مهندس ديكور.. تفاصيل شخصية أحمد فهمي في أحمد وأحمد    تغييرات جذرية في "وتر حساس 2".. غادة عادل بديلة لصبا مبارك وغياب أحمد جمال سعيد وجنا الأشقر    على أنغام قدها..تامر حسني يهنئ ليلى وملك زاهر بيوم تخرجهم    ربع نهائي مونديال الأندية.. «فايق» يعلن المواجهات التي ستنقل عبر قناة MBC    رئيس شعبة الدخان.. 12% زيادة للسجائر من اليوم| فيديو    سيراميكا يواصل مفاوضاته مع الأهلي لاستعارة رضا سليم    رطوبة قياسية| تصل ل 80% بعد غروب الشمس.. والأرصاد تُحذر    إعلام فلسطيني: شهيدان وعشرات المصابين بقصف استهدف منتظري المساعدات جنوب غزة    بوليتيكو: أوكرانيا غيرت تكتيكاتها فى طلب الأسلحة من واشنطن    مقتل شخصين على الأقل وفقد العشرات جراء غرق عبارة في إندونيسيا    الدولار ب49.36 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الخميس 3-7-2025    ملف يلا كورة.. الرمادي يكسر الصمت.. السعودية تستهدف إمام.. وشريف يعود للأهلي    سنتين خطوبة ولقب عقب الزواج مباشرة.. 12 صورة وأبرز المعلومات عن قصة حب محمد شريف وزوجته    أمريكا تتأهل لنهائي كأس كونكاكاف بثنائية في جواتيمالا    بعد أزمة مستحقاتها مع الزمالك.. من هي اللاعبة البرازيلية ميلكا لوبيسكا؟    رؤساء النواب الأردني والبريطانى يؤكدون ضرورة وقف الحرب على غزة وإنفاذ المساعدات    أول تحرك من النيابة بشأن واقعة مقتل 3 أطفال على يد والدهم في المنيا    نشرة التوك شو| أصداء إقرار قانون الإيجار القديم.. وشروط خاصة للوحدات البديلة للمتضررين    الجارديان: إسرائيل استخدمت ذخائر ثقيلة في قصف مقهى "الباقة" بغزة ما يعد جريمة حرب    40 حكما يجتازون اختبارات الانضمام لدورة الحصول على رخصة "VAR"    عقوبات قانونية للإهمال في تطعيم الأطفال، تعرف عليها    عصام السباعي يكتب: مفاتيح المستقبل    محاضر الغش «بعبع المعلمين» في امتحانات الثانوية!    "القائمة الوطنية من أجل مصر" لانتخابات الشيوخ.. تضم 13 حزبًا وتجمعًا سياسيًا    البلشي: لست مسؤولًا عن تظاهرات أحمد دومة على سلم نقابة الصحفيين    قوات الدفاع الجوى السعودي تدشن أول سرية من نظام "الثاد" الصاروخي    تريلا تدهس 7 سيارات أعلى الطريق الدائري بالمعادي.. صور    بعد 12 عامًا.. الإخوان ترفض الاعتراف بسقوطها الشعبي والسياسي    ترامب: حالات عبور المهاجرين غير الشرعيين الشهر الماضي هي الأدنى في تاريخ الولايات المتحدة    النساء على رأس المتضررين ..قانون الإيجار القديم الجديد يهدد الملايين ويكشف غياب العدالة الاجتماعية    طارق الشيخ يكشف كواليس صداقته مع أحمد عامر..ماذا قال؟    مي عمر أنيقة ونسرين طافش بفستان قصير على البحر.. لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    ملك أحمد زاهر تحتفل بعيد ميلاد والدتها: إحنا من غيرك دنيتنا تبوظ (صور)    هل الجنة والنار موجودتان الآن؟.. أمين الفتوى يجيب    «الوطنية للانتخابات» تحدد قواعد اختيار رموز مرشحي «الشيوخ» على نظامي القوائم والفردي    "الصحة العالمية" تطلق مبادرة لزيادة ضرائب التبغ والكحول والمشروبات السكرية    للمسافرين.. مواعيد انطلاق القطارات لجميع المحافظات من محطة بنها الخميس 3 يوليو    إسماعيل يوسف: الزمالك ليس حكرا على أحد.. ويجب دعم جون إدوارد    تعرَّف علي قيمة بدل المعلم والاعتماد ب مشروع تعديل قانون التعليم (الفئات المستحقة)    يكفر ذنوب عام كامل.. موعد صيام يوم عاشوراء 2025 وأفضل