منعت قوات من الجيش السودانى، فجر أمس، محاولات لقوات الأمن فض اعتصام لآلاف المتظاهرين السودانيين الذين احتشدوا بالقرب من مقر قيادة الجيش فى الخرطوم، عبر إطلاق قنابل الغاز والرصاص الحى. وقال شهود إن قوات الأمن السودانية أطلقت النار فى الهواء فى محاولة جديدة لتفريق المحتجين المعتصمين خارج وزارة الدفاع، الذين يطالبون باستقالة الرئيس السودانى عمر البشير، مضيفين أن قوات الأمن حاولت اقتحام الاعتصام بشاحنات بيك أب، وفقا لوكالة رويترز. وأوضح الشهود أن هذه هى المرة الثانية التى تحاول فيها قوات الأمن تفريق المتظاهرين، أمس، ففى محاولة سابقة، تدخلت قوات من البحرية السودانية لحماية المتظاهرين. وقال شهود عيان آخرون لوكالة الأنباء الألمانية إن الجيش تبادل إطلاق النار مع قوة أمنية اقتحمت مقر الاعتصام، حيث سمع دوى الرصاص بشكل متقطع لما يقرب من ساعتين. وشكل الجيش السودانى طوقا أمنيا لحماية المتظاهرين داخل مقر هيئة الأركان البحرية وسط العاصمة. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن شهود وأحد المتظاهرين قوله إن عناصر جهاز المخابرات الوطنى وشرطة مكافحة الشغب هم من أطلقوا الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين، ولم يحددوا الجهة التى أطلقت النار. وأفاد شهود عيان بمقتل جنديين من الجيش السودانى وعنصر من قوات الأمن فى الاشتباكات الدائرة أمام مقر قيادة الجيش بالخرطوم. وقالت «لجنة الأطباء السودانيين المركزية» المعارضة فى بيان فى صفحتها على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»، إن الأجهزة الأمنية استخدمت الرصاص الحى فى محاولة لفك الاعتصام، ما أدى إلى سقوط قتيلين وإصابة عدد آخر، بينهم عسكريون، مشيرة إلى أن إصابة بعضهم خطيرة. وأكد تجمع المهنيين، الذى ينظم الاحتجاجات المعارضة للرئيس البشير، أن القوات المسلحة تصدت للقوات المهاجمة للاعتصام وفتحت بوابات القيادة العامة لحماية المتظاهرين. وطالب تجمع المهنيين المعتصمين بالبقاء أمام مقر قيادة الجيش السودانى بالخرطوم، والاحتماء فى مقر القيادة العامة للقوات المسلحة، داعيا السودانيين إلى الخروج والالتحاق بمقر القيادة العامة حيث يعتصم المتظاهرون. وأمس الأول، أكد الفريق أول ركن عوض محمد أحمد بن عوف، النائب الأول للرئيس السودانى، وزير الدفاع، أن القوات المسلحة هى صمام أمان البلد ولن تفرط فى أمنه ووحدته وقيادته. وأضاف عوض بأن كل السودان بأبنائه ومقدراته أمانة فى عنق القوات المسلحة، وأن التاريخ لن يغفر لقادتها إذا فرطوا فى أمنه. وتابع: إن هناك جهات (لم يسمها) تحاول استغلال الأوضاع الراهنة لإحداث شرخ فى القوات المسلحة وإحداث الفتنة بين مكونات المنظومة الأمنية بالبلاد، مشددا على أنه لن يتم السماح بذلك مهما كلف من عنت وضيق وتضحيات. ونفى المتحدث الرسمى باسم الحكومة السودانية حسن إسماعيل، أمس الأول، تقرير لوكالة الأنباء الألمانية يفيد بأن الرئيس البشير بات أقرب لتسليم السلطة للجيش. وأكد إسماعيل أن هذه المعلومات عارية من الصحة تماما ولم تتم مناقشة مثل هذا الموضوع أصلا، وأن هذه المزاعم هدفها إثارة البلبلة بين المواطنين. فى سياق متصل، أصدرت الهيئة التنسيقية العليا للحوار الوطنى فى السودان إثر اجتماع برئاسة البشير، بيانا أكدت فيه على ضرورة التمسك بالحوار كوسيلة لمعالجة جميع قضايا البلاد. وأكدت الهيئة فى اجتماعها بكامل عضويتها ضرورة المحافظة على استقرار البلاد وأمن المواطنين وممتلكاتهم وتجنيب البلاد الانزلاق نحو الفتن. من جهته، قال الرئيس البشير خلال ترأسه اجتماع المكتب القيادى لحزب المؤتمر الوطنى الحاكم، إن حفظ الأمن والاستقرار أولوية وإن الشعب السودانى يستحق الطمأنينة، معبرا عن ثقته فى العبور من الأزمة الراهنة أكثر قوة وتماسكا، وفقا لوكالة الأنباء الألمانية. وحضور الرئيس السودانى لاجتماع الحزب الحاكم هى خطوة تعد الأولى من نوعها منذ إعلان البشير فى 22 فبراير الماضى وقوفة على مسافة واحدة من كل الاحزاب السياسية وتحوله إلى رئيس قومى وإقدامه على تحويل مهامه فى رئاسة الحزب إلى نائبه أحمد هارون. وفى واشنطن، دعت وزارة الخارجية الأمريكية، أمس الحكومة السودانية إلى «وقف استخدام العنف» ضد المتظاهرين.