قال خبراء مصرفيون إن البنوك قد تلجأ فى الفترة المقبلة إلى خفض الفائدة على الودائع نظرًا لارتفاع تكلفة الأموال عليها، بعد أن قام البنك المركزى برفع نسبة الاحتياطى الالزامى من 10% إلى 14%. وقرر البنك المركزى المصري، منتصف الأسبوع الماضى، رفع نسبة الاحتياطى الالزامى على البنوك من 10% الى 14%، ويسرى هذا القرار اعتباراً من 10 اكتوبر 2017. جدير بالذكر أن نسبة الاحتياطى الالزامى كانت قد استقرت عند 14% منذ عام 2001 وحتى 2012، حيث تم خفضها تدريجياً بعد يناير 2011 بنسبة 4% لتصل الى 10% بغرض دعم القطاع المصرفى ولتمكين البنوك من مواجهة زيادة الطلب على السيولة. وفى ضوء المؤشرات المالية القوية للبنوك المصرية وتعاظم مؤشرات أدائها وربحيتها الذى انعكس على الاستقرار المالى والنقدى بات من المناسب اعادة النسبة مرة أخرى لمعدلاتها السابقة. وأكد خبير اقتصادى ومصرفى أن رفع «البنك المركزى المصرى» لنسبة الاحتياطى الالزامى إلى 14% مقابل 10% سابقًا، يعد مؤشرًا قويًا على أن الاتجاه القادم لدى «المركزى» هو خفض الفائدة. ولفت د.محمد عبد السلام، محلل الاقتصاد الكلى، إلى أن قيام البنك المركزى برفع الاحتياطى الالزامى على البنوك، يعنى أن “المركزى” سيلجأ إلى سحب المزيد من السيولة البنكية عبر أداه الاحتياطى الالزامى، وهى أداة بدون أى عوائد للبنوك، أى أن فائدة السيولة التى سيسحبها البنك المركزى من البنوك صفرية. وأكد «عبد السلام» أن سحب نسبة كبيرة من السيولة البنكية من خلال البنك المركزى بفائدة صفرية، يُحتّم على البنوك خفض الفائدة فى الفترة المقبلة، لتقليص تكلفة الأموال لديها، لأن هناك نسبة من السيولة المتاحة لديها تم احتجازها لدى «المركزى» بدون فائدة وهى تتحمل عليها فائدة كبيرة. وتوقع المحلل الاقتصادى أن يلجأ البنك المركزى قبل نهاية العام الجارى بالبدء فى تخفيض أسعار الفائدة لديه، كذلك فستهرول البنوك إلى الخفض لتقليل تكلفة الأموال لديها. وأوضح د.محمد عبد السلام أن قرار البنك المركزى برفع الاحتياطى الالزامى يعد أمرًا مهمًا لسحب السيولة، وهو ما يعزز جهود خفض معدلات التضخم، قائلًا:” المركزى يخشى أيضًا أن يخفض الفائدة فى الفترة المقبلة ولدى البنوك نسب سيولة مرتفعة، فتكون هناك هرولة كبيرة من جانب المقترضين، الأمر الذى ستكون له تأثيرات سلبية على معدلات التضخم”. من جانبه قال هانى ابو الفتوح، الخبير المصرفى، إنه لم تكن مفاجئة أن يصدر قرار البنك المركزى المصرى برفع نسبة الاحتياطى الإلزامى بالبنوك من 10% إلى 14% حيث كان من المتوقع أن يستخدم المركزى الأدوات الأخرى المتاحة له فى إدارة السياسة النقدية من أجل كبح جماح التضخم الذى مازال مرتفعا. وأوضح: «المعروف أن البنك المركزى يفرض قيودًا على البنوك من أجل تحجيم قدرتها على إقراض الودائع لديها، وذلك حرصاً منه على السلامة المالية ودعم القطاع المصرفى وحفاظا على سيولتها المالية، وهو ما يعرف بالاحتياطى الالزامى». وأشار هانى ابو الفتوح إلى أنه فى حالة الركود الاقتصادى يقوم البنك المركزى بخفض نسبة الاحتياطى الالزامى ما يؤدى الى زيادة الاقتراض من البنوك وبالتالى زيادة عرض النقود، كما يؤدى الى زيادة حجم الاستثمار وزيادة الطلب الكلى، ومن ثم ارتفاع الأسعار. وفى المقابل، فى حالة التضخم المرتفع يقوم البنك المركزى برفع نسبة الاحتياطى الالزامى ما يؤدى إلى تقليل الاقتراض من البنوك وبالتالى تقليل عرض النقود، وسوف ينتج عن ذلك نقص حجم الاستثمار وكذلك نقص الطلب الكلى وانخفاض الأسعار. وأكد «أبو الفتوح» أنه من المتوقع أن يخلف القرار تداعيات على الائتمان، حيث سوف تتأثر تكلفة الأموال بفعل أثر تحجيم قدرة البنوك على توظيف السيولة لديها مقارنة بفترة ما قبل رفع نسبة الاحتياطى الإلزامي. وأشار إلى أنه قد تقرر بعض البنوك رفع أسعار الفائدة على الائتمان بجميع انواعه، ويستثنى من ذلك الائتمان الممنوح للمشاريع الصغيرة والمتوسطة نظرا لتمتعها بإعفاء كامل من نسبة الاحتياطى الإلزامي، وفقا لمبادرة البنك المركزى لتمويل هذا القطاع بعائد 5% كحد أقصى.