المراسلات كانت مكتوبة بالحبر السري ترسل من مصر للوفد في باريس والعكس مقاطعة لجنة ملنر وحركة الأمراء أبرز القضايا التي تناولتها الرسائل سكرتير الوفد أضاف لقب فهمي لنفسه حبا في زميل دراسته اصطدام عبد الرحمن فهمي بالموظفين الإنجليز ثم الخديو تسبب في إحالته للمعاش المبكر «فهمي» اقترح ضم أعضاء من الحزب الوطني للوفد مثل «النحاس» و«عفيفي» تواصل «الشروق» على مدار شهر مارس عرض مجموعة من الكتب، الحديثة والقديمة، التي تروي جوانب مختلفة لتأريخ وتوثيق أحداث ثورة 1919 من الأسباب إلى المآلات. وثاني كتاب نتجول بين صفحاته هو «دراسات في وثائق ثورة 1919»..«المراسلات السرية بين سعد زغلول وعبد الرحمن فهمي»، الذي يزيح الستار عن جانب خفي من نضال الوفد، ومن شخصية الزعيم سعد زغلول، وسكرتير اللجنة المركزية للوفد عبد الرحمن فهمي، وهو الجانب الذي لم يكن معروفًا حتى عثر الأستاذ الدكتور محمد أنيس على هذه المراسلات التي مكَن نشرها الباحثين من تركيب صورة تاريخية لثورة 1919 كان من المستحيل التوصل إليها من دون الاستعانة بهذه الوثائق. بلغ عدد المراسلات السرية (مكتوبة بالحبر السري) المرسلة من سعد زغلول إلى عبد الرحمن فهمي 30 رسالة، من 23 يونيو 1919 إلى 28 أبريل 1920، كما بلغ عدد التي أرسلها فهمي لسعد 29 تقريرًا بدأت من 23 يوليو 1919 وحتى مايو 1920. تناولت تلك المراسلات قضايا مهمة مثل (خروج إسماعيل صدقي ومحمود أبو النصر من الوفد، ومقاطعة لجنة ملنر، وحركة الأمراء، ووحدة عنصر الأمة والتكتل الأرستقراطي)؛ فكل تقرير كان يشمل مسائل متعددة. وتقارير عبد الرحمن فهمي تشمل عرضا لأهم الأحداث العلنية والسرية التي كانت تدور في مصر؛ وكان يعطي من خلالها للوفد في باريس صورة عن الموقف في مصر، بينما كان سعد يعطي لعبد الرحمن فهمي رأي الوفد في كثير من المسائل التي تجري في مصر لتسير اللجنة المركزية للوفد على هديها. الكتاب صدرت طبعته الأولى في عام 1963 للدكتور محمد أنيس (1921-1986) أستاذ التاريخ الحديث بجامعة القاهرة، ومؤسس مركز وثائق وتاريخ مصر المعاصر (1967- 1975)، والرئيس الأول له، وهو المركز الذي قام تحت إشرافه بجمع شتات العديد من الوثائق المهمة، وأعادت دار الشروق نشر هذا الكتاب في 2019 ، ويقع في 242 صفحة، من القطع المتوسط. *********** نظرة على عبدالرحمن فهمي قدم الدكتور محمد أنيس هذه الوثائق بمقدمة تاريخية تكشف الكثير من الجوانب غير العلنية من نضال الوفد.. نبدأ هذه التفاصيل بإلقاء الضوء على تكوين وأعمال عبدالرحمن فهمي قبل ثورة 1919، الرجل الذي كان يعد «الوفد» على الأرض والذي نظم الكثير من تلك تحركات في العاصمة والأقاليم، وتوضح التفاصيل جوانب من هذه الشخصية في اعتزازها بنفسها وكرامتها وشدتها في الحق وإحساسها الدائم بالمسؤولية. اكتسب فهمي خلال عمله قبل الثورة المعرفة الواسعة بأحوال مصر، وصلة واسعة بالشخصيات والأسر المصرية، ما نفعه كثيرًا في ثورة 1919، كما كان له علاقة طيبة بكافة الأطراف الوطنية ما أوقعه في حرج شديد حين نشب الخلاف بين هذه الأطراف، ليعتزل الحياة السياسية برمتها منذ 1925. كان عبدالرحمن