قبل أربع سنوات من الآن، كان الفساد في الفيفا قد وصل إلى مرحلة لا يمكن التغاضي عنها، قضايا عديدة كانت مبهمة وغير مفهومة، الفساد، الرشاوي، بيع الذمم وغيرها من الاتهامات. القبض على بلاتر وبلاتيني وفالكي وغيرهم، كان مجرد بداية لسقوط امبراطورية الفساد في الفيفا، والتي تواصلت حتى الآن. الفرنسي ميشيل بلاتيني رئيس الاتحاد الأوروبي السابق، تم القبض عليه اليوم بتهمة الفساد وتلقي رشاوي في عملية اسناد تنظيم كأس العالم 2022 في قطر. وفي السطور القادمة نستعرض معًا خمس أسماء بارزة في تاريخ الفساد في الفيفا، ثلاثة من موجة تنظيف الفساد الأولى في 2015، واثنين منها جرى القبض عليها قبل أيام قليلة.
جوزيف بلاتر حينما بدأ هذا الرجل مسيرته الإدارية في الوسط الرياضي عام 1964، تم تعيينه كسكرتير عام للاتحاد السويسري لهوكي الجليد، أنه أمر بعيد كل البعد عن كرة القدم، لكن ذلك الرجل صاحب العقلية التي تحب الخروج عن المألوف، استطاع خلال عشر سنوات أن يجذب الانظار بعد أن عمل كمدير لجمعية الصحافة الرياضية في سويسرا قبل أن يتقلد منصب الرئيس في العديد من الشركات وماركات السيارات، حتى وصل إلى الفيفا في 1975 وأصبح مديرًا لبرنامج التطوير في الاتحاد. مع الرئيس السابق للفيفا الراحل جواو هافيلانج، بدأ بلاتر في رسم طريق مغاير تمامًا لكرة القدم، صنع به المجد الإعلامي والتسويقي للعبة، فأصبح كأس العالم بطولة كبيرة، ليست فقط مناسبة تقام كل أربع سنوات وتنهي، أصبحت فرصة لكبرى الشركات العالمية من أجل تسويق علامتها التجارية، وكل ذلك تحت اشراف الفيفا الرابح الأكبر من الحدث. في 1998 أصبح بلاتر هو الحاكم بأمره في الفيفا، ومنذ توليه المهمة، توغل عالم المال في كرة القدم بشكل أكبر من ذي قبل، وأصبحت الكلمة العليا في اللعبة للرعاة والمسوقين في جميع أنحاء العالم. في 2015 جرت أكبر فضيحة في تاريخ الفيفا تحت قيادته، وربما في تاريخ الاتحاد الدولي نفسه منذ انشاءه في 1904، حيث تم القبض عليه رفقة 7 مسئولين أخرين. ولأنه ليس كالآخرين، فقد تمكن بلاتر من الافلات من تلك التهم، والأدهى من ذلك، أنه ترشح في انتخابات الفيفا بعد أيام قليلة على مقعد الرئيس، ليفوز بها على حساب منافسه الأردني الأمير علي ابن الحسين، وسط دهشة المجتمع الكروي كله. بعد يومين فقط، أعلن بلاتر استقالته من منصبه ودعا إلى انتخابات جديدة، ليعلن الفرنسي ميشيل بلاتيني ترشحه ضده، لكن ذلك لم يحدث، لأن بلاتيني نفسه تم ايقافه إلى جانب بلاتر وجيروم فالكي عن العمل الرياضي لمدة 90 يومًا. وجاءت نهاية بلاتر بإيقافه تمامًا عن مزاولة أي نشاط رياضي لمدة ثماني سنوات في ديسمبر 2015.
جيروم فالكي الأمين العام السابق للفيفا كان من ضمن الأسماء التي تم القبض عليها إلى جانب بلاتر وخمس أشخاص أخرين في 2015، وبعد عودته إلى العمل، جرى إيقافه في 2017 بتهمة إعادة بيع تذاكر من خلال السوق السوداء. فالك جرى إيقافه 90 يومًا إلى جانب بلاتر وبلاتيني في أكتوبر 2015، كما جرت إقالته من منصبه في الفيفا في 2016.
ميشيل بلاتيني بداية مشكلة بلاتيني في الفيفا جاءت مع تحديه بلاتر عقب سقوط الأخير في فضيحة 2015، حيث أعلن ترشحه ضد السويسري في الانتخابات التي دعا إليها. بلاتيني الذي أحبه الجميع كلاعب كرة قدم تاريخي في فرنسا وفي نادي يوفنتوس الإيطالي، أصبح رمزًا من رموز الفساد في الفيفا، حيث يتم الإشارة إلى أسمه مع كل خبر يتم نشره عن وجود فضائح في ملف إسناد تنظيم كأس العالم 2022 لقطر. بلاتيني بدأ مشواره الإداري في عالم كرة القدم، حينما تولى منصب مدرب منتخب فرنسا في 1988، لكنه فشل في التأهل إلى مونديال 1990 في ايطاليا، كما خرج المنتخب الفرنسي تحت قيادته في كأس الأمم الأوروبية 1992 من الدورالأول. لم يجد بلاتيني نفسه كمدرب فاتجه إلى العمل الإداري، حيث كان رئيس اللجنة المنظمة لكأس العالم 1998 قبل أن يدخل الاتحاد الأوروبي"يويفا في 2006 ويترشح ضد الرئيس السويدي الراحل لينارت يوهانسن ويتم اختياره كرئيس لليويفا. ترشح بلاتيني ضد بلاتر في الانتخابات التي كان من المقرر اقامتها في 2016، لكن تلك الانتخابات لم يكتب لها أن تقام من الأساس بعدما تم إيقاف الثنائي عن مزوالة كرة القدم لمدة ثماني سنوات. جيفري ويب رئيس اتحاد أمريكا الشمالية لكرة القدم، هو صاحب العقوبة الأغلظ في فضائح الفيفا، حيث جرى إيقافه مدى الحياة، كما أنه عوقب بغرامة قدرها مليون فرانك سويسري. ويب ارتبط بفضائح عديدة متعلقة بالنزاهة وتلقي الرشاوي، حيث دخل أسمه كواحد من المتورطين في الحصول على أموال نظير تلقي أموال في ترشيح قطر لتنظيم مونديال 2022. أوجينيو فيجويريدو تمتع الاوروجوياني فيجويريدو بميزات عديدة من خلال ترأسه للاتحاد الأمريكي الجنوبي في الفترة من 1993 حتى 2013، حيث كان يتلقى مبلغ 50 ألف دولار شهريًا من أحد شركات التسويق الرياضي. وتم القبض على فيجويردو مع بلاتر وفالكي في 2015، ليتم توجيه له تهم بالفساد وتلقى رشاوي.
أحمد أحمد رئيس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم، ظل متواريًا خلف المشهد لسنوات طويلة، قبل أن يتم إلقاء القبض عليه في أعقاب فضيحة مباراة الترجي التونسي والوداد البيضاوي المغربي في إياب نهائي دوري أبطال أفريقيا الشهر الماضي. في الوقت الذي كان يحضر فيه أحمد أحمد اجتماعات كونجرس الفيفا في باريس ،جرى القبض عليه للتحقيق في تهم الفساد الموجهة إليه، لكن الأخير جرى اطلاق سراحه في انتظار استكمال مسلسل البحث عن الحقيقة الغائبة في "كاف".