شهد عام 2009 محاكمات لاقت متابعة إعلامية كبيرة إما لأهمية موضوع القضية وإما لشهرة الأشخاص الذين تجري محاكمتهم. فيما يلي نظرة على أبرز المحاكمات التي جرت في هذا العام. محاكمة "برنارد مادوف" سيناريو القضية: كشفت رياح الأزمة المالية التي هبت على وول ستريت كواليس أكبر عملية احتيال للقرن الحالي، بطل عملية النصب هذه هو المصرفي الأمريكي برنارد مادوف الذي نجح في كسب ثقة زبائنه من مصارف وشركات وكبار الأثرياء لإيداع أموالهم في شركته لاستثمارها في مشاريع مختلفة، مقابل حصولهم على معدلات ربح تجاوزت أحيانا 17 بالمائة. غير أن شركة مادوف تكبدت خسائر كبيرة عندما أراد العديد من زبائنه القلقين من انعكاسات الأزمة المالية، استعادة أموالهم في الوقت الذي لم يكن يملك فيه مادوف أكثر من مليار واحد. الحكم: في 11 ديسمبر 2008 تم اعتقاله واعترف "محتال القرن" بأنه لم يستثمر يوما قرشا واحدا من الأموال التي ضمت إلى شركته. حجز القضاء على ممتلكاته لتعويض ضحايا الخسائر التي تسبب بها وقدّرت ب 50 مليار دولار. وفي 29 يونيو حكم بالسجن لمدة 150 عاما على مادوف الذي قرر ألا يستأنف الحكم وقضاء ما تبقى من عمره وراء القضبان. قضية أنجولا جيت سيناريو القضية: تعددت الأسماء التي أطلقت على قضية أنجولا جيت، لكن القضية تبقى واحدة. عام 1994، قامت فرنسا ببيع أسلحة بقيمة 790 مليون دولار أمريكي إلى أنجولا التي كانت تتخبط في حرب أهلية، ونتيجة لنجاح هذه الصفقة، تلقت بعض الشخصيات الفرنسية عمولات مالية كبيرة. الحكم: محاكمة الملاحقين في قضية أنجولا جيت والذين بلغ عددهم 42 شخصا بدأت في أكتوبر 2008، لكن الحكم في حقهم لم يصدر إلا بتاريخ 27 أكتوبر 2009. محكمة الجنح بباريس أدانت 36 متهما في حين برأت ساحة 6 متهمين. ومن بين أبرز الأحكام الصادرة، كان حكم السجن لمدة ثلاث سنوات منها سنة نافذة وغرامة مالية بقيمة 100 ألف يورو في حق وزير الداخلية الأسبق شارل باسكوا (1993-1995) الذي قرر استئناف الحكم. محاكمة دوش أحد رموز الخمير الحمر سيناريو القضية: بعد مرور 30 سنة على زوال نظام الخمير الحمر في كمبوديا (1975-1979)، بدأت محاكمة أحد أبرز رموزه إينج جويك أياف الملقب ب"دوش" والمتهم بتورطه في مقتل أكثر من 15 ألف شخص في سجن "تيول سلينج" الذي كان يديره ما بين 1975 و1979. يمثل دوش أمام محكمة تشرف عليها الأممالمتحدة في بنوم بنه عاصمة كمبوديا، والتي سيمثل أمامها خمسة مسئولين آخرين من الخمير الحمر المتورطين في مقتل مليوني كمبودي جراء التعذيب . الحكم: محاكمة دوش بدأت في 17 فبراير2009، وأثار دوش المفاجأة حين طلب إطلاق سراحه بعد أن أقر بالاتهامات الموجهة إليه، معتبرا بأنه قام فقط بتطبيق أوامر رؤسائه خوفا من إعدامه وعائلته. ومن المنتظر صدور الحكم في حقه بداية عام 2010. محاكمة جوزيف فريتزل سيناريو القضية: استفاقت النمسا نهاية شهر أبريل 2008 على قضية مروعة بطلها الأب النمساوي جوزيف فريتزل المتهم في قضية سفاح قربى. وبعد إلقاء القبض عليه، اكتشف القضاء النمساوي أن فريتزل احتجز منذ العام 1984 ابنته إليزابيث في قبو بيته وأنجب منها سبعة أطفال، توفي أحدهم وهو رضيع. الحكم: بدأت محاكمة جوزيف فريتزل بتاريخ 16 مارس 2009، وأقر في بداية محاكمته بتهم الاغتصاب والاحتجاز والسفاح، لكنه نفى تورطه في القتل أو الاستعباد. وفي 19 مارس، أصدر القضاء حكما بالسجن مدى الحياة في حق الوحش فريتزل مع الحجز في مصح عقلي. محاكمة المتهم في اعتداءات بومباي سيناريو القضية: هزت سلسلة من الهجمات ما بين 26 و29 نوفمبر مدينة بومباي العاصمة الاقتصادية للهند، مخلفة 174 قتيلا بينهم تسعة مهاجمين من أصل عشرة و26 أجنبيا. وقد استهدفت الهجمات فنادق فخمة ومحطة قطار مكتظة ومقهى سياحيا ومركزا يهوديا، ونفذها مسلحون قيل إنهم تدربوا في باكستان ولم ينجو منهم سوى محمد أجمل أمير إيمان الملقب ب "القصّاب". الحكم: انطلقت محاكمة القصّاب في 17 أبريل 2009، وكان قد أقر