سعر حديد التسليح مساء اليوم الأحد 13 يوليو 2025    بحضور عدد من الوزراء.. افتتاح مكتب توثيق محكمة جنوب الجيزة    السيسي يبحث حفظ السلم والأمن بأفريقيا مع قادة موريتانيا والجابون وليبيا    نقيب الصحفيين: علينا العمل معًا لضمان إعلام حر ومسؤول    تنسيق الدبلومات الفنية.. استثناء ال50 الأوائل من قواعد القبول الجغرافي بالجامعات    النائب عصام هلال: انتخابات الشيوخ تمثل استحقاقًا دستوريًا بالغ الأهمية ومشاركة المواطنين واجب وطني لدعم بناء الدولة    التعليم العالي: احتفالية بمناسبة مرور 50 عامًا على التعاون العلمي بين مصر وإيطاليا    وزير قطاع الأعمال العام: انفتاح كامل على تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص    مصر حققت ثاني أعلى نمو عالمي بعد الولايات المتحدة لتوليد الكهرباء من الغاز .. الحكومة تتخذ إجراءات مواجهة الفقد الفني وخفض استهلاك الوقود    خبراء: قرار تثبيت أسعار الفائدة جاء لتقييم الآثار المحتملة للتعديلات التشريعية لضريبة القيمة المضافة    190 ألف طن صادرات غذائية مصرية خلال أسبوع والعنب والفاصولياء فى الصدارة    وزيرة التضامن تكرم الإدارة العامة للاتصال السياسي تقديرًا لجهودها في خدمة العمل البرلماني    وزير الأوقاف: شراكة الإعلام والمؤسسات الدينية خطوة تاريخية لمواجهة تحديات العصر الرقمي    العراق يشيد بالاتفاق بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستانى : سينعكس إيجابيا على المنطقة    أحدهما يحمل الجنسية الأمريكية.. تشييع فلسطينيين استشهدا جراء هجمات مستوطنين بالضفة    استعداداً للموسم الجديد .. محمد صلاح يقود هجوم ليفربول ضد بريستون ودياً    مقابل 5 ملايين دولار .. إبراهيم عادل يقترب من الانتقال للجزيرة الإماراتى    عرض جديد من أرسنال لخطف نجم الدوري البرتغالي    نجم مودرن سبورت.. صفقة جديدة على رادار الزمالك    أستون فيلا يتمسك بواتكينز.. ونيوكاسل يدرس البدائل    نتيجة الدبلومات الفنية 2025.. الآن اعرف نتيجتك على صوت الأمة برقم الجلوس    وزراء العدل والتخطيط والتنمية المحلية يفتتحون فرع توثيق محكمة جنوب الجيزة الابتدائية | صور    رياض الخولى رئيسا للجنة تحكيم مسابقة العروض المسرحية بالمهرجان القومي للمسرح    معارض هيئة الكتاب.. قوافل ثقافية في المحافظات ومشاركة دولية بارزة    وزارة الثقافة تُطلق البث التجريبي لموقعها الإلكتروني    وكيل الأزهر يدعو الشباب للأمل والحذر من الفكر الهدام    وزارة الصحة تكشف حقيقة وفاة 4 أشقاء بالالتهاب السحائى.. اعرف ماذا قالت ؟    رئيس هيئة الرعاية الصحية : تكلفة تشغيل التأمين الصحي الشامل بمحافظات إقليم الصعيد تجاوزت 27.5 مليار جنيه حتى الآن    علامات تشير إلى وجود دهون حول قلبك.. تعرف على المخاطر المحتملة    محافظ أسوان: دخول 24 مدرسة جديدة للعام الدراسي القادم    مكافحة الحرائق.. مشروع تخرج بهندسة المطرية -تفاصيل    تامر حسني يعلن عن مسابقة بالتزامن مع طرح ألبومه "لينا معاد"    4 أبراج تقول «نعم» دائما حتى على حساب نفسها (هل أنت منهم؟)    