لقد شكل المجلس المجلس الدولي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف لجنة تحقيق دولية لتقصي الحقائق في جرائم الحرب التي ارتكبت في غزة خلال الفترة من 28-12-2008 إلى 18-1-2009 ،برئاسة القاضى اليهودى الدولي الجنوب إفريقي ريتشارد جولدستون ( 71 عاما) .. ولكنه بدافع هذا الانتماء الديني والفكري، وبدافع محبته لإسرائيل، رفض في البداية قبول تكليف المجلس الدولي لحقوق الإنسان له بتولي رئاسة، و قال في هذا الصدد: (أنا صهيوني.. أحب إسرائيل، وما كنت أبدا أفعل ما يضرها.." و "عندما أبلغوني باختيارهم، وبوصفي يهوديا، أصبت بالصدمة، وأمضيت بضع ليال من الأرق، ورفضت،و لكن عندما أبلغنى السكرتير العام للأمم المتحدة بأن التحقيق لن يتناول فقط ما ارتكبته إسرائيل، بل سيتناول أيضا ممارسات حركة المقاومة الفلسطينية "حماس"،رأيت أن هذا الاقتراح لا يمكنني رفضه). لم يكن هذا القبول رغبة منه في إدانة حماس على حساب إسرائيل، ولكن: "لأنني أعتقد أنني قادر على أداء هذه المهمة الثقيلة بشكل متوازن وغير منحاز.. كان دافعي هو قلقي على السلام في الشرق الأوسط، وعلى الضحايا من أي جهة كانوا.. الذين يعانون الإهمال في أغلب الأحيان". ورغم ذلك قاطعته إسرائيل وهددته هو ولجنته، بينما رحبت به الحكومة الفلسطينية المُقالة في غزة، وتعاونت معه حركة حماس تعاونا أشاد به. لم تمنعه تهديدات وجهتها له جهات في إسرائيل ويهود من بلده جنوب إفريقيا من أن يجرى تحقيقاته ويقدم تقرير اللجنة النهائي إلى المجلس القومى لحقوق الإنسان، وهو التقرير الذى وصفه الخبراء بأنه "الأنزه" في تاريخ التقارير المشابهة الصادرة عن الأممالمتحدة. خلص في نتائج تحقيقاته إلى القول إن جيش الاحتلال "ارتكب أفعالا تصل إلى جرائم حرب، وربما بشكل أو بآخر جرائم ضد الإنسانية". وبعد انتهاء اللجنة من تحقيقاتها قال جولدستون ردا على حملة التشكيك والاتهامات التي شنتها عليه إسرائيل: "أرى أنه للمرة الأولى تقوم لجنة تقصي حقائق نزيهة فعلا غير متحيزة، وتسعى إلى الحصول على صورة موسعة قدر الإمكان، وإلى فحص طرفي المواجهة بالمقياس نفسه". وبعد معركة دبلوماسية شرسة صوت المجلس الدولي لحقوق الإنسان بتاريخ 16-10-2009 بالموافقة على تقرير القاضى جولدستون المتعلق بما جرى في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة ، الذي حمَّل إسرائيل مسئولية ارتكاب جرائم حرب بقطاع غزة بأغلبية ...وافق مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جينيف على تقرير القاضي اليهودي الجنوب أفريقي ريتشارد جولدستون ،في يناير 2009 .وكانت نتيجة تصويت المجلس موافقة 25 دولة ( أغلبها عربية وأفريقية وإسلامية ومعها روسيا والصين )، ومعارضة 6 دول هي : الولاياتالمتحدةالأمريكية ، المجر ، إيطاليا ، هولندا ، سلوفاكيا ، وأوأكرانيا . بينما امتنعت عن التصويت 11 دولة من بينها : النرويج ، البوسنة ، اليابان ، سلوفينيا ، والأروجواي ، وتغيبت دولتان هما : مدغشقر و قرغيزستان وهو ما اعتبر انتصارا للكتلة العربية والإسلامية وجولدستون معا على كل الضغوط التي مورست في أروقة الجلسة في اللحظات الأخيرة لمنع تمرير التقرير. وفي أحسن التوقعات ،فإن هذا التقرير سيضاف للعديد من القرارات الدولية للحفظ في أرشيف الأممالمتحدة ، فهو لن يكون أحسن حظا من القرار رقم 194 الخاص بحق