أجرت «الشروق» مواجهة بين ممثلين لتيارين سياسيين تتباين رؤيتاهما بشأن الإصلاح الاقتصادى بشدة هما: محمد فريد نائب رئيس اللجنة الاقتصادية بحزب المصريين الأحرار «الليبرالى التوجه» وصاحب الأكثرية الحزبية فى مجلس النواب، والقائم بأعمال رئيس حزب التحالف الشعبى الاشتراكى مدحت الزاهد، بشأن القرارات الاقتصادية الأخيرة بتحرير سعر الصرف ورفع الدعم عن المحروقات وهى القرارات التى شغلت ولاتزال مساحة كبيرة من حديث المصريين عن حاضرهم ومستقبلهم بعد تحرير سعر الجنيه وزيادة أسعار الوقود، ضمن خطة الإصلاح الاقتصادى التى بدأت الحكومة تطبيقها. مدحت الزاهد: الفقراء يدفعون الفاتوة وحدهم.. وقرارات الحكومة تنفخ الروح فى «دعوات 11/11» أبدى مدحت الزاهد، القائم بأعمال رئيس حزب التحالف الشعبى الاشتراكى، اعتراضه على طريقة الإعلان عن القرارات الاقتصادية الأخيرة، واصفا إياها ب«الغطرسة السياسية»، ومُحذرا من أخطار ذلك على حياة محدودى الدخل فى مصر. ● كيف ترى قرار تحرير سعر صرف العملة ورفع الدعم عن الوقود؟ ستلقى بعبء الأزمة على «الغلابة»، والطبقات الفقيرة ستتحمل فاتورة الإصلاح وحدها، خصوصا أن رفع الدعم وتعويم الجنيه سيتبعهما موجات قادمة من الغلاء. ● ما ملاحظاتك على طريقة إعلان الحكومة لما وصفته ب«خطة الإصلاح الاقتصادى»؟ النظام أعلن قرار تعويم الجنيه وطرحه للعرض والطلب بشكل فيه غطرسة نوعا ما، وهو ما يوحى بأن حزمة القرارات الاقتصادية الصعبة تنفخ الروح فى دعوة «ثورة الغلابة» 11/11، فكان متوقعا أن تنتظر الحكومة مرور ذلك اليوم ثم يتم الإعلان تباعا. ● هل تتوقع احتجاجات رافضة للقرارات الأخيرة؟ لا شك فى أن الغضب الاجتماعى يمكن أن ينفجر فى أى وقت، لكن من الصعب توقعه أو إدارته سياسيا، فلم يكن يتوقع أحد أن تحرك «صفحة كلنا خالد سعيد» غضب الجماهير فى 25 يناير، وربما تخرج مسيرات غاضبة من القرارات الاقتصادية من الحارات الشعبية، أو من عمال فى المصانع. ● هل هناك ثمة تشابه بين موجة قرارات نوفمبر 2016 ويناير 1977؟ موجة الغلاء التى حدثت فى يناير 1977 وأعقبتها تظاهرات كانت نتيجة غضب تلقائى من الجماهير مع تأثير أيديولوجى لليسار المصرى حينذاك، وأوجه الشبه بين يناير ونوفمبر هو القرار الاقتصادى وغلاء الأسعار المؤثرة على حياة الفقراء، كما أن أزمة الغضب الشعبى الآن أكبر من أزمة عدم الحصول على القرض من صندوق النقد، والفارق يتجلى فى تعامل الرئيس الراحل أنور السادات الذى استمع لتقديرات الأجهزة الأمنية فى التراجع عن الأسعار، لكن النظام لا يتحلى بالمرونة المطلوبة للتراجع عن القرارات الاقتصادية، ولا أتوقع العدول عنها فى الوقت الحالى. ● لكن هل تملك الحكومة حلولا أخرى للخروج من الأزمة الاقتصادية؟ يمكن الرد على ذلك بسؤال للحكومة: «أيهما أسهل ضم أموال الصناديق الخاصة واستراد الثروة المنهوبة من رجال الأعمال أم سحق الطبقات الفقيرة وازديادها فقرا؟»