اجتياز تدريب إجبارى لمدة عام شرط لإدارة أى مؤسسة صيدلية    نقيب التمريض تدعو لتعميم التأمين الصحي الشامل على مستوى الجمهورية    متى تنعقد لجنة السياسة النقدية لحسم أسعار الفائدة في مصر؟    مؤشر القلق    كرم جبر يكتب: هذا هو حال الدول العربية!    يونيفيل: العثور على 225 مخبأ للسلاح جنوبي لبنان    الأمم المتحدة: سكان غزة يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي    ترامب يتوجه إلى السعودية في أول زيارة خارجية له خلال ولايته الثانية    الأهلي يهزم الزمالك ويتأهل إلى نهائي كأس السوبر الأفريقي لكرة اليد 2025    مسار يهزم أسمنت أسيوط وينفرد بصدارة مجموعة الصعيد المؤهلة للمحترفين    مسار يهزم أسمنت أسيوط وينفرد بصدارة مجموعة الصعيد المؤهلة للمحترفين    بسبب الميراث.. المشدد 10 سنوات لمتهمين بإحداث عاهة مستديمة لسيدة في كفر الشيخ    «بوكليت الإعدادية» يدخل حيز التنفيذ.. وتشكيل وحدة لجودة المدارس    المؤبد لقاتل شقيقه داخل مزرعة مواشي بالدقهلية بعد تنازل الأب عن الحق المدني    فيلم«الجرح» يمثل المغرب في الدورة ال78 من مهرجان كان السينمائي    موسى يطرح أول كليب مصري ب «الذكاء الاصطناعي» | شاهد    جيش الاحتلال: تسلمنا عيدان ألكسندر    ما حكم إقامة العلاقة الزوجية أثناء الحج؟.. أمين الفتوى يجيب    نادية الجندي تخطف الأنظار بإطلالة شبابية جديدة | صورة    أمينة الفتوى: هذه أدعية السفر منذ مغادرة المنزل وحتى ركوب الطائرة لأداء الحج    طلاب إعلام الاهرام الكندية تعيد فرقة رضا للجمهور ب إبهار تراثي عصري جديد    وزير الثقافة يشارك في إطلاق الخطة العاجلة للسكان والتنمية والبرنامج القومي للوقاية من التقزم    بالصور.. الكشف على 3400 مواطن في قافلة طبية لجامعة أسيوط بغرب أسوان    الروماني إيستفان كوفاتش حكماً لنهائي دوري أبطال أوروبا    «تلاعب في العدادات وخلطات سامة».. 5 نصائح لحماية سيارتك من «غش البنزين»    تأجيل إعادة محاكمة 5 متهمين ب"الخلية الإعلامية" لجلسة 10 يونيو    شهادات نجوم الفن.. هل تنهي أزمة بوسي شلبي وأبناء الساحر؟| فيديو    معاش المصريين العاملين بالخارج 2025: الشروط والمستندات وطريقة الاشتراك    أهم 60 سؤالاً وإجابة شرعية عن الأضحية.. أصدرتها دار الإفتاء المصرية    طلاب بنها يزورون مجلس النواب لتعزيز الوعي السياسي (صور)    عون وعباس والشرع في السعودية خلال زيارة ترامب.. ماذا سيوضع على الطاولة؟    يُسلط الضوء على المواهب الصاعدة.. الكشف عن الشعار الرسمي لكأس العالم تحت 17 سنة    تفاصيل الحملة القومية الأولى ضد مرض الحمى القلاعية وحمى الوادى المتصدعة أسوان    قائد الوداد: سنلعب في كأس العالم للأندية دون خوف.. ونريد تشريف المغرب    فان دايك: أنا ومحمد صلاح كنا في موقف أرنولد.. وعلى الجميع أن يحترم قراره    اعتماد أوروبي لقصر العيني كمركز متخصص في رعاية مرضى قصور القلب    «بعبع» تسريب امتحانات الثانوية العامة.. هل يتكرر في 2025؟