عاجل- ارتفاع عدد الشهداء في غزة إلى 63 جراء غارات الاحتلال الإسرائيلي    روسيا وأوكرانيا.. من جبهات الحرب إلى مفاوضات إسطنبول (تسلسل زمني)    بمشاركة ميسي واستمرار غياب سواريز.. إنتر ميامي يتعثر بالتعادل أمام سان خوسيه بالدوري الأمريكي    مواعيد مباريات الخميس 15 مايو 2025.. دربي السلة وبرشلونة لحسم الدوري    27 مايو.. محاكمة عاطلين بتهمة تعاطي المخدرات بالساحل    نقل رجل للمستشفى في حالة خطيرة بعد أن هاجمته سمكة قرش في جنوب أستراليا    الصحة تنظم مؤتمرا طبيا وتوعويا لأهمية الاكتشاف المبكر لمرض الثلاسميا    وزير الخارجية يشارك في اجتماع آلية التعاون الثلاثي مع وزيري خارجية الأردن والعراق    اتحاد عمال الجيزة يكرم كوكبة من المتميزين في حفله السنوي    رياح مثيرة للرمال.. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس اليوم    وفاة وإصابة 7 أشخاص إثر تصادم ميكروباص وبيجو بقنا (أسماء)    5 دقائق تصفيق لفيلم توم كروز Mission Impossible 8 بمهرجان كان (فيديو)    أسعار الأضاحي 2025 في مصر.. ارتفاع طفيف في الكيلو القائم واقبال متزايد مع اقتراب عيد الأضحى    قرار جمهوري بالموافقة على اكتتاب مصر في بنك التنمية الإفريقي بعدد 554770 سهمًا    سعر الريال السعودي اليوم الخميس 15 مايو 2025 مستهل التعاملات البنكية (تراجع جديد)    أسعار الذهب في مصر اليوم الخميس 15 مايو 2025    أمين عام الناتو: لدينا تفاؤل حذر بشأن تحقيق تقدم فى مفاوضات السلام بأوكرانيا    رئيس وزراء قطر: عرض الطائرة لترامب صفقة حكومية قانونية وليست هدية شخصية    رسوم السحب والاستعلام من ماكينات atm.. «لو سحبت من بنك آخر يخصم كام؟»    عاجل- قناة السويس تبدأ تطبيق تخفيض 15% على رسوم عبور سفن الحاويات العملاقة لمدة 90 يومًا    مصرع طفل صدمته سيارة نقل مقطورة فى أوسيم    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الخميس 15 مايو 2025    هانئ مباشر يكتب: بعد عسر يسر    بزشكيان ل ترامب: أمريكا تصف من يقاوم احتلال إسرائيل لفلسطين أنه يُهدد أمن المنطقة    كيف تتخلص من ارتفاع ضغط الدم؟ 3 طرق فعالة دون أدوية    الحماية المدنية تسيطر على حريق كورنيش النيل بالمنيل    تباين آراء الملاك والمستأجرين حول تعديل قانون الإيجار القديم    نماذج امتحانات الصف الخامس الابتدائي pdf الترم الثاني جميع المواد التعليمية (صور)    مصر.. أمة السينما العربية الناجحة، سميح ساويرس وعمرو منسي في ندوة بمهرجان كان السينمائي    «الانسحاب كان الحل».. نجم الزمالك السابق ينتقد موقف الأبيض وبيراميدز    نائب رئيس جامعة دمنهور تفتتح معرض منتجات الطلاب ضمن مبادرة «إنتاجك إبداعك»    لايف.. تليفزيون "اليوم السابع" يكشف حقيقة فيديو حريق كورنيش مصر القديمة    صام "مو" وفاق مبابي، حلم الحذاء الذهبي يتلاشى عن محمد صلاح    الكشف عن نظام المشاركة في بطولة دوري أبطال أوروبا 2025-2026    أيمن بدرة يكتب: الحرب على المراهنات    مصر تتصدر منافسات ثالث أيام بطولة إفريقيا للمضمار.. برصيد 30 ميداليات    لطلبة الشهادة الاعدادية 2025.. موعد امتحانات النقل والشهادة بمحافظة الوادى الجديد    من بينهما برج مليار% كتوم وغامض وحويط.. اعرف نسبة الكتمان في برجك (فيديو)    ريهام عبد الحكيم تُحيي تراث كوكب الشرق