بدء فرز أصوات الناخبين في انتخابات التجديد النصفي لنقابة أطباء القليوبية    إنعقاد معرضي «مصر للطاقة» و «فايركس مصر».. 14 أكتوبر الجاري    نائب محافظ المنيا يتفقد أعمال تطوير ميدان النيل ومجمع المواقف    السيسي يدعو المستشار الألماني لحضور إحتفالية توقيع إتفاق وقف الحرب في غزة    شاهد بالبث المباشر منتخب تونس اليوم.. مشاهدة منتخب تونس × ساوتومي بث مباشر دون "تشفير" | تصفيات كأس العالم 2026    الداخلية تكشف حقيقة فيديو "التحفظ على دراجة نارية دون سبب" بالجيزة    عودة الحركة لطبيعتها على طريق الخانكة – السلام    صحة الدقهلية: فحص أكثر من 65 ألف طالب ضمن المبادرة الرئاسية للكشف أمراض سوء التغذية    لمدة 20 ساعة.. قطع مياه الشرب عن 3 مناطق في الإسكندرية غدًا    مواهب مصرية في الملاعب الأوروبية تنضم للمنتخبات    برلماني: الرئيس السيسى صنع الفارق فى المنطقة    لبنان: تفكيك شبكة تعمل لصالح إسرائيل خططت لأعمال إرهابية واغتيالات بالداخل    مباحث الغربية تضبط قاتل أحد كبار تجار العسل بعد طعنه داخل سيارته    10 ملايين جنيه.. حصيلة قضايا الاتجار في العملات ب «السوق السوداء»    النقض تحدد 22 أكتوبر لنظر طعن مضيفة متهمة بقتل ابنتها على حكم سجنها 15 سنة    الأحد.. افتتاح معرض "سكون يحمل في طياته" للتشكيلى الكبير محمود حامد    كاتب "نهاية العالم" يحصد نوبل للآداب 2025|الهنغاري لاسلو كراسناهوركاي    أكشن وأحداث غير متوقعة.. موعد وقنوات عرض مسلسل المؤسس أورهان الموسم الأول    الإعلان التشويقي لفيلم "ولنا في الخيال.. حب؟" يمهّد الطريق لعرضه قريبا    الخارجية الفرنسية: علينا تقديم الدعم اللازم لاتفاق شرم الشيخ لوقف إطلاق النار بغزة    وكيل صحة القليوبية يتابع استعدادات التشغيل الكامل لمستشفى طوخ المركزي الجديدة    الزمالك: ندرس ضم مدرب عام مصري لجهاز فيريرا    انبهار وفد ألمانى رفيع المستوى فى زيارته للمتحف المصرى الكبير    مكتب رعاية المصالح الإيرانية يهنئ المنتخب بتأهله لكأس العالم: إنجاز للأبطال المصريين    بشير التابعي: حكمة الرئيس السيسي أنقذت المنطقة من عواقب وخيمة باتفاق شرم الشيخ    صحة الدقهلية: استئناف العمل بوحدة مناظير الجهاز الهضمي بميت غمر    النائب على مهران: اتفاق شرم الشيخ ما كان ليتحقق دون جهود الرئيس السيسى    فرنسا: العنانى قاد بحملته الدقيقة تحديد رؤية دولية لدور يونسكو والإصلاحات اللازمة    أحمد عمر هاشم يستحضر مأساة غزة باحتفال الإسراء والمعراج الأخير    تفوق على جوارديولا وأرتيتا.. جلاسنر يفوز بجائزة مدرب الشهر للمرة الأولى في مسيرته    ياسر ريان: الرئيس السيسي عاملنا هيبة فى الخارج وموقفه تاريخى فى اتفاق شرم الشيخ    شيخ الأزهر والمفتى ووزير الأوقاف يعزون المهندس إبراهيم محلب فى وفاة شقيقته    الخبراء تطالب بحوار مجتمعي قبل فرض ضريبة على المشروبات الغازية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 10-10-2025 في محافظة الأقصر    أدعية يوم الجمعة.. نداء القلوب إلى السماء    للعام السادس.. جامعة بورسعيد ضمن أفضل جامعات العالم في تصنيف التايمز 2026    قرار جديد من الجمارك المصرية.. إعفاء لهاتف واحد فقط لكل مسافر كل 3 سنوات    مصر