| ننشر خطة «التعليم» كاملة    موعد تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع جنة بالقاهرة الجديدة    موعد وقفة عرفة 2025.. فضل صيامها والأعمال والأدعية المستحبة بها    أشرف العربى إطلاق تقرير "حالة التنمية في مصر" 18 مايو بشراكة مع "الإسكوا"    براتب 6500.. فرص عمل في شركة مقاولات بالسعودية    أحمد زايد: تطوير الأداء بمكتبة الإسكندرية لمواكبة تحديات الذكاء الاصطناعى    استمرار حملة "تأمين شامل لجيل آمن" للتعريف بالمنظومة الصحية الجديدة بأسوان    مجلس الوزراء يستعرض جهود الدولة لتوطين صناعة الدواء.. مصر تخطو بثبات نحو الاكتفاء الذاتي من الدواء وتصدر لأكثر من 147 دولة.. 180 مستحضرًا و129 مادة فعالة.. وتحقيق وفر بمئات الملايين.. إنفو جراف    وظائف خالية اليوم.. برواتب تصل إلى 6500 ريال فرصة عمل لعمال مصريين بالسعودية    سقوط المتهم بالنصب على راغبي السفر ب«عقود وهمية»    مصادر: بورصة مصر تبحث قيد فاليو الأربعاء المقبل    عاجل- رئيس الوزراء يتابع ملفات الاتصالات.. ومبادرة "الرواد الرقميون" في صدارة المشهد    هل يجوز للحامل والمرضع أداء فريضة الحج؟    البابا ليو الرابع عشر يفتتح رسميًا الشقة البابوية إيذانًا ببداية حبريته في الفاتيكان    براتب يصل ل 500 دينار.. 45 فرصة عمل بالأردن في شركات زراعية وغذائية وصناعات خشبية (قدم الآن)    البنك الأهلي يرغب في ضم كريم نيدفيد    انطلاق فعاليات الدورة التدريبية الرابعة بجامعة القاهرة لأئمة وواعظات الأوقاف    حالة الطقس اليوم في السعودية    رئيس «دي إتش إل» يتوقع استفادة من التوترات التجارية بين واشنطن وبكين    ما شروط وجوب الحج؟.. مركز الأزهر للفتوى يوضح    أمام العروبة.. الهلال يبحث عن انتصاره الثاني مع الشلهوب    بدائل الثانوية العامة 2025..تعرف على مميزات الدراسة بمدرسة الكترو مصر للتكنولوجيا التطبيقية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأزهر يرسل خطابا للبرلمان يتحفظ على قانون الإفتاء
نشر في الشروق الجديد يوم 18 - 07 - 2020

أرسل الأزهر الشريف، خطابا لرئيس مجلس النواب، علي عبد العال، يتحفظ فيه على عدد من مواد مشروع قانون تنظيم دار الإفتاء الذي وضعه البرلمان على جدول أعماله خلال الأسبوع الجاري.
وأشار الأزهر إلى تضمن الخطاب لرأي هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، والتعديلات المطلوبة على بعض المواد بما يكفل اتِّساقها مع أحكام الدستور، وانضباطها مع القوانين القائمة.
ولفت إلى المادة السابعة من الدستور التي تنص على أنَّ "الأزهر الشريف هيئة إسلامية علمية مستقلة، يختص دون غيره بالقيام على كافة شئونه، وهو المرجع الأساس في العلوم الدينية والشئون الإسلامية، ويتولى مسئولية الدعوة، ونشر علوم الدين، واللغة العربية في مصر والعالم...".
وأضاف الخطاب: "كان الأزهر الشريف بنص الدستور هو المرجع الأساس في كل تلك الأمور التي في صدارتها الإفتاء، والبت في كافة الأمور المتعلقة بالشريعة، والرد على الاستفسارات الشرعيَّة من أية جهة، وتقديم الآراء الشرعية في شأن المعاملات المالية المعاصرة، وإجراء الأبحاث الشرعية المتعلقة بالفتوى، والرد على الشبهات المثارة، وغيرها من الأمور الشرعية التي تضمنها مشروع القانون، وأسندها لهيئة تابعة لوزارة العدل، ولا تتبع الأزهر الشريف؛ مما ينطوي على مخالفةٍ دستورية، ومساسٍ باستقلال الأزهر، وجعل رسالته مَشَاعًا لجهات أخرى لا تتبعه، حيث إن دار الإفتاء ستصير عندئذٍ كيانًا عضويًّا مُنْبَتَّ الصلة عن الأزهر الشريف، وتمارس عملها بمعزل عن الأزهر".
