مسابقة الأئمة.. كيفية التظلم على نتيجة الاختبارات التحريرية    باستعدادات استثنائية.. صور من امتحانات نهاية العام بجامعة حلوان التكنولوجية    محافظ الدقهلية: إزالة منفذ الشيخ حسانين بسبب عدم الالتزام بالأسعار    توريد 192 ألف طن قمح للشون والصوامع في بني سويف    عاجل- اتحاد منتجي الدواجن يرد على شائعات تفشي الأمراض: لا صحة لنفوق بنسبة 30% والفيروسات تحت السيطرة    الحج 2025.. وصول أولى قوافل حجاج السياحة المصريين إلى الأراضي المقدسة (صور)    وزير العمل يتفقد مديرية دمياط ويحث العاملين على تكثيف الجهود في خدمة المواطنين    الرئيس اللبناني: يجب وقف الأعمال العدائية الإسرائيلية    بعد اعتقال إيرانيين في لندن.. طهران تستدعي القائم بالأعمال البريطاني    القناة 12 الإسرائيلية: ضغوط أمريكية كبيرة من أجل التوصل إلى اتفاق في غزة ورفضه سيكون مشكلة    وزير خارجية هولندا: إعلان نتنياهو السماح بإدخال الحد الأدنى من المساعدات إلى غزة شائن    للمرة الثانية.. مكالمة منتظرة بين بوتين وترامب اليوم    جهاز استخباراتي "صديق".. كيف استعاد الموساد أرشيف الجاسوس إيلي كوهين من سوريا؟    إعلام عبري: نائب ترامب قرر عدم زيادة إسرائيل بسبب توسيع عملية غزة    بعد التعثر المفاجئ.. فرص نابولي وإنتر لخطف لقب الدوري الإيطالي؟    من هو إبراهيم الكفراوي ممثل الأهلي في رابطة الأندية بدلاً من عماد متعب؟    ضبط عنصرين إجراميين بحوزتهما أسلحة نارية في القاهرة    ملايين الجنيهات ومجوهرات ثمينة.. تفاصيل سرقة مسكن الدكتورة نوال الدجوي بأكتوبر    تشميع مطعم برجر وإزالة جمالون مخالف.. 25 صورة ترصد حملة مكبرة في أحياء الجيزة    شبورة ورياح قوية.. الأرصاد تعلن موعد ارتفاع الحرارة    خلال 24 ساعة.. شرطة التموين تضبط 10 أطنان دقيق مدعم    كشف ملابسات مشاجرة 5 أشخاص في المطرية    رئيس الوزراء يناقش سبل الاستفادة من الآثار الغارقة بخليج أبي قير    بعد مشاهدته.. إلهام شاهين تكشف رأيها في فيلم "المشروع x"    وزير الثقافة يجتمع بلجنة اختيار رئيس أكاديمية الفنون الجديد    الخميس بكفر الشيخ.. قصور الثقافة تطلق العروض الختامية لشرائح المسرح في إقليم شرق الدلتا    الحكومة تحسم الجدل بشأن وجود أمراض وبائية بالدواجن ونقص التحصينات    إطلاق مبادرة لخدمة كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة بالإسماعيلية    صندوق النقد يبدأ المراجعة الخامسة لبرنامج مصر الاقتصادي تمهيدًا لصرف 1.3 مليار دولار    "أونروا": تضرر وتدمير 92% من المنازل فى قطاع غزة    وزير الرياضة يُشيد بتنظيم البطولة الأفريقية للشطرنج ويعد بحضور حفل الختام    تعرف على حالة الطقس اليوم الإثنين 19-5-2025 فى الإسماعيلية.. فيديو    صدامات نارية في إياب ربع نهائي كأس عاصمة مصر مساء اليوم    لتكريم إرثه.. مكتبة الإسكندرية تفتتح ركنا خاصا لأدب نجيب محفوظ    باكستان والهند تردان على "انتهاء وقف إطلاق النار"    "القومي للمرأة" يستقبل وفدا من كلية الشرطة الرواندية وكبار الضباط الأفارقة    "بدوي": تكوين ذراع فنى لشركة ثروة للبترول لاكتشاف فرص استثمارية جديدة    GAC الصينية تعلن ضخ استثمارات بقيمة 300 مليون دولار لإنشاء مصنع سيارات في مصر    جدول امتحانات الصف الثاني الثانوي 2025 بالمنيا.. التفاصيل الكاملة