عانت صناعة السينما المصرية، فى الفترة الأخيرة من أزمات متلاحقة بعدما تعرضت لانتعاشة مفاجئة صاحبت تدفق رأس المال الخليجى فى قنوات فضائية متعددة، لكن ظلال الأزمة الاقتصادية العالمية الصارمة تسببت فى أن تنتهى هذه الانتعاشة. وأفاق صناع السينما المصريون على واقع مرير صنعوه بأنفسهم تمثل فى التضخم غير المبرر لأجور العاملين وما إن أفاق المنتجين وبدأوا فى التقاط بعض من أنفاسهم المتعبة من موسم شملته الأزمة العالمية بتوابعها المصحوبة بإنفلونزا الخنازير وأزمات الكرة المتلاحقة، حتى ضربتهم أزمة مدينة دبى المالية التى تمثل مع الكويت أحد أجنحة التوزيع الخليجى للأفلام المصرية. «الشروق» تحاول أن تفتح ملف أزمة دبى وتأثيرها على صناعة السينما المصرية. «بالتأكيد ستمتد أزمة مدينة دبى إلى كل الدول الخليجية وستصنع تأثيرا سلبيا على عدد الأفلام المصرية التى يتم شراؤها للعرض فى الخليج» هكذا بدأ الموزع الكويتى هشام الغانم كلامه، مضيفا إن أفضلية التوزيع ستكون، فى هذه الحالة، للأفلام التى يلعب بطولتها النجوم الكبار كعادل إمام وأحمد حلمى وأحمد السقا وكريم عبدالعزيز وأحمد عز أو الأفلام ضخمة التكلفة، وتابع: «ينبغى التأكيد أن أسعار شراء الفيلم ستنخفض أيضا، فبدلا من أسعار البيع الحالية التى تتراوح بين 25 ألفا ومليون ونصف المليون دولار أو مليونى دولار حسب الفيلم وأبطاله، فإنها ستقل بنسب تتراوح بين 20 أو 25 فى المائة». وعلى الرغم من أن الغانم نفى تماما وجود تأثير مباشر على الإنتاج فى مصر، معللا بأنه أصبح، فى العام الماضى على وجه التحديد، مصريا مائة بالمائة، فإنه توقع تأثيرا غير مباشر، خصوصا فيما كان يحصل عليه صناع الفيلم من دفعات بعد التوقيع وخلال التصوير، مثلما حدث مع أفلام موسم عيد الأضحى المعروضة حاليا، وقال: «مثلا كل ما تم عرضه فى الخليج هما فيلمان أولهما «أولاد العم» الذى يعرض فى الكويت ويحقق معدلاته العادية والمتوقعة منه، ثم فيلم «أمير البحار» فى الإمارات. الذى أتوقع أنه لم يحقق المعدلات المتوقعة منه، ولم يخف الغانم أمنيته الشخصية بتمنى انتهاء الأزمة فى دبى سريعا مؤكدا أنها ستقلل عدد رواد السينما الخليجيين مما يعنى ضررا مباشرا له وللسينما المصرية». أما المنتج جمال العدل فأكد أن تأثير أزمة دبى لن يكون كبيرا على السينما نظرا لأنها تعانى من أزمة طوال العام الماضى، وقال: «ما حدث فى دبى سيؤثر بالطبع لكن تأثيره سيكون محدودا، وأثق فى أن مدينة دبى ستتجاوز هذا الحادث العارض الذى لن يؤثر على الإنتاج المصرى لعدم وجود حقيقى للتمويل الخليجى طوال العام الماضى، خصوصا أن ميزانيات السينما والتليفزيون تم وضعها منذ بداية العام وبالتالى فلن يظهر تأثيرا سريعا وهو ما يعنى إمكانية تجاوز هذه الأزمة سريعا أيضا». وخلافا لهذا الرأى، أكد المنتج كامل أبوعلى على أثر هذه الأزمة على الإنتاج