وتابع: "من المعلوم تاريخيًّا أن دار الإفتاء المصرية تأسست في 4 من جمادى الآخرة 1313ه / 21 من نوفمبر 1895م، وأُلحِقت منذ تأسيسها بوزارة العدل، وانتظمتها لائحةُ إجراءات المحاكم الشرعية الصادرة قبل ذلك في سنة1297ه/1880م، وأُنيط بالمفتي وظيفتان حكوميتان هما:
الأولى: مفتي الديار لاستطلاع أهلة شهور السنة القمرية، وإعلان بدايتها، ومنها على الأخص هلالُ شهر رمضان، وبداية فريضة الصيام ونهايته، وهو الذي يكشف عن الموقف الرسمي من المسألة الشرعية التي يَتَصَدَّى لها، وهو الذي يتولى القيام بالشعائر الدينية في المناسبات الرسمية بما يُغني عن البحث عمَّن يقوم بهذه الشعائر".
الثانية: "أُنيط به وظيفة مفتي الحقانية، ويتولى بموجبها إبداء الرأي غيرِ الملزم في أحكام الإعدام الصادرة من المحاكم، ثم تُوسِّع في دوره للقيام بدور اجتماعي بالرد على طلبات الفتوى المتعلقة بالأحوال الشخصية، والمواريث، والوصايا للمواطنين المصريين من خلال المُستقَر عليه بالإخبار بالحكم الشرعي دون أن يتصدَّى لكافة أمور الفتوى، ولم يُوصَف بهذا الوصف لإصدار الفتاوى بصفة عامة، وإنما الإخبار فقط بالرأي أو الفتوى، وفي داخل الدولة فحسب".
ولفت إلى أن ما تضمنته مقدمة القانون المقترح -من أن هناك فصلًا بين الإفتاء والأزهر من نحو 700 عام، وأن هناك كيانًا مستقلًّا (دار الإفتاء)- غير صحيح؛ لأن مقر الإفتاء في العصر العثماني كان في الجامع الأزهر، حيث يذهب المستفتي إلى مقر المفتي بالجامع الأزهر فيقدم للمفتي أو أمينه ورقةً كتب فيها الاستفتاء المطلوب إجابته؛ فيقدم له المفتي الفتوى الشرعية عن سؤاله، ثم يحكي هذه الفتوى على أمين الفتوى فيكتبها لاحقة على السؤال، أو يعيد كتابة السؤال مرة أخرى، ويلحق به الإجابة، وفي بعض الأحيان كان المفتي يسمح لأمين فتواه إذا وجد فيه أهلية القيام بالفتوى بالرد على الاستفتاء، وفي جميع الأحوال يقوم المفتي بالتوقيع على الفتوى كمستند رسمي يعتمد عليه المستفتي في إثبات حقوقه.
وأوضح أن جميع مناصب الإفتاء في مصر طوال العصر العثماني كانت في يد علماء الأزهر: وأشهرها إفتاء السلطنة – إفتاء القاهرة - إفتاء الأقاليم، مضيفا "ومن هنا يتضح لكم مغالطة ما تضمنه تقرير اللجنة المشتركة بمجلس النواب بأن دار الإفتاء قد نشأت مستقلةً عن الأزهر الشريف منذ 700 سنة!!!! وتاريخ نشأة دار الإفتاء يؤكد ذلك".
وأشار الخطاب إلى نصَّ القانون رقم 103 لسنة 1961م، وتعديلاته بالمرسوم بقانون رقم 13 لسنة 2012م، حيث أكَّد أنَّ الأزهر هيئة مستقلة تتمتع بشخصية اعتبارية، ويكون مقرها القاهرة، ويجوز أن تنشئ فروعًا لها في عواصم المحافظات في مصر، أو في دول العالم؛ تحقيقًا لأهدافها العالمية السابق الإشارة إليها في هذه المادة، بما في ذلك إنشاء المعاهد والمراكز الإسلامية والبحثية والكليات الجامعية، وتكفل الدولة استقلال الأزهر، كما تكفل الدعم المادي المناسب له ولجامعته وكافَّة هيئاته، ويُمثل الأزهر الشريف المرجع النهائي في كل ما يتعلق بشئون الإسلام وعلومه وتراثه واجتهاداته الفقهية والفكرية الحديثة".
