عاجل- فظائع غير مسبوقة في الفاشر.. بعثة الأمم المتحدة تكشف تفاصيل جرائم القتل والاغتصاب والانتهاكات المروعة    السنيورة: إسرائيل لم تحقق انتصارا عسكريا في حرب 2006    سماع دوي انفجار في العاصمة السورية دمشق    الاتحاد السكندرى وسموحه ينعوا محمد صبرى    قناة الزمالك تنعي وفاة محمد صبري    للمشاركة في البطولات الإفريقية.. تعديل مواعيد مباريات الجولة ال14 للدوري    بالأسماء إصابة 7 فتيات في انقلاب ميكروباص بالوادي الجديد    مخرجا كان يا مكان في غزة يحصدان إشادة واسعة من جمهور مهرجان القاهرة السينمائي.. ويؤكدان: الفيلم يحكي حياة الفلسطيني العادي بعيدا عن المقاومة    محافظ الإسكندرية يؤكد أهمية الوعي والوقاية لبناء مجتمع صحي    الكيلو القائم ب 145 جنيهاً.. نقيب الفلاحين يُعلن مفاجأة سارة عن أسعار اللحوم    الطيران المدني تنفي شائعات إنشاء شركة منخفضة التكاليف    تحصين 220 ألف رأس ماشية ضد الحمى القلاعية والوادي المتصدع بالغربية    اليونيفيل: جدران إسرائيلية جديدة تتجاوز الخط الأزرق منتهكة سيادة لبنان والقرار 1701    كانت مقلب قمامة.. رئيس الوزراء: تلال الفسطاط أكبر حديقة مركزية فى الشرق الأوسط    نقيب الفلاحين: اللحوم في أرخص أيامها الفترة دي    إنجاز طبي بمستشفى كفر الشيخ الجامعي.. إجراء جراحة معقدة لإصلاح تمدد بالأورطي    السنيورة: إسرائيل لم تحقق انتصارا عسكريا في حرب 2006    لاعب وادى دجلة يوسف ابراهيم يتأهل إلى الدور نصف النهائي لبطولة الصين المفتوحة 2025    تربية عين شمس تحتفي بالطلاب الوافدين    «الصحة» تنظم جلسة حول تمكين الشباب في صحة المجتمع    أرقام مذهلة وكنوز لا تقدر بثمن.. المتحف الكبير هدية مصر للعالم    أحمد مراد: السوشيال ميديا تسرق وقتنا.. وفيلم الست يعيد السينما النسائية إلى الواجهة    انطلاق برنامج دولة التلاوة عبر الفضائيات بالتعاون بين الأوقاف والمتحدة في تمام التاسعة    الهلال السعودى يكشف تطورات إصابات لاعبيه خلال التوقف الدولى    للمصريين والأجانب.. تعرف على أسعار تذاكر زيارة المتحف المصري الكبير    سكرتير المحكمة الدائمة للتحكيم: حل النزاعات أسهل في مراحلها المبكرة    الكنيسة الأرثوذكسية تعلن تأسيس الأمانة العامة للمؤسسات التعليمية    الأمم المتحدة: عشرات الآلاف من نازحى الفاشر فى عداد المفقودين    الأهلي يتوج ببطولة السوبر المصري لكرة اليد بعد الفوز على سموحة    محافظ المنيا يبحث مع وفد الإصلاح الزراعي خطة تطوير المشروعات الإنتاجية    أهرامات الجيزة ترحب بالسائحين.. وفصل الخريف الأنسب    المسلماني: مجلس «الوطنية للإعلام» يرفض مقترح تغيير اسم «نايل تي في»    الخريطة الكاملة لمناطق الإيجار السكنى المتميزة والمتوسطة والاقتصادية فى الجيزة    وزير الخارجية يبحث مع نظيره في تركمانستان العلاقات الثنائية بين البلدين    وزارة الشؤون النيابية تصدر إنفوجراف جديدا بشأن المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    سيطرة آسيوية وأوروبية على منصات التتويج في بطولة العالم للرماية    الصحة: إنشاء سجل وطني لتتبع نتائج الزراعة ومقارنتها بين المراكز    حبس زوجة أب في سمالوط متهمة بتعذيب وقتل ابنة زوجها    مؤتمر السكان والتنمية.. «الصحة» تشارك في جلسة «تعزيز العمل اللائق بمصر»    أذكار المساء: حصن يومي يحفظ القلب