أسعار الطماطم والبصل والفاكهة في أسواق الشرقية اليوم الأحد 26 أكتوبر 2025    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الأحد 26 كتوبر    مصرفي ثري، "نيويورك تايمز" تكشف اسم المتبرع المجهول للبنتاجون لدفع رواتب العسكريين    اليوم، أولى جلسات طعن سعد الصغير على حكم حبسه 6 أشهر في قضية المخدرات    خبير أثري: المتحف المصري الكبير هدية مصر للعالم.. ونقل مركب خوفو تم بخبرة مصرية خالصة    نجيب ساويرس: «من حق الشعب الفلسطيني أنه يلاقي عنده مدارس وملاعب مش دمار وحرب لا تنتهي»    النشرة الصباحية من «المصري اليوم»: حماس: السلاح على طاولة النقاش.. اشتباكات في سوريا.. الطقس خريفي.. مشهد مؤثر للسيسي مع طفلة فلسطينية.. كييف توجه السكان للبقاء في الملاجئ    خبير سيارات: لا تنخدعوا في إعلانات «زيرو فوائد»    سعر الدولار الآن أمام الجنيه بالبنك المركزي المصري والبنوك الأخرى الأحد 26 أكتوبر 2025    الأنبا كيرلس في مؤتمر مجلس الكنائس العالمي: وحدانية الكنيسة راسخة في قداستها وجامعيتها ورسوليتها منذ مجمع نيقية    القبض على المتهم بقتل سائق لخلافات عائلية فى الوراق    رسميًا.. مواعيد بدء امتحانات الترم الأول 2025-2026 وإجازة نصف العام لجميع المراحل الدراسية    سكرتير شعبة الذهب: اللي معاه سيولة لازم يشتري ولكن «يمسك العصاية من النصف»    42 مليون أمريكى مهددون بالجوع قريبا.. وتطور مهم في ملف غزة (فيديو)    نائب رئيس حزب المؤتمر: احتفالية «مصر وطن السلام» أبرزت وجه مصر الإنساني ورسالتها الحضارية للعالم    محسن صالح: لن نبدأ من الصفر في دعم المنتخبات وهذا الفارق مع المغرب    صابر الرباعي يحيي ذكرى محمد رحيم بأغنية «وحشني جدًا» في ختام مهرجان الموسيقى العربية    روبيو: أمريكا لن تتخلى عن دعم تايوان مقابل اتفاق تجاري مع الصين    محمد سلام يشوق جمهوره لمسلسله الجديد «كارثة طبيعية»    ب440 قطعة حشيش وبندقية آلية.. سقوط 3 تجار مخدرات في القصاصين    عاجل - غارة إسرائيلية تستهدف دراجة نارية في بلدة القليلة جنوب لبنان    من «كارو» ل«قطار الإسكندرية».. مباحث شبرا الخيمة تعيد «محمد» لأسرته    الطريق إلى بروكسل    ضبط صانعة محتوى لنشرها فيديوهات رقص خادشة للحياء    هشام عباس وميريهان حسين وياسر إبراهيم يشاركون أحمد جمال وفرح الموجى فرحتهما    سلوت عن هدف محمد صلاح: لقد كان إنهاء رائعا من مو    اشتباكات بين الجيش السوري و"قسد" شرق دير الزور    الهندسة النانوية في البناء.. ثورة خفية تعيد تشكيل مستقبل العمارة    هانيا الحمامي تتوج ببطولة أمريكا المفتوحة للاسكواش بعد الفوز على أمينة عرفي    محافظ الغربية في جولة ليلية مفاجئة بالمحلة الكبرى لمتابعة النظافة ورفع الإشغالات    وسط غزل متبادل، منة شلبي تنشر أول صورة مع زوجها المنتج أحمد الجنايني    بالصور.. حملات مكبرة بحي العجوزة لرفع الإشغالات وتحقيق الانضباط بالشارع العام    لتفادي النوبات القلبية.. علامات الذبحة الصدرية المبكرة    الصحة: مصرع شخصين وإصابة 41 آخرين في حادث مروري على طريق (القاهرة - السويس)    مدرب إيجل نوار: الأهلي كان قويا رغم الطرد    وزير الرياضة: سنساعد الزمالك وفقا للوائح والقوانين.. وقد نمنحه قطعة بديلة لأرض أكتوبر    انتخابات الأهلي – الغزاوي: التنمية