فى الوقت الذى يلتزم فيه الجميع منازلهم، خاصة وقت الظهيرة خلال إجازة عيد العمال، نجد عمالا لم يمنحهم عيدهم فرصة الراحة، ويتواجدون فى الشارع للعمل أو بحثا عنه، فلا بديل عن ذلك وإلا لن يستطيعون توفير دخلهم اليومى. فى شارع السكة الحديد الشهير بالإسماعيلية يتجمع عشرات العمال يجلسون على الرصيف، أملا فى قدوم شخص راغبا فى طلب أحدهم أو بعضهم لأداء عمل ما، فهذا يحمل أثاثا وآخر يحمل رمالا ومواد بناء وهؤلاء ينفذون أى عمل حتى لو لم يتناسب مع أعمارهم وقوتهم البدنية، بمقابل قد لا يكفى ولكن ليس أمامهم سوى اعتباره مكسبا فى ظل ضرورة توفير متطلبات المعيشة لأسرهم. يأتى محمد متولى، 50 عاما، أسبوعيا من الشرقية للعمل فى الإسماعيلية حاملا بعض معدات البناء لتساعده فى أداء العمل، ويؤكد ل"الشروق" أنه كثيرا ما يعمل يومين فقط طوال الأسبوع بيومية قدرها 100 جنيه، ينفق منها على طعامه ويعود آخر الأسبوع بحصيلة ضئيلة جدا لأولاده لا تكفى نفقاتهم، ويقول: "أجلس فى هذا المكان منذ السابعة صباحا بحثا عن الرزق فليس لدى مصدرا للدخل أو معاش يؤمن أسرتى التى لا يتولى شئونها غيرى، فأبنائى فى سن التعليم ولدى بنتين تزوجتا بمساعدات الخير"، ويضيف: "أقصى مبلغ أحصل عليه ألف جنيه أعطانى شخص حجرة للمبيت دون مقابل". ويضيف محمود يونس، 55 عاما، من الإسماعيلية ل"الشروق": "أعول أسرة مكونة من 4 أبناء وأضطر لأداء مهام شاقة مقابل توفير المال وإلا لن أتمكن من الإنفاق على أسرتى، فجميع أبنائى فى مراحل التعليم، بجانب متطلبات الحياة اليومية، وليس لدى معاش أو دخل ثابت، لذلك اشتركت فى وثيقة (آمان) لتوفر لأبنائى معاشا شهريا". فى عقار تحت الإنشاء، انتشر بعض العمال كل يؤدى مهمته فى وضع الخرسانة وقطع حديد التسليح وأداء مهام البناء، غير عابئين بالشمس الحارقة التى اعتادوا على العمل تحت لهيبها صيفا وفى برودة قارسة شتاء. حسن الذى يعمل حدادا مسلحا منذ 12 عاما، يقول: "حصلت على دبلوم التجارة وتعلمت المهنة حتى لا أنتظر بين صفوف الباحثين عن العمل، وأحصل على يومية تكفينى بالكاد، وأصعب ما يواجهنى أنه فى حالة مرضى لا أجد ما يغطى نفقات أسرتى وعملى يتطلب قوة بدنية ومجهود وتركيز فى قطع الحديد بأطوال معينة"، ويطالب حسن بتوفير الحماية لعمال اليومية الذين لا يتقاضون رواتب ثابتة. أما عمال النظافة فليسوا أفضل حالا من سابقيهم، فبجانب مشقة العمل فهم يعانون من مشاكل صحية تتعلق بطبيعة مهنتهم. تعمل أم عربى فى جمع القمامة وتنظيف الشوارع وبالرغم من الحالة المرضية التى بدت عليها لكنها تواصل العمل من أجل أبنائها، وتؤكد أنها تتعرض لأزمات تنفس بسبب الروائح الكريهة للقمامة وتضيف بأن سوء حالتها الصحية جعلها تترك العمل باليومية فى أماكن حكومية بسبب غيابها لفترة طويلة عن العمل. تقول أم عربى ل"الشروق": "أتقاضى 91 جنيها معاشا شهريا وزوجى توفى منذ 18 عاما ولا يكفى المعاش سوى يوما واحدا فعملت فى النظافة لتوفير الطعام لأبنائى". وتضيف: "بطلت أشترى دواء السكر لأنه غالى وبوفر الفلوس وبتحمل علشان ولادى تلاقى لقمة تاكلها".