موهبة نادرة.. ميريام طفلة مصرية تتقن العزف والغناء    بعد قبول الاستئناف.. أحكام بالمؤبد والمشدد ل 5 متهمين ب«خلية الإسماعيلية الإرهابية»    الأحوال المدنية تواصل خدماتها المتنقلة لتيسير استخراج المستندات للمواطنين    الطب 155 ألف جنيه.. جامعة القاهرة الأهلية تعلن المصروفات الدراسية لعام 2025- 2026    مساعدات أممية طارئة لدعم الاستجابة لحرائق الغابات في سوريا    هل للهضم دور في تعزيز صحة العظام؟.. تفاصيل    الكشف على 31 ألف مواطن بالمبادرات الصحية بشمال سيناء خلال 2025    ربيع ياسين: الأهلي اتخذ القرار الصحيح برحيل أحمد عبدالقادر    لاعب الأهلي السابق يكشف عن أمنيته الأخيرة قبل اعتزال الكرة    الشيخ أحمد البهي: لا تكن إمّعة.. كن عبدًا لله ثابتًا على الحق ولو خالفك الناس    هل يجوز إجبار الفتاة على الزواج من شخص معين وهل رفضها عقوق؟.. أمين الفتوى يجيب    حالة الطقس في الإمارات اليوم.. صحو إلى غائم جزئياً    "عدسة تحت الماء وشنطة مليانة حشيش".. مصور شرم الشيخ يتاجر بالمخدرات    الوطني الفلسطيني: المخطط الإسرائيلي بإقامة"المدينة الإنسانية" لا يمت بأي صلة للقيم الإنسانية    لبيد: نتنياهو يسمح بالأوهام حفاظًا على ائتلافه    القديس يعقوب بن زبدي.. أول الشهداء بين الرسل    النسوية الإسلامية.. (الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ): خاتم الأنبياء.. وهجرة الرجال والنساء! "131"    مستوطنون يحرقون بركسا زراعيا في دير دبوان شرق رام الله وسط الضفة    مأساة نص الليل.. غرق سيارة ملاكي في نكلا بالجيزة- صور    إتحاد عمال الجيزة يطلق حوارا مباشرا مع اللجان النقابية لبحث التحديات    أفضل أدعية الفجر.. 10 صيغ لطلب الرزق وصلاح الأحوال    وكالة فارس: الرئيس الإيراني أُصيب في هجوم إسرائيلي استهدف اجتماعا سريا للأمن القومي في 16 يونيو    «دوروا على غيره».. نجم الزمالك السابق يوجّه رسائل نارية لمجلس لبيب بسبب حمدان    للمرة الثانية.. سيدة تضع مولودها داخل سيارة إسعاف بقنا    من أرض الواقع.. «ستوديو إكسترا» يرصد آليات إصلاح وترميم سنترال رمسيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمجاد يا عرب أمجاد

شببت فى زمن توهج الشعور القومى العربى فى أوجه وذروته، وإضافة إلى ما تلقيناه من دروس فى مناهج التاريخ لشحذ وعينا القومى واعتزازنا بعروبتنا وسلسلة الإنجازات والانتصارات القومية التى عاصرناها فى الخمسينيات وفى منتصف الستينيات من القرن الماضى منها تأميم قناة السويس، ودحر العدوان الثلاثى على مصر، والوحدة بين مصر وسوريا، وإفشال مشروع أيزنهاور، وسقوط حلف بغداد، وثورة العراق، وثورة اليمن، وثورة الجزائر، ورحيل القواعد العسكرية عن الأراضى العربية. وكان هناك دور حيوى للإعلام فى تعبئة الشعوب العربية تحت رايات القومية وكان طليعة هذا الجهد الإعلامى إذاعة «صوت العرب» التى كانت لسان حال القومية العربية.
ولعب الفن دوره التعبوى وأنشدنا وراء مطربينا وشعرائنا وملحنينا أناشيد كانت جزءا من حياتنا وأسهمت فى تكوين شخصياتنا وعقيدتنا، ولازالت كلمات بعض هذه الأناشيد راسخة فى نفسى وفى وجدانى تحرك مشاعرى ولا أقدر على الفكاك منها والكفر بكلماتها.
فأنا لازلت أهتز عندما أتذكر صوت فايدة كامل الحماسى وهى تنشد «أهلا بالمجد وبالكرم، والفتية من خير الأمم، من شاطئ دجلة للهرم، ومغانى الأرز إلى الحرم، أكرم بالفصحى من رحم» كما أذكر بعين دامعة صوت كارم محمود الذى يذوب رقة فى أدائه العاطفى وهو يلهب حماسنا وهو ينشد «أجدادنا فخر الأجداد، أولادنا يا زين الأولاد، أمجاد يا عرب أمجاد» أو عبدالحليم حافظ وهو يغنى مع جوقة الفنانين فى نشيد الوطن الأكبر «وطنى يا زاحف لانتصاراتك ياللى حياة المجد حياتك».