والاستثمار هما هدف المرحلة المقبلة للمجلس    محمد عبد الجليل: يانيك فيريرا أقل من تدريب الزمالك.. وأنا أفضل من زيزو بمراحل    وزيرة التضامن تتابع إجراءات تسليم الأطفال لأسر بديلة كافلة    مصرع شاب وإصابة شقيقه فى حادث تصادم سيارة نقل بدارجة نارية بالمنوفية    الانتخابات.. تحية للأغلبية وكشفٌ لواقع المعارضة    غادة عبد الرحيم تدعو وزارة التعليم لتبني حقيبة "سوبر مامي" لدعم أطفال فرط الحركة وتشتت الانتباه    أكثروا من الألياف.. نصائح فعالة لعلاج شراهة تناول الطعام    السر في فيتامين B12.. أبرز أسباب الإرهاق المستمر والخمول    أسعار الكابوريا والجمبري والأسماك بالأسواق اليوم الأحد 26 أكتوبر 2025    صلاح يسجل أمام برينتفورد وليفربول يخسر للمرة الرابعة تواليا في الدوري الإنجليزي    بداية شهر من الصلابة.. حظ برج الدلو اليوم 26 أكتوبر    عضو إدارة بتروجت يكشف كواليس انتقال حامد حمدان للزمالك    عمرو أديب: مُهمة التدخل للبحث عن جثث الرهائن فى غزة تظهر قوة مصر وحكمتها    رئيس جامعة المنيا يشارك الاحتفالية العالمية «مصر وطن السلام» بمدينة الفنون بالعاصمة الإدارية    الأزهر للفتوى: الاعتداء على كبير السن قولًا أو فعلًا جريمة فى ميزان الدين والقيم    يوسف زيدان: قصة أبرهة الحبشي غير دقيقة.. واستخدام الفيل لهدم الكعبة تصور غير عملي    خالد الجندي: لو تدبرنا إعجاز القرآن لانشغلنا بالخير عن الخلاف    6 صور ترصد تفاصيل حفل وطن السلام بحضور الرئيس السيسي    جلسة خاصة بمؤتمر الإيمان والنظام تسلط الضوء على رجاء وثبات المسيحيين في الشرق الأوسط    فتح باب التقديم للأجانب بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم    مواقيت الصلاه اليوم السبت 25 أكتوبر 2025 في المنيا    قلق عالمي.. الأمير هاري وميجان يدعوان إلى حظر الذكاء الاصطناعي الفائق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نصف عام منذر
نشر في الشروق الجديد يوم 16 - 07 - 2017

قبل أن يدلف «يوليو» إلى روزنامة الزمن تبدى الطقس حارقًا بأكثر مما هو طبيعى ومعتاد، كأنه انعكاس لما يجرى فوق مسارح السياسة بأكثر أقاليم العالم اشتعالًا بالنيران، فكل شىء يكاد يخنق التنفس العام انتظارًا لما سوف يحدث فى النصف الثانى من هذا العام، حيث تحسم الخطوط الرئيسية للمصائر والخرائط وموازين القوى الجديدة وحركة المصالح الدولية.
بدايات يوليو شهدت الحسم العسكرى للحرب على «داعش» فى الموصل، ثانى أكبر وأهم مدينة عراقية، وبدأ العد التنازلى لإنهاء أية تمركزات أخرى على الأرض للتنظيم المتطرف، لكنه يصعب التكهن بالصورة التى يستقر عليها العراق.
إلى أى حد يمكن الحفاظ على وحدته؟
هذا السؤال إجابته معلقة فى رقبة نصف العام المنذر.
الأكراد يستعدون مطلع الخريف لتنظيم استفتاء يدعو للانفصال، والولايات المتحدة تعطى إشارات متضاربة لكنها لا تخفى تأهبها لبقاء قواتها بالعراق بعد انتهاء الحرب على «داعش»، والمشاحنات المذهبية تصعب من احتمالات التوافق الوطنى.
المصير العراقى مرتبط بصورة كاملة بالمصير السورى.
إذا ما قسم العراق فسوريا تلقى المصير نفسه.
وإذا ما نشأت دولة كردية فى العراق وحكم ذاتى كردى فى سوريا فإن الإقليم داخل لا محالة إلى حروب مفتوحة، حيث تشرع تركيا خطا أحمر على مثل هذا السيناريو.