، ويجب الانتباه إلى أن دعاية الحكومة لقرار تحرير سعر الصرف بغرض جلب الاستثمارات الأجنبية لن تأتى فى مجتمع غير آمن مهدد بالانفجار الاجتماعى، والحكومة غير منتبهة للانفجارات الاجتماعية المتوقعة بسبب الفاتورة الاقتصادية الباهظة، والفقراء يمولون النخب من خلال ضريبة الاستهلاك وليس ضريبة الدخول. محمد فريد: الإصلاحات تأخرت كثيرًا.. وتصب فى صالح الفقراء اعتبر محمد فريد، نائب رئيس اللجنة الاقتصادية فى حزب المصريين الأحرار، أن الحكومة لا تملك خيارات كثيرة فى رفع الدعم عن الوقود وتحرير سعر الصرف، مشيرًا إلى أن القرارات ستصب فى مصلحة الفقراء. ● كيف ترى قرار تحرير سعر الصرف ورفع الدعم عن الوقود؟ حزب المصريين الأحرار يدعم قرارات الإصلاح الاقتصادى بتحرير سعر الصرف، ورفع الدعم عن الوقود، خاصة وكنا نرى ضرورة تطبيق تلك الحزمة منذ شهور عديدة، حيث إنه من غير المعقول الاستمرار فى إهدار الموارد فى دعم ليس فقط لا يصل لمستحقيه ويتسبب فى تشوه هيكل الاقتصاد وأنماط الاستهلاك، ونحن نرى ضرورة التوقف عن دعم العملة الاجنبية؛ لأن هذا يدعم أنماط استهلاك ضارة ويضر بتنافسية السوق وجاذبيته للاستثمار. ● ما انعكاس القرارات الأخيرة على محدودى الدخل؟ سيكون هناك زيادة فى الأسعار، وذكرنا فى بيان الحزب الأخير أننا نحث الحكومة على توسيع مظلة التضامن الاجتماعى لمحدودى الدخل والأكثر احتياجا، إذ لا يمكن التحرك فى حزمة إصلاحات دون مراعاة الفئات الأكثر احتياجا، وحمايتهم من أية آثار سلبية قد تلحق بهم، ولابد من العمل على توعية المواطنين بأبعاد القرارات، وآثارها بصورة واضحة وصريحة لتلافى الغضب الشعبى. ● هل تتفق مع إعلان القرارات تباعا بشكلها الحالى؟ خروج القرارات تباعا فى وقت قصير إجراء سليم وإن كان يبدو صعبا ويتطلب شجاعة لاتخاذه، وذلك للقضاء على أية تذبذبات أو تقلبات قد تحدث فى السوق نتيجة القرارات وأرى أن توقيت الإعلان مناسب فى أول الشهر وقبل نهاية الأسبوع، حيث يتمكن الأفراد من ضبط أنماط استهلاكهم خلال تلك الفترة ومنحهم الوقت لتكييف التزاماتهم واحتياجاتهم، والحكومة لاتملك خيارات كثيرة بعد انخفاض الاحتياطى النقدى خلال السنوات الخمس الماضية. ● وما تصورك لحلول الخروج من الأزمة الاقتصادية الراهنة؟ لدينا خطة اقتصادية واضحة تعتمد على التوسع فى معاشات تكافل و كرامة والضمان الاجتماعى، وزيادة المبالغ المخصصة لبطاقات التموين، وربط قواعد البيانات المختلفة لضمان استهداف دقيق لمستحقى الدعم ووقف أى إهدار لا يذهب لمستحقيه، وتفعيل جهازى حماية المستهلك وحماية التنافسية، وتشديد الرقابة على خطوط وشبكات النقل خاصة للأفراد، والتوسع فى توصيل الغاز الطبيعى للفقراء، والتحرك فى رفع القيود على التجارة والاستيراد، بجانب ضخ مبالغ من العملة الأجنبية، وتشجيع البنوك لتوفير احتياجات المتعاملين بصورة عاجلة.