***
أعترف بأننى أشعر بغصة شديدة عندما أستمع اليوم إلى هذه الأناشيد التى تغنينا بها فى زمن الحلم والأمل العربى عندما تذاع فى زمن الانكسار العربى الذى نسينا فيه الحلم ورضينا بما رأيناه واقع بائس صنع بأيدينا خاصة مع تعدد الأقلام والمنابر الإعلامية التى تزيد الواقع سوادا وتمسح الجراح بالملح الأجاج ويذيعون علينا قصيدة نزار قبانى «متى يعلنون وفاة العرب؟» لتزيدها التهابا وإيلاما ويستبدلون نشيد أمجاد يا عرب أمجاد بمناحة «أيها الراقدون تحت التراب».
لعل انتمائى لجيل بقدر ما شهد من انتصارات وبقدر ما شهد من انتكاسات وظل صامدا رافضا الانكسار، يجعلنى متشبثا بالأمل ورافضا للهزيمة واليأس. فلقد شهدنا فشل تجربة الوحدة مع سوريا سنة 1961، وشهدنا انتكاسة 1967، وشهدنا تخلى العرب عنا وإبعادنا عن الجامعة العربية سنة 1979، وشهدنا كارثة الغزو العراقى للكويت وتداعياته، وظللنا رغم هذه النكبات والجوائح صامدين مرفوعى الرأس عصيين على الانكسار.
لعل المراقب لحال العرب هذه الأيام خاصة الشباب، الذين لم يعاصروا أيام الصمود والتحدى، محبطين ولا يرون أمجادا ولا انتصارات فى العرب ولا يرونهم قادرين إلا على الإدانة والشجب وعاجزين عن ما هو أكثر من ذلك مستسلمين راضين بالدنية غير قادرين إلا على رفع الشعارات.
***
حتى لا يفقد جيل قادم الثقة فى تاريخه وفى قوميته وانتمائه، أقول لهذا الجيل أننا لو راجعنا التاريخ لوجدنا أكثر الشعوب نضالا وثورة هى الشعوب العربية، وقد ثارت وواجهت قوى تفوقها تفوقا هائلا يصعب على غيرهم أن يمتلكوا الشجاعة لمواجهتها.
لعل أول هذه الثورات فى العصر الحديث كانت ثورتى القاهرة الأولى والثانية ضد الجيش الفرنسى، حين وقف رجل الشارع القاهرى الأعزل غير المدرب أمام جنود أقوى جيوش العالم بعد أن هجر المماليك الميدان، إبراهيم باشا إلى الشام ومراد باشا إلى الصعيد.
ثار المصريون مرة أخرى بقيادة عرابى وضرب الأسطول البريطانى الإسكندرية ودكها دكا، واستمر المصريون يحاربون فى كفر الدوار والقصاصين والتل الكبير حتى خارت قواهم أمام جيش أكبر إمبراطورية شهدها التاريخ والتى كانت لا تغرب عنها الشمس.
ثم اتجهت الثورة جنوبا إلى السودان عندما ثار المهدى وحارب ضد الإنجليز لمدة قاربت العشرين سنة من عام 1881 إلى 1999 وانتصر عليهم فى عدة مراحل، ودخلت قواته الخرطوم وقامت قواته بقتل الحاكم العام الإنجليزى الجنرال جوردون إلا أنه عنف القوات على ذلك لأنه أراد أسره حيا ليبادله مع أحمد عرابى الذى أسره الإنجليز. ولعله من الجدير بالذكر أن الإنجليز الذين ادعوا أنهم فتحوا بلاد العالم وهم يحملون عبء الرجل الأبيض لنشر الحضارة والمدنية، قاموا بعد هزيمتهم لثورة المهدى ودخول الخرطوم بنبش قبر المهدى الذى كان قد توفى منذ عدة سنوات وإخراج رفاته وسحله فى شوارع الخرطوم وأخذوا جمجمته وأرسلوها إلى بريطانيا.