تستعد لتطبيق التوقيت الشتوي وبداية فصل الشتاء 2025    أصحاب الكهف وذي القرنين وموسى.. دروس خالدة من سورة النور    الحسابات الفلكية تكشف أول أيام شهر رمضان المبارك لعام 1447 هجريًا    الطرح الجديد لوحدات «جنة» و«سكن مصر» 2025.. أسعار مميزة وأنظمة سداد مرنة للمواطنين    «أوقاف المنيا» تعقد 109 ندوة علمية في «مجالس الذاكرين» خلال أسبوع    أوقاف المنيا تفتتح المسجد الكبير بأبو فليو ضمن خطتها لإعمار بيوت الله    إيرادات فيلم "فيها إيه يعني" تتجاوز ال30 مليون جنيه خلال 9 أيام عرض بالسينمات    معاريف: نتنياهو يسعى لاستثمار زخم اتفاق وقف النار لتقديم موعد الانتخابات    محافظ شمال سيناء: زيارات الوفود الدولية لمعبر رفح والمستشفيات ساهمت في فهم الواقع الفلسطيني    «الخريف موسم العدوى».. كيف تحمي نفسك من الفيروسات الهوائية؟ (فيديو)    "إدارة الصراع والضغوط والقلق النفسي" ندوة توعوية لجامعة قناة السويس بمدرسة أم الأبطال    العثور على جثة سيدة مصابة ب3 طعنات داخل الملاحات بالإسكندرية    إعلام إسرائيلى: الحكومة ستجرى تصويتا هاتفيا على استبدال أسماء 10 أسرى فلسطينيين    شرط يمنع التقدم لحج القرعة هذا العام.. تعرف عليه    لليوم الثالث.. لجان تلقي أوراق انتخابات مجلس النواب تستقبل طالبي الترشح    سعر الأسمنت اليوم الجمعه 10 اكتوبر 2025 فى المنيا    لليوم الثالث.. استمرار تلقي أوراق طالبي الترشح لانتخابات مجلس النواب    الأهلي يجيب.. هل يعاني أشرف داري من إصابة مزمنة؟    أمطار لمدة 24 ساعة .. بيان مهم بشأن حالة الطقس في القاهرة والمحافظات    انخفاض كبير في عيار 21 بالمصنعية.. مفاجأة ب أسعار الذهب والسبائك اليوم الجمعة بالصاغة    وليد صلاح: عقدنا اجتماعا مع مانشيني.. وتوروب مناسب لكل معاييرنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استعادة سيرة «زكى نجيب محمود»!
نشر في الشروق الجديد يوم 15 - 12 - 2017

كنت صغيرا جدا عندما قرأت اسم «زكى نجيب محمود»، للمرة الأولى، فى جريدة (الأهرام) أواخر الثمانينيات من القرن الماضى، صورته محفورة فى ذاكرتى، ملامحه ذات رهبة وصرامة مبطنة بطيبة، ونظارتاه ذات العدسات السميكة تبتلع أغلب مساحة الوجه. لم أكن أفقه حرفا مما هو مكتوب أمامى سوى كلمات بسيطة كنت أستشعر على نحو مبهم أنها مهمة، وأنه سيأتى أوان استيعابها فيما بعد.. هكذا انحفرت فى نفسى مبكرا كلمات؛ مثل: الفكر العربى، التراث، الثقافة الإسلامية، الفلسفة، مراجعة نقدية، أزمة حضارية، وعى ذاتى.. إلخ.
كانت هذه بداية تعرفى على اسم المفكر الراحل د. زكى نجيب محمود (1905 1993)، لتمتد هذه الرحلة وتتعمق كل عدة سنوات بمزيد من القراءات، والاقتراب من أعماله المهمة، ولأتيقن من محورية دوره الفكرى والنهضوى فى الثقافة العربية طيلة القرن الماضى.
لكل هذا، فإن سعادتى غامرة فعلا بصدور هذه الطبعة الأنيقة من السيرة الذاتية الكاملة ل د. زكى نجيب محمود عن دار الشروق؛ ثلاثيته المشهورة «قصة نفس» (1965)، «قصة عقل» (1984)، و«حصاد السنين» (1991). هذه الثلاثية التى أعدها من أهم وأقيم السير الذاتية فى الثقافة العربية، ومن أكثرها فائدة وإثارة للفكر والشعور وتحفيز الإرادة والحث على طلب العلم والمعرفة.
