أظهر تقرير المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين الثالث حول أداء الاقتصاد والصناعة فى الدول العربية عام 2008 عن التأثير الكبير للأزمة المالية العالمية على الاقتصاديات العربية، مما اضطرت العديد من الدول خفض قيمة الدعم الذى تقدمة للسلع الأساسية ذات الاستهلاك الشعبى الواسع كواردات الأغذية واللوازم الطبية، مما أثر على القدرة الشرائية للمواطن العادى، خاصة على السكان الأشد فقراً. وتناول التقرير استعراض أهم التطورات الاقتصادية التى مر بها العالم العربى العام الماضى وتحليل آثار الأزمة على الصناعة العربية، لاسيما الصناعات النفطية والبتروكيماويات وصناعة الحديد والصلب والألمونيوم وصناعات النسيج والمنتجات الكهربائية. وقال محمد بن يوسف المدير العام للمنظمة العربية، إن الأزمة المالية العالمية وضعت نهاية للازدهار الاقتصادى، الذى شهدته المنطقة العربية بأسرها خلال الأعوام ال6 الماضية، حيث شكلت الأزمة الغذائية التى تلاها الانخفاض الحاد لأسعار النفط تحدياً كبيراً للمنطقة التى تعتبر أكبر مصدر للنفط وأكبر مستورد للمواد الغذائية. وأكد بن يوسف تراجع معدلات النمو الاقتصادى بشكل ملحوظ، حيث قدر معدلة فى المنطقة بنسبة 2.9% خلال عام 2009 مقابل 6% عام 2008، كما تراجعت توازنات الاقتصاديات الكلية وعانت الكثير من البلدان من اتساع العجز فى حسابها الجارى وفى ميزانيتها، كما أدت الأزمة المالية العالمية إلى انخفاض كبير فى التبادلات التجارية العالمية التى كانت تعتبر العامل الرئيسى وراء الأداء الجيد، الذى شهده النمو الاقتصادى للدول العربية فى الأونة الأخيرة. وسجلت الدول المصدرة للنفط أكبر الخسائر، حيث انخفضت صادرات السلع فيها بنسبة 38% مما ترتب عنه خسائر فى عائدات التصدير لجميع دول مجلس التعاون الخليجى لتصل إلى 469 مليار دولار خلال العام الماضى مقابل 753 مليار فى عام 2008. وقال بن يوسف، إن الأزمة أثرت بشكل كبير على القطاعات الصناعية العربية نتيجة لانخفاض الطلب العالمى، مما أدى إلى انخفاض صادرات السلع المغربية بنسبة 28% والأردنية بنسبة 20% وتونس بنسبة 18%، ومصر بنسبة 14%، مما أدى إلى ارتفاع العجز فى ميزانيات تلك البلدان. وأكد مدير المنظمة، أن الأزمة العالمية تسببت فى انخفاض تدفق الاستثمار الأجنبى فى المنطقة العربية، حيث قدر بنحو 30% مقارنة مع المعدل المسجل خلال العام الماضى، كما تراجعت تحويلات العمال المهاجرين وعائدات قطاع السياحة، بالإضافة إلى أن الأزمة المالية فقامت عدم التوازن الاجتماعى الذى تشهده معظم البلدان العربية، حيث مما أدى إلى انكماش النشاط الاقتصاديى وإغلاق العديد من الشركات وزيادة البطالة فى المنطقة العربية. وأكد التقرير تأثر القطاع المالى فى الدول العربية بشكل محدود من الأزمة فى حين كان للازمة تأثير سلبى على القطاع الحقيقى وخاصة الصناعى للدول العربية المصدرة، وكان تأثيرها أكبر على الصناعات النفطية وصناعات السلع الأساسية مثل الفوسفات والبوتاس والنحاس باعتبارها الأكثر عرضة لتقلبات الأسعار فى الأسواق العالمية. وأوضح التقرير، أن آثار الأزمة المالية بدأت تنحصر، حيث تعافت دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من أثارها بشكل متزامن مع الاقتصاد العالمى، ومن المتوقع آن تتحسن الأفاق بالنسبة للمنطقة العربية لعام 2010، وينتظر أن يرتفع معدل النمو ليصل إلى 4.4% خلال عام 2010 مقابل 2.9% عام 2009 نتيجة مواصلة ارتفاع الطلب المحلى وارتفاع أسعار النفط وعودة الانتعاش الاقتصادى تدريجياً. كما يتوقع التقرير، أن تشهد البلدان العربية المصدرة للنفط تسارعاً فى نموها الاقتصادى ليصل إلى 4.2% فى عام 2010 مقارنة ب2.2% خلال عام 2009 وأن تشهد اقتصاديات الدول العربية المصدرة للنفط ارتفاع وتيرة إنفاقها العام وزيادة الاستثمار لاسيما فى القطاع النفطى وغير النفطى، وأن تستأنف الصناعات الرئيسية نشاطها بفضل الانتعاش فى الطلب العالمى، ولا توجد توقعات لحدوث أى ضغوط أخرى على أسعار النفط فى الوقت الراهن ويرجع ذلك إلى محدودية الطاقات الإنتاجية للدول النفطية واستقرار الطلب على النفط فى أهم البلدان الصناعية. أما بالنسبة للبلدان غير النفطية فمن المتوقع أن تستأنف نموها الاقتصادى بشكل أبطء مما كان متوقعا طبقا لتقرير المنظمة نتيجة لعدم تمكن البلدان الأوربية حتى الآن من استعادة عافيتها الاقتصادية، ويرتقب أن يتباطأ النمو فى البلدان غير النفطية ليصل إلى 4.5% فى العام الجارى مقابل 4.8% عام 2009، وأن يستأنف حجم الاستثمار الأجنبى المباشر فاعليته فى الأعوام القادمة نتيجة الانتعاش الاقتصادى فى دول مجلس التعاون الخليجى وأن ترتفع صادرات الدول النفطية بنسبة 7.7% خلال العام الجارى بعد أن انخفضت بنسبة 18% فى عام 2009. وتوقع التقرير أن تشهد الصناعات الرئيسية المصدرة تحسناً فى نشاطها وأرباحها وأن ترتفع تدفقات التحويلات المالية بنسبة 1.3% فى عام 2010 على الرغم من أن هذا المعدل أقل من الذى سجل فى السنوات التى سبقت الأزمة.