وزير العمل يعلن توفير 7574 وظيفة جديدة في 13 محافظة    محافظ القاهرة يعتمد جدول امتحانات الفصل الدراسي الأول للعام 2025    الذكاء الاصطناعى يعزز الأمن المجتمعى بالقانون    نحو استراتيجية وطنية للاستثمار فى البشر.. «التعليم»معركة البقاء الأخيرة    جامعة عين شمس تحقق إنجازًا جديدًا وتتصدر تصنيف «2025 Green Metric»    بكام البلطى النهارده....اسعار الأسماك اليوم الأحد 21ديسمبر 2025 فى المنيا    وزير الخارجية يلتقي نظيره المالاوي لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية    اليوم يُغلق باب مجلس النواب بالقصر العيني .. وبداية فصل جديد بالعاصمة الجديدة    استقرار سعر الريال السعودي في بداية تعاملات اليوم 21 ديسمبر 2025    محافظ المنوفية يحيل واقعة تزوير تعلية مباني خارج الحيز بشبين الكوم للنيابة العامة    وزير الخارجية يؤكد مجددا التزام مصر بدعم جهود تعزيز الأمن والاستقرار في الصومال والقرن الأفريقي    3 شهداء بنيران الاحتلال في حي الشجاعية شرق مدينة غزة    رئيس وزراء أستراليا يعلن إجراء مراجعة شاملة لأداء أجهزة إنفاذ القانون    خطة أمريكية بقيمة 112 مليار دولار لتحويل غزة إلى ريفييرا الشرق الأوسط    كأس أفريقيا تؤجل توقيع يوسف بلعمري للأهلي    راحة سلبية للاعبي الزمالك بعد الفوز على حرس الحدود    مواعيد مباريات اليوم الأحد 21-12- 2025 والقنوات الناقلة لها | افتتاح أمم إفريقيا    استقرار الحالة الصحية لشقيق ناصر البرنس بعد حرق نفسه أمام المطعم    مصرع شاب وإصابة آخر صدمتهما سيارة فى كرداسة    توجيهات من التعليم للمديريات بسبب قلة عدد المسجلين للعمل كرؤساء لجان ومراقبين أوائل بامتحانات الثانوية العامة    محاكمة المتهمين بسرقة 370 قطعة أثرية من متحف الحضارة اليوم    ظاهرة فلكية.. تعامد الشمس على معبد الكرنك معلنة بداية فصل الشتاء    في أجواء مبهجة وإقبال جماهيري.. الثقافة تطلق الدورة الخامسة عشرة للمهرجان القومي للتحطيب بالأقصر    شهر رجب.. مركز الأزهر العالمي للفتوى يوضح خصائص الأشهر الحرم    دعاء شهر رجب.. مكانته وأفضل الأدعية المستحبة    الصحة: فحص 8 ملايين طالب ابتدائى ضمن مبادرة الكشف المبكر عن «الأنيميا والسمنة والتقزم»    مصر أول مركز إقليمى فى الشرق الأوسط وإفريقيا لتوطين مشتقات البلازما    الصحة: فحص أكثر من 20 مليون مواطن في مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    القائمة الكاملة لجوائز المسابقات الرسمية لأيام قرطاج السينمائية الدورة 36    فحص أكثر من 8 ملايين طالب ضمن الكشف عن الأنيميا والسمنة والتقزم بالمدارس    توفير 7574 فرصة عمل جديدة في 63 شركة ب13 محافظة    الإحصاء: 6.31 مليار دولار صادرات مصر من «اللؤلؤ والذهب» خلال 9 أشهر    اتهام 4 طلاب بالاعتداء على زميلهم داخل حمام مدرسة بمدينة 6 أكتوبر    جيهان قمري تتحدى نفسها بدور جديد ومفاجئ في مسلسل "درش" مع مصطفى شعبان    الإجابة الوحيدة نحو الثامنة.. لماذا يشعر حسام حسن بالضغط؟    