ختام فعاليات التدريب البحري المشترك المصري الفرنسي (كليوباترا – 2025).. شاهد    جامعة عين شمس تحقق إنجازًا جديدًا وتتصدر تصنيف "جرين متريك 2025"    وكيل الأزهر يلقي محاضرة لعلماء ماليزيا حول "منهج التعامل مع الشبهات"| صور    برلماني: توجيهات الرئيس بشأن تعزيز الاستقرار المالي تعكس رؤية إستراتيجية متكاملة لحماية الاقتصاد    باسل رحمي: جهاز تنمية المشروعات قدم تمويلات بأكثر من 750 مليون جنيه    محافظ أسوان يوجه الوحدات المحلية بالتعامل مع شكاوى المواطنين وإنهاء مشاكل الصرف الصحي    الجيزة توضح حقيقة نزع ملكية عقارات بطريق الإخلاص    رئيس الوزراء يشهد توقيع عقد تشغيل فندق الكونتيننتال التاريخي وسط القاهرة بعلامة تاج العالمية    حصاد 2025.. تنفيذ أكبر خطة حضارية لتطوير شوارع مدينة كفرالشيخ| صور    وزير الداخلية يستقبل وزير خارجية جنوب السودان لبحث التعاون الثنائي    وزير الخارجية يعقد اجتماعاً ثلاثياً حول ليبيا مع نظيريه الجزائري والتونسي    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم مدينة قلقيلية ‫ويداهم بناية    مران الأهلي| طاهر يكتفي بتدريبات استشفائية    مباشر الدوري الإسباني - فياريال (0)-(1) برشلونة.. العارضة تمنع الثاني    التشكيل – واتكينز يقود هجوم أستون فيلا.. وتبديلات في مانشستر يونايتد بسبب غيابات إفريقيا    محافظ الغربية يعلن السيطرة الكاملة على حريق مدرسة طنطا الثانوية الزراعية    وزير الثقافة ومحافظ القاهرة يتفقدان متحف الشمع لتهيئته لاستقبال الجمهور    على أنغام الربابة.. نائب محافظ الأقصر يشهد تعامد الشمس على معابد الكرنك| صور    وزير الثقافة ومحافظ القاهرة يتفقدان قصر ثقافة عين حلوان للوقوف على أوضاعه وخطط تطويره العاجلة    «النجمة التي سقطت من السماء» يفتتح عروض نوادي مسرح الطفل في الغربية    مفتي الجمهورية: المؤسسة الدينية خَطُّ الدفاع الأول في مواجهة الحروب الفكرية التي تستهدف الدين واللغة والوطن    الصحة: إغلاق 11 مركزًا خاصًا للنساء والتوليد ب 5 محافظات لمخالفتها المعايير الطبية    ملعب "مولاى عبد الله" يتزين لاستضافة مباراة المغرب ضد جزر القمر.. صور    القيمة السوقية لمنتخبات أفريقيا في كان 2025    رئيس الإمارات يبحث مع نظيره الفرنسي تعزيز العلاقات    رئيس الوزراء يتابع مع وزير الكهرباء الموقف التنفيذى لمشروعات الطاقة المتجددة    بحث الاستعدادات النهائية لاحتفالية اليوبيل الذهبي لجامعة حلوان    انطلاق اليوم الأول للاختبارات التجريبية لمنصة الذكاء الاصطناعي اليابانية بالأزهر    إحالة أوراق قاتل زوجته أمام أبنائه إلى المفتي بالبحيرة    دراما بوكس | المسلسلات المؤجلة بعد رمضان 2026 .. وقصة آسر ياسين ودينا الشربيني مع الصدمات النفسية    سين كاسيت | أول حفل ل تامر حسني بعد تعافيه وكواليس أغنية محمد رمضان ل«الكان»    أمن الجيزة يفحص فيديو اقتحام عدد من الخيول فناء مدرسة بمنطقة بولاق    نصيحة للأمهات، احذري من تأثير ضغط الدراسة على علاقتك مع أبنائك    الداخلية تكشف حقيقة فيديو محاولة سرقة شخص بالسيدة زينب: خلافات عائلية السبب    إيمى سمير غانم تكشف كواليس اختيار أسماء أبنائها مع حسن الرداد    لماذا نشتهى الطعام أكثر في الشتاء؟    