انتهي قسم التشريع بجلسته التي ترأسها المستشار أحمد أبو العزم رئيس مجلس الدولة، وبحضور المستشار حسن شلال نائب رئيس مجلس الدولة رئيس قسم التشريع، من وضع ملاحظاته على مشروع قانون تنظيم ندب القضاة وأعضاء الجهات والهيئات القضائية، وتم إرساله الى مجلس الوزراء لتدارك هذه الملاحظات واتخاذ شئونه حيالها . وذكر المستشار عبدالرازق مهران، رئيس المكتب الفني لقسم التشريع، أن مشروع القانون يتضمن (11) مادة، وكانت أول ملاحظة آبداها القسم على القانون، أنه لم يتم أخذ رأي الجهات والهيئات القضائية المعنية، بالمخالفة لما نصت عليه المادة (185) من الدستور، وهو إجراء دستوري جوهري لا يجوز إغفاله، لذا رأى القسم ضرورة عرض مشروع القانون على الجهات والهيئات القضائية، قبل إصداره. وأضاف أن المشروع تضمن في المادة (2) ذكر الجهات التى لا يجوز ندب القضاة إليها، بأسلوب تعداد هذه الجهات، وهو أسلوب غير دقيق أو كاف لإعمال حكم إلغاء الندب الوارد بالدستور، حيث سيترتب على هذا الأسلوب من الصياغة إغفال بعض الجهات، وهو ما قد يُفسر على أنه إجازة للندب للجهات التي لم يرد ذكرها بالمخالفة للدستور. كما ارتأى القسم أن الفقرة الثانية من المادة (2) عرَّفت إدارة شئون العدالة - التي يجوز ندب القضاة وأعضاء الجهات والهيئات القضائية للقيام بها- بعبارات فضفاضة ينقصها التحديد الواجب للوصول للمعنى المقصود منها على نحو منضبط، ما من من شأنه أن يفتح بابًا واسعًا عند التطبيق لإدراج أعمال في نطاق إدارة شئون العدالة يجوز ندب القضاة وأعضاء الجهات والهيئات القضائية لها، الأمر الذي لا يتفق والغاية التي قصد إليها المُشرع في الدستور. وأوضح مهران أن نص المادة (2) أناط برئيس مجلس الوزراء «تحديد مجالات الندب لإدارة شئون العدالة» بالمخالفة للدستور الذي اختص المُشرع القانوني بتحديد الجهات والأعمال التي يجوز الندب إليها، وهو ما يكشف عن إرادة المُشرع الدستوري في أن يكون تنظيم قواعد ندب القضاة وأعضاء الجهات والهيئات القضائية وتحديد الجهات التي يجوز ندبهم لها بقانون تقره السلطة التشريعية، دون أن يكون للسلطة التنفيذية أن تتدخل في هذا الشأن بقرارات تصدر عنها، الأمر الذي لا يجوز معه للسلطة التشريعية أن تتخلى عن اختصاصها المنوط بها أو جزء منه وتعهد به إلى سلطة أخرى مهما علا شأنها . كما انتهى القسم إلى أن نص المادة (3) يثير إشكالية في تحديد المقصود بلفظ «الجهة الواحدة» عند تعداد الاستثناءات التى يمكن ندب القاضي لها الواردة في دستور 2014، وذلك في حالة ما إذا ما كان ندب القاضي، يتم تنفيذًا لنص في أي من القوانين السارية المعمول بها؛ الأمر الذي قد يُتَصَوَّرُ معه تعددُ جهات أو مجالات الندب، بالرغم أنها جهة واحدة منصوص عليها حصرًا على سبيل الاستثناء. وأبرز القسم في معرض ملاحظاته شبهة عوار دستوري في نص المادة (4) فيما تضمنه من «إجازة الندب لوزارة العدل»؛ نظراً لأن مشروع القانون جاء في سياق تنفيذ ما تضمنه دستور 2014 ، من إلغاء للندب الكلي والجزئي لغير الجهات القضائية، بينما وزارة العدل أحد أفرع السلطة التنفيذية، فلا يمكن أن تدخل ضمن الجهات المحددة التي يجوز الندب لها، ولا يمكن اعتبارها من الجهات القائمة على إدارة شئون العدالة. وانتهى القسم أيضاً إلى مخالفة الحكم الوارد في المادة (6) من المشروع - والذي تضمن جعل زيادة مدة الندب الكلي على أربع سنوات متصلة مشروط بقرار يصدر عن رئيس مجلس الوزراء وفق تقديره- ذلك لأن رئيس الوزراء يندرج ضمن السلطة التنفيذية، في حين أن ندب القضاة وأعضاء الهئات القضائية، هو شأن من شئون الجهات والهيئات التي ينتمون إليها، ولا يجوز معه أن تكون السلطة التقديرية بشأن زيادة مدة الندب الكلي منوطةً بالسلطة التنفيذية، أو متوقفة على قرار يصدر عنها. وأشار القسم في ذلك إلى أن من بين أحوال الندب التي عددتها المادة (239) من الدستور "الندب للجهات القضائية"، مما لا يجيز أن يكون تقدير استمرار الندب الكلي من جهة أو هيئة قضائية إلى جهة قضائية أخرى، زيادةً على أربع سنوات متصلة، معلقًا على "إرادة السلطة التنفيذية" وإنما يجب أن يكون ذلك من اختصاص ووفق تقدير الجهتين المنتدب منها والمنتدب إليها، بما لهما من استقلال يحول دون تدخل أية سلطة أو جهة في هذا الشأن. اقرأ أيضًا: قانون «تنظيم ندب القضاة» فى الطريق للبرلمان: 4 استثناءات فقط بعد 17 يناير القادم