لجميع الشعب والمواعيد الرسمية    أسطورة مانشستر يونايتد: سأشجع الأهلي في كأس العالم للأندية 2025    "الإدارة المركزية" ومديرية العمل ينظمان احتفالية بمناسبة اليوم العالمي للسلامة والصحة المهنية    نائب وزير الصحة يتابع ميكنة خدمات الغسيل الكلوي ومشروع الرعايات والحضانات    بعد إصابة «بايدن».. أعراض الإصابة بسرطان البروستاتا    إثيوبيا تتعنت، خبير يكشف سر تأخر فتح بوابات سد النهضة    ضبط متجرى المواد المخدرة ومصرع عنصرين جنائيين عقب تبادل إطلاق النيران مع قوات الشرطة    متحف الحضارة يحتفل باليوم العالمي للمتاحف 2025    أمين الفتوى: الوصية الشفوية يُعتد بها إذا أقر بها الورثة أو سمعوها من المتوفى    الرعاية الصحية تطلق مبادرة "دمتم سند" لتعزيز خدمات كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة    رئيس الطائفة الإنجيلية يشارك في احتفالية مرور 17 قرنا على مجمع نيقية بالكاتدرائية المرقسية    هل هناك فرق بين سجود وصلاة الشكر .. دار الإفتاء توضح    قبل أيام من مواجهة الأهلي.. ميسي يثير الجدل حول رحيله عن إنتر ميامي بتصرف مفاجئ    نجم بيراميدز يرحب بالانتقال إلى الزمالك.. مدحت شلبي يكشف التفاصيل    على فخر: لا مانع شرعًا من أن تؤدي المرأة فريضة الحج دون محرم    مبابي في الصدارة.. تعرف على جدول ترتيب هدافي الدوري الإسباني    أحكام الحج والعمرة (2).. علي جمعة يوضح أركان العمرة الخمسة    نجل عبد الرحمن أبو زهرة لليوم السابع: مكالمة الرئيس السيسي لوالدي ليست الأولى وشكلت فارقا كبيرا في حالته النفسية.. ويؤكد: لفتة إنسانية جعلت والدي يشعر بالامتنان.. والرئيس وصفه بالأيقونة    هل يجوز أداء المرأة الحج بمال موهوب؟.. عضوة الأزهر للفتوى توضح    قرار تعيين أكاديمية «منتقبة» يثير جدلا.. من هي الدكتورة نصرة أيوب؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشركات العامة ومخاطر الطرح فى البورصة
نشر في الشروق الجديد يوم 09 - 11 - 2017

يبدو أن التاريخ الاقتصادى يصر على أن يعيد نفسه كاملا غير منقوص. فالطبعة الأولى من برنامج «التثبيت الاقتصادى والتكيف الهيكلى» الذى طبقته السياسة الاقتصادية المصرية، بتوصية من صندوق النقد والبنك الدوليين، منذ ما يربوا على ربع قرن من الزمان، يعاد الآن بث الروح فى كل تفاصيلها الدقيقة، وتقديمها فى شكل طبعة جديدة، أكثر انتشارا وأعمق أثرا.
والحق، أنه عندما أعلن عن الطبعة الثانية من هذا البرنامج الاقتصادى «النيوليبرالى»، ذهبت توقعات أغلب المتخصصين فى الشأن الاقتصادى، إلى أن السياسة الاقتصادية ستكتفى بإجراءات التثبيت النقدى والمالى (تحرير سعر الصرف، وزيادة سعر الفائدة، وضغط الإنفاق الحالى والاستثمارى، وزيادة الضرائب على الاستهلاك)، ولن تقدم على اتخاذ إجراءات فى جانب التكيف الهيكلى. بمعنى آخر، فإنه لم يدر فى خلد هؤلاء المتخصصين أن هناك نية حكومية لبيع جزء من الأصول المملوكة للدولة تحت مسمى «الخصخصة»، والذى طبق بكثافة فى الطبعة الأولى من هذا البرنامج. ولكن سرعان ما ذهبت تلك التوقعات أدراج الرياح، بعدما أعلنت الحكومة عن نيتها لطرح جزء من شركات القطاع العام فى سوق الأوراق المالية. وهو ما يعنى ببساطة، أن هناك تكيفا هيكليا سيضاف للتثبيت الاقتصادى، لتكتمل بذلك مكونات الطبعة الجديدة من البرنامج المعاد إحياؤه.
