القافلة ال17، بدء دخول شاحنات المساعدات الإنسانية من مصر إلى قطاع غزة (فيديو)    اتحاد الكرة يعلن حكام مباريات الجولة.. بسيوني يقود قمة المصري وبيراميدز    نيكو ويليامز.. شوكة في قلب إشبيلية    كل ما تريد معرفته عن مسابقة توظيف بريد الجزائر 2025.. الموعد والشروط وطريقة التسجيل    قرارات صارمة من وزارة التربية والتعليم استعدادًا للعام الدراسي الجديد 20262025 (تعرف عليها)    سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري الإثنين 18-8-2025 بعد الهبوط العالمي الجديد    مصرع سيدة في حادث سير ب شمال سيناء    دعه ينفذ دعه يمر فالمنصب لحظة سوف تمر    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الاثنين 18 أغسطس    سعر الذهب في مصر اليوم الاثنين 18-8-2025 مع بداية التعاملات    "أي حكم يغلط يتحاسب".. خبير تحكيمي يعلق على طرد محمد هاني بمباراة الأهلي وفاركو    إساءات للذات الإلهية.. جامعة الأزهر فرع أسيوط ترد على شكوى أستاذة عن توقف راتبها    تامر عبدالمنعم: «سينما الشعب» تتيح الفن للجميع وتدعم مواجهة التطرف    ترامب يهاجم وسائل الإعلام الكاذبة بشأن اختيار مكان انعقاد قمته مع بوتين    وصفة مغذية وسهلة التحضير، طريقة عمل كبد الفراخ    أسفار الحج 13.. من أضاء المسجد النبوى "مصرى"    أحمد إبراهيم يوضح موقفه من أزمة مها أحمد.. ماذا قال؟    قد يكون مؤشر على مشكلة صحية.. أبرز أسباب تورم القدمين    احتجاجات غاضبة أمام مقر نتنياهو تتحول إلى مواجهات عنيفة    الأمم المتحدة: نصف مليون فلسطيني في غزة مهددون بالمجاعة    أبرز تصريحات رئيس الوزراء خلال لقائه نظيره الفلسطيني الدكتور محمد مصطفى    الأونروا: ما يحدث في قطاع غزة أكبر أزمة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية    موعد فتح باب التقديم لوظائف وزارة الإسكان 2025    بدء اختبارات كشف الهيئة لطلاب مدارس التمريض بالإسكندرية    بحضور وزير قطاع الأعمال.. تخرج دفعة جديدة ب «الدراسات العليا في الإدارة»    "لا يصلح"... رضا عبدالعال يوجه انتقادات قوية ليانيك فيريرا    أحمد شوبير يكشف موعد عودة إمام عاشور للمشاركة في المباريات مع الأهلي    البنك المصري الخليجي يتصدر المتعاملين الرئيسيين بالبورصة خلال جلسة بداية الأسبوع    وزارة التربية والتعليم تصدر 24 توجيهًا قبل بدء العام الدراسي الجديد.. تشديدات بشأن الحضور والضرب في المدراس    مصرع طفل أسفل عجلات القطار في أسيوط    التحقيق في مقتل لاعبة جودو برصاص زوجها داخل شقتهما بالإسكندرية    إضافة المواليد على بطاقة التموين 2025.. الخطوات والشروط والأوراق المطلوبة (تفاصيل)    انطلاق المؤتمر الدولي السادس ل«تكنولوجيا الأغشية وتطبيقاتها» بالغردقة    سامح حسين يعلن وفاة الطفل حمزة ابن شقيقه عن عمر يناهز ال 4 سنوات    هاجر الشرنوبي تدعو ل أنغام: «ربنا يعفي عنها»    حدث بالفن | عزاء تيمور تيمور وفنان ينجو من الغرق وتطورات خطيرة في حالة أنغام الصحية    رئيس "حماية المستهلك": وفرة السلع في الأسواق الضامن لتنظيم الأسعار تلقائيًا    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 18 أغسطس 2025 في القاهرة والمحافظات    سامح حسين يعلن وفاة نجل شقيقه عن عمر 4 سنوات    أوسيم تضيء بذكراه، الكنيسة تحيي ذكرى نياحة القديس مويسيس الأسقف الزاهد    إيران تؤكد احترام سيادة لبنان وتعلن دعمها في مواجهة إسرائيل    حضريها في المنزل بمكونات اقتصادية، الوافل حلوى لذيذة تباع بأسعار عالية    متحدث الصحة يفجر مفاجأة بشأن خطف الأطفال وسرقة الأعضاء البشرية (فيديو)    متحدث الصحة يكشف حقيقة الادعاءات بخطف