قال مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، عمار الدويك، إن آخر شهرين شهدا تطورات مهمة وكبيرة على صعيد جهود فلسطين في ملاحقة ومساءلة مجرمي الحرب الإسرائيليين، مشيرا إلى أن الدائرة التمهيدية في المحكمة الجنائية الدولية أصدرت قرارا مهما بتاريخ 5 فبراير الماضي يؤكد أن للمحكمة اختصاصًا قضائيًا على دولة فلسطين التي تشمل الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، باعتبارها دولة طرفًا في ميثاق روما. وأضاف خلال كلمته بمؤتمر دولى حول "تعزيز المساءلة والمحاسبة الجنائية لجرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة .. فلسطين نموذجا" المنعقد بالقاهرة اليوم، أن المدعية العامة أعلنت في بداية الشهر مارس الجاري مباشرة التحقيق في جرائم حرب مفترضة في الأراضي الفلسطينية منذ مايو 2014، معتبرا أن هذه التطورات المهمة لم تأت من فراغ، وإنما جاءت نتيجة لعمل دبلوماسي وسياسي وقانوني واع ومنظم امتد على مدار أكثر من عشر سنوات، ابتداء بحصول فلسطين على قرار من الجمعية العامة في سنة 2012 بالاعتراف بفلسطين دولة غير عضو، تلا ذلك انضمام فلسطين الى ميثاق روما المنشئ للمحكمة في أبريل 2015، ومن ثم إحالة عدد من الملفات للمحكمة تتعلق بالاستيطان والأسرى والحرب والعدوان على غزة في سنة 2014 والإعدامات الميدانية وقتل الأطفال. وتابع: "كما شهدت الفترة منذ انضام فلسطين إلى ميثاق روما عملا قانونيا وحقوقيا منظما على المستويين الرسمي والأهلي، قادته وزارة الخارجية ودائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير، وعدد من منظمات المجتمع المدني الفلسطيني الرائدة التي سلمت للمحكمة توثيقات عالية المهنية، كما قدمت مطالعات قانونية ضمن إطار صديق المحكمة". وأشار إلى أنه رغم أهمية القرارت الأخيرة، باعتبارها اختراقا مهما على صعيد مساءلة قادة الاحتلال عما يقترفونه من جرائم، إلا أنه يجب أن ندرك أن التحقيق في الجرائم الدولية يتطلب الكثير من الوقت والجهد. وذكر أنه قد تسعى دولة الاحتلال، والتي اعتبر قادتها قرارات المحكمة الأخيرة خطرا استراتيجيا بل وجوديا تجب مواجهته، إلى عرقلة مثل تلك التحقيقات بمختلف الوسائل السياسية والدبلوماسية وبناء التحالفات لإجبار المحكمة على التراجع في النظر في الجرائم، وستسعى لتجنيد أنصارها من الخبراء القانونيين الدوليين لإيجاد أية ثغرات ممكنة لوقف ملاحقة الإسرائيليين، كما ستسعى لقلب إجراءات المحكمة باتجاه الفلسطينيين ومحاولة ملاحقة قادة فصائل فلسطينية أو قيادات أمنية وعسكرية فلسطينية. وتابع: "عدا عن إمكانية قيامها بعرقلة جهود طواقم التحقيق أثناء قيامهم بأداء عملهم كمنعهم من القيام بزيارة الضفة الغربية وقطاع غزة، أو بتشريع قانون يجرم التعاطي مع المحكمة والتعامل مع طواقمها، أو منع الشهود من القيام بالإدلاء بالشهادات أمام المحكمة واستهدف المحققين والخبراء والشهود وتهديدهم وإيذائهم، والقيام بأعمال القرصنة الإلكترونية للبيانات. وقال إن المحكمة ومنظومة العدالة الدولية تقف الآن أمام اختبار حقيقي، متسائلا:" هل المحكمة الجنائية الدولية، هي محكمة الرجل الأبيض لمحاكمة المارقين من قادة ومسؤولي ما يسمونه العالم الثالث خاصة في إفريقيا، أم أنها ستكون محكمة عادلة ومنصفة وتخضع لسيادة القانون الدولي. وأضاف أن هذه التطورات الأخيرة في موضوع الملاحقة الجنائية الدولية، تتطلب التوقف ودراسة هذه القرارات، والتفكير في الخطوات القادمة، بما يضمن استمرار العمل القانوني والحقوقي المهني لدعم جهود وتحقيقات المحكمة، وتقديم التقارير التوثيقية والمطالعات القانونية الصحيحة وفي الوقت المناسب، وأيضا بناء التحالفات لموجهات تحركات إسرائيل وحلفائها المحتملة للضغط على المحكمة، وتوفير الحماية لأولئك الشجعان الذين قرروا المضي قدما في ملاحقة إسرائيل وفي تقديم الشهادات أو التقارير. وتابع: "نتطلع إلى نقاشات معمقة وجدية حول التحديات والفرص الناتجة عن هذه القرارات، وأيضا ما هو المطلوب منها كمؤسسات عمل أهلي، ومؤسسات وطنية لحقوق الإنسان، وشبكات، وحكومات لدعم توجه دولة فلسطين".