واعتبر الأزهر في خطابه أن الاختصاص المسند للهيئة الجديدة في المشروع المقترح يؤدي إلى اعتبارها كيانًا موازيًا للأزهر الشريف، ويسلبه أهم اختصاصاته، ومنها اختصاصات هيئة كبار العلماء، ويتضمن منح اختصاصاتها للهيئة الجديدة بالمشروع، وإلغاء لدورها المنصوص عليه بالمادة 32 مكرر من القانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها، والتي تنص على أن "تنشأ بالأزهر هيئةٌ تسمى هيئة كبار العلماء يرأسها شيخ الأزهر، وتتألف من عددٍ لا يزيد على أربعين عضوًا من كبار علماء الأزهر من جميع المذاهب الفقهية الأربعة، وكذلك المادة 32 مكرر (أ) من ذات القانون والتي حددت اختصاصات هيئة كبار العلماء، ومنها على الأخص نصًّا:
- ترشيح مفتي الجمهورية.
- البت في المسائل الدينية والقوانين، والقضايا الاجتماعية ذات الطابع الخلافي التي تُواجه العالم، والمجتمع المصري على أساس شرعي.
- البت في النوازل والمسائل المستجدة التي سبق دراستها، ولكن لا ترجيح فيها لرأي معين، ودراسة التطورات المهمة في مناهج الدراسة الأزهرية الجامعية أو ما دونها، التي تحيلها الجامعة، أو مجمع البحوث الإسلامية، أو المجلس الأعلى للأزهر، أو شيخ الأزهر إلى الهيئة.
وفضلًا عمَّا تقدم فقد تضمَّن مشروع القانون المقترح عُدوانًا على اختصاص هيئة كبار العلماء بالأزهر واستقلالها، وهي التي تختص وحدها بترشيح مفتي الجمهورية، وقد جاء المشروع مُلغيًا للائحة هيئة كبار العلماء التي تكفَّلت بإجراءات ترشيح ثلاثة بواسطة أعضاء هيئة كبار العلماء، والاقتراع وانتخاب أحدهم لشغل المنصب، وجاء المقترح ليلغي ذلك، وينص على "أن المفتي يُعين بقرار من رئيس الجمهورية من بين ثلاثة ترشحهم هيئة كبار العلماء خلال مدة شهرين قبل خلو منصب المفتي، ويبقى في منصبه حتى بلوغه السن القانونية المقررة للتقاعد، ويجوز التجديد له بعد بلوغ هذه السن، دون تحديد مدة، ودون العرض على هيئة كبار العلماء".
وكذلك تَضمَّن المشروع النص على أنه: "في حال خلو منصب المفتي أو قيام مانع لديه يَنْدُبُ وزيرُ العدل بقرار منه مَن يقوم مقامه إلى أن يعيَّن مفتٍ جديد، أو زوال المانع".
ومُؤدَّى هذه النصوص -فضلًا عن سلبها اختصاص هيئة كبار العلماء- جَعْلُ تبعيَّةِ الفتوى الشرعية لأحد السادة وزراء الحكومة، وتخويله سلطة ندب مَن يحلُّ محلَّه عند خلو منصبه؛ بما يُؤكد زوال جميع الضمانات التي كفلها الدستور والقانون لاستقلال الأزهر وهيئاته، وإسناد رسالته لأحد أعضاء الحكومة، رغم أنَّ الأزهر هو مَن يختار المفتي ابتداءً.
- كما تضمن مشروع القانون المقترح عُدوانًا على جامعة الأزهر فيما تضمَّنَه من النص على أن "ينشأ بدار الإفتاء مركز يسمى "مركز إعداد المفتين" برئاسة المفتي، يهدف إلى إعداد الكوادر العلمية التي تشتغل بالإفتاء، وإكسابهم المهارات اللازمة لذلك وتأهيلهم داخل مصر وخارجها، ويتألف المركز من عدد من الإدارات، يكون منها إدارة تختص بالتدريب المباشر، وإدارة تختص بالتدريب عن بعد باستخدام وسائل التقنية الحديثة.