الأطفال لسرقة أعضائهم    أمسية دينية بلمسة ياسين التهامى فى حفل مهرجان القلعة    وزير الثقافة ومحافظ الإسماعيلية يفتتحان الملتقى القومي الثالث للسمسمية    السكة الحديد: تشغيل القطار الخامس لتيسير العودة الطوعية للأشقاء السودانيين    ماكرون: بوتين لا يريد السلام بل يريد الاستسلام مع أوكرانيا    أشرف صبحي يجتمع باللجنة الأولمبية لبحث الاستعدادات لأولمبياد لوس أنجلوس    ننشر أقوال السائق في واقعة مطاردة فتيات طريق الواحات    بداية متواضعة.. ماذا قدم مصطفى محمد في مباراة نانت ضد باريس سان جيرمان؟    رضا عبد العال: فيريرا لا يصلح للزمالك.. وعلامة استفهام حول استبعاد شيكو بانزا    مواجهة مع شخص متعالي.. حظ برج القوس اليوم 18 أغسطس    «الصيف يُلملم أوراقه».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم: منخفض جوى قادم    اليوم.. أولى جلسات محاكمة المتهمين في واقعة مطاردة طريق الواحات    تنسيق الثانوية العامة 2025 المرحلة الثالثة.. كليات التربية ب أنواعها المتاحة علمي علوم ورياضة وأدبي    هل يجوز ارتداء الملابس على الموضة؟.. أمين الفتوى يوضح    مرصد الأزهر: تعليم المرأة فريضة شرعية.. والجماعات المتطرفة تحرمه بتأويلات باطلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التعليم في خطر
مدارس الحكومة.. لا تربية ولا تعليم
نشر في الوفد يوم 01 - 04 - 2015

بدأت «الوفد» أمس فتح ملف التعليم بكل ما له وما عليه ونواصل اليوم طرح القضية، فالتعليم هو رمانة الميزان في نهضة أي دولة، لذا لم يكن تفوق العالم الغربي على العالم الثالث من فراغ، فقد اكتشف الغرب مبكراً قيمة التعليم في التقدم، بينما ظلت الدول النامية ومنها مصر أسيرة نظم تعليمية شديدة التخلف.
ومما يؤسف له أن الحكومات المتعاقبة قبل وبعد الثورة سجلت فشلاً كبيراً في التصدي لأزمات لهذا الملف الذي يعد حجر الزاوية في النهضة التي تخلفنا عنها طويلاً.. ويقف التعليم الحكومي الذي مازال يعد قبلة السواد الأعظم من المصريين بسب العوامل الاقتصادية حجر عثرة في انطلاق مصر نحو ركب التقدم الذي كنا في السابق أحد أبرز فرسانه، وعلى الرغم من اعتراف جميع قوى ومؤسسات الدولة بأننا نواجه أزمة آخذة في التفاقم بشأن ملف التعليم، إلا أن الحلول ظلت ولاتزال غائبة، فالمدارس المصرية غير قادرة على تخريج أجيال قادرة على المشاركة في النهضة التي نرجوها وذلك بسبب تخلف العملية التعليمية نفسها.
وبينما التعليم في البلاد المتقدمة يقدم في جرعات سهلة ومبسطة للتلميذ والطلاب من خلال معلمين على مستوى عال من التعليم والتدريب والثقافة، في مدارس مجهزة بأحدث أساليب التكنولوجيا.. ولكن التعليم الحكومي في مصر لايزال رهين المصيبتين «الفقر والجهل» لأجل ذلك تحولت المدارس الحكومية الى بؤر لاكراه التلاميذ في العلم خاصة مع غياب الرقابة على المدرسين الذين تفرغ أكثرهم لبيزنس الدروس الخصوصية مما يجعل البعض يندم لدخول المدرسة ومعترك العلم والتعليم في البلد الذي صدر المعرفة لمن حوله في السابق قبل أن يصل الأمر بمدارسه في النهاية لتخريج طلاب في المرحلة الاعدادية لا يجيدون القراءة والكتابة بسبب الإهمال، فضلاً عن الاعتماد على مناهج تجاوزها العالم تعتمد على الحفظ والتلقين غير المستند على وسائل تنمية العقل، وأصبحت المناهج تعزز لتخريج طلاب يفتقرون للمهارة والعلم والابتكار، كما تعاني تلك المدارس المتهالكة المباني من ارتفاع كثافة الطلاب وتدهور بنيتها الخدمية فضلاً عن غياب الأمن والأمان وازدهار التحرش والبلطجة المتبادلة من المدرسين والدارسين، كما تحولت بعض المدارس الى مصائد للموت عقب تكرار حوادث قتل التلاميذ.