التقسيم ليس محتمًا لكنه وارد بقوة وأخطاره كألعاب الدومينو ممتدة بيقين إلى دول عربية أخرى.
كما أن التقسيم يسهل تصفية القضية الفلسطينية فيما يعرف ب«صفقة القرن».
ما مستقبل «داعش» فى ظل هذه التطورات المحتملة؟
هذا سؤال آخر ملغم بالرهانات المتناقضة والصراعات المتناحرة، والسيناريوهات المتوقعة تنذر بمخاوف لا سبيل إلى إنكارها، أو التجهيل بأسبابها.
هناك مساران متلازمان فى أية إجابة ممكنة، كلاهما يؤثر بالعمق فى الآخر والفصل بينهما مستحيل.
الأول، ما سوف ينتهجه التنظيم من صور عنيفة بعد استكمال دحره فى العراق وسوريا وإنهاء دولته بقوة السلاح، حدود قوته وقدرته على الضم والتجنيد والترويع واستعادة ما فقده من تمركزات على الأرض بصور جديدة ومناطق أخرى من ثغرات السياسة والمجتمع.
والثانى، ما سوف يستقر عليه الإقليم من أوزان وحسابات قوة بعد انتهاء الحرب على «داعش» فى المشرق العربى فأية مشروعات تقسيم محتملة تعنى بالضبط إخلالًا فادحًا بالحقائق الجغرافية والسياسية والإنسانية يفسح المجال واسعًا لزلازل عنف وإرهاب واضطرابات تعيد «داعش»، وأية تنظيمات متطرفة أخرى إلى صدارة المشهد بصور جديدة.
فى الإجابات الشائعة عما بعد «داعش» كلام كثير عن إرهاب متوقع بالسيارات المفخخة والعبوات الناسفة يصل إلى حيث يستطيع أن يضرب وصراعات داخلية محتدمة، وأخرى منتظرة مع «القاعدة» و«النصرة»، أيهم أكثر تعبيرًا عن الفكر المتشدد وأشد عنفًا.
وفى الإجابات الشائعة ببلد مثل مصر كلام كثير آخر عن استراتيجية متكاملة لمكافحة الإرهاب تمتد إلى إصلاح الخطاب الدينى وتجفيف البيئات الحاضنة بإصلاحات اجتماعية وسياسية دون أن تضفى السياسات المتبعة أية مصداقية على مثل هذا الكلام، فلا عدالة بادية فى توزيع أعباء الإصلاح الاقتصادى ولا تخفيف جدى لأنين الطبقة الوسطى والفئات الأكثر عوزًا، ولا مشروع ثقافى يطرح نفسه لمواجهة الفكر المتطرف، ولا الأداء الإعلامى يشجع على الحوار، وفكرة السياسة نفسها تكاد تغيب بالكامل.
هذه كلها أجراس خطر تستبق نصف عام منذر.
إذا لم تتأكد سلامة الأوضاع الداخلية فإن كل شىء تحت حد التهديد دون قدرة كبيرة على صد مخاطره.
أرجو الالتفات إلى أن الجريمة الجنائية تلاحق الجريمة الإرهابية، والاثنتان مرشحتان للتمدد بالنصف الثانى من هذا العام.
بقدر ارتفاع منسوب الأزمة الاجتماعية تتوافر أسباب الجريمتين، فالبيئة الحاضنة واحدة، غير أن كل واحدة تعبر عن نفسها بطريقة مختلفة.
لم تكن مصادفة تواكب المواجهات العسكرية والأمنية مع جماعات عنف وإرهاب فى سيناء والداخل المصرى مع حادث سطو مسلح على إحدى شركات الصرافة فى القاهرة، أعقبه سرقة سيارة جمع قمامة تابعة لمحافظة الاسماعيلية تحت تهديد الأسلحة الآلية.
التواكب تتزايد شواهده، وهذا عبء على الأمن يصعب تحمل مسئوليته بلا دعم شعبى حقيقى وتماسك وطنى على أسس واضحة تنتسب لمفاهيم الدولة الحديثة، التى تحفظ كرامة مواطنيها وتحوز ثقتهم، تحترم القانون وتكفل الحق الدستورى فى حريات التعبير.
الثغرات الاجتماعية والسياسية والثقافية ممرات مفتوحة للإرهاب كى يتمركز ويضرب فى الوجع مستهدفًا ضباطا وجنود جيش وشرطة وأقباطًا على نحو منهجى مقصود لإفقاد الدولة ثقتها فى نفسها.
