أشهر قليلة وتنطلق بطولة كأس العالم 2010 التى تستضيفها جنوب أفريقيا منتصف العام المقبل، ولايزال الهاجس الأمنى يسيطر على الجميع، ويطغى على غيره من الأمور المتعلقة بالمنافسة فى النهائيات. وتساءلت لويز تايلور, فى مقال لها بصحيفة «الجارديان» البريطانية: «لماذا يفزعنى الذهاب إلى جنوب أفريقيا لمتابعة فاعليات كأس عالم؟!». سبب المقال غضب شديد فى جنوب أفريقيا، خاصة أن تايلور أوضحت أن المعدلات المرتفعة للجريمة فى جنوب أفريقيا جعلها تلتفت إلى الناحية الأمنية أكثر من أى شىء آخر فى هذه البلاد. وأوضحت تايلور أنه كان من الأفضل أن تقام نهائيات البطولة فى مصر، قائلة: «من حيث الجريمة، مصر بلد آمن تماما». ولدى سؤالهم عن مشكلة ارتكاب الجرائم فى بلدهم، سارع مسئولو ومواطنو جنوب أفريقيا بالإشارة إلى أنه لا يوجد مكان فى العالم آمن تماما. يقول بيكى سيلى، المفوض العام للشرطة فى جنوب أفريقيا: «عندما أذهب إلى الولاياتالمتحدة، أجد تحذيرات من ارتياد مترو الأنفاق فى أتلانتا.. وعندما أذهب إلى لندن، أجد تحذيرات من الذهاب إلى بريكستون». ولكن جنوب أفريقيا تحتاج إلى جهد كبير للتغلب على هذه المشكلة الخطيرة وضمان سلامة وأمن زائريها خلال كأس العالم. يصل متوسط عدد قتلى الجرائم فى جنوب أفريقيا إلى 50 شخصا يوميا، بخلاف 50 آخرين يتعرضون لمحاولات قتل. وفى الوقت الذى تقع فيه معظم جرائم القتل من أشخاص ضد أشخاص آخرين يعرفونهم جيدا، تزداد جرائم خطف السيارات، والسطو المسلح على السائحين. وزاد عدد جرائم خطف السيارات العام الماضى إلى 14 ألفا و915 جريمة، كما ارتفع معدل جرائم السطو فى المتاجر بشكل كبير، ومتكرر. وتشير جنوب أفريقيا دائما إلى سجلها الناجح فى استضافة البطولات الكبيرة، وبينها دورى الكريكيت الهندى فى أبريل وبطولة كأس العالم للقارات لكرة القدم فى يونيو الماضى، رغم ما شهدته هذه البطولة تحديدا من حوادث، أبرزها تعرض حقائب بعض لاعبى منتخب مصر للسرقة كذلك سرقة مبالغ مالية من داخل غرفهم فى فندق الإقامة خلال مباراتهم الثانية فى المجموعة الثانية أمام إيطاليا والتى انتهت لصالح مصر 1/صفر بهدف محمد حمص، كذلك محاولات إحدى الصحف الجنوب أفريقية افتعال قضية فتيات الليل الشهيرة، وإلصاقها بمنتخب مصر، إلى أن خرجت باعتذار رسمى. وقال دانى جوردون، الرئيس التنفيذى للجنة المنظمة لبطولة كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا، للصحفيين الأوروبيين عقب كأس القارات 2009: «احكموا علينا من خلال سجلنا». وقال سيلى، الذى تولى المسئولية يوليو الماضى، إلى وكالة الأنباء الألمانية: «الاستعدادات الأمنية لكأس العالم تجعلنى أهنأ بالنوم، مثل الأطفال»، مناشدا رجال الشرطة استخدام قواتهم الهائلة ضد المجرمين. وتستعد جنوب أفريقيا لتأمين البطولة عبر الاستعانة بنحو 41 ألف شرطى. وأضاف سيلى: «سنكون على استعداد لأى هجمات إرهابية محتملة، من الجو، أو البحر أو على الأرض». وأوضح أن الشرطة، التى تلقت تدريباتها للسيطرة على الجماهير تحت إشراف شرطة مكافحة الشغب فى فرنسا، ستحظى بدعم وحدات تدخل سريع فى جميع المقاطعات ال11 فى جنوب أفريقيا. وتشمل الإجراءات الاستثنائية التى تتخذها جنوب أفريقيا تشكيل محاكم خاصة لاتخاذ الأحكام العاجلة خلال فترة إقامة البطولة، بالإضافة إلى نقاط شرطة فى مؤخرة القطارات الداخلية. وأوضحت اللجنة المنظمة للبطولة أن كل عربة من العربات التى أضيفت للقطارات والتى ستنقل المشجعين من جوهانسبرج إلى ديربان وكيب تاون وبورت إليزابيث ستشمل مكاتب للشرطة وزنزانتين، مما يعنى توجيه الاتهام والحكم على مثيرى الشغب ووضعهم بالحبس قبل الوصول للمدينة التالية. ومن المقرر أن ترسل بلدان المنتخبات المشاركة فى النهائيات فرقا أمنية صغيرة لمراقبة وحماية مواطنيها، على أن تعمل هذه الفرق الأمنية بالتعاون مع شرطة جنوب أفريقيا. وقال سيلى: إن المشجعين الإنجليز المشاغبين يثيرون مخاوف خاصة فى جنوب أفريقيا، مشيرا إلى أن الشرطة البريطانية ستكون أكثر قدرة على التعامل مع أسلوب وتصرفات هؤلاء المشجعين. ومن الجهود المعاونة للشرطة أيضا شركات الحراسة الخاصة التى ستتولى تأمين الفنادق والمطاعم والمتاجر والمتاحف. وترافق كلا من المنتخبات المشاركة فى البطولة قوة أمنية خاصة. وتقدم بعض الشركات فى جنوب أفريقيا للزائرين خدمات الحراسة الشخصية على مدى اليوم. ومن المبالغات التى ظهرت فى الآونة الأخيرة ما أعلنته إحدى الشركات التى أطلقت على نفسها اسم «أمن كأس العالم» على موقعها بالانترنت من تعرض السائحين يوميا لخطر خطف السيارات التى تقلهم على الطرق القريبة من المطار. كما ذكرت أن مجرمى جنوب أفريقيا يكونون دائما مسلحين، وأحيانا لا يعرفون الرحمة، ومن ثم فإنها تقدم خدماتها.