وتكون مدة الدراسة بأي منهما ثلاث سنوات، ويمنح المتخرج درجة دبلوم الدراسات التمهيدية للإفتاء، وتعتمد هذه الدرجة من المجلس الأعلى للجامعات.
ويصدر المفتي لائحة النظام الأساسي للمركز، ويجوز للمركز الاستعانة بمن يراه من الخبراء والأكاديميين والمتخصصين للقيام بالمهام التعليمية والتدريبية".
• وهذا النص جاء تغوُّلًا على جامعة الأزهر التي حدَّد القانون بالمادة 33 من القانون رقم 103 لسنة 1961 اختصاصاتها التي نصت على أن:
«تختص جامعة الأزهر بكل ما يتعلق بالتعليم العالي في الأزهر، وبالبحوث التي تتصل بهذا التعليم أو تترتَّب عليه... وتعمل على تزويد العالم الإسلامي والوطن العربي بالعلماء العاملين الذين يجمعون إلى الإيمان بالله، والثقة بالنفس، وقوة الروح، والتفقه في العقيدة والشريعة، ولغة القرآن، كفاية علمية وعملية ومهنية لتأكيد الصلة بين الدين والحياة، والربط بين العقيدة والسلوك، وتأهيل عالم الدين؛ للمشاركة في كل أنواع النشاط والإنتاج والريادة والقدوة الطيبة».
- ولم يخلُ المشروع من المساس بمجمع البحوث الإسلامية الذي يتألَّف من عددٍ لا يزيد على خمسين عضوًا من كبار علماء الإسلام يُمثلون جميع المذاهب الإسلامية، ويكون من بينهم عددٌ لا يزيد على العشرين من غير مواطني جمهورية مصر العربية، بالمخالفة لنص المادة 15 من القانون رقم 103 لسنة 1961.
كما أنَّ المخالفات الدستوريَّة التي شابت مشروع القانون لا تقتصر أو تقف عند مجرد العدوان على اختصاصات الأزهر الشريف، ومحاولة إنشاء كيان موازٍ للأزهر يقوم في موضوعه وغايته على محاولة الحلول محلَّه في رسالته وأغراضه، فالأمر يتجاوز حدود النزاع على الاختصاصات، أو التشبث بالصلاحيات، أو احتكار جهةٍ للقيام بدور معين، ومنع غيرها من مشاركتها فيه، فالخطورة تكمن في تجزئة رسالة الأزهر الشريف، وإهدار استقلاله الذي هو عِمادُ وسطيته واعتداله، فالأزهر ليس مجرد هيئة وأشخاص، وإنما هو رسالة علميَّة لا تحتمل إلا أن تكون مستقلة غير تابعة، وهذا المشروع المعروض يخلُّ إخلالًا جسيمًا بالدستور، كما يخلُّ بالاستقلالية والحياد الذي ينبغي أن يتمتع بهما منصب مفتي الجمهورية.
كما تلاحظون كذلك أن الهيئة المزمع إنشاؤها بالمشروع المقترح تفتقر إلى كافة المقومات القانونية للهيئات أو المؤسسات العامة من وجود مجلس جماعي لإدارة الهيئة من خلال هيئة جماعية تتشكل من كبار المتخصصين والخبراء في المجال الذي تعمل فيه الهيئة وبيان اختصاصاتهم واعتبارهم السلطة العليا التي تهيمن على شئون الهيئة، في حين أن الهيئة الواردة بالمشروع لا يتوفر لها الحد الأدنى من مقومات الهيئات.