بذات الوقت فإن نفس الثغرات ممرات مفتوحة أخرى للجرائم الجنائية، التى بدأت تأخذ شكل «العصابات المنظمة».
أمام العواصف الجديدة، التى تتجمع نذرها فى الإقليم، فإن تحسين البيئة العامة ورفع المظالم السياسية والاجتماعية من ضرورات مواجهة الإرهاب وتثبيت الدولة.
تثبيت الدولة عنوان جاد فى أوضاع خطرة، لكن أى دولة؟ الدولة الدستورية أم دولة الأمن؟
هذا هو السؤال الأكثر جدية فى النصف الثانى من العام المنذر.
ما يحفظ سلامة سيناء والبلد كله، ويصون الأمن بمعناه الحقيقى مدعومًا من مجتمعه، أن تمضى السياسات المتبعة وفق القواعد الدستورية الحديثة.
أن يلعب الأمن دوره فى المواجهة دون إخلال بكرامة المواطنين وحرياتهم.
حتى الإجراءات الاستثنائية ينظمها الدستور.
إذا لم يحدث تصحيح فى معادلة الأمن والحرية فإن الإرهاب هو المستفيد الأول.
وإذا لم يحدث تصحيح آخر لقواعد العدل الاجتماعى فالنتائج معروفة.
بعض الاستنتاجات الخاطئة عواقبها غير محمودة، كالقول إن المصريين تقبلوا بنوع من الصبر الإجراءات الاقتصادية التى أقدمت عليها الحكومة وأفضت إلى ارتفاعات متواصلة لأسعار السلع الرئيسية والطاقة والكهرباء والمياه.
مثل هذا الكلام ينكر الأزمة ولا ينظر فى التداعيات المحتملة.
المجتمع متعب بأثر ما شهده من تحولات عاصفة لأكثر من ست سنوات.
هذا سبب أول لصمت ردات الفعل رغم الأنين المرتفع.
والمجتمع يخشى المجهول، فهو لا يرى أمامه بديلًا مقنعًا بذات قدر خشيته على مستقبل شبابه، وبعضهم يتعرض للعسف دون ذنب وأحيانًا دون تهمة.
هذا سبب ثانٍ.
الاستنتاج الخاطئ لا يساعد على تحصين البلد أمام ما يحدث فى الإقليم ولا فى المواجهة مع الإرهاب.
التحصين مسألة توافقات وطنية، وأية توافقات شبه مستحيلة دون فتح المجال العام لكل رأى يلتزم بالقانون والدستور ولا يحرض على عنف وإرهاب.
خلال هذا الصيف من المنتظر أن يبدأ «العمل على إعداد خريطة طريق لما بعد الحرب فى العراق وسوريا»، حسب تصريح لافت للرئيس الفرنسى «إيمانويل ماكرون»، أثناء قمة باريس التى جمعته مع الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب».
الكلام الرئاسى الفرنسى كاشف لما هو جارٍ وملتحق به أكثر من أن يكون داعيًا له.
يلفت الانتباه فيه أنه حدد الأطراف المشاركة فى إعداد مثل هذه الخريطة بالدول الخمس دائمة العضوية فى مجلس الأمن وعدد من الدول الإقليمية لم يذكرها وممثلين عن النظام السورى.
المعنى الصريح تجاوز محادثات جينيف وآستانة بين النظام والمعارضة التى تتعثر حول سؤال: أين الأولوية.. للانتقال السياسى أم للحرب على الإرهاب؟
مشكلة المعارضة المسلحة أن قوتها على الأرض تآكلت، ولم يعد بقدرتها أن تؤثر فى حركة الأحداث إلا بقدر ما تحوزه من دعم قوى دولية وإقليمية.
عندما يحين وقت النظر الأخير فى ترتيبات القوة والنفوذ فإن اللاعبين الهامشيين سوف يخرجون من المسرح ولا فرصة لرجاء من هنا أو هناك.
لعبة توزيع الجوائز والمغارم بدأت.
فى جميع السيناريوهات يصعب أن تعود سوريا والعراق، وبقدر آخر اليمن وليبيا، إلى ما كانت عليه.
العالم العربى يختلف وعواصف النار تقذف حممها إلى هنا فى مصر، حيث سيناء فى مرمى الخطر.
بقدر التنبه ينجو البلد بنفسه فى نصف العام المنذر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.