذه الجهات مجتمعة تظل عاجزة عن ملاحقة قضايا الفساد». ويوضح أن معدل اكتشاف وقائع الفساد فى الدول المتقدمة أعلى بكثير من مصر، والسبب أن هذه الدول جعلت المواطنين أنفسهم جهات رقابية، حيث تبيح قوانين هذه الدول لكل مواطن أن يذهب إلى أى جهة حكومية ويطلب الاطلاع على ملفاتها ومراجعتها، والحصول على بيان مكتوب على أسئلته، وهذه الآلية تتيح للصحفيين والمعارضين والأحزاب وكل من ينمو إليه معلومات غير موثقة عن الفساد فى التنقيب عن وقائع الفساد وإبلاغ السلطات عنها، بينما فى مصر، لا توجد هذه الرقابة، فالحكومة تصر على حرمان المواطنين من مراقبة الجهاز الإدارى للدولة، وتفضل غياب الشفافية. ويواصل أن الرقابة البرلمانية تلعب دورها فى الدول المتقدمة وهى غائبة فى مصر بسبب صورية مجلس الشعب، بينما دور الصحافة مهم ولكن فى ظل غياب المعلومات لم تتمكن الصحافة من لعب دور مؤثر. ويلفت إلى أن قانون الضرائب العقارية سيفتح مجالا جديدا للاستيلاء على المال العام لأنه كلما زادت الأموال التى تخضع لإشراف الدولة كلما زادت نسبة الأموال المستولى عليها. مسئول أمنى رفيع بوزارة الداخلية مسئول عن مكافحة الفساد، طلب عدم ذكر اسمه، علق على توقعاته عن معدلات الفساد عام 2010 قائلا إن العام المقبل سيشهد المزيد من تحجيم الأجهزة الرقابية خاصة فى قضايا الاستيلاء على المال العام مع عدم قدرة الجهاز القضائى على معاقبة المتهمين. وأضاف أنه خلال عهدى حكومة الدكتور كمال الجنزورى ثم حكومة الدكتور عاطف عبيد، كان الضباط يفاخرون بقضايا الفساد التى يكتشفونها، وكان رؤساؤهم يشجعونهم ويمنحونهم المكافآت عليها، ولكن منذ تولى حكومة الدكتور أحمد نظيف، وبدأت سياسة جديدة، فبينما كان رجل الأعمال «يقبل رجلينا كى نقبل منه تسديد الملايين التى استولى عليها مقابل أن تخفف المحكمة الحكم عليه أصبحنا الآن نتوسل إليه سداد المبالغ التى استولى عليها، ولم يعد بمقدورنا حبس رجل أعمال، وأصبح الحبس الاحتياطى وسيلة تلجأ إليها النيابة العامة فى آخر المطاف للضغط عليه لسداد ما استولى عليه، بل إنه تم تعديل قانون البنوك ليتيح تصالح رجال الأعمال مع البنوك، وأصبحت النيابة العامة تسلك نفس المسلك فى باقى قضايا الأموال العامة، حيث إن الدولة حاليا تروج لما تسميه السياسة الجنائية الحديثة، وتقضى بالاكتفاء بأن يدفع المتهم بالاستيلاء على المال العام ما نهبه من الجهات الحكومية مقابل حفظ التحقيقات معه، والاكتفاء بتوقيع الجزاءات التأديبية على مسئولى البنوك والجهات الحكومية، وتتراوح الجزاءات التأديبية من بداية من الخصم من الراتب أو الوقف عن العمل أو الفصل نهائيا، بينما كان القضاء يعاقبهم فى الماضى بالسجن عدة سنوات». ويضيف قائلا «اكتشف واقعة اختلاس 5 ملايين جنيه من أحد البنوك، وعندما ألقيت القبض على المتهم فوجئت بوكيل النيابة يخلى سبيل المتهم بعد شهر رغم عدم سداد أموال البنك، ولما سألت وكيل النيابة عن السبب قال إن المتهم أرهقه، وأكد أنه أصبح مضطرا كل 15 يوما إلى ترك عمله والتوجه للمحكمة لتجديد حبس المتهم، ثم يذهب فى يوم آخر للمحكمة عندما يستأنف المتهم يستأنف قرار تجديد حبسه، وهكذا فى كل القضايا مما حمل وكيل النيابة وباقى زملائه عبئا كبيرا جعلهم غير قادر على متابعة التحقيقات فى باقى القضايا، وكل ذلك بسبب قانون الحبس الاحتياطى الجديد».