وترتيبًا على ذلك نرى عدم الموافقة على مشروع القانون المعروض بصورته الراهنة للأسباب سالفة البيان، إلا في حالة تعديل مواد المشروع؛ بما يُجنبه المخالفات الدستورية وذلك على النحو التالي:
- تعديل المادة الأولى من مواد إصدار المشروع؛ لتكون على النحو الآتي:"دار الإفتاء هيئة ذات طابع ديني( ) تتبع الأزهر الشريف، وتتمتَّع بالشخصية الاعتبارية، والاستقلال المالي والإداري، يكون مَقرُّها الرئيس بمحافظة القاهرة، ولها أن تُنشئ فروعًا بالمحافظات باعتبارها هيئة دينية تنظيمها قانونًا يتم لأول مرة بعد إصدار الدستور المصري الذي نصَّ على أن الأزهر هو المرجع الأساس في العلوم الدينية والشؤون الإسلامية".
أما في حال الإبقاء على تبعية دار الإفتاء لوزارة العدل فلا بد من حذف عبارة "ذات طابع ديني"؛ لأنه لا يمكن أن تكون ذات طابع ديني وتتبع وزارة العدل؛ حيث إنها سوف تمارس أحد الشؤون الإسلامية والعلوم الدينية، وهذا تنعقد الولاية فيه للأزهر دون غيره.
وتخبر دار الإفتاء المواطنين وطالبي الفتوى بالرأي الشرعي المستنبَط من الأحكام الشرعيَّة العملية من أدلتها التفصيلية، وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية، والأصول العلمية المعمول بها في الاجتهاد.
وتختص دار الإفتاء بالإخبار بالرأي الشرعي فيما يُقدَّم إليها من طلبات الفتيا من الأفراد فيما لا يتعارض مع اختصاصات، أو رأي هيئة كبار العلماء، ومجمع البحوث الإسلامية.
ولها على الوجه الأخص:
1 إبداء الرأي الشرعي في القضايا والمسائل الواردة إليها من المحاكم والنيابات.
2 استطلاع أهلة الأشهر العربية، وإصدار البيانات الشرعية بتحديد أول كل شهر عربي.
3 حساب تحديد أوقات الصلوات في أنحاء الجمهورية بالتعاون مع الهيئة المصرية العامة للمساحة.
4 إبداء الرأي في كيفية حساب الزكاة وإعداد الوصية عن طريق الحساب الشرعي.
5 إبداء الرأي في طلبات الفتيا المتعلقة بالأسرة.
6 تيسير علم المواطنين بالفتاوى الصادرة عن الهيئة من خلال وسائل التقنية الحديثة.
7 تدريب المفتين وتأهيلهم بالتعاون والتنسيق مع الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف.
وتكون جميع خدمات الهيئة مجانًا ودون مقابل أو رسوم.
ثانيا: لما كان القانون رقم 103 لسنة 1961م بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها قد تضمن تنظيمًا متكاملًا لهيئة كبار العلماء، وَمَنَحَها بموجب نص المادة 32 مكررًا منه الاختصاص بترشيح مفتي الجمهورية وفق لائحة الهيئة، ومن ثَمَّ فإنه واتساقًا مع ما سلف، وتوفيقًا بين النصوص نرى تعديل نص المادة (3) من المشروع لتكون على الوجه التالي:
"يُعيَّن المفتي بقرار من رئيس الجمهورية من بين ثلاثةٍ تُرشحهم هيئة كبار العلماء خلال مدة شهرين قبل خلو منصب المفتي، وذلك لمدة أربع سنوات يجوز تجديدها لمدد أخرى، أو لحين بلوغه السن القانونية أيهما أقرب - بناءً على موافقة هيئة كبار العلماء - ويجوز التجديد لمدة سنة أو أكثر بعد بلوغ سن المعاش بقرار من رئيس الجمهورية بناء على موافقة هيئة كبار العلماء".
ويعامل المفتي بذات المعاملة المالية المقررة للوزراء.
ويختص مجلس إدارة الإفتاء بالصلاحيات التالية ( ):
1 إبداء الرأي الشرعي في القضايا المحكوم فيها بالإعدام المحالة للهيئة من محاكم الجنايات.
2 إحالة ما يراه من المسائل الشرعية ذات الأهمية مشفوعًا برأي الهيئة إلى مجمع البحوث الإسلامية أو هيئة كبار العلماء لإبداء الرأي فيها، أو المسائل التي يختص بها مجمع البحوث أو هيئة كبار العلماء، ويكون رأي أيهما نهائيًّا وملزمًا للهيئة.