الأدعية المستحبة    زيادة كبيرة في عيار 21 الآن.. مفاجأة بأسعار الذهب اليوم الخميس بالصاغة (محليًا وعالميًا)    الأعداد المقرر قبولها ب الجامعات الحكومية من حملة شهادات الدبلومات الفنية 2025    وزيرا خارجيتي الإمارات وغانا يبحثان هاتفيا العلاقات الثنائية    رابطة العالم الإسلامي تُدين التصريحات الإسرائيلية بشأن فرض السيادة على الضفة الغربية    "القيادة الآمنة".. حملة قومية لتوعية السائقين بمخاطر المخدرات بالتعاون بين صندوق مكافحة الإدمان والهلال الأحمر    إعدام المواد الغذائية الغير صالحة بمطروح    3 أبراج لديها دائمًا حل لكل مشكلة    ضياء رشوان: الاحتلال الإسرائيلي اعتقل مليون فلسطيني منذ عام 1967    جاسم الحجي: قوة صناعة المحتوى وأهمية في عصر الإعلام الرقمي    مصرع عامل صعقًا بمزرعة دواجن في بلطيم بكفر الشيخ    أمين الفتوى: التدخين حرام شرعًا لثبوت ضرره بالقطع من الأطباء    سعر البطيخ والخوخ والفاكهة ب الأسواق اليوم الخميس 3 يوليو 2025    وفقًا للكود المصري لمعايير تنسيق عناصر الطرق.. استمرار أعمال التخطيط بإدارة مرور الإسكندرية    مستشفى الأطفال بجامعة أسيوط تنظم يوم علمي حول أمراض الكلى لدى الأطفال    فريق طبي ينجح في إنقاذ طفلة مولودة في عمر رحمي بمستشفى في الإسكندرية    ما هي الأنماط الغذائية الصحية لمصابين بالأمراض الجلدية؟.. "الصحة" تجيب    هل "الدروب شيبنج" جائز شرعًا؟ أمين الفتوى يجيب    «الإفتاء» توضح حكم صيام يوم عاشوراء منفردًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تنعاد عليكم بالخير
نشر في الشروق الجديد يوم 28 - 12 - 2016

درج أن ترتبط فترة نهاية السنة الميلادية بشعور ببرد الشتاء ودفء القلوب، خصوصا مع ظهور اللونين الأحمر والذهبى وهما يزينان المدينة، أى مدينة يحتفل بعض سكانها على الأقل بعيد ميلاد السيد المسيح ومن ثم برأس السنة الجديدة. ورغم أن بعضا من مظاهر الاحتفال أخذت فى السنوات الأخيرة طابعا يرى الكثيرون أنه تجارى بشكل قد يكون مبالغا فيه، من عروض فى الأسواق وأسعار سلع يزعم أنها مخفضة وحفلات خاصة بالعيد، إلا أن لفترة نهاية السنة حالة شديدة الخصوصية، إذ أشعر أحيانا أن أحدهم قد رش حولى نجوما صغيرة التصقت بكل ما لمسته، فأضفت عليه نقطا لماعة ورائحة شوكولاته، وأن كلمات المعايدة الخارجة فعلا من القلوب ترقص حولى حتى فى عدم وجود من يقولها، فكثير منها فى عقلى أردده لنفسى فى الأسبوع الأخير من السنة. فى شتاء دمشق، أشم رائحة قشر البرتقال وهو يحترق فوق المدفأة فى بيت جدتى، وأسمع صوت بائع المازوت وهو يمر فى شوارعها لملء خزانات البيوت بالمازوت لتدفئتها.
ثمة سحر يغلف المدن التى يحتفل بعض سكانها بأعياد نهاية السنة الميلادية، هناك شجن وحنين لزمن ربما كنا قد عشناه أو سمعنا عنه، أو حتى تخيلناه من كثرة ما قرأنا عنه من حكايات. من أصوات الأجراس فى كنائس القدس، إلى قداس كنيسة المهد فى بيت لحم، إلى ترانيم جوقات الكورال فى أديرة حلب ودمشق. لم أعد أعرف اليوم ما إذا كنت قد شاهدت القداس من بيت لحم كاملا يوما ما حين بثته التلفزيونات بثا حيا، كما لم أعد أعرف إن كنت قد سمعت عددا من الراهبات فى حارة قديمة فى دمشق، تتناقشن حول تحضيرات الهدايا لأطفال أقل حظا من غيرهم. لا أعرف إن كنت قد رأيت شباب الجالية اليونانية أو الإيطالية فى الإسكندرية، وهم يخرجون من الكنيسة ويوجهون أبصارهم إلى باب خروج السيدات علهم يلتقون بزوجات المستقبل.