برلمانية المؤتمر: تعديلات قانون الكهرباء خطوة ضرورية لحماية المرفق    مراسل القاهرة الإخبارية من غزة: القطاع يعيش على وقع الأزمات في الأيام الأخيرة    اتحاد شركات التأمين: معالجة فجوات الحماية التأمينية تتطلب تعاونًا بين شركات التأمين والحكومات والمجتمع المدني    ضبط 3 محطات وقود بالبحيرة لتجميع وبيع 47 ألف لتر مواد بترولية    تاكر كارلسون.. إعلامى يشعل معركة داخل حركة اليمين فى أمريكا    «المصدر» تنشر نتيجة الدوائر الملغاة بالمرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب    محافظ أسيوط: استمرار تدريبات المشروع القومي للموهبة الحركية لاكتشاف المواهب الرياضية    إصابة 8 أشخاص إثر حادث انقلاب ميكروباص في العاشر من رمضان    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 21ديسمبر 2025 فى المنيا    حملة للمتابعة الطبية المنزلية لأصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن وذوي الهمم.. مجانًا    فى مباحثاته مع مسرور بارزانى.. الرئيس السيسى يؤكد دعم مصر الكامل للعراق الشقيق ولوحدة وسلامة أراضيه ومساندته فى مواجهة التحديات والإرهاب.. ويدعو حكومة كردستان للاستفادة من الشركات المصرية فى تنفيذ المشروعات    فضل العمرة فى شهر رجب.. دار الإفتاء توضح    حقيقة تأثر رؤية شهر رمضان باكتمال أو نقص الشهور السابقة.. القومي يوضح    محافظ القاهرة جدول امتحانات الفصل الدراسي الأول للعام الدراسي    شهر رجب .. مركز الأزهر العالمى للفتوى يوضح خصائص الأشهر الحرم    الصحة: فحص أكثر من 20 مليون مواطن في مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    أمم إفريقيا – المغرب.. هل يتكرر إنجاز بابا؟    حبس المتهم بقتل زميله وتقطيع جثمانه إلى أربعة أجزاء وإخفائها داخل صندوق قمامة بالإسكندرية    بعد رؤية هلال رجب.. ما هو موعد شهر شعبان ؟    الإفتاء: الدعاء في أول ليلة من رجب مستحب ومرجو القبول    بركلة جزاء قاتلة.. أرسنال يهزم إيفرتون ويعود لاعتلاء صدارة البريميرليج    قمة إنجليزية نارية.. ليفربول يحل ضيفًا على توتنهام في الجولة 17 من البريميرليج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نحو استراتيجية وطنية للاستثمار فى البشر.. «التعليم»معركة البقاء الأخيرة
نشر في روزاليوسف الأسبوعية يوم 21 - 12 - 2025

لم يعد العالم يُدار بمن يمتلكون الأرض، ولا بمن يكدسون الثروات، بل بمن ينتجون المعرفة ويسيطرون على مفاتيحها. فى هذا العالم القاسى، لم يعد التعليم رفاهية اجتماعية، ولا بندًا إنشائيًا فى خطب الحكومات، بل صار معركة وجود مكتملة الأركان، يُهزم فيها المتأخرون بلا ضجيج، ويُمحى المتخاذلون دون إعلان حرب.
الفارق اليوم بين دولة تصعد وأخرى تتآكل، لم يعد فى عدد السكان ولا فى وفرة الموارد، بل فى نوعية العقول التى تُدير هذه الموارد، وفى قدرة المجتمع على تحويل المعرفة إلى قوة، والعلم إلى نفوذ، والتعليم إلى سلاح استراتيجي.
وهنا يطرح السؤال نفسه، لا بوصفه ترفًا فكريًا، بل كاختبار مصيرى.
كيف نصنع تعليمًا يُنقذ دولة؟
كيف نُخرج جيلا لا يحفظ ليجتاز، ولا يكرر لينجو، ولا ينتظر التعليمات، بل يفهم ويحلل ويبتكر، ويقف بثقة فى سوق عالمية لا يعترف إلا بالأذكياء معرفيا؟
هذا هو التحدى الأخطر الذى تواجهه الدولة المصرية فى لحظة فارقة من تاريخها. فنحن دولة ذات كتلة بشرية هائلة، أغلبها فى سن التكوين، وهذه الكتلة يمكن أن تتحول إلى أعظم رصيد استراتيجى، أو إلى قنبلة زمنية صامتة، إذا فشلنا فى تحويل العدد إلى نوع، والكم إلى قيمة، والزيادة السكانية إلى طاقة إنتاج لا إلى عبء اجتماعى.