على المسرح الكبير بدار الأوبرا    جدول امتحانات الصف الثالث الابتدائي الترم الثاني 2025 في جميع المحافظات    إعلام فلسطيني: شهداء ومصابون جراء قصف الاحتلال مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة    رسميا.. رابطة الأندية تدعو الفرق لاجتماع من أجل مناقشة شكل الدوري الجديد قبل موعد اتحاد الكرة بيومين    المجلس الرئاسي الليبي يعلن وقف إطلاق النار في طرابلس    موعد إجازة وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025 فلكيًا    تراجع أسعار الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الخميس 15 مايو 2025    «5 استراحة».. اعثر على القلب في 5 ثوانٍ    سالي عبد السلام ترد على منتقديها: «خلينا نشد بعض على الطاعة والناس غاوية جلد الذات»    كيف قضى قانون الجديد العمل على استغلال الأطفال وظيفيًا؟    بريمونتادا +90 أمام مايوركا.. ريال مدريد يؤجل احتفالات برشلونة في الدوري الإسباني    تحركات برلمانية لفك حصار الأزمات عن أسوان ومستشفيات الجامعة    نشرة التوك شو| تفاصيل زيارة ترامب للسعودية.. وخالد أبو بكر يقترح إلغاء وزارة الأوقاف    حكم الأذان والإقامة للمنفرد.. الإفتاء توضح هل هو واجب أم مستحب شرعًا    "أول واحدة آمنت بيا".. محمد رمضان يكشف أهم مكالمة هاتفية في حياته    وفاة الفنان السوري أديب قدورة بطل فيلم "الفهد"    وكيل صحة الدقهلية يشيد بجهود الآطقم الطبية والإدارية في شربين    الكويت: سرطان القولون يحتل المركز الأول بين الرجال والثاني بين الإناث    الرئيس يتابع تنفيذ المشروع القومي لبناء الإنسان    ب«3 دعامات».. إنقاذ مريض مصاب بجلطة متكاملة بالشريان التاجى في مستشفى شرق المدينة بالإسكندرية (صور)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سلطة السيستاني الحاذقة

نشرت مدونة الديوان التابعة لمركز كارنيجى مقالا للكاتب حارث حسن، جاء فيه ما يلى:
فى 11 نوفمبر، استقبل آية الله العظمى على السيستانى ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة فى العراق جانين هينيس بلاسخارت، ورحب بالخطة الإصلاحية التى قدمتها بلاسخارت استجابة للتظاهرات التى تشهدها بغداد والمدن العراقية الجنوبية منذ أسابيع عدة، ثم أعرب عن قلقه من «ألا تكون لدى الجهات المعنية جدية كافية لتنفيذ أى إصلاح حقيقى». كذلك، أشار السيستانى إلى أنه إذا لم تكن هذه الجهات «قادرة على إجراء الإصلاحات اللازمة، أو لم تكن تريد ذلك، فلا بد من التفكير بسلوك طريق آخر فى هذا المجال».
يُعتبر هذا أقوى موقف للسيستانى منذ اندلاع شرارة الاحتجاجات، ما دفع العديد من العراقيين إلى التفكير بما يمكن أن يكون عليه هذا «المسار البديل» الذى تحدث عنه آية الله.
احتل السيستانى مكانة مركزية ومرموقة فى السياسة الشيعية العراقية، وكان يحظى باحترام الأحزاب جميع التى اعتبرته مرجعا أخلاقيا أعلى، وفى بعض الأحيان السلطة العليا غير الرسمية. كما لعبت فتاويه وبياناته أدوارا مهمة فى دعم أو إضفاء الشرعية على مسارات عمل محددة، سواء تمثل ذلك فى دعوته لإجراء انتخابات مبكرة فى العام 2003 بعد الاحتلال الأميركى، أو فى النصيحة التى قدمها لحزب الدعوة عام 2014 لاختيار رئيس وزراء جديد، أو فى الفتوى التى دعا فيها العراقيين إلى الانضمام إلى الحرب ضد الدولة الإسلامية.
