- تونس: سنسمح بانخفاض قيمة الدينار تدريجيا دون انزلاق كبير مثل ما حدث للجنيه المصرى - المغرب: تحرير الدرهم كاملا خلال 15 عاما ويبدأ فى الربع الثانى من العام قالت وزيرة المالية التونسية لمياء الزريبى إن البنك المركزى سيقلص تدخلاته لخفض الدينار تدريجيا ولكنه لن يسمح بانزلاق كبير للعملة المحلية مثلما حدث فى مصر عندما جرى تعويم الجنيه، فيما قال محافظ بنك المغرب المركزى إن بلاده تخطط للبدء فى المرحلة الأولى من تحرير عملتها الدرهم فى الربع الثانى من العام الحالى لكن الوصول إلى المرونة الكاملة قد يستغرق 15 عاما. وقال المحافظ عبداللطيف الجواهرى، لرويترز خلال مؤتمر لوزراء المالية العرب فى الرباط، «سنبدأ المرحلة الأولى من تحرير الدرهم فى الربع الثانى.. لا أستطيع أن أقول كم ستستغرق كل مرحلة، يتوقف الأمر على السوق». وأظهرت بيانات رسمية أن العجز التجارى التونسى زاد 57 بالمئة فى الربع الأول من العام مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضى بفعل زيادة كبيرة فى الواردات. وقال المعهد الوطنى للإحصاء، إن العجز اتسع ليبلغ 3.87 مليار دينار (1.67 مليار دولار) فى يناير وفبراير ومارس هذا العام مقارنة مع 2.46 مليار دينار (1.06 مليار دولار) فى الفترة ذاتها من العام الماضى. وارتفعت الواردات فى الأشهر الثلاثة الأولى من العام 20.3 بالمئة إلى 11.4 مليار دينار (4.93 مليار دولار). وارتفعت الصادرات 7.4 بالمئة إلى 7.5 مليار دينار (3.24 مليار دولار). وتريد تونس زيادة صادراتها إلى السوق الإفريقية الكبيرة. وستصبح تونس هذا العام عضوا فى السوق المشتركة لشرق وجنوب افريقيا (كوميسا) التى تضم 19 دولة. لكن تونس ستتخذ هذا الشهر أيضا بحسب مصادر رسمية إجراءات عاجلة لتقليص الواردات ضمن إصلاحات مالية أوسع نطاقا للمساعدة فى تقليص الإنفاق العام والعجز المالى. وارتفعت الصادرات 7.4 بالمئة إلى 7.5 مليار دينار (3.24 مليار دولار). وبحسب محللين وخبراء اقتصاد فإن قيام البنك المركزى التونسى بتحرير العملة يستجيب لطلب صندوق النقد الدولى بتحرير العملة حيث يرى صندوق النقد الدولى أن خفض قيمة الدينار سيؤدى إلى رفع حجم الصادرات التونسية وهو ما سيدفع الاقتصاد التونسى نحو النمو. وقد دعا الصندوق فى بيان صحفى يوم 20 مايو 2016 أعلن فيه موافقته على منح تونس قرضا بقيمة 2.9 مليار دولار مع ضرورة اعتماد مزيد من مرونة فى سعر الصرف على الاحتياطات بما يتيح استخدامها فى مواجهة ما يطرأ من صدمات خارجية. ويدفع صندوق النقد الدولى باتجاه تحرير الدينار معتبرا أن الدينار أعلى من قيمته الحقيقية فيما يبقى تدخل البنك المركزى اصطناعيا كونه لا يعكس بالضرورة سلامة الوضع الاقتصادى للبلاد. ووفقا لمحللين أن تونس تعيش منذ سنوات فى وضع «توريد عشوائى» لم تتخذ لمجابهته الحكومات المتعاقبة من 2011 أى اجراء حمائى وهو أمر معمول به للحد من تداعيات التوريد الذى ينجر عنه تدفق العملة الصعبة إلى الخارج غير أن العامل الأساسى الذى يقوم تحديدا على دخول تونس مرحلة جديدة بالنسبة لسياسة الصرف تقوم على تحرير العملة والحد من تدخل الدولة فى تسيير السياسة النقدية ويندرج هذا الأمر فى سياق الاصلاحات الهيكلية التى تعتزم تونس تجسيمها بمقتضى مذكرة التفاهم المشار إليها آنفا. وفى المغرب أشارت تقارير صحفية قبل عدة أشهر إلى أن مشروع تحرير سعر صرف العملة المغربية (الدرهم) حاز أخيرا على الضوء الأخضر من الملك