القاضيان انتصار نسيم حنا رئيس محكمة استئناف القاهرة وفاروق سلطان رئيس محكمة استئناف القاهرة سترسم قراراتهما مستقبل الحكم فى مصر خلال العامين المقبلين، فالأول رئيس اللجنة المشرفة على انتخابات مجلس الشعب العام المقبل بحكم منصبه، والثانى رئيس لجنة الانتخابات الرئاسية وصاحب الكلمة الفصل فى قبول ترشيح منافسين آخرين لجمال مبارك من عدمه عام 2011. الأول لم يختره أحد لتولى مهام منصبه، حيث تولاه لأنه أقدم قاض بمحاكم الاستئناف على مستوى الجمهورية ولكن مساعديه المشرفين على الانتخابات واللذان سيتحكمان فى مطبخ العملية الانتخابية لا يعرف عن أحدهما شيئا، والثانى تم اختياره بعناية شديدة من بين 100 قاضٍ كانوا يصلحون جميعا لشغل منصب رئيس المحكمة الدستورية، لكن طريقته فى انتخابات نقابة المحامين كانت جواز مروره إلى المحكمة الدستورية. القاضى انتصار نسيم حنا، رئيس محكمة استئناف القاهرة، خدم سنوات طويلة فى التفتيش القضائى، لذلك فإن جميع القضاة يحفظون اسمه عن ظهر قلب، فهو الرجل الذى فحص ملفاتهم، وتلقى الشكاوى المقدمة ضدهم، وراجع أحكامهم، وأهلته فى ذلك طبيعته كشخصية صارمة جدا، وتصميمه على أن يتابع كل شىء بنفسه وتحت إشرافه، وعندما اعتلى المستشار ممدوح مرعى وزير العدل منصبه رأى فيه الشخصية المناسبة لتوليته منصب مساعد وزير العدل لشئون التفتيش القضائى. وفى شهر يوليو الماضى خرج القاضى عادل زكى أندراوس رئيس محكمة استئناف القاهرة سابقا على المعاش، وأصبح أقدم قاض فى كل محاكم الاستئناف هو حنا، فقرر تر ك منصبه كمساعد للوزير كى يتولى رئاسة محكمة الاستئناف. فى ذلك الوقت تردد أن نسيم أحد المرشحين لرئاسة المحكمة الدستورية نظرا لأقدميته وخبرته، ولكن تم استبعاده ربما لأنه سيخرج إلى المعاش بعد عام واحد، وسيؤدى ذلك إلى قيام رئيس الجمهورية باختيار رئيس جديد للمحكمة. لم يظهر نسيم فى الصحف أو تحدث لوسائل الإعلام، فالرجل قليل الكلام كثير الفعل، ولكنه لم يعارض وزارة العدل يوما، بل كان يعمل فى ديوانها تابعا للسلطة التنفيذية ممثلة فى وزير العدل سنوات طويلة. رغم صرامة شخصية نسيم إلا أن جيش الموظفين والضباط الذين سيطبخون انتخابات مجلس الشعب هم الذين سيحددون الفائز والخاسر وهم الذين سيحددون عدد مقاعد الحزب الوطنى والمستقلين والإخوان وأحزاب المعارضة، وفى النهاية فإن نسيم هو الذى سيعلن للشعب إن كان المستقلون والإخوان المسلمين فازوا بمقاعد كافية لترشيح مرشح مستقل فى الانتخابات الرئاسية المقبلة من عدمه، حيث إن اختيار رئيس مصر المقبل يبدأ من انتخابات مجلس الشعب، وفقا لنصوص الدستور. أما المستشار فاروق سلطان فقد ظهر اسمه على استحياء عندما تولى رئاسة دائرة فى محكمة جنايات القاهرة، وعندما تولى المستشار ممدوح مرعى وزير العدل مهام منصبه اختاره رئيسا لمحكمة جنوبالقاهرة، وهو منصب حساس، حيث عهد القانون لرئيس محكمة جنوبالقاهرة بالإشراف على الانتخابات فى النقابات المهنية، التى ظل بعضها تحت الحراسة والبعض الآخر لم يجر فيها انتخابات منذ أكثر من 15 عاما باستثناء نقابتى الصحفيين والمحاميين. وظهر اسم سلطان بقوة عندما أجرى انتخابات مثيرة للجدل فى نقابة المحامين، حيث قام بعض مرشحى الإخوان المسلمين بتقديم طعون فى محكمة القضاء الإدارى قرروا فيها أن الانتخابات شهدت تلاعبا لصالح مرشحى الحزب الوطنى خلال عملية حساب وجمع الأصوات الخاصة باللجان الفرعية، ولم يفصل القضاء الإدارى فى هذه الدعاوى حتى الآن. وبعد أيام من انتخابات المحامين، قام وزير العدل بانتداب سلطان للعمل بوزارة العدل ثم استحدث له منصبا سماه «مساعد وزير العدل للمحاكم المتخصصة»، ولم يتسلم سلطان عمله ولم يخصص له مكتب فى الوزارة، حيث إنه فى غضون أسبوعين رشحه وزير العدل للرئيس مبارك، وأكد له أنه الشخص المناسب للمنصب المناسب، ساعتها علم قضاة المحكمة الدستورية بالأمر، فثاروا ، وعقدوا جمعية عمومية طارئة، اعترضوا فيها على ترشيح سلطان رئيسا عليهم ليس لأن هناك 97 قاضيا أقدم منه فى محاكم الاستئناف التى جاء منها، ولكن لأنه يوجد 3 من نواب رئيس المحكمة الدستورية أقدم منه، ولا يليق أن يكون رئيسا عليهم وهو أحدث منهم، وأرسلوا للرئيس خطابا بفحوى اعتراضهم، فطلب الرئيس إبلاغ وزير العدل أن يفحص اعتراض قضاة المحكمة، لكن خطواته كانت أسرع، وقرر قطع الطريق على قضاة المحكمة، وأبلغ التليفزيون أن الرئيس مبارك عين سلطان رئيسا للمحكمة الدستورية، ولم يعد هناك مجال أمام الرئيس لمراجعة قراره. ورغم تولى سلطان مهام منصبه، لكن بعض زملائه قضاة المحكمة لم يهنئونه بمنصبه، بل إن نائبه الأول المستشار فاروق البحيرى تغيب عن عمله، وطلب إعفاءه من كل الأمور الإدارية والاكتفاء بحضور الجلسات. لكن سلطان سعى لاحتواء الموقف، وقرر صرف راتب شهر لجميع قضاة المحكمة.