انقطاع الكهرباء عن عشرات آلاف المنازل بمدينة سان فرانسيسكو الأمريكية    عامل بالإسكندرية يقتل صديقه.. ويقطعه 4 أجزاء لإخفاء جريمته    فتاة تطارد تامر حسني ومعجب يفقد النطق أمام أحمد العوضي، جمهور النجوم يثير الجدل (فيديو)    في عيد ميلادها ال74، نجلاء فتحي «قمر الزمان» تكشف رأيها عن الحب والزواج في حوار نادر    الإسكان الاجتماعي لصاحبة فيديو عرض أولادها للبيع: سنوفر الحلول الملائمة.. والحاضنة لها حق التمكين من شقة الإيجار القديم    30 دقيقة تأخرًا في حركة قطارات «القاهرة - الإسكندرية».. الأحد 22 ديسمبر    الاستخبارات الأمريكية تكشف حقيقة السيطرة الروسية على أوكرانيا    «جبر الخاطر».. محمد شاهين يطرح أحدث أغانيه    اختفاء 16 ملفا من قضية إبستين من الموقع الإلكترونى لوزارة العدل الأمريكية    اندلعت بها النيران.. سقوط سيارة نقل من كوبري ترسا بالجيزة | صور    قرارات جديدة في واقعة إشعال شقيق "ناصر البرنس" النيران في نفسه    مسئول بنقابة صيادلة القاهرة: لا نقص في علاج البرد وفيتامين سي.. وأدوية الأمراض المزمنة متوفرة    عضو بالأرصاد: أجواء مستقرة ودرجات حرارة طبيعية خلال الأسبوع الجاري    10 نجوم إفريقية فى صراع بمعارك الأدغال    بعد رؤية هلال رجب.. ما هو موعد شهر شعبان ؟    وزير البترول: صادراتنا من الذهب تفوق مليار دولار    بعد ابتزازه بمقاطع فاضحة.. «ناصر» يستنجد بالهارب محمد جمال والأخير يرفض التدخل    يوفنتوس يحسم قمة روما ويواصل انتصاراته في الكالتشيو    كورتوا: حمل شارة قيادة ريال مدريد كان حلما.. ومن الصعب إيقاف مبابي    المنتخب فى حالة تأهب قصوى |وجلسات خاصة بين حسام وصلاح    الصيام تطوعا في رجب وشعبان دون غيرهما.. الإفتاء توضح التفاصيل    وزير خارجية روسيا: ناقشنا مع الشركاء إصلاح مجلس الأمن وتعزيز ميثاق الأمم المتحدة    مواقيت الصلاه اليوم السبت 20ديسمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لعنة الثروات الطبيعية العربية
نشر في الشروق الجديد يوم 08 - 06 - 2017

الروائى الأمريكى الشهير «جون شتاينبك» كتب رواية «اللؤلؤة» المليئة بالدروس والعبر. فصياد السمك المكسيكى الفقير، كينو، يعثر بالصدفة على لؤلؤة كبيرة، وحيدة زمانها وباهظة الثمن ومدخل لحل كل مشاكل حياته المعسرة.
لكن ما إن ينتشر ذلك الخبر بين سكان قريته حتى يدخل كينو المسكين فى دوامة ما يعرف ب«لعنة ثروات الطبيعة». فالحساد والغيورون يتكاثرون من حوله، والراغبون فى سرقة جوهرته الثمينة يحيطون به ويتآمرون على حياته، وتلاحقه اللعنات فى كل خطوة يخطوها، إذ عندما يهرب مع عائلته من قريته مهاجرا إلى المدينة ليبيع جوهرته وينعم بحياة جديدة رغيدة حتى يتبعه اللصوص. هنا تتوسل إليه زوجته بأن يتخلص من الجوهرة بأية طريقة من أجل سلامة العائلة، لكنه يجيبها بأنه متمسك ببيع الجوهرة من أجلها ومن أجل أن يذهب ابنه إلى المدرسة ويتعلم ويخرج من حياة الفقر التى عاشها والده.
ولكن، ويالسخرية القدر، تأبى اللعنة إلا أن تصل إلى قمة مفعولها عندما يقتل اللصوص الابن وتموت مع موته أحلام الأب، وتصبح اللؤلؤة غير ذات قيمة فى حياته.
***
لعنة ثروة الطبيعة التى عاشها كينو المكسيكى عاشتها وتعيشها كل الدول التى شاءت الأقدار أن توجد ثروة طبيعية تحت أرضها، سواء أكانت بترولا أم غازا أم نحاسا أم ذهبا أم ألماسا أم فسفورا أم غيرها من أشكال ثروات الطبيعة.
أدبيات الموضوع تشير إلى صفات وممارسات ترتبط عادة بالدول التى تمنحها الصُدف والأقدار ثروة طبيعية، أى ثروة ليست ناتجة عن جهد وإبداع وتنظيم لإنتاج بضائع وخدمات للناس.