محمد السادس من أجل الانتقال إلى مرحلة التطبيق، نقلا عن تسريبات من البنك المركزى المغربى. وحسب «هيسبريس» المغربى فقد بات كل شىء جاهزا من أجل إطلاق مشروع تحرير سعر صرف العملة بعد أشهر من العمل والتنسيق بين وزارة المالية وبين بنك المغرب فى سبيل إخراج هذا الإجراء الجديد. وكان ملف تحرير سعر صرف العملة حصل، منذ الربع الاول من العام الماضى، على ثناء صندوق النقد الدولى الذى اعتبر أن هذا القرار سيرفع الثقة فى الاقتصاد المغربى. وقد استغرق العمل فى المشروع عدة أشهر، وتطلب زيارة للجنة صندوق النقد الدولى إلى المغرب من أجل وضع اللمسات الأخيرة عليه. النظام، الذى سيقره المغرب يقوم على «الانتقال التدريجى نحو نظام صرف أكثر مرونة من أجل تعزيز تنافسية اقتصاد المغربى وقدرته على مواجهة الصدمات الخارجية»، حسب ما جاء فى رسالة وجهها الملك المغربى إلى البنك المركزى. واعتبر مراقبون أن هذه الرسالة الملكية كانت إيذانا بإطلاق هذا التغيير فى نظام صرف العملة بالمغرب، وفق مصادر من البنك المركزى. وحسب المصادر نفسها، فإن المغرب، بخلاف العديد من الدول التى انتقلت إلى نظام صرف أكثر مرونة فى وقت كانت فيه مضطرة وفى وضعية مالية صعبة، اختار ظرفية يوجد فيها احتياطى المملكة من العملة الصعبة فى وضع مريح يقدر بسبعة أشهر ونصف الشهر. قرار تحرير صرف العملة، من وجهة نظر خبراء الاقتصاد الدوليين، إجراء ضروريا، حيث يجعلها أكثر انفتاحا وشفافية، بحيث تظهر العملات المحلية قيمتها الحقيقية فى السوق، وليس القيمة المحددة من قبل البنوك المركزية للدولة؛ مما يجعل الاقتصاد قابلا للنمو بصورة أكثر واقعية. كما أن تحرير سعر الصرف يقود عادة إلى انخفاض العملة المحلية، ومنها انخفاض أثمان السلع الوطنية؛ مما يزيد الإقبال عليها من المستهلك المحلى من جهة، ويزيد من فرص تصديرها نحو الخارج من جهة أخرى، بالإضافة إلى أن هذا الإجراء يعزز فرص الاستثمار نتيجة رخص العمالة وعمليات الإنتاج والتصدير، كما يغرى السائحين الأجانب. غير أن المسألة ليست بالسهولة التى يمكن تطبيقها بالنسبة للاقتصادات الهشة، غير القادرة على المنافسة، إذ يعمل تحرير سعر الصرف على زيادة الربح على مستوى الصادرات، ويرفع الخسارة على مستوى الواردات، وبالتالى فإن البلدان التى تفتقد القدرات التنافسية على مستوى الإنتاج والتصدير، تتعرض لمخاطر اقتصادية صعبة، الأمر الذى يحتم دراسة حيثيات الإجراء من كل الجوانب، قبل تنفيذه. وعلى هذا المقياس، يرى الخبير الاقتصادى المغربى، نجيب أقصبى، أن «استفادة الاقتصاد المغربى من قرار تحرير سعر صرف الدرهم المغربى، رهينة تحسين القدرة الإنتاجية للمغرب، والرفع من قيمة صادراته وتنويعها». لكن من المعلوم أن الاقتصاد المغربى، ما يزال هشا، وغير قادر على منافسة الاقتصادات الأخرى فى سوق التجارة الخارجية، بحكم أن البلاد تستورد ضعف ما تصدر؛ مما قد يجعل قرار تحرير العملة ذا أثرٍ عكسى، وهو ما يثير حفيظة مراقبين. من جهته، انتقد مركز الحريات والحقوق القرار الاقتصادى الجديد، وقال إنه ينذر بعواقب وخيمة على القدرة الشرائية لعموم المغاربة، الشىء الذى قد يشعل أزمات اجتماعية تهدد السلم الاجتماعى الهش. ما يدفع بعض المراقبين الاقتصاديين إلى مطالبة الدولة المغربية بمواكبة هذه «الإصلاحات الاقتصادية الليبرالية»، التى تنخرط فيها المملكة، بإصلاحات اجتماعية، تحمى حقوق العمال والمستهلكين، وتوسع مجال التغطية الاجتماعية.