لا توجد دولة نهضت صدفة، ولا أمة تقدمت بالشعارات. كل التجارب الكبرى، من شرق آسيا إلى شمال أوروبا، بدأت من قرار سياسى واضح. الاستثمار فى الإنسان أولًا. فالدول لا تُبنى بالخرسانة وحدها، بل بالعقول التى تُديرها، ولا تُحمى بالقوة العسكرية فقط، بل بالمعرفة التى تُغذى قوتها الاقتصادية والعلمية.
التعليم الحقيقى ليس عدد مدارس تُفتتح، ولا مناهج تُستبدل، ولا مصطلحات أجنبية تُضاف إلى اللافتات. التعليم الحقيقى هو منظومة فكرية متكاملة، تنطلق من سؤال: أى إنسان نريد؟ ثم تُصاغ السياسات والمناهج والآليات على هذا الأساس.
جودة التعليم هى بيت القصيد.
لكن الجودة هنا ليست ترفًا نخبويًا، ولا امتيازًا طبقيا، ولا تجارب معزولة داخل أسوار مغلقة، بل حقا وطنيا أصيلًا، يجب أن يصل إلى كل طفل مصرى، بنفس المستوى والمعايير، سواء وُلد فى قرية منسية فى أقصى الجنوب، أو فى حى راق بقلب العاصمة. فالدولة التى تقبل بتفاوت جودة التعليم، تقبل عمليا بتفاوت الفرص، وبإعادة إنتاج الفقر والجهل جيلًا بعد جيل.
ولا حديث عن تعليم حديث دون الالتحام بعلوم المستقبل.الذكاء الاصطناعى، تحليل البيانات، البرمجة، الاقتصاد الرقمى، التفكير النقدى، والعمل الجماعي. ليس بوصفها مواد تكميلية، بل باعتبارها اللغة الجديدة للعالم. من لا يتقنها اليوم، سيصبح غريبا عن سوق العمل غدا.
وفى قلب هذه المنظومة يقف المعلم.
لا إصلاح حقيقيًا دون إعادة الاعتبار للمعلم ماديا ومهنيا ومعنويا.فالمعلم ليس موظفا يؤدى ساعات عمل، بل مهندس وعى، وصانع أجيال، وحارس العقل الوطني. تعليم رخيص لا يُنتج إلا وعيًا رخيصًا!
كما أن المناهج يجب أن تتحرر من عبودية الحفظ والتلقين، وأن تنتقل من تخزين المعلومات إلى تدريب العقل على التفكير. فالمعلومة يمكن الوصول إليها بضغطة زر، أما القدرة على التحليل والربط والنقد والإبداع، فهى العملة الحقيقية فى عالم المعرفة.
غير أن الخلل الأكبر يظل فى غياب منظومة صارمة لقياس الجودة والمساءلة. فالتعليم بلا تقييم مستقل، كجسد بلا نبض. لا تطوير بلا بيانات، ولا إصلاح بلا شفافية، ولا نهضة بلا محاسبة. الجودة يجب أن تُقاس فى الفصول، وفى مهارات الخريجين، وفى قدرتهم على الاندماج فى الاقتصاد الحديث، لا فى تقارير تكتب لتُحفظ فى الأدراج.
مصر اليوم ليست بحاجة إلى إصلاح جزئى أو حلول تجميلية، بل إلى استراتيجية وطنية شاملة للاستثمار فى البشر؛ استراتيجية عابرة للحكومات، ثابتة الرؤية، مرنة الأدوات، تُدار بعقل علمى لا بيروقراطى، وتخضع لمتابعة دقيقة لا لمزاج سياسي.
لسنا مبالغين حين نقول إن التعليم هو معركة الأمن القومى الأولى. فمن دون علم، لا اقتصاد قادر على المنافسة، ولا دولة قادرة على الصمود، ولا مجتمع محصن ضد الجهل والتطرف والانقسام.
إن مصر التى تريد مكانًا محترما فى عالم الغد، لا تملك رفاهية التأجيل. البداية الحقيقية من الفصل الدراسى، ومن عقل الطفل، ومن كرامة المعلم.
فالعِلم لم يعد طريقا للتقدم فقط..
بل أصبح شرط البقاء الأخير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.