ولكى نتمكن من تقييم هذا التوجه بموضوعية، يتعين تحليل دوافعه ومسبباته المعلنة من قبل الحكومة. فبالرغم من تحقيق بعض شركات القطاع العام وشركات قطاع الأعمال العام أرباحًا سنوية (أبرزها شركات البترول وشركات التأمين)، إلا أن هناك شركات أخرى، كنتيجة لانخفاض الإنتاجية، تتراكم فيها الخسائر عام بعد آخر، للدرجة التى قد تلتهم قيمة تلك الخسائر رأس المال بكامله (أبرزها شركات الغزل والنسيج). وتدفع تلك الحالة الحكومة لمحاولة التصدى لهذه الخسائر، بإصلاح الإدارة تارة، وبالبيع والتصفية تارة أخرى. كما أن الحاجة لتدعيم سوقى الإصدار والتداول فى بورصة الأوراق المالية بأسهم جديدة، تمثل سببا إضافيا يدفعها للتفكير فى بيع هذه الأصول.
على أننا نرى أن هذه الدوافع لا تفسر وحدها التوجه الحكومى ناحية الخصخصة. وإلا فكيف نفسر نيتها لطرح حصص متتابعة من الشركات التى تحقق أرباحًا صافية، كشركات البترول؟ أو كيف تبدو لنا العلاقة بين هذا التوجه وبين حاجة الحكومة الملحة لتمويل عجزها المالى المزمن؟ أو كيف نربط بين النمو الحاصل فى المديونية الخارجية، وبين هذا التوجه؟! وعليه، لا يجوز أن نعزل هذا التوجه عن باقى المتغيرات الاقتصادية المصاحبة له، وخصوصا حالتى العجز والمديونية الحكوميتين.
****
قد يجادل البعض بالقول بأنه ما دام التخلى عن ملكية تلك الأصول سيتم عبر طرحها فى سوق الأوراق المالية المصرية، فهو إلى جانب تحفيزه لهذه السوق، فإنه سيمثل ضمانة كافية لزيادة العوائد المتحققة من هذا الطرح للحكومة، وسيزيد من معايير «الحوكمة» فى الشركة التى سيطرح جزء من رأسمالها. كما أن هذه «الخصخصة الجزئية» ستقلل وفق هذا المنظور، من المخاطر والمشكلات التى صاحبت «الخصخصة الكلية» فى الطبعة الأولى من هذا البرنامج. غير أننا نرى أن العكس تماما هو الصحيح. فالتخلى عن حصة من ملكية الشركات المزمع بيعها، يمكنه أن يزيد من فرص تحقق المخاطر التالية:
إن إجراءات الطرح فى سوق الأوراق المالية وفق «القيمة العادلة» ليست ضمانة كافية لحصول الحكومة على المقابل العادل للحصص المباعة. وقد يعزو ذلك إما لانخفاض جودة المناهج والأساليب المستخدمة فى تحديد القيمة العادلة، فضلا عن ندرة الخبرات الضرورية للتقييم، وإما لوجود مشكلات مؤقتة وطارئة فى الوضع المالى للشركات المطروحة للبيع، تقلل من هذه القيمة العادلة.
وإذا افترضنا جدلا إمكانية الوصول للقيمة العادلة للحصص المباعة، فمن بديهيات علم المالية العامة أن الحكومة ستحصل مرة واحدة على تدفق رأسمالى نظير عملية البيع، متمثل فى هذه القيمة العادلة. ولكنها ستفقد، فى ذات الوقت، موردًا ماليًا مستقرًا ومنتظمًا، متمثلا فى حصتها السنوية من أرباح هذه الشركات. تلك الحصة التى تعتبر مصدرا مهما للإيرادات العامة الحكومية.
على أن المخاطر المتوقعة من احتمال تملك الأجانب تحديدا لهذه الحصص، تعلو فى رأينا على ما سبق ذكره من مخاطر. فهى لن تتسبب فى تحويل العوائد التى كانت تحصلها ميزانية الدولة من الشركات للخارج وتضغط من ثم على موازنة النقد الأجنبى فحسب، بل ستزيد مخاطر إعادة سيطرة رأس المال على الأصول الوطنية الاستراتيجية، وبما يمكنها من إعادة تشغيلها بما يحقق مصلحتها الربحية، والتى قد تتفق أو تختلف مع المصلحة التنموية الوطنية.