العودة ، وقرار 242 الخاص بالانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967 ،وغيرها . الفضيحة : كانت صحيفة "أفتونبلاديت" السويدية نشرت في 17 أغسطس تقريراً لمراسلها في الأراضي الفلسطينية المحتلة دونالد بوستروم أفاد فيه بأن جنوداً إسرائيليين قاموا عمدا بقتل شبان وأطفال فلسطينيين لسرقة أعضائهم والمتاجرة بها ، قائلا :" إسرائيل كانت تعتقل شبانا فلسطينيين في الليل وتقتلهم وتستأصل أعضاءهم وتدفنهم بسرية". وبالنظر إلى أن هذا المقال كشف بعدا إجراميا جديدا لإسرائيل لم تسلط عليه الأضواء من قبل ، فقد جاء رد فعلها عنيفا جدا ، حيث شن وزير خارجيتها أفيجدور ليبرمان هجوما شديد اللهجة ضد السويد، وأشار إلى أنها تتخذ مواقف متطرفة ضد إسرائيل منذ الحرب الأخيرة على غزة ، وانتقد في هذا الصدد صمت نظيره السويدي الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي عن المقال . وفي السياق ذاته ، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية إيجال بالمور: "هذا المقال يحمل عناصر واضحة من التشهير الدموي ضد اليهود في العصور الوسطى" ، متهما الصحيفة بالتشجيع على جرائم الكراهية ضد إسرائيل . وأضاف قائلا : "نشعر بأن الحكومة السويدية تستخدم حجة حرية التعبير كذريعة لعدم إدانة معاداة السامية ، نعتقد أن حرية التعبير لا تنطبق فقط على وسائل الإعلام السويدية، بل أيضا على الحكومة السويدية التي عليها أن تعلن موقفا حازما حول تلك القضية التي تشكل معاداة للسامية". وفي تعقيبه على الاتهامات الإسرائيلية السابقة ، كشف الصحفي ديفيد بوسترم أن الحكومة الإسرائيلية حاولت جاهدة الضغط على الحكومة السويدية بعدم نشر هذه القضية التى هزت صورتها أمام العالم. وأضاف فى تصريحات لقناة "الجزيرة" في 25 أغسطس أن الاحتلال الإسرائيلى ينتهك القانون الدولى كل يوم فى الأراضى المحتلة ولا يريد أحد أن يحاسبه أو يكتب عنه. وأوضح أن إسرائيل حاولت استخدام المقال على اعتبار أنه يمثل معاداة للسامية ، لكن المقال الذى كتبه ليس فيه حرف واحد حول هذه الإدعاءات. وأضاف "إننى أخذت بوجهة نظر كل الأطراف فى كتابة المقال حيث لم أكتف بالطرف الفلسطينى ولكنى ذهبت أيضاً إلى الجيش الإسرائيلى لمعرفة مدى صحة هذه المعلومات التى ثبتت صحتها". وكان موقف كارل بيلدت وزير خارجية السويد رائعا أثناء تولى بلاده رئاسة الاتحاد الأوربى ،حيث رفض طلب إسرائيل بالإعتذار. و مؤخرا ، أصدرت محكمة ويستمنستر الإبتدائية البريطانية مذكرة لاعتقال وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة زعيمة حزب "كاديما" تسيبي ليفني ،التي كانت في لندن لإلقاء كلمة في مؤتمر نظمته منظمة يهودية بريطانية. وجاء قرار المحكمة بإلقاء القبض على ليفني بعدما تقدم محامون بريطانيون بالتعاون مع جهات حقوقية فلسطينية بطلب إلى المحكمة لاعتقالها ومحاكمتها كمجرمة حرب. ويعتبر التحرك الفلسطيني واحداً من خطوات لجأت إليها منظمات حقوقية في أعقاب صدور "تقرير غولدستون" الذي اتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب خلال العدوان على غزة. وذكرت صحيفة الحياة البريطانية أن ليفني كانت موجودة في لندن وأنها ألقت كلمة في المؤتمر اليهودي, فيما ادعى مكتب الوزيرة السابقة في بيان أمس أنها ألغت زيارتها لبريطانيا قبل أسبوعين. وأشارت مصادر فلسطينية