ومن الظواهر السلبية التي تسببت في تفاقم الأزمة أن التعليم عندنا يفتقد لخطط مستقبلية بل هو قائم على سياسة وزير دائما ما يذهب مع الريح.. وعن حال التعليم والأزمات التي يعيشها الطلاب وأولياء الأمور في المدارس الحكومية كان «الملف» التالي:
العالم يحكمه الأقوياء والقوة ليست عسكرية فقط بل توازيها قوة معرفية وعلمية ترتقي بوعي الشعب وتجعله مؤهلاً لادراك الواقع وهذا ما أدركه محمد علي باشا عام 1833 وكان قراره بانشاء مدارس المبتديان الابتدائية، وتماشياً مع السياسات الجديدة والتي أقرها ببناء جيش قوي ولذلك خرجت حملات محمد علي تجوب القرى والبلدان وتجبر الأهالي على تعليم أبنائهم وفق خطة وضعها لنهضة البلاد، وكان له ما أراد من قوة بالتسلح بالعلم ومحو الجهل فكانت النهضة المعرفية والعلمية مصحوبة بنهضة عسكرية وتنموية وزراعية وصناعية تبعها بوضع استراتيجية لتطوير نهج التعليم فكان قراره بإرسال البعثات العلمية الى أوروبا وأيضاً قام باستقطاب الأوروبيين الى مصر لتعليم أبناء الفلاحين داخل الكليات العليا واستقدامه ل «كلوت بك» لانشاء مدرسة الطب بأبو زعبل وروح الدين أفندي من تركيا لتدشين المهندس خانة، وهكذا ولدت مصر الحديثة على يد محمد علي باشا الذي كان يؤمن بأهمية العلم والقوة المعرفية بالتوازي مع القوة العسكرية.. وليأتي بعد فترة جمال عبد الناصر مؤمنا بما سبق وأقام قلعة صناعية عملاقة كانت راسخة ومؤثرة فيما مضى ليس فقط في مصر بل وللدول المجاورة، وكذلك إعلاء مجانية التعليم وجعله كالماء والهواء لجموع المصريين.. وبمرور الزمن تبدلت السياسات والاتجاهات وتبدل حال التعليم في مصر وأصبح التعليم سياسة وزير وليست سياسة دولة مجرد قص ولزق وسنوات تلغى ثم تعود مناهج عشوائية ومخالفة للحقائق والتاريخ هوائية وتدعو للعنف وتفتقد للادراك والابداع بل تدعو الى التطرف أحياً، وصولاً الى تسييس المناهج في كتب التاريخ والتربية الوطنية واللغة العربية التي غالباً ما أصبحت تخضع لأهواء سياسية تتأثر بالنظام الحاكم ورؤيته، كل ذلك الى جانب تصاعد العديد من المظاهر الاجتماعية السلبية كالإدمان والتحرش واللامبالاة والإهمال الجسيم في كافة مراحل العملية التعليمية، بدءا من الوجبات المدرسية الفاسدة ومحاصرة التلاميذ بالأوبئة وانتهاء الى تحول المدارس لمصائد الموت إما صعقاً بالكهرباء أو غرقاً في البالوعات أو تحت أسوار وأبواب متهالكة ومنهارة أو دهساً تحت عجلات سيارات المدارس.. فالموت لتلاميذ المدارس الحكومية طال البدن، كما أضر بالعقول بتدني مستوى ما يقدم به من علوم تفتقد لأبسط قواعد التعليم المنهجي بعدما عمت الفوضى العملية التعليمية وحالات العنف والانتهاكات والذي فاقت الحدود خلال عام 2014 ورصدها وكشف عنها المركز المصري لحقوق الانسان، حيث رصد التقرير 18 حالة وفاة و24 حالة اعتداء على الطلبة تنوعت بين قتل وضرب ومحاولة انتحار واختطاف، علاوة على رصد 11 حالة عنف صادرة عن الطلبة، منها طعن مدرس وضرب آخر لرفضه السماح للطالب بالتدخين في المدرسة أو