فهمي بك السكرتير العام للجنة المركزية للوفد منذ تأليفها في أوائل أبريل عام 1919 حتى القبض عليه في أول يوليو عام 1920 ومحاكمته كمتهم أول في قضة المؤامرة الكبرى. فهمي ضابط الجيش المصري، ولد في 3 مارس عام 1870 وتوفي في عام 1946، نشأ وتربى في بيت شقيقه الأكبر محمد ماهر باشا (والد كل من على ماهر وأحمد ماهر) صديق الخديو عباس حلمي ووكيل نظارة الحربية، وهي صداقة كان كرومر (المندوب السامي البريطاني في مصر) يعتبرها السبب الرئيسي في تحريض عباس ضد الاحتلال، لذلك أصر كرومر إبان أزمة الحدود عام 1894 على نقل محمد ماهر من وكالة الحربية. ويروي أنيس : أن مراد فهمي نجل عبدالرحمن فهمي أبلغه إن اسم فهمي لم يكن أصلا ضمن أسماء والده، وإنما أضافع إلى اسمه لأنه وهو طالب كان بجوار زميل يوقع اسمه فهمي على نحو أعجبه فأضاف اسم فهمي إلى اسمه فأصبح (عبدالرحمن فهمي). عين فهمي ياورا لوزير الحربية مصطفى باشا، وفي عام 1901 نقل إلى خدمة البوليس وتنقل في مناصبها، فعين مأمورا لمركز سمالوط ثم بني مزار ثم إمبابة، وبين 1902 و1903 عين وكيلا لمديرية القليوبية ثم وكيلا لمديرية الدقهلية، وفي عام 1906 عين مديرا لمديرية بني سويف وفي عام 1908 كان مديرا للجيزة. وإبان شغله منصب مدير الجيزة بدأت متاعبه الحقيقية مع الإنجليز فاصطدم في سلسلة من الأزمات مع الموظفين الإنجليز مثل مفتش الري ومفتش الداخلية، انتهت في عام 1911 بإصرار مستشار الداخلية الإنجليزي على إبعاد فهمي من مديرية الجيزة وإحالته للمعاش، وتوسط محمد سعيد باشا الذي كان وزيرا للداخلية ورئيسا لمجلس الوزراء، ويبدو أنه كان على علاقة طيبة بعبدالرحمن فهمي، ولكن لم تفلح تلك الواسطة، وعلم الخديو عباس بالأمر فطلب نقل عبدالرحمن فهمي إلى وكالة الأوقاف، وكانت الأوقاف في ذلك الوقت (وحتى عام 1913) تابعة للسراى. وبالفعل نقل عبدالرحمن فهمي في أواخر عام 1911 إلى الأوقاف ليصطدم هناك بالخديو نفسه على نحو دفع الخديو إلى إحالته على المعاش في عام 1913، وكان بسبب شراء أطيان المطاعنة، حيث كان الخديو يريد من إدارة الأوقاف أن تشتري حوالي ثلاثة آلاف فدان بجهة المطاعنة في صيف 1912، ولكن فهمي اعترض على هذه الصفقة لأن الأوقاف (أموال العجزة واليتامى)، وغضب الخديو وأسرها في نفسه وانتهى الأمر بإحالة فهمي للمعاش وهو في الثالثة والأربعين من عمره. علاقة عبد الرحمن فهمي بسعد زغلول متى بدأت الصلة بين عبدالرحمن فهمى وسعد زغلول؟ ليس هذا معروفا على وجه الدقة، ولكن المعروف أن عبدالرحمن فهمى كان موجودا عند تأليف الوفد على نحو يستكمل تمثيله لطوائف وطبقات وفئات الأمة واتجاهاتها، فهو الذي اقترح – أو ممن اقترحوا – على سعد أن يستكمل الوفد تشكيله بدخول ممثلين عن الحزب الوطنى وقدم له بالفعل كلا من مصطفى النحاس وحافظ عفيفى وكانا من المشايعين للحزب الوطنى – وإن لم يكونوا عضوين رسميين فيه – ولابد أن عبدالرحمن فهمى قد ساهم في حركة التوكيلات وفي ثورة مارس وإن كان دور الحقيقي في المرحلة الثانية من الثورة وهي المرحلة التي يمكن تسميتها بالمقاومة السلمية منذ إبرايل 1919. وغدا حلقة جديدة.....