شهدت مدينة دمياط، مساء أمس الجمعة، احتفالية لتأبين المترجم طلعت الشايب في الصالون الأدبي الذي توفى فيه خلال محاضرته عن «هواجس الترجمة» منذ حوالي شهر. وشارك في الاحتفالية عدد من الكتاب والمترجمين والمثقفين من القاهرةوالدقهليةودمياط، وأدارها صاحب الصالون محمد التوارجي. وقال المترجم محمد الخولي، إن المحتفي به قد ظل يؤدي رسالته التنويرية حتى آخر لحظة في حياته، وأنه مثقف وطني يعرف معنى الالتزام الحقيقي ويعمل كالراهب دون دعاية أو ضوضاء، وأننا حين نحيي ذكراه فهذا معناه أننا نرسخ لمعنى القيمة في حياتنا. وأضاف المترجم عبدالمقصود عبدالكريم أنه زامل «الشايب» سنتين في لجنة الترجمة بالمجلس الأعلى للثقافة، عرف من خلالها مدى جديته وسلوكه المهذب ورغبته في تقديم إضافة كيفية في مجال الترجمة. حين ذهب برسالة من الدكتور جابر عصفور وجده يعرفه ورحب به وتعاون معه في مراجعة عدد من الكتب الصادرة عن المشروع القومي للترجمة. وأكدت الروائية سلوى بكر أنها التقت بطلعت الشايب في مناسبات ثقافية عديدة، وجدت فيه الحارس الأمين على تراث مصر الحضاري، وهو مثل لها دائما حجر الأساس في معرفة عميقة باللسان غير العربي من خلال الترجمة الواثقة، وأن مصر شهدت أول عملية ترجمة للتوراة في القديم قبل إنشاء المأمون لبيت الحكمة. ورأى الكاتب سمير الفيل أن الحرية التي نادى بها الرجل، والتي تمثلت في كتاباته، تليق بفارس نبيل يدرك أن الله قد خلق الناس أحرارًا، وأن قيود العبودية هي محاولة لفرض السيطرة والنفوذ والقوة على الآخرين بلا مبرر مقنع، لذا نراه في كتابه «أصوات الحرية» يترجم الأصوات الرافضة للصمت والتدجين والخرس، والديوان الصغير الذي قدمه يحول شعراء العالم إلى أناس مهتمون بالحياة ويحول الحياة إلى قصيدة جميلة. وقال الشاعر الدكتور عيد صالح، إن «الشايب» سعى ليثبت أن مصر لن تفقد راية الزعامة الثقافية، لكننا نحتاج فقط لأن نخبر من نحبهم أننا نحتاج اليهم قبل أن يرحلوا، وقال إن تجربته كطبيب تؤكد له أن الفن يعوض الحياة المربكة التي نحياها، فالشعر مثل الترجمة محاولة جادة لتحرير النفس من محدودية الرؤية والحركة. وأشار المترجم عبده الريس إلى كتاب ترجمه للكاتب الألماني، هرمان هسه، وأن الكتاب المترجم تعرض لظروف منعت نشره، حتى توصل أستاذه «الشايب» إلى طريقة للنشر بعيدا عن القيود المتكلسة، وذكر واقعة أنه رفض أن يحمل حقيبته الثقيلة وظل مُصِرًا على ذلك لأنها تخصه. وتابع الدكتور إبراهيم منصور أن جهد المترجم يدفع به إلى موقع متقدم فقد ترجم «صدام الحضارات» لصمويل هنتجون، وأحدثت الترجمة دويًا، بعدها ترجم كتاب «المستعربون» أي الاستشراق الأمريكي، وفي كل الأحوال فجهده في الترجمة غير عادي. ولخص الكاتب المسرحي عبدالعزيز إسماعيل، دور «الشايب» في كونه «تلخيص المعرفة في تخليص الوطن»، وذكر المرات التي زار فيها الدقهلية خلال عمله في هيئة قصور الثقافة، فقد كان يأتي لإلقاء محاضرات مهمة جدا فيتحلق حوله الكتاب والمثقفون. وفي نهاية الجلسة، شكرت ابنته منى الشايب الحضور، وقالت إن الشهادات أضافت إليها الكثير من المعرفة، وأنها وجدت في الصالون الثقافي ودا وونسا. كان طلعت الشايب قد توفى مساء 31 مارس الماضي، خلال إلقاء محاضرة له عن الترجمة في صالون التوارجي الثقافي، وقد دفن بقريته البتانون.