بعد خمسة أعوام على رحيله ، لا يزال الفلسطينيون يجهلون سبب وفاة زعيمهم ياسر عرفات ، إلا أنهم مقتنعون بأن إسرائيل اغتالت "أبو عمار" بطريقة أو بأخرى. وتوفي عرفات في 11 نوفمبر 2004 عن 75 عاما ، بعدما قضى ثلاثة أعوام تحت الحصار الإسرائيلي في "المقاطعة" (مقر الرئاسة الفلسطينية) في رام الله بالضفة الغربية حيث أصيب بمرض غامض نقل على إثره إلى مستشفى بيرسي العسكري في فرنسا ليلفظ هناك أنفاسه الأخيرة. وتوافد أطباء عرب من الأردن ومصر وتونس إلى مقر عرفات فور إصابته بالمرض ، حيث اعتقد في البداية أن الرئيس الفلسطيني مصاب بسرطان الدم ، إلا أن الفحوصات المخبرية التي أجريت له لم تثبت ذلك. وبسبب عدم مقدرة الاطباء على تشخيص مرض عرفات ، تدخلت جهات دولية وعربية لنقله إلى فرنسا ، إلا أن الفحوصات الفرنسية لم تأت بجديد ، ورحل عرفات وسط غموض لا زال يكتنف وفاته حتى الان. وبحث ملف وفاة عرفات في المؤتمر السادس لحركة فتح الذي جرى في بيت لحم في اغسطس الماضي ، حيث شكل المؤتمر لجنة تحقيق لمواصلة البحث في أسباب هذه الوفاة. وقال عضو المجلس الثوري لحركة فتح فهمي الزعارير "من حيث المبدأ هناك شعور لدى أعضاء وقيادات الحركة بأن الموت الذي غيب عرفات لم يكن طبيعيا". وأضاف "التقارير الطبية تبين أن عرفات قد يكون قتل بسم لم يمكن اكتشافه بالمختبرات الطبية التقليدية" ، مؤكدا أن حركة فتح "تعمل بكل إمكانياتها لكشف حقيقة ما جرى للشهيد ياسر عرفات". وأوضح الزعارير أن "ملف وفاة الرئيس عرفات تمت مناقشته في المؤتمر السادس لحركة فتح ، وشكلت لجنة لمواصلة التحقيق ، بقرار من المؤتمر ، ما يعني أن هذا القرار هو ذات صبغة إلزامية ولا يمكن التراجع عنه تحت أي ظرف من الظروف". وأضاف "قسمنا ملف اغتيال عرفات إلى شقين ، الأول خلال تعرضه للحصار الاسرائيلي ، حيث نعتبر أن اسرائيل كدولة احتلال هي التي حاصرت الرئيس بالتالي هي المسؤولة عن استهدافه". وتابع الزعارير "الشق الثاني ، يتعلق بالآلية التي تم اغتيال الرئيس فيها ، هل بواسطة سم متطور أم شيء آخر مجهول". وأضاف "لم نستطع لغاية الآن حل شفرة استهداف عرفات ، خاصة وأن الطب الفرنسي لم يستطع حل هذا اللغز ، لكن حركة فتح مصممة على معرفة الآلية مهما طال الزمن". ولا يقتصر الاهتمام بالكشف عن "لغز" وفاة عرفات ، على حركة فتح التي تزعمها أبو عمار طوال حياته السياسية، بل تبدي منظمة التحرير الفلسطينية كذلك اهتماما بمعرفة أسباب وفاة زعيمها. وقال عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة عبد الرحيم ملوح إن "حقيقة وفاة الرئيس عرفات لا بد من معرفتها ، ونحن لم ولن نسكت عن مواصلة الجهود لمعرفة الحقيقة". وأضاف ملوح -الذي يشغل ايضا منصب نائب الامين العام للجبهة الشعبية- إن "الرئيس عرفات بمماته وحياته هو قضية فلسطينية وطنية تهم كل الفئات الوطنية وفصائل العمل الوطني". وكانت منظمة التحرير الفلسطينية شكلت لجنة تحقيق لمعرفة أسباب وفاة عرفات ، حيث ترأس هذه اللجنة ابن شقيقة أبو عمار وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح ناصر القدوة. وقال ملوح "ما أوضحته لجنة التحقيق لنا هو وجود مؤشرات على أن عرفات مات مسموما ، وهذا الأمر يؤكد حقيقة أن إسرائيل مسؤولة عن هذا الأمر". وأضاف ملوح "موضوع وفاة عرفات لا يمكن السكوت عنه ، ولا ننسى أن عرفات رحل وهو يرأس منظمة التحرير الفلسطينية ، بالتالي أود التأكيد على أنه لا يمكن السكوت على ملف وفاته". وكان ناصر القدوة قد أعلن مؤخرا أن لديه قناعة بأن الدليل على وفاة عرفات مسموما "سيتم الحصول عليه في فترة ليست بعيدة". وأضاف "القضية لن تحل إلى أن نحصل على الدليل بأنه قتل مسموما ، وسنتمكن بشكل سريع نسبيا في الحصول على الدليل". وأكد أنه "في الفترة المقبلة قد نأخذ خطوات محددة في هذا المجال" ، مشيرا إلى أنه "في ما يخص فرضية السم ، جاء في التقرير أن المستشفى لم يجد أي نوع من السموم المعروفة لديه ، وهذا كلام واضح بأن الوفاة نجمت عن حالة لا يمكن تفسيرها وفقا لعلم الامراض". ويحيي الفلسطينيون الأربعاء الذكرى الخامسة لرحيل عرفات ، حيث تجري الترتيبات لمهرجان ضخم ينظم بالقرب من ضريحه في مقر المقاطعة.