وعلى هدى من النقطة السابقة، فإن التدفقات الرأسمالية للأجانب فى سوق الأوراق المالية لشراء حصص تلك الشركات، لن تمثل فى هذه الحالة إضافة صافية للأصول الإنتاجية المحلية، ولن تعتبر بمثابة استثمارات أجنبية ناقلة للتكنولوجيا، والتى يؤمن الجميع بضرورة تشجيعها وتحفيزها للتوطن فى الاقتصاد المصرى. ولكنها ستمثل عملية حسابية رأسمالية بسيطة، تنتقل على إثرها ملكية الحصص الرأسمالية للشركات المباعة من الحكومة للأجانب.
وإذا أضفنا إلى المخاطر السابقة أنه من المتوقع استخدام حصيلة تلك الطروحات فى خدمة المديونية الخارجية، أو تمويل العجز الحكومى، فإن ذلك يقلل من الرشادة الاقتصادية لبرنامج التكيف الهيكلى ككل. وليس فى ذلك عجب، لأننا سنكون بصدد أسلوب تمويلى معكوس، تستخدم فيه مصادر تمويلية حكومية غير متجددة لتمويل نفقات حكومية متجددة ومتزايدة.
****
وأمام هذه المخاطر المتوقعة، وفى ضوء اعتقادنا بأن عملية الطرح مرتبطة، بشكل أو بآخر، بضغوط صندوق النقد والبنك الدوليين لتقليص النشاط الحكومى الإنتاجى، لابد لنا من طرح تصور بديل للتكيف الهيكلى، يحافظ على الأصول الإنتاجية الوطنية، ويساعد الحكومة، مع مضى الوقت، على إعادة هيكلة شركاتها الإنتاجية المتعثرة.
ورغم صعوبة مشكلات الإنتاجية فى الشركات العامة عموما، إلا أن التطوير الشامل لأنظمة الحوافز بها، وتعديل أنظمة الإدارة ومسئوليات مجالس الإدارات، وتفعيل أنظمة رقابة الجمعيات العمومية والهيئات الرقابية المالية على أنشطتها، يمثل، فى رأينا، الحل الأمثل لتطوير الإنتاجية الكلية. فحتى لو تمت الخصخصة الجزئية التى يحمل لواءها أنصار برنامج التكيف الهيكلى، ولم تتطور تلك الأنظمة، ستظل الإنتاجية الكلية على حالها، أو قد تمعن فى التراجع.
وفيما يخص الشركات المتعثرة، والتى فى حاجه ماسة لتمويل الإصلاح المالى والتكنولوجى والتسويقى، فإن حث البنوك على تحويل مديونياتها المتراكمة على تلك الشركات إلى حصص فى رأس المال، وتحرير جانب من أصول هذه الشركات غير المرتبطة بالنشاط (الأراضى الفضاء) لتمويل شراء التكنولوجيا المتطورة، ودعم الحكومة والجامعات ومراكز الأبحاث الوطنية لأنشطة التسويق المحلى والخارجى لها، يمكن أن يساهم فى تطوير هذه الشركات، ويساعدها على الخروج سريعا من مصيدة الخسائر بلا وجل وبلا عثرات، ودون أدنى حاجة لخصخصتها جزئيا أو كليا.
****
وأيا كان الأمر، فإن الفارق الأساسى بين ما ندعو إليه، وبين ما يدعو إليه برنامج «التكيف الهيكلى»، هو أن دعوتنا تنبع من إيماننا العميق بأن الشركات الوطنية تمثل، دون ريب، سندا قويا للحكومة فى توجيه دفة النشاط الاقتصادى، وفى تنمية مواردها المالية، بينما دعوته تنبع من رؤية تجارية محضة، وهى أن خصخصة هذه الشركات تمثل فرصة استثمارية مجزية يتعين اقتناصها!
أستاذ الاقتصاد المساعد، وعضو الهيئة العلمية بمعهد الإدارة العامة السعودى.
الاقتباس
بالرغم من تحقيق بعض شركات القطاع العام وشركات قطاع الأعمال العام أرباحًا سنوية (أبرزها شركات البترول وشركات التأمين)، إلا أن هناك شركات أخرى، كنتيجة لانخفاض الإنتاجية، تتراكم فيها الخسائر عام بعد آخر، للدرجة التى قد تلتهم قيمة تلك الخسائر رأس المال بكامله (أبرزها شركات الغزل والنسيج).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.