لمنعه من دخول الحمام.. كما كشف المركز عن التحقيق مع اكثر من 80 مدرساً وادارياً بسبب انتماءاتهم السياسية الى جانب عدم انضباط العملية التعليمية بمدارسهم، كما رصد التقرير عدداً من الحالات التي تبرز التردي الأخلاقي والاجتماعي لبعض المدرسين، إضافة الى حالات انسانية تكشف الوضع المادي المخجل لبعض المعلمين والتي دفعت أحدهم بالأقصر للانتحار حرقاً وضبط مدرس بإدفو بحوزته 43 ألف قرص مخدر ومدرس آخر ضبط بحوزته قطعة سلاح وضبط مدير مدرسة اخواني بالقليوبية وبحوزته 8 طلقات خرطوش و37 شاحناً.. كما رصد التقرير إضراب المدرسين عن العمل في أكثر من محافظة لأسباب متنوعة.. كذلك أكد التقرير تفشي حالات العنف ضد المدرسين والتلاميذ وكشف عن زيادة كثافة الفصول في مدن مثل 6 أكتوبر على غير المعتاد نتيجة لقرار معاملة السوري مثل المصري، وأن الكثافة الطلابية بشكل عام ارتفعت في محافظات القاهرة والجيزة والقليوبية والاسكندرية وتم الاعتماد على التدريس بنظام الفترتين كحل لهذه المشكلة.. وطالب تقرير المركز المصري لحقوق الانسان بتوفير عدد 10 آلاف مدرسة بنحو 50 ألف فصل وذلك للقضاء على نظام الفترتين وهو نظام زاد من بلاوي وفوضى العملية التعليمية في مصر.. فالمدارس الحكومية حدث ولا حرج فلا علم ولا تربية واقع مر وأليم تشهده هذه المدارس يومياً وينذر بكوارث وجعل مصر تحتل المرتبة 148 والأخيرة في تقرير التنافسية العالمية للتعليم الأساسي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي الصادر مؤخراً نهايات العام الماضي 2014.
وذلك رغم إنفاق الأسر المصرية ل 16.7٪ من الدخل على التعليم وتشكل الدروس الخصوصية السمة الأساسية لتلاميذ المدارس الحكومية لكافة المراحل بنسبة 42٪ من اجمالي إنفاق الأسر، علاوة على تخصيص مصر كدولة للتعليم حوالي 42.5 مليار جنيه وبما يمثل 11.9٪ من حجم مصروفات الموازنة العامة للدولة أي مايعادل نسبة 40٪ من اجمالي الناتج الداخلي وفقاً للميزانية العامة 2013/2014.
ورغم ذلك فقد وصلنا الى 2.5 مليون طفل متسرب من التعليم بسبب الفقر والجهل وذلك وفقاً لما كشفته مؤخراً دراسة أجراها الباحثون القائمون على تطبيق فكرة برنامج الغذاء من أجل التعليم «طموح» بالتعاون مع بنك الطعام والقوات المسلحة والقطاع الخاص متمثلاً في مؤسسة «بيبسيكو»، وهو ما يؤكد من جديد انهيار التعليم الحكومي في مصر والذي أوصلنا لما يعرف بمدارس «البوابين» والذي يخرج منها التلميذ لا يقرأ ولا يكتب حتى بعد حصوله على الاعدادية ويكون في الجامعة لا يسمع لا يكتب لا يتكلم.
ولماذا التوسع في انشاء مدارس حكومية جديدة لا تقدم تربية ولا تعليماً ودائما ما تكون سبباً لهروب الناس من التعليم الحكومي ليلتحقوا بالمدارس الخاصة واللغات والتي هى الأخرى ولغياب سياسة المحاسبة والتفتيش بدأت تدخل معترك الاهمال وسوء التربية وتحولت لمراكز تجارية غايتها الأولى والأخيرة الربح، ولو على حساب القيم والتعليم المقدم لأبناء ذويهم يدفعون دم قلوبهم طمعاً في تعليم خاص أفضل من الحكومي.