مطلعة على سير الدعوى القضائية التي صدرت بموجبها مذكرة الاعتقال، إلى أن "قوة من الشرطة البريطانية تبحث عن ليفني بجدية، وتوجه عدد من رجالها إلى مكان انعقاد المؤتمر لاعتقالها، وتمركز عدد آخر" عند مدخلي مبنى السفارة الإسرائيلية، وفي المطارات" خشية تهريبها خارج بريطانيا. واختفت ليفني في لندن تمهيداً لتهريبها قبل إلقاء القبض عليها وتقديمها إلى المحاكمة بتهمة ارتكاب جرائم حرب خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في نهايةعام 2008 ومطلع عام 2009. وأكدت المصادر أن "الشرطة فحصت أشرطة مصورة مسجلة للمؤتمر وتأكدت من وجود ليفني فيه، وبناء عليه شرعت في البحث عنها لاعتقالها". وتسبب الأمر فى حرج للحكومة البريطانية، وأعربت المصادر عن خشيتها أن تعمد لندن إلى تهريب ليفني إلى الخارج سراً لتلافي الحرج السياسي، واعتبرت أنه "في هذه الحال ستكون الحكومة البريطانية شريكة في التغطية على ارتكاب قوات الاحتلال الإسرائيلي جرائم حرب يعاقب عليها القانون الدولي. وعلى الرغم من كل ذلك ،فقد تمكنت السيدة ليفنى بالفعل من مغادرة بريطانيا بسلام عائدة إلى إسرائيل !! تعديل القانون فى بريطانيا لحماية مجرمى الحرب الإسرائيليين : أجرى رئيس الوزراء البريطاني السيد غوردون براون اتصالا هاتفيا مع السيدة ليفني، وأكد معارضته لإصدار محكمة بريطانية مذكرة اعتقال ضدها وقال إنها شخصية مرغوب بها في بريطانيا !! وقال براون لليفني إنها شخصية مرغوب بها في بريطانيا في أي وقت وأنه يعتزم العمل من أجل تغيير الوضع القانوني القائم الآن في بريطانيا ويسمح بمحاكمة متهمين بتنفيذ جرائم حرب.. كما اتصل وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند بالسيدة ليفني ، وأكد ذات الإتجاه . وعلى صعيد آخر ، فإن منظمة العفو الدولية (أمنستي إنترناشونال) دعت إسرائيل إلى "كشف النقاب عن الأسلحة والذخائر التي استعملتها قواتها أثناء الحملة العسكرية على غزة." إسرائيل ليست من بين الدول التي انضمت إلى معاهدة المحكمة الجنائية الدولية، ولمحاكمتها دولياً يتطلب الأمر الحصول على موافقة مجلس الأمن الدولي. ويتضح مما تقدم مايلى : 1-أن مجرمى الحرب الإسرائيليين لن يقدموا للمحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية لأن إسرائيل ليست من بين الدول التي انضمت إلى معاهدةهذه المحكمة ، ولمحاكمتها دولياً فإن الأمر يتطلب الحصول على موافقة مجلس الأمن الدولي ،وقد أعلنت وزيرة خارجية الولاياتالمتحدةالأمريكية أنها (أمريكا) سوف تستخدم حق الإعتراض (الفيتو ) لمنع هذا الإجراء. وكل ذلك بسبب السيطرة اليهودية الصهيونية على مراكز اتخاذ القرار . 2- ومع هذا فإنه لابد من الإقراربأن العالم لايخلوا من شرفاء يتحلون بالصدق والأمانة ، من اليهود و المسيحيين وغيرهم ، وقفوا – ويقفون - بجانب الفلسطينيين بشجاعة ،إنطلاقا من قواعد العدل والإنصاف ، بنزاهة وموضوعية ،ويستحقون الإحترام والتقدير،ولعل التعاون معهم ،أفرادا كانوا أو دول أو منظمات ، هو السبيل الوحيد المتاح " حاليا على الأقل" لمواجهة إسرائيل وفضح جرائمها أمام المجتمع الإنسانى . مازال الحصار مفروضا ..والقتل والتشريد.. والاعتقال والتعذيب ..والتآمر..... "لاتدرى لعل الله يُحدث بعد ذلك أمرا". وسبحان المنتقم الجبار....... [email protected] www.adelafify.com