ويطمئن الروح    اليوم.. عبد الله رشدي ضيف برنامج مساء الياسمين للرد على اتهامات زوجته الثانية    وكيل شباب الدقهلية تشهد فعاليات إنتخابات مجلس إدارة نادي المنصورة الرياضي    اللهم صيبا نافعا.. تعرف على الصيغة الصحيحة لدعاء المطر    اليوم العالمي للسكر| وزير الصحة يعلن توجيه ميزانية موسعة للوقاية منه    وزير الخارجية: صلابة الدولة ورؤية القيادة ووعى الشعب أسهم فى استقرار الوطن    رئيس كوريا الجنوبية يعلن زيارته لمصر والإمارات الأسبوع المقبل    الداخلية تضبط آلاف المخالفات في النقل والكهرباء والضرائب خلال 24 ساعة    ضبط مصنع غير مرخص لإنتاج أعلاف مغشوشة داخل الخانكة    تفاصيل مصرع شخص وإصابة طفل في حادث تصادم بالبدرشين    العثور على جثمان غريق داخل ترعة مياه فى جنوب الأقصر    صندوق "قادرون باختلاف" يشارك في مؤتمر السياحة الميسرة للأشخاص ذوي الإعاقة    انطلاق قافلة دعوية للأزهر والأوقاف والإفتاء إلى مساجد شمال سيناء    هطول أمطار وتوقف الملاحة بكفر الشيخ.. والمحافظة ترفع حالة الطوارىء    براتب يصل ل45 ألف جنيه.. 6200 فرصة عمل في مشروع الضبعة النووي    سنن التطيب وأثرها على تطهير النفس    سنن الاستماع لخطبة الجمعة وآداب المسجد – دليلك للخشوع والفائدة    أدار مباراة في الدوري المصري.. محرز المالكي حكم مباراة الأهلي ضد شبيبة القبائل    مصرع شقيقتين في انهيار منزل بقنا بعد قدومهما من حفل زفاف في رأس غارب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقرير جولدستون.. يشق صفوف الإسرائيليين
نشر في الشروق الجديد يوم 17 - 10 - 2009

ربما لم يمر المجتمع الإسرائيلى منذ عام 1948 بفترة «انقسام أخلاقى» كتلك التى بدأت فى الخامس عشر من الشهر الماضى، عندما أعلنت لجنة تقصى الحقائق الدولية نتائج التحقيق فى العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، متهمة كلا من إسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينية، بارتكاب جرائم حرب وربما جرائم ضد الإنسانية.
ذلك الانقسام بلغ ذروته هذه الأيام مع تحرك التقرير فى المنظمات الدولية، ويجسده فريقان داخل إسرائيل، هما: «الجولدات».. نسبة إلى رئيسة الوزراء الإسرائيلية الراحلة جولدا مائير، و«الجولدستونيون».. نسبة إلى القاضى الجنوب أفريقى ريتشارد جولدستون (يهودى) رئيس لجنة التحقيق الدولية.
وبالطبع يقود الفريق الأول حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، التى بدأت منذ منتصف الشهر الماضى حملة دبلوماسية وإعلامية تستخدم فيها كل الأدوات، بغية «دفن» تقرير جولدستون.
ووصل الأمر حد التهديد بالكشف عن تسجيلين لمسئولين فلسطينيين، بينهم الرئيس محمود عباس زعيم حركة التحرير الوطنى الفلسطينى (فتح)، يؤيدون فيهما عملية «الرصاص المصبوب» العسكرية الإسرائيلية على غزة؛ بغية إسقاط حكم حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، المسيطرة على القطاع منذ يونيو 2007.
وهو التهديد الذى دفع الرئيس عباس إلى الطلب من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة فى الثانى من الشهر الحالى تأجيل التصويت على تقرير جولدستون إلى مارس المقبل، ما فجر فى وجهه عاصفة غضب داخل وخارج فلسطين، بحسب ما نقلته وكالة «شهاب» الفلسطينية عن مصادر وصفتها بالمطلعة فى واشنطن بعد ثلاثة أيام من قرار التأجيل.