3 تشكيل لجنة فنية من بين أمناء الفتوى بناء على اقتراح المفتي لبحث ما تُكلف به أو يحال إليها من المجلس من مسائل وقضايا شرعية، وتعرض نتيجة عملها على المجلس، ويحدد القرار الصادر بالتشكيل ضوابط عملها ومواعيد انعقادها ( ).
4 اعتماد خطط إعداد وتدريب المفتين والكوادر العلمية وإكسابهم المهارات اللازمة لذلك وتأهيلهم بالتعاون والتنسيق مع جامعة الأزهر ووزارة الأوقاف ( ).
5 اعتماد الهيكل التنظيمي وجدول الوظائف واللوائح المالية والإدارية واللوائح الداخلية للهيئة بناء على اقتراح المفتي.
6 تعيين أمين عام الهيئة بناء على اقتراح المفتي.
7 اعتماد التعيينات والترقيات وإنهاء الخدمة لجميع العاملين بالهيئة.
8 قبول التبرعات واعتماد الميزانية والحساب الختامي للهيئة.
تعديل المادة ( 4 ) لتكون على النحو التالي:
"في حال خلو منصب المفتي أو قيام مانع لديه تُرشح هيئة كبار العلماء مَن يقوم مقامَه مؤقتًا، ويُقرّ ذلك من سلطة التعيين الرئيسية إلى أن يُعيَّن مُفتٍ جديد، أو زوال المانع" ( ).
تعديل المادة (6) لتكون على النحو التالي:
يكون لدار الإفتاء أمناء للفتوى، ويصدر بتعيينهم قرار من المفتي من بين الباحثين الشرعيين العاملين بدار الإفتاء – المعينين بمؤهل شرعي أزهري – وبما يكلفون به من أعمال، وتحدد اللائحة التي يصدرها المفتي قواعد اختيار أمناء الفتوى وأعمالهم.
تعديل المادة (8) لتكون:
للمفتي تشكيل لجنة علمية من بين أمناء الفتوى، ويحدد القرار الصادر بالتشكيل ضوابط عملها ومواعيد انعقادها، وتختص اللجنة ببحث ما يُحال إليها من المفتي من فتاوى الأفراد،
وما تنتهي إليه اللجنة، ويعتمده المفتي يكون هو رأي دار الإفتاء المعتمد للفتوى).
تعديل المادة (9) لتكون:
ينشأ بدار الإفتاء مركز يسمى "مركز تدريب المفتين وتأهيلهم" برئاسة المفتي، يهدف إلى تدريب الكوادر العلمية التي تشتغل بالإفتاء، وإكسابهم المهارات اللازمة لذلك وتأهيلهم داخل مصر فقط.
ويتألف المركز من عدد من الإدارات يكون منها إدارة تختص بالتدريب المباشر، وإدارة تختص بالتدريب عن بعد باستخدام وسائل التقنية الحديثة
وتكون مدة التدريب بأي منهما ثلاث سنوات، ويجوز للمركز الاستعانة بمن يراه من الخبراء والأكاديميين والمتخصصين من أساتذة كليات الشريعة والقانون بجامعة الأزهر للقيام بالمهام التدريبية.
تعديل المادة (10) من المشروع لتكون على الوجه التالي:
" تتكون موارد الهيئة مما يلي:
1 ما يُخصص لها من اعتمادات في الموازنة العامة للدولة.
2 المنح والإعانات والهبات والتبرعات المقدمة من الأفراد والجهات والمؤسسات ويوافق عليها مجلس الإدارة.
3 عائد الاستثمار الشرعي لأموال الهيئة.
لأنه لوحظ – أخيرًا -أن الهيئة ليس لها ثمَّة موارد ثابتة للإنفاق على نشاطها ورواتب العاملين فيها، فقد تم إلغاء المورد الرئيسي لها وهو الاعتمادات التي تُخصَّص لها من الموازنة العامة، أمَّا التبرعات والهبات فهي مورد احتمالي لا يصح الاعتماد عليه، أمَّا بالنسبة لتقاضي مقابل عمَّا تقدمه من خدمات فهو أمر ظاهر المخالفة وغير مقبول أن يكون الإبلاغ برأي الشريعة بمقابل مالي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.