السينمائى، وقال: «سنتأثر بالتأكيد، فالعالم قرية صغيرة وما يحدث فى أى بقعة عالمية يؤثر على مصر فما بالك فى محيط منطقتها العربية»، لكن هذا الأثر، فيما يتوقع أبو على، سيظل مقتصرا فقط على التوزيع الخارجى؛ حيث سيقل عدد الأفلام التى يمكن تسويقها، وأضاف: «ورغم هذا فلن يتأثر الإنتاج بصورة مباشرة، وبالتالى أتوقع انتهاءه سريعا كما أثق فى قدرة السينما المصرية على اكتشاف حلول وبدائل جديدة، ولكى نصل إلى ذلك فالأمر يتطلب رؤية عميقة ودراسة لكل الأوضاع قبل وضع أى تصورات عنها». واتفق معه فى هذا الرأى أيمن الحلوانى المسئول عن الإنتاج السينمائى بشركة روتانا، الذى بادرنا بتوقعه لتأثيرات كبيرة تتراوح نسبتها بين 30 أو 40 فى المائة على السوق السينمائية، وقال: «لا يوجد شىء لا يتأثر فى محيط ما نقوم به وحتى الإنتاج قد تأثر بشكل غير مباشر، وهو تأثير بدأ منذ عام كامل بسبب قلة السيولة المتوافرة لدى الكيانات الإنتاجية الكبرى فى المنطقة»، لافتا إلى أن السيناريو المتوقع هو عملية فلترة لما يشتريه الموزعون من أفلام. وبالتالى فلن يشتروا إلا الفيلم الذى سيعرضونه، وأضاف: «هناك بعض الأفلام تشتريها الشركات لطرحها على أشرطة الدى فى دى دون العرض التجارى، الأمر الذى يعنى وجوب التدقيق فى اختيار الأفلام»، موضحا أن سوق الخليج تحكمه كيانان كبيران للتوزيع هما شركة جولفن بالإمارات والشركة الكويتية بالكويت، وهو ما يعنى أن ضربة دبى موجهة مباشرة لأحد جناحى التوزيع الخليجين، وقال: «يفرض ذلك على كل من المنتجين والموزعين المصريين والعرب أن يجلسوا معا لوضع تصور واقعى وخطة مستقبلية عن طريق دراسة جيدة لكل الأسواق العربية، وأعتقد أن هذا ما يحدث فعلا على الأقل فى روتانا». لكن المنتجين صلاح رمزى ووالده محمد حسن رمزى، أكدا فى، تصريحات مشتركة، أن هذه الأزمة لا تقتصر على دول الخليج أو على دبى فقط، لافتين إلى وجود أزمة أهم وأخطر فى لبنان والأردن وستمتد إلى كل الوطن العربى، وقال بيانهما المشترك: «الأزمة تبعا لذلك خطيرة وتحتاج إلى نظرة واقعية للواقع السينمائى الحالى والمعاصر وما يحدث وسيحدث مستقبلا من تأثير لم يدرس أحد نتيجته بعد». وأشار البيان إلى وجود توابع لذلك مثل انتهاء نظام ربط الفيلم الكبير بعدة أفلام صغيرة ولن يشترى الموزع الخليجى إلا أفلام النجوم الكبار أو الأفلام ذات التكلفة العالية والمستوى الفنى المرتفع، مؤكدين أن ما يحدث حاليا هو امتداد للأزمة التى تواجهها الصناعة منذ عام كامل وهى التى أثرت حتى على القنوات التى تشترى الأفلام فالمجموعة الفنية المتحدة دائنة للقنوات الفضائية بما يقرب من 100 مليون جنيه منها 14 مليونا على روتانا فقط وبالطبع فالقنوات تسدد هذه النقود لكن على دفعات، وأكدا فى الوقت ذاته عدم وجود ما يسمى بسلفات توزيع خارجية وما هى إلا دفعات محددة مسبقا منذ توقيع العقد وحتى عرض الفيلم.