ولتحقيق هدفهم يلعب المسئولون الإسرائيليون على «وتر حساس» لدى الغرب، ألا وهو «خطر الإرهاب»، فخلال اتصالات أجراها نهاية الأسبوع الماضى مع وزراء خارجية عدد من الدول، منها فرنسا وبريطانيا وإسبانيا والنرويج، حذر وزير الدفاع الإسرائيلى إيهود باراك من أن تبنى مجلس الأمن الدولى لتقرير جولدستون «سيدعم الإرهاب فى العالم، وسيضعف من قدرة الدول على مواجهة التنظيمات الإرهابية».
واستكمالا لهذا الأسلوب، تحاول الحكومة الإسرائيلية إقناع العالم بأنها كانت تدافع عن نفسها ضد الإرهاب، فخلال افتتاح الدورة الشتوية للكنيست (البرلمان) فى الثانى عشر من الشهر الحالى، حمل رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو بشدة على التقرير، قائلا إنه «يحاول أن يجعل من إسرائيل وقادة جيشها وجنودها مجرمى حرب، والعكس هو الصحيح، فهؤلاء خرجوا للدفاع عن دولة إسرائيل أمام مجرمى الحرب».
وشدد على أن «حماس تنادى بتدمير دولة إسرائيل، وهذا يخالف القوانين الدولية، ولن نسمح بتقديم (وزيرة الخارجية سابقا وزعيمة المعارضة حاليا) تسيبى ليفنى، وباراك، و(رئيس الوزراء السابق) إيهود أولمرت، أمام محكمة لاهاى الدولية كمجرمى حرب». وتوجه نتنياهو إلى الإسرائيليين المنقسمين حول التقرير وإلى الدول المؤيدة لتل أبيب، محذرا من أن التقرير «يشكل خطرا على إسرائيل».
ومع وجود نحو ألف دعوة قضائية فى جميع أنحاء العالم تطالب بمحاكمة المسئولين الإسرائيليين، أمر وزير الدفاع الإسرائيلى كبار ضباط الجيش بعدم السفر إلى الخارج، خوفا من اعتقالهم ومحاكمتهم بتهم ارتكاب جرائم حرب بحق الفلسطينيين، بحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية فى الخامس من الشهر الحالى، والتى بينت أيضا أن الدول الإسكندنافية، مثل النرويج والدنمارك والسويد، بالإضافة إلى بريطانيا وإسبانيا، هى الأكثر خطورة فى مجال ملاحقة الإسرائيليين قضائيا.
ومن بين المهددين بالاعتقال كل من: أولمرت وباراك ونائبه متان فلنائى، وعضو الكنيست آفى ديختر، والوزيرين بنيامين بن ألعيزر وموشيه يعلون، ومن بين الضباط رئيس هيئة الأركان جابى أشكنازى وجميع الضباط فى هيئة الأركان العامة، والمدعى العام العسكرى والمستشارين القضائيين للجيش الذين أقروا عملية «الرصاص المصبوب»، فضلا عن رئيس جهاز الأمن الداخلى (الشاباك) يوفال ديسكن، ورئيس جهاز الاستخبارات الخارجية (الموساد) مائير دغان.
هذا الموقف الإسرائيلى الرسمى من التقرير يصطف خلفه مواطنون وسياسيون ومثقفون وإعلاميون وكتاب إسرائيليون، من بينهم الكاتب والمحلل السياسى «آرى شافيت»، الذى اتهم القاضى جولدستون بأنه سيكون السبب فى الحرب المقبلة، قائلا إنه لا أحد يعلم متى ستندلع الحرب القادمة ولا ميدانها، لكن المؤكد أن اسمها سيكون «حرب جولدستون».
وادعى «شافيت» فى مقال له بصحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية فى التاسع من الشهر الحالى أن تقرير جولدستون جعل حركة المقاومة الإسلامية (حماس) فى «وضع قوة بعد ضعف»؛ ما قد يشجعها على شن حرب على إسرائيل، ربما يكون ميدانها غزة أو الضفة الغربية المحتلة أو حتى داخل مدينة القدس.
