تعقد عدة بنوك اجتماعات خلال الاسبوع الجارى لبحث كيفية تقليل تكلفة الاموال لديها خاصة بعد قرار البنك المركزى نهاية الاسبوع الماضى برفع الاحتياطى الإلزامى من 10 إلى 14 % للحد من التضخم وتقليل السيولة بالسوق. ووفقا لمصادر مصرفية تحدثت ل (مال واعمال – الشروق) إن قرار المركزى سوف يدفع البنوك بشكل كبير لزيادة تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة والتى تعد معفاة من هذه النسبة. وقال محمد عبدالعال الخبير المصرفى إن ارباح البنوك لن تتأثر كثيرا بقرار المركزى، مشيرا إلى أن الاحتياطى الإلزامى القانونى للبنوك كان 14% فى عام 2003 وتم تخفيضه إلى 10% بعد ثورة يناير نتيجة المشاكل التى كانت تواجه البنوك فى تلك الفترة. وأضاف أن البنك المركزى رفع نسبة الاحتياطى الإلزامى من 10 إلى 14% مرة اخرى كجزء من منظومة الإصلاح الاقتصادى ونتيجة لتوافر السيولة بالبنوك، مشيرًا إلى أن هذا يعتبر مؤشرا على استقرار القطاع المصرفى بالبنوك، حيث وصلت السيولة إلى 2.9 تريليون جنيه مصرى بالبنوك. وأضاف أن قرار البنك المركزى المصرى الخاص برفع نسبة الاحتياطى الإلزامى على البنوك من 10% إلى 14% يحمل العديد من الملاحظات. واستبعد عبدالعال قيام البنوك برفع اسعار الفائدة على القروض، مشيرا إلى أن الاحتياطى الإلزامى أو القانونى يمثل نسبة من ودائع العملاء تودعها البنوك لدى المركزى دون أن تحصل على عائد مقابلها لهذا السبب، فإن رفع هذه النسبة يمثل زيادة فى تكلفة البنوك نتيجة الفرصة الضائعة من عدم استخدام رصيد تلك النسبة ضمن السيولة المستثمرة مع الأخذ فى الاعتبار أن هذه النسبة فى الأصل تودعها البنوك لدى المركزى لضمان سلامة البنوك إذا ما واجهت أى مخاطر سيولة. وأضاف محمد عبدالعال أن ارتفاع الاحتياطى الإلزامى قد يدفع البنوك إلى خفض تدريجى لأسعار الفائدة الدائنة المدفوعة للعملاء على الودائع قصيرة الأجل (حتى عام) الأمر الذى قد يزيد فى المقابل من الطلب على الودائع الثلاثية (الشهادات) ذات العائد المرتفع. وأشار إلى أن رفع نسبة الاحتياطى الإلزامى يأتى فى إطار مزاولة البنك المركزى لأدواته وهو امتداد لتنفيذ سياسته النقدية باستهداف التضخم هذه المرة ليس عن طريق رفع الفائدة ولكن عن طريق سحب جزئى من سيولة البنوك وتقييد السيولة المتاحة نسبيا لدى الجهاز المصرفى خاصة وأن الأرقام تشير إلى تحسن معدلات السيولة ونمو الودائع وأيضا تحسن الربحية لدى البنوك. ولفت الخبير المصرفى إلى أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة فى نطاق مبادرة المركزى يتم إعفاؤها من نسب الاحتياطى الإلزامى، وبالتالى فمن المتوقع أن يشجع القرار البنوك إلى زيادة تمويلها لتلك المشروعات التى تعتبر القاطرة التى سوف تقود النهضة الاقتصادية المقبلة من ناحية فإن حصيلة تلك النسبة سوف تدعم إمكانات المركزى فى تعويض البنوك عن فارق أسعار الفائدة المرتفعة التى يتكبدونها إبان تنفيذ سياسة المركزى فى استهداف التضخم. وأكد محمد عبدالعال أن سلسلة قرارات المركزى المتتالية منذ تعويم الجنيه ورفع الفائدة والاحتياطى الإلزامى كلها تستهدف فى النهاية خفض معدل التضخم واستقرار سعر الصرف. وكانت بيانات البنك المركزى المصرى، أظهرت مؤخرا أن سياساته المحفزة على التوسع فى إقراض العملاء الصغار ساعدت على نمو حصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة من إجمالى القروض. وقال المركزى فى تقرير «الاستقرار المالى لعام 2016» إن نصيب القروض الاستهلاكية تراجع خلال العام الماضى بنسبة 5% «لصالح تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة وذلك تماشيا مع توجهات الحكومة ومبادرة البنك المركزى». وكان الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى قد أطلق مبادرة فى يناير عام 2016، لتحفيز البنوك على ضخ 200 مليار جنيه لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة خلال 4 سنوات بفائدة متناقصة لا تتجاوز 5%. لكن النتائج التى تحققت حتى نهاية 2016، لا تزال بعيدة عن أهداف المبادرة حيث أظهرت بيانات «المركزى» أن نصيب المشروعات الصغيرة والمتوسطة من إجمالى القروض بلغ حتى نهاية العام الماضى نحو 8%، وهو معدل مرتفع عن السنوات الماضية لكن المبادرة تستهدف الوصول بتلك النسبة إلى 20 فى المائة مع نهاية 2019. وبلغت قيمة القروض الممنوحة للعملاء الصغار خلال 2016 نحو 27 مليار جنيه وتم منح 22 مليار أخرى خلال النصف الأول من 2017. وتواجه المشروعات الصغيرة تحديات للوصول للقروض المصرفية فى ظل عدم قدرة نسبة كبيرة من هذا القطاع على تسجيل أصوله والعمل بشكل رسمى، لكنه يمثل أهمية استراتيجية للبلاد نظرا إلى دوره المهم فى توفير فرص العمل. وساعدت مبادرة تمويل المشروعات الصغيرة على تنامى قاعدة العملاء الصغار للمصارف خلال الفترة الأخيرة، إذ يقول «المركزى» إن عدد عملاء البنوك من المشروعات الصغيرة والمتوسطة بلغ نحو 37 ألف عميل فى 2016، وارتفع إلى 41 ألف عميل فى 2017. وأكد طارق حلى إن رفع نسبة الاحتياطى الإلزامى محفز للزيادة تمويل الصغيرة والمتوسطة لأنها معافاة تماما من تلك النسبة القانونية وذلك وفقا لمبادرة البنك المركزى، والتى أطلقها العام الماضى لتمويل هذه المشروعات؛ وبالتالى فإن رفع هذه النسبة يشجع البنوك على التوسّع فى إقراض مثل هذه المشروعات. ويساهم قرار رفع المركزى نسبة الاحتياطى الإلزامى للبنوك، حدوث المزيد من الاستقرار فى أسعار صرف العملات أمام الجنيه المصرى، وذلك من خلال قيام بعض البنوك برفع أسعار الفائدة على الودائع لجذب مزيد من العملاء ولتعويض السيولة التى سيتم إيداعها فى البنك المركزى بناءً على قراره وبالتالى يحدث الاستقرار للجنيه أمام العملات الأخرى.