بعد ذلك امتدت الثورة غربا إلى ليبيا ليقف عمر المختار مع الثوار ضد الغزو الإيطالى، ويستمر فى حربه لأكثر من عشرين سنة منذ بداية الغزو فى عام 1911 إلى منتصف الثلاثينيات رغم استخدام الجيش الإيطالى لأحدث الأسلحة التى لم يسبق أن رآها الثوار، وأول استخدام للطائرات فى إسقاط القنابل فى التاريخ كان ضد ثوار ليبيا بواسطة الطائرات الإيطالية.
ثم يممت الثورة نحو الغرب أكثر ووقف عبدالكريم الخطابى فى المغرب ضد تحالف فرنسى أسبانى ونجح فى إقامة جمهورية الريف وعاصمتها أغادير فى الفترة من 1921 إلى 1926.
وكان للشرق نصيبه من الثورة منذ عام 1917 عندما تفجرت الثورة العربية الكبرى بقيادة الشريف حسين ضد العثمانيين ونجح الجيش العربى فى دخول دمشق وتحرير العقبة إلا أن التآمر البريطانى الفرنسى فى اتفاقية سايكس بيكو أجهض مشروع الدولة العربية المستقلة.
وشهد عام 1920 ومضتان للثورة. الأولى فى سوريا عندما وقف يوسف العظمة يقود الجيش العربى فى التصدى للجيش الفرنسى الذى أتى للاستيلاء على سوريا طبقا لبنود سايكس بيكو واستشهد فى معركة ميسلون، والومضة الثانية فى العراق عندما هب الشعب العراقى بمكوناته السنية والشيعية والكردية ضد النفوذ البريطانى وأخمد الإنجليز هذه الومضة فى مذبحة راح ضحيتها عشرون ألف عراقى، وكانت هذه المرة الأولى التى تستخدم فيها الغازات السامة قصفا من الجو.
تبع ذلك ثورة رشيد عالى الكيلانى عام 1941 فى العراق، ثم تصدى مصر للعدوان الثلاثى عام 1956، وثورة المليون شهيد فى الجزائر، وملحمة الصمود على قناة السويس فى مصر عام 1967 إلى 1973. ثم ملحمة انتفاضة الحجارة فى فلسطين عام 1987، وانتفاضة الأقصى عام 2000 عندما وقف الأطفال والعزل والمسلحون بالحجارة ضد الدبابات الإسرائيلية.
***
للأسف هذه الحقائق لا تدرس ضمن مقررات التاريخ فى المدارس العربية فيشب طلابنا وطالباتنا غير واعين بأننا شعوب مناضلة مكافحة، وصاروا ضحية سهلة لمن يروجون بأن العرب ظاهرة صوتية غير قادرين إلا على الخطابة والهتاف ليفقدوا الثقة فى هويتهم العربية ويسهل تطويعهم.
أقول لشبابنا من خلال هذه السطور لا تفقدوا الأمل فى المستقبل، وصدقوا ما قاله كارم محمود فى نشيده «أجدادنا فخر الأجداد» فقد جاهدوا وناضلوا وبذلوا دماءهم واستشهدوا فى كل شبر من أرض العرب، وكانت آخر كلماتهم ما خلده كلام على محمود طه الذى شدا به عبدالوهاب فى نشيده الرائع فلسطين «أخى، إن جرى فى ثراها دمى.. وأطبقت فوق حصاها اليدا.. ففتش على مهجة حرة.. أبت أن يمر عليها العدا». أما قوله أولادنا يا زين الأولاد فمنوط بكم: تسلحوا بالعلم حتى لا تواجهوا طائرات ومدافع العدا بالسيوف والخراب. اصنعوا سلاحكم بأيديكم ولا تتوسلوا أمريكا أن تنهى سياسة الحفاظ على التفوق النوعى للسلاح الإسرائيلى، اصنعوا أنتم السلاح المتفوق نوعيا، لا تنتظروا عقار لعلاج الكورونا من الأجنبى بل اصنعوه بأيديكم. اصنعوا جيلا من السياسيين الواعين الذين لا ينخدعون بخطابات مكماهون إلى الشريف حسين يعد بمملكة عربية وبلاده تتفق مع فرنسا على تقسيم العالم العربى.
ابنوا بعلمكم وعملكم وإيمانكم حضارة حديثة تثرى العالم وتبهره وتبنى الدولة التى حلمنا بها. دولة تحمى ولا تهدد، تصون ولا تبدد، تشد أزر الصديق، ترد كيد العدو، واستمروا فى الهتاف أمجاد يا عرب أمجاد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.