بتورطه في مجزرة بومباي أواخر العام 2008، ثم تراجع عن أقواله في 18 ديسمبر، مؤكدا أن اعترافاته الأولى أُخذت منه تحت تعذيب الشرطة الهندية. وفي حالة إدانته، قد يواجه القصّاب الذي يبلغ من العمر 21 سنة عقوبة الإعدام. محاكمة أونج سان سو تشي سيناريو القضية: تعود أول حلقات الصراع بين زعيمة المعارضة البورمية أونج سان سو تشي والنظام العسكري الحاكم في بورما إلى العام 1988، إثر فوز حزبها في الانتخابات العامة التي دعا إليها النظام العسكري في بورما عام 1990. وكانت هذه الانتخابات ستفضي إلى تعيين سو تشي كرئيسة لوزراء بورما، غير أن المجلس العسكري رفض تسليم السلطة، وفرض عليها الإقامة الجبرية. الحكم: مدد النظام الحاكم في بورما فترة الإقامة الإجبارية لأونج سان سو تشي عدة مرات، دون تقديمها للقضاء. ولم تبدأ محاكمتها إلا في 18 مايو 2009، وأسفرت من جديد عن تمديد فترة إقامتها الجبرية لمدة 18 شهرا إضافية، بتهمة استضافة مواطن أمريكي في مايو. و هو ما يقصيها عن المشاركة في الانتخابات العامة المقررة عام 2010. وقد قررت سو تشي استئناف الحكم. قضية كليرستريم سيناريو القضية: تعود أحداث قضية كليرستريم التي تشابكت فيها خيوط عالمي المال والسياسة إلى مطلع العام 2004. حينها تلقّى قاضي فرنسي لوائح حسابات مصرفية أرسلها إليه مجهول تشير إلى امتلاك بعض الشخصيات الفرنسية من بينها الرئيس نيكولا ساركوزي لحسابات في مصرف كليرستريم في لوكسمبورغ وتثير الشكوك حول احتمال تلقي هذه الشخصيات عمولات في صفقة بيع فرنسا لفرقاطات لتايوان. غير أن القاضي، اكتشف أواخر 2004، أن اللوائح كانت مزورة بهدف النّيل من بعض الشخصيات السياسية. ومن أبرز الملاحقين في هذه القضية رئيس الوزراء الفرنسي السابق دومينيك دو فيلبان. الحكم: بدأت فصول محاكمة المتابعين في قضية كليرستريم في 21 سبتمبر 2009، واستمرت لمدة شهر. وستنطق محكمة الجنح بباريس بحكمها بداية عام 2010. قضية رادوفان كاراديتش سيناريو القضية: أُلقي القبض على رادوفان كاراديتش في 21 يوليو 2008، بعد 13 عاما من التخفي، حيث اتهمته "المحكمة الدولية لجرائم الحرب المرتكبة في يوغوسلافيا" في لاهاي بارتكاب جرائم حرب خلال حرب البوسنة 1995. الحكم: بدأت وقائع محاكمة كاراديتش في 26 أكتوبر. ويلاحق بعدة تهم أهمها التطهير العرقي في البوسنة وحملة ترهيب خلال حصار سراييفو أسفرت عن 10 آلاف قتيل خلال 44 شهرا، وكذلك مسؤوليته في مجزرة سريبرينيتشا التي قُتل فيها حوالي 8 آلاف مسلم في يوليو 1995. وقد أرجأت المحكمة محاكمته إلى الأول من مارس 2010، بعد أن فرضت تعيين محام له. قضية النازي جون ديميانيوك سيناريو القضية: اعتقد جون ديميانيوك، الأوكراني الأصل، وحارس أحد المعتقلات النازية سابقا أنه أفلت من قبضة القضاء عندما أطلقت إسرائيل سراحه عام 1988 بعد سجنه ل 5 سنوات، وذلك بسبب ورود شك حول هويته. لكن ماضيه النازي سرعان ما لاحقه من جديد، إذ جُرّد من جنسيته الأمريكية عام 2002 وطُرد إلى ألمانيا للمثول أمام القضاء بتهمة العمل ك "أحد حراس معتقل سوبيبور في بولندا في الفترة ما بين 27 مارس إلى نهاية سبتمبر1943 وساهم في قتل 29 ألف يهودي على الأقل". الحكم: بدأت محاكمة ديميانيوك أو إيفان الرهيب في 30 نوفمبر 2009 أمام محكمة الجنايات في ميونيخ، جنوبألمانيا، رغم استمراره في نفي التهمة الموجهة إليه. ولم يصدر بعد أي حكم في حقه. محاكمة ألفريدو أستيز سيناريو القضية: ألقي القبض على ألفريدو أستيز الملقب بملاك الموت الأبيض عام 2003، بتهمة اقتراف جرائم ضد الإنسانية، إبان حقبة ما يعرف ب"الحرب القذرة" في الفترة ما بين 1976 و1983. ويلاحق أستيز خاصة لمسؤوليته عن الاختفاء القسري لراهبتين فرنسيتين وشابة تحمل الجنسيتين الأرجنتينية والسويدية. الحكم: اعتقل أستيز عام 2003، ولم يُطلق العنان لمحاكمته إلا في 11 ديسمبر 2009 في الأرجنتين. كما أصدرت إيطاليا حكما غيابيا في حقه يقضي بسجنه مدى الحياة لتهم أخرى.