بات اللجوء إلى السيستانى فى أوقات الشدة أمرا شائعا خلال فترة ما بعد العام 2003، انطلاقا من الاعتبار أن كلامه سيحظى بطاعة معظم الشيعة العراقيين. وعلى الرغم من إدراكه ذلك تمام الإدراك، إلا أنه حرص بشكل كبير على عدم استنفاد رصيده بالسياسات الهامشية وحصر تدخله على المواقف الأكثر خطورة. لهذا السبب، عبرت تصريحاته الأخيرة المتعلقة بالاحتجاجات عن مدى إدراكه بجدية للوضع الراهن فى العراق، ما دفعه إلى الخروج من عزلته وتقديم رسالته شخصيا، بعد خطب عدة ألقاها العديد من ممثليه فى كربلاء فى صلاة الجمعة.
***
لكن أى تدقيق فى سجل السيستانى يظهر أنه لم يتبنَ أبدا موقفا لا يكون مقبولا أساسا من شريحة واسعة من العراقيين، كما لم يطرح اقتراحات واضحة حول كيفية تغيير الوضع القائم. فهو ينتقى كلماته بعناية لتفادى إلقاء السلطات الدينية بين براثن النزاعات الفئوية. وقد حذر مرارا من أن الوضع القائم غير مستدام بسبب الفساد المستشرى وفشل الأحزاب العراقية الحاكمة. مع ذلك، يُعتبر اقتراحه الحالى بمثابة نداء إلى هذه الأحزاب كى تتبنى الأجندة الإصلاحية. فعبر تأييده اقتراح ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة، أقر السيستانى بأنه يجب إشراك طرف ثالث فى صياغة خطة إصلاحية جدية. كما أن تفضيله لخطوة تقودها الأمم المتحدة يتناغم مع الموقف الذى اتخذه بعد العام 2003، والذى اعتبر فيه أن منظمة الأمم المتحدة هى الهيئة المحايدة والشرعية الوحيدة التى يمكن أن ترسم معالم العمليات الدستورية والسياسية العراقية.
تمثل الحركة الاحتجاجية، التى تركزت حتى تاريخه على المناطق ذات الغالبية الشيعية، التهديد الأخطر لنظام تُهيمن عليه المجموعات الإسلامية الشيعية. لقد أفادت المرجعية الدينية فى النجف من النظام القائم، عبر حصد المزيد من الاستقلالية والمصداقية، وتمظهر ذلك من خلال مجموعة جديدة من التنظيمات والأعراف التى رسخت هيمنتها على المشهد الدينى. لكن السيستانى سعى أيضا إلى تمييز نفسه عن سائر السياسيين عبر لعب دور الوسيط بين الدولة والمجتمع، وهو دور توطد بسبب ضعف المجتمع المدنى الناجم عن سنين طويلة من السلطوية، والاقتتال الداخلى، وهيمنة القطاع العام.
حافظ السيستانى على رصيده الاجتماعى من خلال الإبقاء على انخراطه فى السياسة عند حده الأدنى. مع ذلك، تمكنت جهات فاعلة أخرى من تعزيز نفوذها من خلال زرع فصائلها داخل العملية السياسية ومؤسسات الدولة. واليوم، ثمة ثلاثة لاعبين أساسيين فى السياسة الشيعية: السيستانى، مقتدى الصدر، الذى يرأس أكبر كتلة فى البرلمان ويقود حركة شعبية قوية، والمحور الموالى لإيران، الذى يضم عددا من الأحزاب والمجموعات شبه العسكرية التى غالبا ما تتبع قائد فيلق القدس فى الحرس الثورى الإسلامى، قاسم سليمانى. كما يُعتبر ترشيح عادل عبدالمهدى لمنصب رئيس الوزراء فى العام 2018 نتيجة لتسوية غير رسمية بين هؤلاء اللاعبين، والتى تم إضفاء طابع رسمى عليها فى اتفاق أُبرم بين الكتلة الانتخابية «سائرون» بقيادة الصدر وكتلة الفتح، وهى الجناح السياسى للمحور الموالى لطهران، بدعم من الحزب الديمقراطى الكردستانى، أكبر مجموعة غير شيعية.