قرأت هذه السيرة البديعة وأنا فى الجامعة، واستوقفنى بشكل لافت القدرة التحليلية الفائقة للرجل؛ تأملاته ومراجعاته النافذة لرحلته الفكرية والمعرفية، ومساءلات عقله المتوهج الذى لا يتوقف ولا يكف عن المراجعة والنقد والتأمل والتحليل.
كتب زكى نجيب محمود «قصة نفس» وهو فى الستين من عمره، وأوضح فى مقدمته أنه بناها على مبدأ فنى ارتآه لنفسه إذ ذاك، وهو أن يروى قصة تلك النفس من الباطن لا من الظاهر؛ بمعنى أن يكون محور الاهتمام بالخلجات الداخلية قبل أن يكون بالأحداث الخارجية؛ فتلك الأحداث الخارجية على مرأى من الناس ومسمع، وأما التأثرات الداخلية التى استثارتها تلك الأحداث فى دخيلة النفس، فتحتاج إلى بصيرة نافذة إلى العمق.
ثم جاءت «قصة عقل» بعد 20 سنة لتستدرك ذلك الجانب الذى سقط من الحساب فى «قصة نفس»؛ أى ما عناه المفكر الراحل ب سيرة «العقل» فى حياته، العقل الذى كان أداة الدرس والتحصيل، وهو الذى ظل طوال سنوات النضج يتصيد «الأفكار» من عند الآخرين حينا، وحينا يعمل على توليدها فى ذهنه، وهو الذى تولى الكتابة فيما كتبه، حتى لو كان المكتوب أدبا خالصا، فلقد كان الأدب الذى أنتجه زكى نجيب محمود من النوع الذى يستبطن «أفكارا» فى أطر يقيمها لتصلح حاملا لها.
يقول صاحب السيرة: «منذ أن أحسست بغياب الحياة العقلية من «قصة نفس» نشأت عندى الرغبة فى أن أعقب على «قصة نفس» بتوءم لها أسميه «قصة عقل»، ولبثت تلك الرغبة حائرة، تظهر لحظة لتعود فتختفى، حتى أراد لى الله توفيقا فأخرجتها إلى دنيا الناس».
وقبل وفاته بعامين فقط، خرج زكى نجيب محمود على الناس بالجزء الثالث وهو «حصاد السنين» والذى يقطر فيه زكى نجيب محمود سيرته، بوصفها شهادة على الحياة المصرية الثقافية من منظور مواطن مصرى عربى «شاءت له فطرته أن يجعل من تحصيل العلم وكسب الثقافة مهنته». وهى شهادة تمتد من أواخر العشرينيات من القرن العشرين حتى لحظة صدور الكتاب، فتستوعب ثلاثة أرباع هذا القرن بكل ما اشتمل عليه من أحداث وتغيرات على المستويين المحلى والعالمى على السواء. وهذه الفترة تجسد حياة الكاتب العقلية، وتطوره الفكرى فى ثلاث مراحل كبرى هى: مرحلة التعرف على الحياة الفكرية والثقافية، ومحاولة الاندماج فيها، وهى المرحلة التى استغرقت أواخر العشرينيات والثلاثينيات من القرن.
والمرحلة الثانية هى مرحلة الارتحال إلى الغرب فى بعثة دراسية إلى إنجلترا لمدة أربع سنوات، تعرف من خلالها على «الآخر» الغربى، الذى كشف ل «الأنا» عن تخلفها، وحدد لها من ثم منظور رؤية ذلك التخلف. وفى هذه الرحلة أيضا أمكن لمفكرنا أن يرى ثقافته من بعيد، وأن يرصد من ثم إيجابياتها وسلبياتها. والمرحلة الثالثة هى مرحلة الانخراط فى الحياة الثقافية والفكرية خلال عقدى الخمسينيات والستينيات، حيث أسهم زكى نجيب محمود فى عضوية العديد من اللجان الثقافية والفنية بالإضافة إلى رئاسته تحرير مجلة «الفكر المعاصر»، ودوره أستاذا للفلسفة بكلية الآداب.
هذه الطبعة الجميلة ستكون حافزا رائعا على معاودة قراءتها والتمتع باستعادة تفاصيلها واسترجاع ما دونته من ملاحظات وأفكار حولها..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.