ومضى قائلا إن عملية «الرصاص المصبوب» أضعفت حماس، المسيطرة على غزة منذ يونيو 2007، وحققت «توازنا بكلفة إنسانية رهيبة»، وقوت «المعتدلين» الفلسطينيين، ثم جاء تقرير جولدستون ليهدد حالة الردع التى تحققت.
واستشهد خلال هذه العملية العسكرية الإسرائيلية، التى دامت ما بين السابع والعشرين من ديسمبر والثامن عشر من يناير الماضيين، أكثر من 1400 فلسطينى، معظمهم مدنيون، بينما قتل ثلاثة عشر إسرائيليا، بينهم ثلاثة مدنيين، بحسب منظمات حقوقية فلسطينية وإسرائيلية.
على الجانب الآخر من التقرير، وعلى صفحات «هاآرتس» أيضا رد «جدعون ليفى» على «شافيت» قائلا إنه لم يسمع مثل هذه الأقوال البغيضة منذ أن قالت «جولدا مائير» إننا لن نسامح العرب أبدا لأنهم يجبروننا على قتل أبنائهم.
وأضاف فى مقال نشرته الصحيفة أمس الأول أنه من المؤكد أن الحرب المقبلة ستندلع فى المكان والموعد الذى تحدده إسرائيل، وقد خضنا حروبا لا داعى لها بسبب «روح جولدا» التى يعبر عنها شافيت وأمثاله، مؤكدا أنه كان من الممكن تجنب حرب أكتوبر 1973 «اللعينة» لولا هذه الروح، على حد وصفه.
«ليفى» شدد على أن «شافيت والجولدات الآخرين، الذين يمارسون خداع الذات ويعانون من عمى أخلاقى ويحرضون ويكذبون ويرفضون كل فرصة للحل عادل، هؤلاء هم الذين سيجلبون الحرب المقبلة».
ورأى أن «الرصاص المصبوب لم تضعف حماس كما يقول شافيت، بل قوتها، وأن الاستقرار المؤقت الذى تحقق إثر هذه العملية كان يمكن إحرازه من خلال اتفاق هدنة دون سفك الدماء، لكن قلوب الجولدات قاسية، فهم يريدون الدم والنار وأعمدة الدخان وقنابل الفسفور الأبيض» المحرمة دوليا.
وختم «ليفى» مقاله قائلا: «نقول للجولدت إن كل قذيفة سقطت على منزل فى غزة أضرت بمكانة إسرائيل أكثر من كل تقرير.. إن من عزل إسرائيل هو الحكومة والجيش وجوقة المشجعين الغوغائيين. نعم نحن الجولدستونيين نريد إسرائيل مختلفة.. إسرائيل تكون الحرب آخر خياراتها وتنهى الاحتلال وتصبح مصدر فخر لمواطنيها لا مصدر خزى فظيع. كان هذا ممكنا لو أن لدينا عددا أكبر من الجولدستونيين وأقل من الجولدات».
خلف «ليفى» وغيره من مواطنين وسياسيين وإعلاميين ومثقفين وكتاب صحفيين، تصطف منظمات حقوقية إسرائيلية، مثل مركز «بتسليم» الذى يستنكر بشدة الموقف الإسرائيلى الرافض لتقرير جولدستون، ويؤكد أن التقرير «نتاج تحقيق جدى ومهنى يعبر عن الالتزام العميق والحقيقى نحو تحقيق العدالة».
وبالرغم من انتقاد «بتسليم» لبعض توصيات جولدستون فإنه يتمسك بضرورة تنفيذ إسرائيل التوصية الأساسية للتقرير، وهى إجراء تحقيق فى الاتهامات الموجهة لجيشها بارتكاب جرائم حرب وربما جرائم ضد الإنسانية فى غزة.
ويرفض المركز الإسرائيلى بشدة ما يردده «فريق الجولدات» من أن انتقال تقرير جولدستون إلى مجلس الأمن من شأنه تقليص فرص استئناف عملية السلام مع الفلسطينيين، مشددا أنه «ليس من شأن العملية السياسية ولا أى ذريعة أخرى إلغاء الواجب الأخلاقى والقانونى لتحقيق العدالة ومعاقبة من انتهكوا حقوق الإنسان».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.