سعى المهدى، الذى يُدرك هذه الحقيقة والذى لا ينتمى إلى أى حزب، إلى إرضاء هذه الأطراف المختلفة، من خلال زعمه بأنه سيتبع دعوة السيستانى إلى الإصلاح، بينما يتبنى فى الوقت نفسه سياسات غير متسقة، وإجراء تعيينات تهدف إلى إرضاء الصدر وسليمانى والحزب الديمقراطى الكردستانى. لكن انتهى به المطاف بشل حكومته وتقويض قدرتها على تطبيق أى إصلاحات جادة.
مع ذلك، أدخلت الحركة الاحتجاجية لاعبا جديدا إلى اللعبة، ألا وهو الشارع العراقى. فمطالبها المتمثلة فى وضع حد للتوزيع الإثنى والطائفى والحزبى لمؤسسات وموارد الدولة، وكذلك رغبتها فى إسقاط الحكومة، تهدد توازن القوى نفسه الذى أفرزته حكومة عبدالمهدى. وفى الوقت الذى يحتسب فيه كل طرف رئيس ردوده ويدفع فى الاتجاه الذى يخدم مصالحه، تبدى عجز عبدالمهدى على نحو مطرد.
***
فى بادئ الأمر، تبنت المجموعات الموالية لإيران مقاربة أمنية، وقيل إنها لعبت دورا مهما فى محاولة قمع المتظاهرين. أما الصدر فسعى إلى ركوب موجة الاحتجاج فى البداية أو على الأقل البروز كحاميها. وفى مرحلة ما، وعلى وجه الخصوص بعد الهجمات التى استهدفت مقر الميليشيات المتحالفة مع إيران فى 25 أكتوبر، برزت إمكانية حدوث تصعيد قد يؤدى إلى اندلاع حرب أهلية بين الشيعة، خاصة بين الميليشيات المتحالفة مع إيران وبين الصدريين.
خوفا من اندلاع هذه الحرب وانهيار النظام الذى استثمروا فيه كثيرا، قيل إن الإيرانيين عقدوا اتفاقا لمواصلة دعم عبدالمهدى باعتباره أهون الشرور فى الطبقة السياسية. أما الصدر فقد تراجع، وباتت استراتيجيته الحالية تتمثل على ما يبدو فى دحر الإيرانيين للمحافظة على نفوذه وتعزيزه.
هنا برز دور السيستانى. فقد وردت تقارير فى بادئ الأمر مفادها أن ابنه محمد رضا، الذى يتمتع بنفوذ، كان جزءا من اتفاق تم بوساطة إيرانية. بيد أن مكتب السيستانى لم يُنكر هذه التقارير وحسب، بل عَمَد بعدها إلى عقد اجتماع مع ممثل الأمم المتحدة، وإلى إصدار البيان الذى ألمحنا إليه سابقا.
يدرك السيستانى أن شرعية النظام لحقت بها أضرار فادحة، والإصلاحات الجدية وحدها يمكن أن تُضعف قبضة القوى السياسية المهيمنة على السلطة والموارد، ما يساهم فى سد الفجوة بين الدولة العراقية وبين الشارع. كما يُدرك أن السماح لإيران بالتوسط لإبرام اتفاقات بين الفصائل العراقية، وبالتالى رسم المسار السياسى للبلاد، سيواصل حرمان النجف من سلطتها. ومن خلال الاصطفاف بشكل أوضح إلى جانب المتظاهرين، أقدم السيستانى على أكثر خطواته جرأة حتى الآن، وقد تؤدى نتائجها إلى رسم معالم ميزان القوى داخل المجتمع الشيعى والسياسة العراقية خلال السنوات المقبلة.
النص الأصلي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.