درج أن يحتفل الكثيرون بنهاية السنة الميلادية، سواء بلقاء الأصدقاء أو التجمع فى بيت العائلة، كرمز لطى صفحة، انتهت كتابتها، فى صحبة من نحب، واستقبال فصل جديد فى الحياة نأمل أن يضم هؤلاء الأشخاص. بالنسبة لى، تصطحب نهاية السنة دوما مخزونا هائلا من الحزن برغم الأحمر والذهبى وصوت الأجراس. ثمة حنين جميل ومستكين فى كل هدية يفتحها أحدهم أمامى: من هنا يطل وجه صديقة فرقتنى عنها الأيام، من هنا أسمع صوت صديق لوالدى يبدو أننى لن أراه قريبا، من هناك يأتينى صوت طفل لم أعد أذكر إن كان أخى أم ابن قريبى. ترتبط صور الهدايا وورقها الملون بذهنى بفرح الأطفال وفخر الكبار، وأيام ربما عشناها وبتنا اليوم نتحسر على ذهابها. أفهم أخيرا معنى أن تريد أن تفرح ولدا بهدية عبر لك مرارا عن أنه يشتهيها، وأفهم حزن من لا يستطيع أن يلبى طلبا لشخص يحبه.

•••
فى الشتاء أشم رائحة شوربة العدس، وأتذكر والدة صديقتى وهى تغلى القرفة والقرنفل فى الشاى، ثم تزيده سكرا وتبرر ذلك بأن الشاى فى الشتاء بحاجة إلى مقوٍ. أتذكرها وهى تحوم حولنا أيام الدراسة، وتأتينا بصحن فيه كعك العيد ثم بصينية عليها القهوة، وتعود فتسأل إن كنا نريد بعضا من الشوربة. أضحك اليوم وأنا أتذكر أن جل ما كان يشغلنى فى المساءات تلك كان كيف سأواجه برد الشارع حين أخرج من بيتهم لأعود إلى منزلى، ثم أنسى البرد تماما حين أخرج إلى الشارع فى حيهم وقد تلألأت الزينة فوق رأسى فى خيوط تضم أنوارا صغيرة ملونة تتدلى من شرفات العمارات.
أتساءل متى بدأت ترتبط فترة نهاية العام الميلادى فى ذهنى بشعور حزين بدلا من شعور البهجة والفرح، متى بدأت أنظر إلى الفصل الذى ينطوى فى حياتى على أنه انتهى ولن يعود، بدل أن أتطلع إلى ما هو مقبل. ربما فى الوداع والاستقبال شىء من الموت والولادة، خليط عجيب من الليل وأول خيوط الإشراقة، ربما فى الشتاء أصلا رمزية الموت، كما عبر عنها الكثير من الكتاب، ربما رغبتى فى الاختفاء تحت الغطاء فيها شىء من رغبتى فى أن ينسانى من حولى حتى أتصالح مع السنة المنصرمة، أتعلم منها، أودعها كما تستحق، فأجلس وحدى معها وأعاتبها على ما فعلت أو أثنى عليها أحيانا. الوداع أصلا لا يمكن أن يكون حدثا سعيدا، لا سيما إن كان وداعا يذكرنا بعبثية عدم التكرار، عبثية أن عقارب الساعة لا تتوقف، وأن الأيام ماضية حتى لو فردنا أيدينا أمامها علنا نوقفها أو نبطئ من سرعتها. هنا شعرة شائبة اخترقت السواد، هنا خط رفيع يرتسم عند العين وقت الابتسام، هنا طبقة صوت باتت أقل موسيقية وأكثر رتابة، وهنا قصص ربما صرت أكررها، إذ قد لا ينتبه من يقص أنه قد رواها ولنفس المستمعين من قبل.
•••

الشتاء والبرد والسنة المنتهية وصورة المدفأة وصوت احتراق الحطب أو رائحة احتراق المازوت، ومعها جميعها أزيز إبريق الشاى الذى تغلى المياه فيه فيمتلئ المكان بالبخار، ترنيمة تأتينا من بعيد، أو قد تكون الجارة الأرمينية من تغنيها فنسمعها من شباك المطبخ، ورق الهدايا المزين وشرائط ذهبية تلف البضاعة فى واجهات المحال التجارية، إجازة من المدرسة ومن العمل، وعبارات نكررها فى كل محادثة: تنعاد عليكم السنة الجديدة بالخير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.