التعليم الحكومي!

الدكتور حسين الدريني، أستاذ علم النفس التربوي بجامعة الأزهر، يرى أن انهيار التعليم الحكومي نتاج طبيعي لما نشهده من أزمة ثقة بين المواطن والمؤسسة التعليمية التي تشرف عليها الدولة، فالناس فقدت الثقة في هذا التعليم لتفشي عدم الرقابة والمحاسبة فيه، لذلك نظام التقييم في مصر بيروقراطي قائم على فكرة تقييم المعلم بكشكول التحضير ودفتر درجات أعمال السنة ومن ثم المخرج الفعلي وهمي لا يعبر عن نتائج حقيقية والدليل نجاح نسبة كبيرة في الصفوف الابتدائية والاعدادية وحتى في الجامعة مؤخراً والتلاميذ والطلاب لا يجيدون القراءة والكتابة، وهو ما جعل معظم أولياء الأمور يتجهون للمدارس الخاصة واللغات.
يضيف الدريني: المدارس الحكومية لا تطور من برامجها بعدما أصبح جيل المرحلة الابتدائية الآي باد والآي فون وتكنولوجيا التواصل الرقمي، فجوة التكنولوجيا داخل المدارس الحكومية جثة هامدة لا نشاط فيها، بينما في مدارس اللغات والدولية التلميذ يتواصل مع معلمه عبر الحساب الاليكتروني وقد يناقش حل الواجب المدرسي عبر مجموعات على العالم الافتراضي.. ونتيجة وجود منتج ردئ بحسب اقتصاد السوق يمثل التعليم الحكومي في مصر هو سلعة الفقراء المجبورين عليها.
ويتساءل الدريني عن دور المجلس الأعلى للتعليم والذي يفترض فيه الحياد وأن يكون بعيداً عن توجهات أو تغيير وزير وبقاء آخر، والذي يجب أن تكون مهمته مقصورة على وضع خطة أو استراتيجية مرحلية ذات مدة زمنية ملزمة بتحقيق أهداف قريبة وبعيدة المدى.. ويؤكد الدريني أن المجلس أضحى مرتبطاً بالوزير وتغييره يقتضي تغيير سياسات الوزير السابق بمنطق الهدم واعادة البناء، لذا لا توجد خطة واضحة لنظام التعليم في مصر.. ومن ثم لا يوجد سوى مخرج واحد لإنقاذ التعليم الحكومي بأن يكون قائماً على التقويم المدرسي وتفعيل المحتوى ومن ثم ضرورة تعزيز سياسات محاسبة المعلم على الناتج الفعلي والسلوك التعليمي لدى التلاميذ، وألا يقتصر الأمر على دفاتر الإنجاز وأعمال السنة لأن التقويم يعني إعادة ترميم ما يستلزم وأن تقوم أولاً بعملية قياس فعلي يتوافر فيها معيار الصدق والثبات لتقييم أداء المعلم والمتعلم ومن ثم معالجة أسباب الخلل وعلاجها وأيضاً الاهتمام بالمنهج المدرسي وهو أساس صناعة الانسان في علوم التربية وبشكل فعلي وليس ورقياً!
العلاج يحتاج لوقت
الدكتورة زينات طبالة، خبيرة التعليم ومدير مركز دراسات التنمية البشرية بمعهد التخطيط القومي، ترجع تدني مستوى التعليم لأسباب كثيرة منها كثافة الفصول والتي تعدت ال 90 تلميذاً في بعض مدارس محافظة الجيزة والى عدم توافر المباني المدرسية بالشكل الذي يتلاءم ويتناسب مع وضعية الزيادة السكانية في كل محافظات الجمهورية.. وتطالب بسرعة معالجة المشاكل، لأن حال التعليم يعكس حال المجتمع مما يتطلب عدم الحديث عن حلول ومقترحات سريعة وانما الدراسة التشخيصية لواقعنا التعليمى والنظر في مخرجات الإدارات التعليمية التربوية ونسب الفاقد التعليمي لدي الإدارات، إضافة إلي العمل على تأهيل مديرى المدارس في مجال الجودة في التعليم من خلال برامج تدريبية تربوية جادة.