ففى حقل الاقتصاد هناك الكثير من الأدلة على تأثير الثروة المالية المتدفقة والناتجة عن بيع البترول أو الفسفور أو غيرهما؛ تأثيرها على سعر العملة المحلية الذى يصعد باستمرار، وعلى أسعار البضائع التى هى الأخرى ترتفع وتخلق تضخُم فى الاقتصاد. وهذا بدوره يؤدُى إلى ارتفاع قيمة كل السلع الزراعية والصناعية والخدمية التى يراد تصديرها إلى الخارج، كما حدث على سبيل المثال مع هولندا عندما اكتشفت الغاز فى بحرها فى سبعينيات القرن الماضى ونتج عنه ما يعرف «بالمرض الهولندى» الاقتصادى.
وفى كثير من الأحيان أدُت تلك المشكلات النقدية والتجارية الناتجة عن الثروة الريعية إلى ارتفاع كبير فى نسب البطالة.
ولما كانت تلك الثروات الطبيعية ستكون موجودة حتى تنفذ، وسيكون لها حاجة ورواج فى الأسواق، فإن رهنها لدى المؤسسات البنكية الدولية لسدُ ديون وقروض تقترضها الدول من أجل شراء الأسلحة أو بناء مشاريع مظهرية غير منتجة يصبح سهلا وميسرا، مما أدخل العديد من دول اليسر الريعى فى لعنة الديون الثقيلة المتراكمة والمرهقة لأجيال الحاضر والمستقبل.
تلك كانت بعضا من اللعنات فى الاقتصاد. أما فى السياسة فقد ارتبط وجود الثروة الطبيعة الريعية ومسألة من يملكها بتفجُر صراعات وحروب أهلية، كما شهدته العديد من دول أفريقيا، وإلى انتشار الفساد المالى والرشاوى وشراء الذمم وترسُخ ظاهرة الاستزلام. وقد تمُ كل ذلك على حساب تواجد الحكم الديمقراطى الرشيد فى تلك البلدان.
وفى الحالات التى استطاعت فيها ميليشيا مسلُحة من السيطرة على أماكن إنتاج تلك الثروات الطبيعية، كما حدث فى العراق وسوريا، عندما استولت داعش على الكثير من آبار البترول فى هذين البلدين، فإن النتيجة كانت ضخ الدم فى شرايين تلك الميليشيات وإطالة عمر تواجدها التدميرى لتعيث فى الأرض فسادا.
***
والسؤال: هل تلك الصور الاقتصادية والسياسية السوداء، المصاحبة للثروات الطبيعية الريعية، هى قدر محتوم لا فرار منه؟ الجواب هو كلا.
هناك تجارب لبلدان قليلة، مثل النرويج، أثبتت أن بالإمكان تجنب كل تلك السلبيات من خلال إدارة الثروة الريعية بحكمة وتعقل ونظافة يد وإشراك للمجتمع فى الإشراف على تلك الثروة للتأكدٌ من توزيع آثارها وخيراتها بعدالة ومساواة.
مناسبة العودة إلى موضوع لعنة الثروات الريعية، المعروف والمدروس بشكل جيد فى أدبيات الاقتصاد والسياسة، هو المشهد الحالى فى وطن العرب المثخن بالنكبات.
فبدون دخول فى التفاصيل، وبدون الإشارة بأصابع الاتهام إلى هذه أو تلك، فإن الثروات الطبيعية الريعية العربية، قديما وحديثا، وسواء بقصد أو بدون قصد، قد أقحمت من قبل البعض فيما لا يعنيها، واستعملت بأشكال خاطئة مفجعة فى إشعال الحرائق بدلا من إطفائها.
وبدون لف ولا دوران تشهد الأهوال المبكية فى طول وعرض بلاد العرب، وعلى الأخص فى العراق وسوريا وليبيا واليمن والسودان والصومال وسيناء مصر، على أشكال لا حصر لها ولا عد من لعنة الاستعمالات الخاطئة لثروات العرب الطبيعية.
وبدون لف ولا دوران أيضا فقد ارتدت نتائج تلك الاستعمالات الخاطئة على آخر معقل من معاقل الهدوء والسلام فى أرض العرب، ونعنى به دول مجلس التعاون الخليجى، لتدخل دوله فى خلافات وصراعات كارثية، من الممكن أن تحرق الأخضر واليابس وتؤدُى إلى مصائب اقتصادية وسياسية.
عند ذاك سنكون قد ساهمنا فى أن تنطبق علينا نظرية «لعنة الثروات الطبيعية» التى أبرزنا بعضا من وجوهها.
من هنا الأهمية القصوى للنظر فى الخلافات الخليجية المشتعلة حاليا من خلال الثوابت والمصالح القومية العربية العليا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.