فوضى - مقصودة
الدكتور كمال مغيث، الباحث بالمركز القومي للبحوث التربوية.. يري أن ما يحدث في المؤسسات التعليمية من فوضي وإهمال «مقصود» خاصة في ظل استمرار تلك السياسات الحكومية التي تفتقد الرؤية العلمية لمؤسسات الدولة وأهمها مؤسسة التربية والتعليم، إضافة إلى اختلاف أسلوب ثقافة التعلم مع تنوع المؤسسات التعليمية في مصر وهو ما جعل المدارس الحكومية علي وجه الخصوص مهمشة لدرجة كبيرة، مما جعل ظاهرة الدروس الخصوصية تمثل حلاً لا بديل عنه خاصة مع اكتظاظ الطلاب وضعف أداء معظم المدرسين.
ولذلك فمشاكل التعليم المصرى تكمن أيضاً في كونه تعليماً رخيصاً ومرتبطاً بالدولة، والدولة لا تريد أن يتعلم أحد التفكير والإبداع والانتقاد، وهو ما يتجسد فى طبيعة المناهج المقررة، ومن ثم النظام التعليمي أصبح يكتفى بالحد الأدنى في «المدرس والتلميذ والكتاب» ولا يولى اهتماماً لأساليب هذا التدريس، فالمناهج تحتاج إلى تطوير شامل ولكنها جزء من نسق التعليم المتخلف ولا تساهم في تنمية الفكر ولا تحقق أي معرفة فعلية بل تعطي مجموعة من المعلومات التي يحفظها التلميذ وتساهم في تدمير ملكة النقد والحس لديه، لأن نظام التعليم لا يعتمد علي إثارة فضول الطلاب وإنما علي مفردات الحفظ والتلقين وكتابة ما يملى عليهم، مما يعطل إبداعهم، فالمناهج مجرد مجموعة من المعارف التي تقدم للتلاميذ بطرق وأساليب سلطوية هدفها النجاح في امتحان نهاية العام دون الاهتمام بتحريك القدرات العقلية، فتعديلات المناهج دائماً ما تنتهى بخطط تطوير وإصلاحات جزئية، ولذلك بات النظام التعليمي أكثر تخلفاً عن العصر، خصوصاً مع استخدام المصريين الواسع لتكنولوجيا الهواتف النقالة والإنترنت، في المقابل وجدنا وزارة التربية والتعليم تفشل في تطبيق نظام الكمبيوتر والآى باد في مدارسها الحكومية وحتي التجريبية للغات.
ويشير -كمال مغيث- إلى ضرورة تغيير أحوال المعلم الذي يعاني اليأس والإحباط ولا يتقاضى الأجر الملائم الذي يجعله يساهم في تطوير العملية التعليمية، كذلك أن يكون هناك إدارة سياسية لتحسين التعليم وبعدها ستتوافر الموارد المالية والبشرية والإمكانيات
تسييس التعليم
الدكتور شبل بدران، عميد كلية التربية السابق بجامعة الإسكندرية، وصف قضية تسييس التعليم بالخطيرة والتي برزت في مصر مع ثورة يوليو 1952، حيث استمر ذلك الارتباط حتي الآن مروراً بالرئيس السادات ومبارك والإخوان، وهو ما ترتب عليه إجراء عمليات حذف وتعديل للمناهج وتقليص مساحات شخصيات بعينها مثل اللواء محمد نجيب والمشير أبو غزالة وغيرهما وامتد ذلك لما بعد ثورتى 25 يناير و30 يونية ولوحظ في المناهج وأسئلة الامتحانات والتي تحمل توجهاً سياسياً بعينه له آثاره السلبية علي الأجيال المتعلمة.. ولذلك أخطأ المسئولون والوزراء بحذف المناهج وتسمية ما يتم حذفه بالحشو الزائد مما يعطي انطباعاً سلبياً عن منظومة التعليم رغم أن تطوير المناهج لا يأتي بالحذف وإنما بأن تؤسس المناهج الدراسية شعارات ثورتى يناير ويونية من حرية وكرامة وعدالة إنسانية لا أن يحذف فقط مع استمرار سياسات الحكومة التي ترتكز علي القشور ولا تهتم بجذور القضية وهي انهيار التعليم. لماذا!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.